الباحث القرآني
﴿يا داوُدُ إنّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً في الأرْضِ فاحْكم بَيْنَ النّاسِ بِالحَقِّ ولا تَتَّبِعِ الهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهم عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الحِسابِ﴾ مَقُولُ قَوْلٍ مَحْذُوفٍ مَعْطُوفٍ عَلى ﴿فَغَفَرْنا لَهُ ذَلِكَ﴾ [ص: ٢٥] أيْ صَفَحْنا عَنْهُ وذَكَّرْناهُ بِنِعْمَةِ المُلْكِ ووَعَظْناهُ، فَجَمَعَ لَهُ بِهَذا تَنْوِيهًا بِشَأْنِهِ وإرْشادًا لِلْواجِبِ.
وافْتِتاحُ الخِطابِ بِالنِّداءِ لِاسْتِرْعاءِ وعْيِهِ واهْتِمامِهِ بِما سَيُقالُ لَهُ.
والخَلِيفَةُ: الَّذِي يَخْلُفُ غَيْرَهُ في عَمَلٍ، أيْ يَقُومُ مَقامَهُ فِيهِ، فَإنْ كانَ مَعَ وُجُودِ المَخْلُوفِ عَنْهُ قِيلَ: هو خَلِيفَةُ فُلانٍ، وإنْ كانَ بَعْدَما مَضى المَخْلُوفُ قِيلَ: هو خَلِيفَةٌ مِن فُلانٍ. والمُرادُ هُنا: المَعْنى الأوَّلُ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ ﴿فاحْكم بَيْنَ النّاسِ بِالحَقِّ﴾ .
فالمَعْنى: أنَّهُ خَلِيفَةُ اللَّهِ في إنْفاذِ شَرائِعِهِ لِلْأُمَّةِ المَجْعُولِ لَها خَلِيفَةً مِمّا يُوحِي بِهِ إلَيْهِ ومِمّا سَبَقَ مِنَ الشَّرِيعَةِ الَّتِي أُوحِيَ إلَيْهِ العَمَلُ بِها. وخَلِيفَةٌ عَنْ مُوسى - عَلَيْهِ السَّلامُ - وعَنْ أحْبارِ بَنِي إسْرائِيلَ الأوَّلِينَ المَدْعُوِّينَ بِالقُضاةِ، أوْ خَلِيفَةٌ عَمَّنْ تَقَدَّمَهُ في المُلْكِ وهو شاوَلُ.
والأرْضُ: أرْضُ مَمْلَكَتِهِ المَعْهُودَةِ، أيْ جَعَلْناكَ خَلِيفَةً في أرْضِ إسْرائِيلَ.
ويَجُوزُ أنْ يَجْعَلَ الأرْضَ مُرادًا بِهِ جَمِيعُ الأرْضِ فَإنَّ داوُدَ كانَ في زَمَنِهِ أعْظَمَ مُلُوكِ الأرْضِ فَهو مُتَصَرِّفٌ في مَمْلَكَتِهِ، ويَخافُ بَأْسَهُ مُلُوكُ الأرْضِ فَهو خَلِيفَةُ اللَّهِ في الأرْضِ إذْ لا يَنْفَلِتُ شَيْءٌ مِن قَبْضَتِهِ، وهَذا قَرِيبٌ مِنَ الخِلافَةِ في قَوْلِهِ تَعالى ﴿ثُمَّ جَعَلْناكم خَلائِفَ في الأرْضِ مِن بَعْدِهِمْ﴾ [يونس: ١٤] وقَوْلِهِ ﴿ويَجْعَلُكم خُلَفاءَ الأرْضِ﴾ [النمل: ٦٢] .
وهَذا المَعْنى خِلافُ مَعْنى قَوْلِهِ تَعالى ﴿وإذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إنِّي جاعِلٌ في الأرْضِ خَلِيفَةً﴾ [البقرة: ٣٠] فَإنَّ الأرْضَ هُنالِكَ هي هَذِهِ الكُرَةُ الأرْضِيَّةُ. قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: ولا يُقالُ خَلِيفَةُ اللَّهِ إلّا لِرَسُولِهِ ﷺ - وأمّا الخُلَفاءُ فَكُلُّ واحِدٍ مِنهم خَلِيفَةُ الَّذِي قَبْلَهُ، (p-٢٤٣)ألا تَرى أنَّ الصَّحابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم - حَرَّرُوا هَذا المَعْنى فَقالُوا لِأبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: يا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ، وبِهَذا كانَ يُدْعى بِذَلِكَ مُدَّةَ حَياتِهِ، فَلَمّا ولِيَ عُمَرُ قالُوا: يا خَلِيفَةَ خَلِيفَةِ رَسُولِ اللَّهِ، فَطالَ ورَأوْا أنَّهُ سَيَطُولُ أكْثَرَ في المُسْتَقْبَلِ إذا ولِيَ خَلِيفَةٌ بَعْدَ عُمَرَ فَدَعَوْا عُمَرَ أمِيرَ المُؤْمِنِينَ، وقَصُرَ هَذا عَلى الخُلَفاءِ، وما يَجِيءُ في الشِّعْرِ مِن دُعاءِ أحَدِ الخُلَفاءِ خَلِيفَةَ اللَّهِ فَذَلِكَ تَجَوُّزٌ، كَما قالَ ابْنُ قَيْسِ الرُّقَيّاتِ:
؎خَلِيفَةُ اللَّهِ في بَرِيَّتِهِ جَفَّتْ بِذاكَ الأقْلامُ والكُتُبُ
وفُرِّعَ عَلى جَعْلِهِ خَلِيفَةً أمْرُهُ بِأنْ يَحْكُمَ بَيْنَ النّاسِ بِالحَقِّ لِلدَّلالَةِ عَلى أنَّ ذَلِكَ واجِبُهُ وأنَّهُ أحَقُّ النّاسِ بِالحُكْمِ بِالعَدْلِ، ذَلِكَ لِأنَّهُ هو المَرْجِعُ لِلْمَظْلُومِينَ والَّذِي تُرْفَعُ إلَيْهِ مَظالِمُ الظَّلَمَةِ مِنَ الوُلاةِ، فَإذا كانَ عادِلًا خَشِيَهُ الوُلاةُ والأُمَراءُ لِأنَّهُ ألِفَ العَدْلَ وكَرِهَ الظُّلْمَ، فَلا يُقِرُّ ما يَجْرِي مِنهُ في رَعِيَّتِهِ كُلَّما بَلَغَهُ فَيَكُونُ النّاسُ في حَذَرٍ مِن أنْ يَصْدُرَ عَنْهم ما عَسى أنْ يُرْفَعَ إلى الخَلِيفَةِ فَيَقْتَصَّ مِنَ الظّالِمِ، وأمّا إنْ كانَ الخَلِيفَةُ يَظْلِمُ في حُكْمِهِ فَإنَّهُ يَأْلَفُ الظُّلْمَ فَلا يُغْضِبُهُ إذا رُفِعَتْ إلَيْهِ مَظْلَمَةُ شَخْصٍ ولا يَحْرِصُ عَلى إنْصافِ المَظْلُومِ.
وفِي الكَشّافِ: أنَّ بَعْضَ خُلَفاءِ بَنِي أُمَيَّةَ قالَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ أوْ لِلزُّهْرِيِّ: هَلْ سَمِعْتَ ما بَلَغَنا ؟ قالَ: وما هو ؟ قالَ: بَلَغَنا أنَّ الخَلِيفَةَ لا يَجْرِي عَلَيْهِ القَلَمُ ولا تُكْتَبُ لَهُ مَعْصِيَةٌ، فَقالَ: يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ، الخُلَفاءُ أفْضَلُ أمِ الأنْبِياءُ ؟ ثُمَّ تَلا هَذِهِ الآيَةَ.
والمُرادُ بِ ”النّاسِ“ ناسُ مَمْلَكَتِهِ، فالتَّعْرِيفُ لِلْعَهْدِ أوْ هو لِلِاسْتِغْراقِ العُرْفِيِّ.
والحَقُّ: هو ما يَقْتَضِيهِ العَدْلُ الشَّرْعِيُّ مِن مُعامَلَةِ النّاسِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا وتَصَرُّفاتِهِمْ في خاصَّتِهِمْ وعامَّتِهِمْ، ويَتَعَيَّنُ الحَقُّ بِتَعْيِينِ الشَّرِيعَةِ.
والباءُ في ”بِالحَقِّ“ باءُ المَجازِيَّةِ، جُعِلَ الحَقُّ كالآلَةِ الَّتِي يَعْمَلُ بِها العامِلُ في قَوْلِكَ: قَطَعَهُ بِالسِّكِّينِ، وضَرَبَهُ بِالعَصا.
وقَوْلُهُ ﴿ولا تَتَّبِعِ الهَوى﴾ مَعْطُوفٌ عَلى التَّفْرِيعِ، ولَعَلَّهُ المَقْصُودُ مِنَ التَّفْرِيعِ. وإنَّما تَقَدَّمَ عَلَيْهِ أمْرُهُ بِالحُكْمِ بِالحَقِّ لِيَكُونَ تَوْطِئَةً لِلنَّهْيِ عَنِ اتِّباعِ الهَوى سَدًّا لِذَرِيعَةِ (p-٢٤٤)الوُقُوعِ في خَطَأِ الحَقِّ، فَإنَّ داوُدَ مِمَّنْ حَكَمَ بِالحَقِّ فَأمَرَهُ بِهِ بِاعْتِبارِ المُسْتَقْبَلِ.
والتَّعْرِيفُ في ”الهَوى“ تَعْرِيفُ الجِنْسِ المُفِيدُ لِلِاسْتِغْراقِ، فالنَّهْيُ يَعُمُّ كُلَّ ما هو هَوًى، سَواءٌ كانَ هَوى المُخاطَبِ أوْ هَوى غَيْرِهِ مِثْلَ هَوى زَوْجِهِ ووَلَدِهِ وسَيِّدِهِ، وصَدِيقِهِ، أوْ هَوى الجُمْهُورِ، ﴿قالُوا يا مُوسى اجْعَلْ لَنا إلَهًا كَما لَهم آلِهَةٌ قالَ إنَّكم قَوْمٌ تَجْهَلُونَ﴾ [الأعراف: ١٣٨] .
ومَعْنى الهَوى: المَحَبَّةُ، وأُطْلِقَ عَلى الشَّيْءِ المَحْبُوبِ مُبالَغَةً، أيْ ولَوْ كانَ هَوًى شَدِيدًا تَعْلَقُ النَّفْسُ بِهِ.
والهَوى: كِنايَةٌ عَنِ الباطِلِ والجَوْرِ والظُّلْمِ لِما هو مُتَعارَفٌ مِنَ المُلازَمَةِ بَيْنَ هَذِهِ الأُمُورِ وبَيْنَ هَوى النُّفُوسِ، فَإنَّ العَدْلَ والإنْصافَ ثَقِيلٌ عَلى النُّفُوسِ فَلا تَهْواهُ غالِبًا، ومَن صارَتْ لَهُ مَحَبَّةُ الحَقِّ سَجِيَّةً فَقَدْ أُوتِيَ العِلْمَ والحِكْمَةَ وأُيِّدَ بِالحِفْظِ أوِ العِصْمَةِ.
والنَّهْيُ عَنِ اتِّباعِ الهَوى تَحْذِيرٌ لَهُ وإيقاظٌ لِيُحَذِّرَ مِن جَرّاءِ الهَوى ويَتَّهِمَ هَوى نَفْسِهِ ويَتَعَقَّبَهُ فَلا يَنْقادُ إلَيْهِ إلّا بَعْدَ التَّأمُّلِ والتَّثَبُّتِ، وقَدْ قالَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: ”اتَّهِمُوا الرَّأْيَ“، ذَلِكَ أنَّ هَوى النَّفْسِ يَكُونُ في الأُمُورِ السَّهْلَةِ عَلَيْها الرّائِقَةِ عِنْدَها، ومُعْظَمُ الكَمالاتِ صَعْبَةٌ عَلى النَّفْسِ لِأنَّها تَرْجِعُ إلى تَهْذِيبِ النَّفْسِ والِارْتِقاءِ بِها عَنْ حَضِيضِ الحَيَوانِيَّةِ إلى أوْجِ المَلَكِيَّةِ، فَفي جَمِيعِها أوْ مُعْظَمِها صَرْفٌ لِلنَّفْسِ عَمّا لاصَقَها مِنَ الرَّغائِبِ الجُسْمانِيَّةِ الرّاجِعِ أكْثَرُها إلى طَبْعِ الحَيَوانِيَّةِ لِأنَّها إمّا مَدْعُوَّةٌ لِداعِي الشَّهْوَةِ أوْ داعِي الغَضَبِ، فالِاسْتِرْسالُ في اتِّباعِها وُقُوعٌ في الرَّذائِلِ في الغالِبِ، ولِهَذا جُعِلَ هُنا الضَّلالُ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مُسَبَّبًا عَلى اتِّباعِ الهَوى، وهو تَسَبُّبٌ أغْلَبِيٌّ عُرْفِيٌّ، فَشَبَّهَ الهَوى بِسائِرٍ في طَرِيقٍ مُهْلِكَةٍ عَلى طَرِيقَةِ المَكَنِيَّةِ ورَمَزَ إلَيْهِ بِلازِمِ ذَلِكَ وهو الإضْلالُ عَنْ طَرِيقِ الرَّشادِ المُعَبَّرِ عَنْهُ بِسَبِيلِ اللَّهِ، فَإنَّ الَّذِي يَتَّبِعُ سائِرًا غَيْرَ عارِفٍ بِطَرِيقِ المَنازِلِ النّافِعَةِ لا يَلْبَثُ أنْ يَجِدَ نَفْسَهُ وإيّاهُ في مَهْلَكَةٍ أوْ مَقْطَعَةِ طَرِيقٍ.
واتِّباعُ الهَوى قَدْ يَكُونُ اخْتِيارًا، وقَدْ يَكُونُ كُرْهًا. والنَّهْيُ عَنِ اتِّباعِهِ يَقْتَضِي النَّهْيَ عَنْ جَمِيعِ أنْواعِهِ، فَأمّا الِاتِّباعُ الِاخْتِيارِيُّ فالحَذَرُ مِنهُ ظاهِرٌ، وأمّا الِاتِّباعُ الِاضْطِرارِيُّ فالتَّخَلُّصُ مِنهُ بِالِانْسِحابِ عَمّا جَرَّهُ إلى الإكْراهِ، ولِذَلِكَ اشْتَرَطَ (p-٢٤٥)العُلَماءُ في الخَلِيفَةِ شُرُوطًا، كُلُّها تَحُومُ حَوْلَ الحَيْلُولَةِ بَيْنَهُ وبَيْنَ اتِّباعِ الهَوى وما يُوازِيهِ مِنَ الوُقُوعِ في الباطِلِ، وهي: التَّكْلِيفُ، والحُرِّيَّةُ، والعَدالَةُ، والذُّكُورَةُ، وأمّا شَرْطُ كَوْنِهِ مِن قُرَيْشٍ عِنْدَ الجُمْهُورِ فَلِئَلّا يَضْعُفَ أمامَ القَبائِلِ بِغَضاضَةٍ.
وانْتَصَبَ ”فَيُضِلَّكَ“ بَعْدَ فاءِ السَّبَبِيَّةِ في جَوابِ النَّهْيِ. ومَعْنى جَوابِ النَّهْيِ جَوابُ المَنهِيِّ عَنْهُ فَهو السَّبَبُ في الضَّلالِ ولَيْسَ النَّهْيُ سَبَبًا في الضَّلالِ. وهَذا بِخِلافِ طَرِيقَةِ الجَزْمِ في جَوابِ النَّهْيِ.
وسَبِيلُ اللَّهِ: الأعْمالُ الَّتِي تَحْصُلُ مِنها مَرْضاتُهُ وهي الأعْمالُ الَّتِي أمَرَ اللَّهُ بِها ووَعَدَ بِالجَزاءِ عَلَيْها، شُبِّهَتْ بِالطَّرِيقِ المُوَصِّلِ إلى اللَّهِ، أيْ إلى مَرْضاتِهِ. وجُمْلَةُ ﴿إنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ إلى آخِرِها يَظْهَرُ أنَّها مِمّا خاطَبَ اللَّهُ بِهِ داوُدَ، وهي عِنْدَ أصْحابِ العَدَدِ آيَةٌ واحِدَةٌ مِن قَوْلِهِ ﴿يا داوُدُ إنّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً في الأرْضِ﴾ إلى ”يَوْمَ الحِسابِ“، فَهي في مَوْقِعِ العِلَّةِ لِلنَّهْيِ، فَكانَتْ (إنَّ) مُغْنِيَةً عَنْ فاءِ التَّسَبُّبِ والتَّرَتُّبِ، فالشَّيْءُ الَّذِي يُفْضِي إلى العَذابِ الشَّدِيدِ خَلِيقٌ بِأنْ يُنْهى عَنْهُ، وإنْ كانَتِ الجُمْلَةُ كَلامًا مُنْفَصِلًا عَنْ خِطابِ داوُدَ كانَتْ مُعْتَرِضَةً ومُسْتَأْنَفَةً اسْتِئْنافًا بَيانِيًّا لِبَيانِ خَطَرِ الضَّلالِ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ.
والعُمُومُ الَّذِي في قَوْلِهِ ﴿الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ يُكْسِبُ الجُمْلَةَ وصْفَ التَّذْيِيلٍ أيْضًا، وكِلا الِاعْتِبارَيْنِ مُوجِبٌ لِعَدَمِ عَطْفِها.
وجِيءَ بِالمَوْصُولِ لِلْإيماءِ إلى أنَّ الصِّلَةَ عِلَّةٌ لِاسْتِحْقاقِ العَذابِ. واللّامُ في ”لَهم عَذابٌ“ لِلِاخْتِصاصِ، والباءُ في ﴿بِما نَسُوا يَوْمَ الحِسابِ﴾ سَبَبِيَّةٌ.
و(ما) مَصْدَرِيَّةٌ، أيْ بِسَبَبِ نِسْيانِهِمْ يَوْمَ الحِسابِ، وتَتَعَلَّقُ الباءُ بِالِاسْتِقْرارِ الَّذِي نابَ عَنْهُ المَجْرُورُ في قَوْلِهِ ”لَهم عَذابٌ“ .
والنِّسْيانُ: مُسْتَعارٌ لِلْإعْراضِ الشَّدِيدِ لِأنَّهُ يُشْبِهُ نِسْيانَ المُعْرِضِ عَنْهُ كَما في قَوْلِهِ تَعالى ﴿نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ﴾ [التوبة: ٦٧]، وهو مَراتِبُ أشَدُّها إنْكارُ البَعْثِ والجَزاءِ، قالَ تَعالى ﴿فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكم هَذا إنّا نَسِيناكُمْ﴾ [السجدة: ١٤]، ودُونَهُ مَراتِبُ كَثِيرَةٌ تَكُونُ عَلى وِفْقِ مَراتِبِ العَذابَ لِأنَّهُ إذا كانَ السَّبَبُ ذا مَراتِبَ كانَتِ المُسَبَّباتُ تَبَعًا لِذَلِكَ.
(p-٢٤٦)والمُرادُ بِ ”يَوْمَ الحِسابِ“ ما يَقَعُ فِيهِ مِنَ الجَزاءِ عَلى الخَيْرِ والشَّرِّ، فَهو في المَعْنى عَلى تَقْدِيرِ مُضافٍ، أيْ جَزاءَ يَوْمِ الحِسابِ عَلى حَدِّ قَوْلِهِ تَعالى ﴿ونَسِيَ ما قَدَّمَتْ يَداهُ﴾ [الكهف: ٥٧]، أيْ لَمْ يُفَكِّرْ في عاقِبَةِ ما يُقَدِّمُهُ مِنَ الأعْمالِ.
وفِي جَعْلِ الضَّلالِ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ونِسْيانِ يَوْمِ الحِسابِ سَبَبَيْنِ لِاسْتِحْقاقِ العَذابِ الشَّدِيدِ، تَنْبِيهٌ عَلى تَلازُمِهِما فَإنَّ الضَّلالَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ يُفْضِي إلى الإعْراضِ عَنْ مُراقَبَةِ الجَزاءِ.
وتَرْجَمَةُ داوُدَ تَقَدَّمَتْ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿ومِن ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ﴾ [الأنعام: ٨٤] في الأنْعامِ، وقَوْلِهِ ﴿وآتَيْنا داوُدَ زَبُورًا﴾ [النساء: ١٦٣] في النِّساءِ.
{"ayah":"یَـٰدَاوُۥدُ إِنَّا جَعَلۡنَـٰكَ خَلِیفَةࣰ فِی ٱلۡأَرۡضِ فَٱحۡكُم بَیۡنَ ٱلنَّاسِ بِٱلۡحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ ٱلۡهَوَىٰ فَیُضِلَّكَ عَن سَبِیلِ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱلَّذِینَ یَضِلُّونَ عَن سَبِیلِ ٱللَّهِ لَهُمۡ عَذَابࣱ شَدِیدُۢ بِمَا نَسُوا۟ یَوۡمَ ٱلۡحِسَابِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق