الباحث القرآني
﴿وإذا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا ما بَيْنَ أيْدِيكم وما خَلْفَكم لَعَلَّكم تُرْحَمُونَ﴾ ﴿وما تَأْتِيهِمْ مِن آيَةٍ مِن آياتِ رَبِّهِمْ إلّا كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ﴾ تَخَلَّصَ الكَلامُ مِن عَدَمِ انْتِفاعِهِمْ بِالآياتِ الدّالَّةِ عَلى وحْدانِيَّةِ اللَّهِ إلى عَدَمِ انْتِفاعِهِمْ بِالأقْوالِ المُبَلَّغَةِ إلَيْهِمْ في القُرْآنِ مِنَ المَوْعِظَةِ، والتَّذْكِيرِ بِما حَلَّ بِالأُمَمِ المُكَذِّبَةِ أنْ يُصِيبَهم مِثْلُ ما أصابَهم، وبِعَدَمِ انْتِفاعِهِمْ بِتَذْكِيرِ القُرْآنِ إيّاهم بِالأدِلَّةِ عَلى وحْدانِيَّةِ اللَّهِ، وعَلى البَعْثِ.
وبِناءُ فِعْلِ ”قِيلَ“ لِلْمَجْهُولِ لِظُهُورِ أنَّ القائِلَ هو الرَّسُولُ ﷺ في تَبْلِيغِهِ عَنِ اللَّهِ تَعالى، أيْ قِيلَ لَهم في القُرْآنِ.
وما بَيْنَ الأيْدِي يُرادُ مِنهُ المُسْتَقْبَلُ، وما هو خَلْفٌ يُرادُ مِنهُ الماضِي، قالَ تَعالى حِكايَةً عَنْ عِيسى عَلَيْهِ السَّلامُ ﴿مُصَدِّقًا لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ﴾ [الصف: ٦]، أيْ ما تَقَدَّمَنِي. وذَلِكَ أنَّ أصْلَ هَذَيْنِ التَّرْكِيبَيْنِ تَمْثِيلانِ فَتارَةً يَنْظُرُونَ إلى تَمْثِيلِ المُضافِ إلَيْهِ بِسائِرٍ إلى مَكانٍ فالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ هو ما سَيَرِدُ هو عَلَيْهِ، والَّذِي مِن ورائِهِ هو ما خَلَّفَهُ خَلْفَهُ في سَيْرِهِ، وتارَةً يَنْظُرُونَ إلى تَمْثِيلِ المُضافِ بِسائِرٍ، فَهو إذا كانَ بَيْنَ يَدِيِ المُضافِ إلَيْهِ فَقَدْ سَبَقَهُ في السَّيْرِ فَهو سابِقٌ لَهُ وإذا كانَ خَلْفَ المُضافِ إلَيْهِ فَقَدْ تَأخَّرَ عَنْهُ فَهو وارِدٌ بَعْدَهُ.
وقَدْ فُسِّرَتْ هَذِهِ الآيَةُ بِالوَجْهَيْنِ فَقِيلَ: ما بَيْنَ أيْدِيكم مِن أمْرِ الآخِرَةِ وما خَلْفَكم مِن أحْوالِ الأُمَمِ في الدُّنْيا، وهو عَنْ مُجاهِدٍ وابْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ.
وقِيلَ: ما بَيْنَ أيْدِيكم أحْوالُ الأُمَمِ في الدُّنْيا وما خَلْفَكم مِن أحْوالِ الآخِرَةِ (p-٣١)وهُوَ عَنْ قَتادَةَ وسُفْيانَ. ومَتى حُمِلَ أحَدُ المَوْصُولَيْنِ عَلى ما سَبَقَ مِن أحْوالِ الأُمَمِ وجَبَ تَقْدِيرُ مُضافَيْنِ قَبْلَ ما المَوْصُولَةِ هُما المَفْعُولُ، أيِ اتَّقُوا مِثْلَ أحْوالِ ما بَيْنَ أيْدِيكم، أوْ أحْوالِ ما خَلْفَكم، ولا يُقَدَّرُ مُضافانِ في مُقابَلَهِ لِأنَّ ماصَدَقَ ما المَوْصُولَةِ فِيهِ حِينَئِذٍ هو عَذابُ الآخِرَةِ فَهو مَفْعُولُ اتَّقُوا، وتَقَدَّمَ قَوْلُهُ تَعالى ﴿فَجَعَلْناها نَكالًا لِما بَيْنَ يَدَيْها وما خَلْفَها﴾ [البقرة: ٦٦] في سُورَةِ البَقَرَةِ.
ولَعَلَّ لِلرَّجاءِ، أيْ تُرْجى لَكم رَحْمَةُ اللَّهِ، لِأنَّهم إذا اتَّقَوْا حَذِرُوا ما يُوقِعُ في المُتَّقى فارْتَكَبُوا واجْتَنَبُوا وبادَرُوا بِالتَّوْبَةِ فِيما فَرَطَ فَرَضِيَ رَبُّهم عَنْهم فَرَحِمَهم بِالثَّوابِ وجَنَّبَهُمُ العِقابَ. والكَلامُ في لَعَلَّ الوارِدَةِ في كَلامِ اللَّهِ تَعالى تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿يا أيُّها النّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكم والَّذِينَ مِن قَبْلِكم لَعَلَّكم تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: ٢١] في سُورَةِ البَقَرَةِ.
وجَوابُ إذا مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ في الجُمْلَةِ المَعْطُوفَةِ إلّا كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ. فالتَّقْدِيرُ هُنا: كانُوا مُعْرِضِينَ.
وجُمْلَةُ (﴿ما تَأْتِيهِمْ مِن آيَةٍ مِن آياتِ رَبِّهِمْ إلّا كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ﴾) واقِعَةٌ مَوْقِعَ التَّذْيِيلِ لِما قَبْلَها، فَفِيها تَعْمِيمُ أحْوالِهِمْ وأحْوالِ ما يَبَلَّغُونَهُ مِنَ القُرْآنِ، فَكَأنَّهُ قِيلَ: وإذا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا أعْرَضُوا، والإعْراضُ دَأْبُهم في كُلِّ ما يُقالُ لَهم.
والآياتُ: آياتُ القُرْآنِ الَّتِي تَنْزِلُ فَيَقْرَؤُها النَّبِيءُ ﷺ عَلَيْهِمْ، فَأُطْلِقَ عَلى بُلُوغِها إلَيْهِمْ فِعْلَ الإتْيانِ. ووَصْفُها بِأنَّها مِن آياتِ رَبِّهِمْ لِلتَّنْوِيهِ بِالآياتِ والتَّشْنِيعِ عَلَيْهِمْ بِالإعْراضِ عَنْ كَلامِ رَبِّهِمْ كُفْرًا بِنِعْمَةِ خَلْقِهِ إيّاهم.
و”ما“ نافِيَةٌ، والِاسْتِثْناءُ مِن أحْوالٍ مَحْذُوفَةٍ، أيْ ما تَأْتِيهِمْ آيَةٌ في حالٍ مِن أحْوالِهِمْ إلّا كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ. وجُمْلَةُ كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ في مَوْضِعِ الحالِ.
{"ayahs_start":45,"ayahs":["وَإِذَا قِیلَ لَهُمُ ٱتَّقُوا۟ مَا بَیۡنَ أَیۡدِیكُمۡ وَمَا خَلۡفَكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ","وَمَا تَأۡتِیهِم مِّنۡ ءَایَةࣲ مِّنۡ ءَایَـٰتِ رَبِّهِمۡ إِلَّا كَانُوا۟ عَنۡهَا مُعۡرِضِینَ"],"ayah":"وَمَا تَأۡتِیهِم مِّنۡ ءَایَةࣲ مِّنۡ ءَایَـٰتِ رَبِّهِمۡ إِلَّا كَانُوا۟ عَنۡهَا مُعۡرِضِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











