الباحث القرآني
﴿وجَعَلْنا فِيها جَنّاتٍ مِن نَخِيلٍ وأعْنابٍ وفَجَّرْنا فِيها مِنَ العُيُونِ﴾ ﴿لِيَأْكُلُوا مِن ثَمَرِهِ وما عَمِلَتْهُ أيْدِيهِمْ أفَلا يَشْكُرُونَ﴾ هَذا مِن إحْياءِ الأرْضِ بِإنْباتِ الأشْجارِ ذاتِ الثِّمارِ، وهو إحْياءٌ أعْجَبُ وأبْقى وإنْ كانَ الإحْياءُ بِإنْباتِ الزَّرْعِ والكَلَأِ أوْضَحَ دَلالَةً لِأنَّهُ سَرِيعُ الحُصُولِ.
وتَقَدَّمَ ذِكْرُ الجَنّاتِ في أوَّلِ سُورَةِ الرَّعْدِ.
وتَفْجِيرُ العُيُونِ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿وإنَّ مِنَ الحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنهُ الأنْهارُ﴾ [البقرة: ٧٤] في سُورَةِ البَقَرَةِ.
والثَّمَرُ بِفَتْحَتَيْنِ وبِضَمَّتَيْنِ: ما يَغُلُّهُ النَّخْلُ والأعْنابُ مِن أصْنافِ الثَّمَرِ وأصْنافِ العِنَبِ والثَّمَرَةِ بِمَنزِلَةِ الحُبِّ لِلسُّنْبُلِ. وقَرَأ الجُمْهُورُ ”ثَمَرِهِ“ بِفَتْحَتَيْنِ. وقَرَأهُ حَمْزَةُ والكِسائِيُّ وخَلَفٌ بِضَمَّتَيْنِ.
والنَّخِيلُ: اسْمُ جَمْعِ نَخْلٍ.
والأعْنابُ جَمْعُ عِنَبٍ، وهو يُطْلَقُ عَلى شَجَرَةِ الكَرْمِ وعَلى ثَمَرِها. وجَمْعُ النَّخِيلِ (p-١٤)والأعْنابِ بِاعْتِبارِ تَعَدُّدِ أصْنافِ شَجَرِهِ المُثْمِرِ أصْنافًا مِن ثَمَرِهِ.
وضَمِيرُ (مِن ثَمَرِهِ) عائِدٌ إلى المَذْكُورِ، أيْ مِن ثَمَرِ ما ذَكَرْنا، كَقَوْلِ رُؤْبَةَ:
؎فِيها خُطُوطٌ مِن سَوادٍ وبَلَقْ كَأنَّهُ في الجِلْدِ تَوْلِيعَ البَهَقْ
فَقِيلَ لَهُ: هَلّا قُلْتَ: كَأنَّها ؟ فَقالَ: أرَدْتُ كَأنَّ ذَلِكَ ويْلَكَ. وتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿عَوانٌ بَيْنَ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٦٨] في سُورَةِ البَقَرَةِ.
ويَجُوزُ أنْ يَعُودَ الضَّمِيرُ عَلى النَّخِيلِ وتُتْرَكُ الأعْنابُ لِلْعِلْمِ بِأنَّها مِثْلُ النَّخِيلِ. كَقَوْلِ الأزْرَقِ بْنِ طَرَفَةَ بْنِ العَمُودِ القَراطِيِّ الباهِلِيِّ:
؎رَمانِي بِذَنْبٍ كُنْتُ مِنهُ ووالِدِي ∗∗∗ بَرِيئًا ومِن أجْلِ الطَّوِيِّ رَمّانِي
فَلَمْ يَقُلْ: بَرِيئَيْنِ، لِلْعِلْمِ بِأنَّ والِدَهُ مِثْلُهُ.
ويَجُوزُ أنْ تَكُونَ ما في قَوْلِهِ وما عَمِلَتْهُ أيْدِيهِمْ مَوْصُولَةً مَعْطُوفَةً عَلى ثَمَرِهِ، أيْ لِيَأْكُلُوا مِن ثَمَرِ ما عَمِلَتْهُ أيْدِيهِمْ، فَيَكُونُ إدْماجًا لِلْإرْشادِ إلى إقامَةِ الجَنّاتِ بِالخِدْمَةِ والسَّقْيِ والتَّعَهُّدِ لِيَكُونَ ذَلِكَ أوْفَرَ لِأغْلالِها. وضَمِيرُ عَمِلَتْهُ عَلى هَذا عائِدٌ إلى اسْمِ المَوْصُولِ.
ويَجُوزُ أنْ تَكُونَ ”ما“ نافِيَةً، والضَّمِيرُ عائِدٌ إلى ما ذُكِرَ مِنَ الحَبِّ والنَّخِيلِ والأعْنابِ. والمَعْنى: أنَّ ذَلِكَ لَمْ يَخْلُقُوهُ. وهَذا أوْفَرُ في الِامْتِنانِ وأنْسَبُ بِسِياقِ الآيَةِ مَساقَ الِاسْتِدْلالِ.
وقَرَأ الجُمْهُورُ ”وما عَمِلَتْهُ“ بِإثْباتِ هاءِ الضَّمِيرِ عائِدًا إلى المَذْكُورِ مِنَ الحَبِّ والنَّخِيلِ والأعْنابِ. وقَرَأ حَمْزَةُ والكِسائِيُّ وأبُو بَكْرٍ عَنْ عاصِمٍ وخَلَفٌ ”وما عَمِلَتْ“ بِدُونِ هاءٍ، وكَذَلِكَ هو مَرْسُومٌ في المُصْحَفِ الكُوفِيِّ وهو جارٍ عَلى حَذْفِ المَفْعُولِ إنْ كانَ مَعْلُومًا.
(p-١٥)ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ مِن حَذْفِ المَفْعُولِ لِإرادَةِ العُمُومِ. والتَّقْدِيرُ: وما عَمِلَتْ أيْدِيهِمْ شَيْئًا مِن ذَلِكَ. وكِلا الحَذْفَيْنِ شائِعٌ.
وفُرِّعَ عَلَيْهِ اسْتِفْهامُ الإنْكارِ لِعَدَمِ شُكْرِهِمْ بِأنِ اتَّخَذُوا لِلَّذِي أوْجَدَ هَذا الصُّنْعَ العَجِيبَ أنْدادًا.
وجِيءَ بِالمُضارِعِ مُبالَغَةً في كُفْرِهِمْ بِأنَّ اللَّهَ حَقِيقٌ بِأنْ يُكَرَّرُوا شُكْرُهُ فَكَيْفَ يَسْتَمِرُّونَ عَلى الإشْراكِ بِهِ.
{"ayahs_start":34,"ayahs":["وَجَعَلۡنَا فِیهَا جَنَّـٰتࣲ مِّن نَّخِیلࣲ وَأَعۡنَـٰبࣲ وَفَجَّرۡنَا فِیهَا مِنَ ٱلۡعُیُونِ","لِیَأۡكُلُوا۟ مِن ثَمَرِهِۦ وَمَا عَمِلَتۡهُ أَیۡدِیهِمۡۚ أَفَلَا یَشۡكُرُونَ"],"ayah":"وَجَعَلۡنَا فِیهَا جَنَّـٰتࣲ مِّن نَّخِیلࣲ وَأَعۡنَـٰبࣲ وَفَجَّرۡنَا فِیهَا مِنَ ٱلۡعُیُونِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق