الباحث القرآني
﴿فاليَوْمَ لا يَمْلِكُ بَعْضُكم لِبَعْضٍ نَفْعًا ولا ضَرًّا﴾
الأظْهَرُ أنَّ هَذا مِن خِطابِ اللَّهِ تَعالى المُشْرِكِينَ والجِنَّ. والفاءُ فَصِيحَةٌ ناشِئَةٌ عَنِ المُقاوَلَةِ السّابِقَةِ. وهي كَلامٌ مُوَجَّهٌ مِن جانِبِ اللَّهِ تَعالى إلى المَلائِكَةِ والمَقْصُودُ بِهِ: التَّعْرِيضُ بِضَلالِ الَّذِينَ عَبَدُوا المَلائِكَةَ والجِنَّ لِأنَّ المَلائِكَةَ يَعْلَمُونَ مَضْمُونَ هَذا الخَبَرِ، فَلا نَقْصِدُ إفادَتَهم بِهِ. والمَعْنى: إذْ عَلِمْتُمْ أنَّكم عِبْتُمُ الجِنَّ فاليَوْمَ لا يَمْلِكُ بَعْضُكم لِبَعْضٍ نَفْعًا ولا ضَرًّا.
(p-٢٢٤)ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ مِن خِطابِ المَلائِكَةِ لِلْفَرِيقَيْنِ بَعْدَ أداءِ الشَّهادَةِ عَلَيْهِمْ تَوْبِيخًا لَهم وإظْهارًا لِلْغَضَبِ عَلَيْهِمْ تَحْقِيقًا لِلتَّبَرُّؤِ مِنهم، والفاءُ أيْضًا فَصِيحَةٌ وهي ظاهِرَةٌ.
وقُدِّمَ الظَّرْفُ عَلى عامِلِهِ لِأنَّ النَّفْعَ والضُّرَّ يَوْمَئِذٍ قَدِ اخْتَصَّ صَغِيرُهُما وكَبِيرُهُما بِاللَّهِ تَعالى خِلافَ ما كانَ في الدُّنْيا مِن نَفْعِ الجِنِّ عُبّادَهم بِبَعْضِ المَنافِعِ الدُّنْيَوِيَّةِ ونَفَعِ المُشْرِكِينَ الجِنَّ بِخِدْمَةِ وساوِسِهِمْ وتَنْفِيذِ أغْراضِهِمْ مِنَ الفِتْنَةِ والإضْلالِ، وكَذَلِكَ الضُّرُّ في الدُّنْيا أيْضًا.
والمِلْكُ هُنا بِمَعْنى: القُدْرَةِ، أيْ لا يَقْدِرُ بَعْضُكم عَلى بَعْضِ نَصْرٍ أوْ نَفْعٍ.
وتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إنْ أرادَ أنْ يُهْلِكَ المَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ﴾ [المائدة: ١٧] في سُورَةِ العُقُودِ.
وقَدَّمَ النَّفْعَ في حَيِّزِ النَّفْيِ تَأْيِيسًا لَهم لِأنَّهم يَرْجُونَ أنْ يَشْفَعُوا لَهم يَوْمَئِذٍ ويَقُولُونَ ﴿هَؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللَّهِ﴾ [يونس: ١٨] .
وعَطَفَ نَفْيَ الضُّرِّ عَلى نَفْعِ النَّفْعِ لِلدَّلالَةِ عَلى سَلْبِ مَقْدِرَتِهِمْ عَلى أيِّ شَيْءٍ فَإنَّ بَعْضَ الكائِناتِ يَسْتَطِيعُ أنْ يَضُرَّ ولا يَسْتَطِيعُ أنْ يَنْفَعَ كالعَقْرَبِ.
* * *
﴿ونَقُولُ لِلَّذِينِ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذابَ النّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ﴾ عَطْفٌ عَلى قَوْلِهِ ثُمَّ نَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ، وقَدْ وقَعَ الإخْبارُ عَنْ هَذا القَوْلِ بَعْدَ الإخْبارِ عَنِ الحِوارِ الَّذِي يَجْرِي بَيْنَ المَلائِكَةِ وبَيْنَ المُشْرِكِينَ يَوْمَئِذٍ إظْهارًا لِاسْتِحْقاقِهِمْ هَذا الحُكْمَ الشَّدِيدَ، ولَكِنَّهُ كالمَعْمُولِ لِقَوْلِهِ لا يَمْلِكُ بَعْضُكم لِبَعْضٍ نَفْعًا ولا ضَرًّا.
والذَّوْقُ مَجازٌ لِمُطْلَقِ الإحْساسِ، واخْتِيارُهُ دُونَ الحَقِيقَةِ لِشُهْرَةِ اسْتِعْمالِهِ.
ووَصْفُ النّارِ بِالَّتِي كانُوا يُكَذِّبُونَ بِها في صِلَةِ المَوْصُولِ مِن إيذانٍ بِغَلَطِهِمْ وتَنْدِيمِهِمْ.
وقَدْ عُلِّقَ التَّكْذِيبُ هُنا بِنَفْسِ النّارِ فَجِيءَ بِاسْمِ المَوْصُولِ المُناسِبِ لَها ولَمْ (p-٢٢٥)يُعَلَّقْ بِالعَذابِ كَما في آيَةِ سُورَةِ السَّجْدَةِ وقِيلَ لَهم: ”﴿ذُوقُوا عَذابَ النّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ﴾ [السجدة: ٢٠]“ لِأنَّ القَوْلَ المُخَبَرَ عَنْهُ هُنا هو قَوْلُ اللَّهِ تَعالى وحُكْمُهُ وقَدْ أذِنَ بِهِمْ إلى جَهَنَّمَ وشاهَدُوها كَما قالَ تَعالى آنِفًا ﴿وأسَرُّوا النَّدامَةَ لَمّا رَأوُا العَذابَ﴾ [سبإ: ٣٣] فَإنَّ الَّذِي يَرى هو ما بِهِ العَذابُ، وأمّا القَوْلُ المَحْكِيُّ في سُورَةِ السَّجْدَةِ فَهو قَوْلُ مَلائِكَةِ العَذابِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ﴿كُلَّما أرادُوا أنْ يَخْرُجُوا مِنها أُعِيدُوا فِيها وقِيلَ لَهم ذُوقُوا عَذابَ النّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ﴾ [السجدة: ٢٠] .
وتَقْدِيمُ المَجْرُورِ لِلِاهْتِمامِ والرِّعايَةِ عَلى الفاصِلَةِ.
{"ayah":"فَٱلۡیَوۡمَ لَا یَمۡلِكُ بَعۡضُكُمۡ لِبَعۡضࣲ نَّفۡعࣰا وَلَا ضَرࣰّا وَنَقُولُ لِلَّذِینَ ظَلَمُوا۟ ذُوقُوا۟ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّتِی كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق