الباحث القرآني
﴿ويَقُولُونَ مَتى هَذا الوَعْدُ إنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ﴾ ﴿قُلْ لَكم مِيعادُ يَوْمٍ لا تَسْتَئْخِرُونَ عَنْهُ ساعَةً ولا تَسْتَقْدِمُونَ﴾ كانَ مِن أعْظَمِ ما أنْكَرُوهُ مِمّا جاءَ بِهِ الرَّسُولُ ﷺ القِيامَةُ والبَعْثُ ولِذَلِكَ عَقَّبَ إبْطالَ قَوْلِهِمْ في إنْكارِ الرِّسالَةِ بِإبْطالِ قَوْلِهِمْ في إنْكارِ البَعْثِ، والجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلى خَبَرِ ”لَكِنَّ“ . والتَّقْدِيرُ: ولَكِنَّ أكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ حَقَّ البِشارَةِ والنِّذارَةِ ويَتَهَكَّمُونَ فَيَسْألُونَ عَنْ وقْتِ هَذا الوَعْدِ الَّذِي هو مَظْهَرُ البِشارَةِ والنِّذارَةِ. ويَجُوزُ أنْ تَكُونَ الجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةً والواوُ لِلِاسْتِئْنافِ.
وضَمِيرُ يَقُولُونَ عائِدٌ إلى المُحاجِّينَ مِنَ المُشْرِكِينَ الَّذِينَ صَدَرَتْ عَنْهم هَذِهِ (p-٢٠٠)المَقالَةُ. وصِيغَةُ المُضارِعِ في يَقُولُونَ تُفِيدُ التَّعْجِيبَ مِن مَقالَتِهِمْ كَقَوْلِهِ تَعالى يُجادِلُنا في قَوْمِ لُوطٍ مَعَ إفادَتِها تَكَرُّرَ ذَلِكَ القَوْلِ مِنهم وتَجَدُّدَهُ.
وجُمْلَةُ قُلْ لَكم مِيعادُ يَوْمٍ إلى آخِرِها مَسُوقَةٌ مَساقَ الجَوابِ عَنْ مَقالَتِهِمْ ولِذَلِكَ فُصِلَتْ ولَمْ تُعْطَفْ، عَلى طَرِيقَةِ حِكايَةِ المُحاوَراتِ في القُرْآنِ، وهَذا الجَوابُ جَرى عَلى طَرِيقَةِ الأُسْلُوبِ الحَكِيمِ، أيْ أنَّ الأهَمَّ لِلْعُقَلاءِ أنْ تَتَوَجَّهَ هِمَمُهم إلى تَحَقُّقِ وُقُوعِ الوَعْدِ في الوَقْتِ الَّذِي عَيَّنَهُ اللَّهُ لَهُ وإنَّهُ لا يُؤَخِّرُهُ شَيْءٌ ولا يُقَدِّمُهُ، وحَسَّنَ هَذا الأُسْلُوبَ أنَّ سُؤالَهم إنَّما أرادُوا بِهِ الكِنايَةَ عَنِ انْتِفاءِ وُقُوعِهِ.
وفِي هَذا الجَوابِ تَعْرِيضٌ بِالتَّهْدِيدِ فَكانَ مُطابِقًا لِلْمَقْصُودِ مِنَ الِاسْتِفْهامِ، ولِذَلِكَ زِيدَ في الجَوابِ كَلِمَةُ ”لَكم“ إشارَةً إلى أنَّ هَذا المِيعادَ مُنْصَرِفٌ إلَيْهِمُ ابْتِداءً.
وضَمِيرُ جَمْعِ المُخاطَبِ في قَوْلِهِ إنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ إمّا لِلرَّسُولِ ﷺ بِاعْتِبارِ أنَّ مَعَهُ جَماعَةً يُخْبِرُونَ بِهَذا الوَعْدِ، وإمّا الخِطابُ مُوَجَّهٌ لِلْمُسْلِمِينَ.
واسْمُ الإشارَةِ في هَذا الوَعْدِ لِلِاسْتِخْفافِ والتَّحْقِيرِ كَقَوْلِ قَيْسِ بْنِ الخَطِيمِ:
؎مَتى يَأْتِ هَذا المَوْتُ لا تَبْقَ حاجَةٌ لِنَفْسِي إلّا قَدْ قَضَيْتُ قَضاءَها
وجَوابُ كُنْتُمْ صادِقِينَ دَلَّ عَلَيْهِ السُّؤالُ، أيْ إنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فَعَيِّنُوا لَنا مِيقاتَ هَذا الوَعْدِ. وهَذا كَلامٌ صادِرٌ عَنْ جَهالَةٍ لِأنَّهُ لا يَلْزَمُ مِنَ الصِّدْقِ في الإخْبارِ بِشَيْءٍ أنْ يَكُونَ المُخْبِرُ عالِمًا بِوَقْتِ حُصُولِهِ ولَوْ في المُضِيِّ فَكَيْفَ بِهِ في الِاسْتِقْبالِ. وخُولِفَ مُقْتَضى الظّاهِرِ في الجَوابِ مِنَ الإتْيانِ بِضَمِيرِ الوَعْدِ الواقِعِ في كَلامِهِمْ إلى الإتْيانِ باسِمٍ ظاهِرٍ وهو مِيعادُ يَوْمٍ لِما في هَذا الِاسْمِ النَّكِرَةِ مِنَ الإبْهامِ الَّذِي يُوَجِّهُ نُفُوسَ السّامِعِينَ إلى كُلِّ وجْهٍ مُمْكِنٍ في مَحْمَلِ ذَلِكَ، وهو أنْ يَكُونَ يَوْمُ البَعْثِ أوْ يَوْمًا آخَرَ يَحِلُّ فِيهِ عَذابُ أئِمَّةِ الكُفْرِ وزُعَماءِ المُشْرِكِينَ وهو يَوْمُ بَدْرٍ ولَعَلَّ الَّذِينَ قُتِلُوا يَوْمَئِذٍ هم أصْحابُ مَقالَةِ مَتى هَذا الوَعْدُ إنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ. وأفادَ تَنْكِيرُ يَوْمَ تَهْوِيلًا وتَعْظِيمًا بِقَرِينَةِ المَقامِ.
والمِيعادُ: مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ لِلْوَعْدِ فَإضافَتُهُ إلى ظَرْفِهِ بَيانِيَّةٌ. ويَجُوزُ كَوْنُهُ مُسْتَعْمَلًا (p-٢٠١)فِي الزَّمانِ وإضافَتُهُ إلى اليَوْمِ بَيانِيَّةٌ لِأنَّ المِيعادَ هو اليَوْمُ نَفْسُهُ.
وجُمْلَةُ لا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ ساعَةً إمّا صِفَةٌ لِـ ”مِيعادُ“ وإمّا حالٌ مِن ضَمِيرِ ”لَكم“ .
والِاسْتِئْخارُ والِاسْتِقْدامُ مُبالَغَةٌ في التَّأخُّرِ والتَّقَدُّمِ مِثْلَ: اسْتَجابَ، فالسِّينُ والتّاءُ لِلْمُبالَغَةِ.
وقَدَّمَ الِاسْتِئْخارَ عَلى الِاسْتِقْدامِ إيماءً إلى أنَّهُ مِيعادُ بَأْسٍ وعَذابٍ عَلَيْهِمْ مِن شَأْنِهِ أنْ يَتَمَنَّوْا تَأخُّرَهُ، ويَكُونُ ”ولا تَسْتَقْدِمُونَ“ تَتْمِيمًا لِتَحَقُّقِهِ عِنْدَ وقْتِهِ المُعَيَّنِ في عِلْمِ اللَّهِ.
والسّاعَةُ: حِصَّةٌ مِنَ الزَّمَنِ، وتَنْكِيرُها لِلتَّقْلِيلِ بِمَعُونَةِ المَقامِ.
{"ayahs_start":29,"ayahs":["وَیَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلۡوَعۡدُ إِن كُنتُمۡ صَـٰدِقِینَ","قُل لَّكُم مِّیعَادُ یَوۡمࣲ لَّا تَسۡتَـٔۡخِرُونَ عَنۡهُ سَاعَةࣰ وَلَا تَسۡتَقۡدِمُونَ"],"ayah":"وَیَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلۡوَعۡدُ إِن كُنتُمۡ صَـٰدِقِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











