الباحث القرآني
﴿يَعْلَمُ ما يَلِجُ في الأرْضِ وما يَخْرُجُ مِنها وما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وما يَعْرُجُ فِيها وهْوَ الرَّحِيمُ الغَفُورُ﴾ بَيانٌ لِجُمْلَةِ ﴿وهُوَ الحَكِيمُ الخَبِيرُ﴾ [سبإ: ١] لِأنَّ العِلْمَ بِما ذَكَرَ هُنا هو العِلْمُ بِذَواتِها وخَصائِصِها وأسْبابِها وعِلَلِها وذَلِكَ عَيْنُ الحِكْمَةِ والخِبْرَةِ، فَإنَّ العِلْمَ يَقْتَضِي العَمَلَ، وإتْقانُ العَمَلِ بِالعِلْمِ.
وخَصَّ بِالذِّكْرِ في مُتَعَلِّقِ العِلْمِ ما يَلِجُ وما يَخْرُجُ مِنَ الأرْضِ دُونَ ما يَدِبُّ عَلى سَطْحِها، وما يَنْزِلُ وما يَعْرُجُ إلى السَّماءِ دُونَ ما يَجُولُ في أرْجائِها لِأنَّ ما ذُكِرَ لا يَخْلُو عَنْ أنْ يَكُونَ دابًّا وجائِلًا فِيهِما والَّذِي يَعْلَمُ ما يَلِجُ في الأرْضِ وما يَخْرُجُ مِنها يَعْلَمُ ما يَدِبُّ عَلَيْها وما يَزْحَفُ فَوْقَها، والَّذِي يَعْلَمُ ما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وما يَعْرُجُ يَعْلَمُ ما في الأجْواءِ والفَضاءِ مِنَ الكائِناتِ المَرْئِيَّةِ وغَيْرِها ويَعْلَمُ سَيْرَ الكَواكِبِ ونِظامَها.
والوُلُوجُ: الدُّخُولُ والسُّلُوكُ مِثْلَ وُلُوجِ المَطَرِ في أعْماقِ الأرْضِ ووُلُوجِ الزَّرِيعَةِ. والَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الأرْضِ النَّباتُ والمَعادِنُ والدَّوابُّ المُسْتَكِنَّةُ في بُيُوتِها ومَغاراتِها، وشَمِلَ ذَلِكَ مَن يُقْبَرُونَ في الأرْضِ وأحْوالَهم، والَّذِي يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ: المَطَرُ والثَّلْجُ والرِّياحُ، والَّذِي يَعْرُجُ فِيها ما يَتَصاعَدُ في طَبَقاتِ الجَوِّ مِنَ الرُّطُوباتِ البَحَرِيَّةِ ومِنَ العَواصِفِ التُّرابِيَّةِ، ومِنَ العَناصِرِ الَّتِي تَتَبَخَّرُ في الطَّبَقاتِ الجَوِّيَّةِ فَوْقَ الأرْضِ، وما يَسْبَحُ في الفَضاءِ وما يَطِيرُ في الهَواءِ وعُرُوجِ الأرْواحِ عِنْدَ مُفارَقَةِ الأجْسادِ قالَ تَعالى ﴿تَعْرُجُ المَلائِكَةُ والرُّوحُ إلَيْهِ﴾ [المعارج: ٤] .
واعْلَمْ أنَّ كَلِمَتَيْ (يَلِجُ) و(يَخْرُجُ) أوْضَحُ ما يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ أحْوالِ جَمِيعِ المَوْجُوداتِ الأرْضِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ إلى اتِّصالِها بِالأرْضِ، وأنَّ كَلِمَتَيْ (يَنْزِلُ) و(يَعْرُجُ) أوْضَحُ ما يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ أحْوالِ المَوْجُوداتِ السَّماوِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ إلى اتِّصالِها بِالسَّماءِ، مِن كَلِماتِ اللُّغَةِ الَّتِي تَدُلُّ عَلى المَعانِي المَوْضُوعَةِ لِلدَّلالَةِ عَلَيْها دَلالَةً مُطابِقِيَّةً عَلى (p-١٣٨)الحَقِيقَةِ دُونَ المَجازِ ودُونَ الكِنايَةِ، ولِذَلِكَ لَمْ يَعْطِفِ السَّماءَ عَلى الأرْضِ في الآيَةِ فَلَمْ يَقُلْ: يَعْلَمُ ما يَلِجُ في الأرْضِ والسَّماءِ، وما يَخْرُجُ مِنهُما، ولَمْ يَكْتَفِ بِإحْدى الجُمْلَتَيْنِ عَنِ الأُخْرى. وقَدْ لاحَ لِي أنَّ هَذِهِ الآيَةَ يَنْبَغِي أنْ تُجْعَلَ مِنَ الإنْشاءِ مِثْلَ ما اصْطَلَحَ عَلى تَسْمِيَتِهِ بِصَراحَةِ اللَّفْظِ. ولِذَلِكَ ألْحَقْتُها بِكِتابِي (أصُولُ الإنْشاءِ والخَطابَةِ) بَعْدَ تَفَرُّقِ نُسَخِهِ بِالطَّبْعِ، وسَيَأْتِي نَظِيرُ هَذِهِ في أوَّلِ سُورَةِ الحَدِيدِ.
ولَمّا كانَ مِن جُمْلَةِ أحْوالِ ما في الأرْضِ أعْمالُ النّاسِ وأحْوالُهم مِن عَقائِدَ وسِيَرٍ ومِمّا يَعْرُجُ في السَّماءِ العَمَلُ الصّالِحُ والكَلِمُ الطَّيِّبُ أتْبَعَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ ﴿وهُوَ الرَّحِيمُ الغَفُورُ﴾ أيِ الواسِعُ الرَّحْمَةِ والواسِعُ المَغْفِرَةِ. وهَذا إجْمالٌ قُصِدَ مِنهُ حَثُّ النّاسِ عَلى طَلَبِ أسْبابِ الرَّحْمَةِ والمَغْفِرَةِ المَرْغُوبِ فِيهِما فَإنَّ مَن رَغِبَ في تَحْصِيلِ شَيْءٍ بَحَثَ عَنْ وسائِلِ تَحْصِيلِهِ وسَعى إلَيْها. وفِيهِ تَعْرِيضٌ بِالمُشْرِكِينَ أنْ يَتُوبُوا عَنِ الشِّرْكِ فَيَغْفِرُ لَهم ما قَدَّمُوهُ.
{"ayah":"یَعۡلَمُ مَا یَلِجُ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَمَا یَخۡرُجُ مِنۡهَا وَمَا یَنزِلُ مِنَ ٱلسَّمَاۤءِ وَمَا یَعۡرُجُ فِیهَاۚ وَهُوَ ٱلرَّحِیمُ ٱلۡغَفُورُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق