الباحث القرآني
(p-١٤٠)﴿تِلْكَ آياتُ الكِتابِ الحَكِيمِ﴾ ﴿هُدًى ورَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ﴾ ﴿الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ ويُؤْتُونَ الزَّكاةَ وهم بِالآخِرَةِ هم يُوقِنُونَ﴾ ﴿أُولَئِكَ عَلى هُدًى مِن رَبِّهِمْ وأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ﴾
إذا كانَتْ هَذِهِ السُّورَةُ نَزَلَتْ بِسَبَبِ سُؤالِ قُرَيْشٍ عَنْ لُقْمانَ وابْنِهِ فَهَذِهِ الآياتُ إلى قَوْلِهِ ﴿ولَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الحِكْمَةَ﴾ [لقمان: ١٢] بِمَنزِلَةِ مُقَدِّمَةٍ لِبَيانِ أنَّ مَرْمى القُرْآنِ مِن قَصِّ القِصَّةِ ما فِيها مِن عِلْمٍ وحِكْمَةٍ وهَدًى وأنَّها مَسُوقَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ لا لِلَّذِينَ سَألُوا عَنْها فَكانَ سُؤالُهم نَفْعًا لِلْمُؤْمِنِينَ.
والإشارَةُ بِـ ”تِلْكَ“ إلى ما سَيُذْكَرُ في هَذِهِ السُّورَةِ، فالمُشارُ إلَيْهِ مُقَدَّرٌ في الذِّهْنِ مُتَرَقَّبُ الذِّكْرِ عَلى ما تَقَدَّمَ في قَوْلِهِ ﴿ذَلِكَ الكِتابُ﴾ [البقرة: ٢] في أوَّلِ البَقَرَةِ وفي أوَّلِ سُورَةِ الشُّعَراءِ والنَّمْلِ والقَصَصِ.
و”آياتُ الكِتابِ“ خَبَرٌ عَنِ اسْمِ الإشارَةِ. وفي الإشارَةِ تَنْبِيهٌ عَلى تَعْظِيمِ قَدْرِ تِلْكَ الآياتِ بِما دَلَّ عَلَيْهِ اسْمُ الإشارَةِ مِنَ البُعْدِ المُسْتَعْمَلِ في رِفْعَةِ القَدْرِ، وبِما دَلَّتْ عَلَيْهِ إضافَةُ الآياتِ إلى الكِتابِ المَوْصُوفِ بِأنَّهُ الحَكِيمُ وأنَّهُ هُدًى ورَحْمَةٌ وسَبَبٌ وفَلاحٌ.
والحَكِيمُ: وصْفٌ لِلْكِتابِ بِمَعْنى ذِي الحِكْمَةِ، أيْ لِاشْتِمالِهِ عَلى الحِكْمَةِ. فَوَصْفُ الكِتابِ بِـ (الحَكِيمِ) كَوَصْفِ الرَّجُلِ بِالحَكِيمِ، ولِذَلِكَ قِيلَ: إنَّ الحَكِيمَ اسْتِعارَةٌ مَكْنِيَّةٌ، أوْ بِعِبارَةٍ أرْشَقُ تَشْبِيهٌ بَلِيغٌ بِالرَّجُلِ الحَكِيمِ.
ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ الحَكِيمُ بِمَعْنى المُحْكَمِ بِصِيغَةِ اسْمِ المَفْعُولِ وصَفًا عَلى غَيْرِ قِياسٍ كَقَوْلِهِمْ: عَسَلٌ عَقِيدٌ، لِأنَّهُ أحْكَمُ وأتْقَنُ فَلَيْسَ فِيهِ فُضُولٌ ولا ما لا يُفِيدُ كَمالًا نَفْسانِيًّا.
وفِي وصْفِ الكِتابِ بِهَذا الوَصْفِ بَراعَةُ اسْتِهْلالٍ لِلْغَرَضِ مِن ذِكْرِ حِكْمَةِ لُقْمانَ. وتَقَدَّمَ وصْفُ الكِتابِ بِـ (الحَكِيمِ) في أوَّلِ سُورَةِ يُونُسَ.
وانْتَصَبَ (﴿هُدًى ورَحْمَةً﴾) عَلى الحالِ مِنَ الكِتابِ وهي قِراءَةُ الجُمْهُورِ. وإذا كانَ الكِتابُ مُضافًا إلَيْهِ فَمُسَوِّغُ مَجِيءِ الحالِ مِنَ المُضافِ إلَيْهِ أنَّ الكِتابَ (p-١٤١)أُضِيفَ إلَيْهِ ما هو اسْمُ جُزْئِهِ، أوْ عَلى أنَّهُ حالٌ مِن (آياتُ) . والعامِلُ في الحالِ ما في اسْمِ الإشارَةِ مِن مَعْنى الفِعْلِ.
وقَرَأهُ حَمْزَةُ وحْدَهُ بِرَفْعِ (رَحْمَةٌ) عَلى جَعْلِ (هُدًى) خَبَرًا ثانِيًا عَنِ اسْمِ الإشارَةِ.
ومَعْنى المُحْسِنِينَ: الفاعِلُونَ لِلْحَسَناتِ، وأعْلاها الإيمانُ وإقامُ الصَّلاةِ وإيتاءُ الزَّكاةِ، ولِذَلِكَ خُصِّتْ هَذِهِ الثَّلاثُ بِالذِّكْرِ بَعْدَ إطْلاقِ المُحْسِنِينَ لِأنَّها أفْضَلُ الحَسَناتِ، وإنْ كانَ المُحْسِنُونَ يَأْتُونَ بِها وبِغَيْرِها.
وزِيادَةُ وصْفِ الكِتابِ بِـ (رَحْمَةً) بَعْدَ هُدًى لِأنَّهُ لَمّا كانَ المَقْصِدُ مِن هَذِهِ السُّورَةِ قِصَّةَ لُقْمانَ نَبَّهَ عَلى أنَّ ذِكْرَ القِصَّةِ رَحْمَةٌ لِما تَتَضَمَّنُهُ مِنَ الآدابِ والحِكْمَةِ؛ لِأنَّ في ذَلِكَ زِيادَةً عَلى الهُدى أنَّهُ تَخَلَّقَ بِالحِكْمَةِ ﴿ومَن يُؤْتَ الحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ [البقرة: ٢٦٩] والخَيْرُ الكَثِيرُ: رَحْمَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعالى.
والزَّكاةُ هُنا الصَّدَقَةُ وكانَتْ مَوْكُولَةً إلى هِمَمِ المُسْلِمِينَ غَيْرَ مَضْبُوطَةٍ بِوَقْتٍ ولا بِمِقْدارٍ. وتَقَدَّمَ الكَلامُ عَلى ﴿وهم بِالآخِرَةِ هم يُوقِنُونَ﴾ إلى هُمُ المُفْلِحُونَ في أوَّلِ سُورَةِ البَقَرَةِ.
{"ayahs_start":2,"ayahs":["تِلۡكَ ءَایَـٰتُ ٱلۡكِتَـٰبِ ٱلۡحَكِیمِ","هُدࣰى وَرَحۡمَةࣰ لِّلۡمُحۡسِنِینَ","ٱلَّذِینَ یُقِیمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَیُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُم بِٱلۡـَٔاخِرَةِ هُمۡ یُوقِنُونَ","أُو۟لَـٰۤىِٕكَ عَلَىٰ هُدࣰى مِّن رَّبِّهِمۡۖ وَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ"],"ayah":"تِلۡكَ ءَایَـٰتُ ٱلۡكِتَـٰبِ ٱلۡحَكِیمِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق