الباحث القرآني
﴿وما هَذِهِ الحَياةُ الدُّنْيا إلّا لَهْوٌ ولَعِبٌ وإنَّ الدّارَ الآخِرَةَ لَهْيَ الحَيَوانُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ﴾
هَذا الكَلامُ مُبَلَّغٌ إلى الفَرِيقَيْنِ اللَّذَيْنِ تَضَمَّنَهُما قَوْلُهُ تَعالى: ﴿بَلْ أكْثَرُهم لا يَعْقِلُونَ﴾ [العنكبوت: ٦٣] فَإنَّ عُقَلاءَهم آثَرُوا باطِلَ الدُّنْيا عَلى الحَقِّ الَّذِي وضَحَ لَهم، ودَهْماءَهم لَمْ يَشْعُرُوا بِغَيْرِ أُمُورِ الدُّنْيا، وجَمِيعَهم أنْكَرُوا البَعْثَ، فَأعْقَبَ اللَّهُ ما أوْضَحَهُ لَهم مِنَ الدَّلائِلِ بِأنْ نَبَّهَهم عَلى أنَّ الحَياةَ الدُّنْيا كالخَيالِ، وأنَّ الحَياةَ الثّانِيَةَ هي الحَياةُ الحَقُّ، والمُرادُ بِالحَياةِ ما تَشْتَمِلُ عَلَيْهِ مِنَ الأحْوالِ، وذَلِكَ يَسْرِي إلى الحَياةِ نَفْسِها.
(p-٣١)واللَّهْوُ: ما يَلْهُو بِهِ النّاسُ، أيْ يَشْتَغِلُونَ بِهِ عَنِ الأُمُورِ المُكَدِّرَةِ أوْ يَعْمُرُونَ بِهِ أوْقاتُهُمُ الخَلِيَّةُ عَنِ الأعْمالِ.
واللَّعِبُ: ما يُقْصَدُ بِهِ الهَزْلُ والِانْبِساطُ. وتَقَدَّمُ تَفْسِيرُ اللَّعِبِ واللَّهْوِ ووَجْهُ حَصْرِ الحَياةِ الدُّنْيا فِيهِما عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وما الحَياةُ الدُّنْيا إلّا لَعِبٌ ولَهْوٌ﴾ [الأنعام: ٣٢] في سُورَةِ الأنْعامِ.
والحَصْرُ ادِّعائِيٌّ كَما تَقَدَّمَ.
وقَدْ زادَتْ هَذِهِ الآيَةُ بِتَوْجِيهِ اسْمِ الإشارَةِ إلى الحَياةِ وهي إشارَةُ تَحْقِيرٍ وقِلَّةِ اكْتِراثٍ، كَقَوْلِ قَيْسِ بْنِ الخَطِيمِ مُشِيرًا إلى المَوْتِ:
؎مَتى يَأْتِ هَذا المَوْتُ لا يُلْفِ حاجَةً لِنَفْسِي إلّا قَدْ قَضَيْتُ قَضَـاءَهَـا
ولَمْ تُوَجَّهِ الإشارَةُ إلى الحَياةِ في سُورَةِ الأنْعامِ، ووَجْهُ ذَلِكَ أنَّ هَذِهِ الآيَةَ لَمْ يَتَقَدَّمْ فِيها ما يَقْتَضِي تَحْقِيرُ الحَياةِ، فَجِيءَ بِاسْمِ الإشارَةِ لِإفادَةِ تَحْقِيرِها، وأمّا آيَةُ سُورَةِ الأنْعامِ فَتَقَدَّمَ قَوْلُهُ: ﴿حَتّى إذا جاءَتْهُمُ السّاعَةُ بَغْتَةً قالُوا يا حَسْرَتَنا عَلى ما فَرَّطْنا فِيها﴾ [الأنعام: ٣١] فَذَكَرَ لَهم في تِلْكَ الآيَةِ ما سَيَظْهَرُ لَهم إذا جاءَتْهُمُ السّاعَةُ مِن ذَهابِ حَياتِهِمُ الدُّنْيا سُدًى.
وأمّا تَقْدِيمُ ذِكْرِ اللَّهْوِ هُنا وذِكْرِ اللَّعِبِ في سُورَةِ الأنْعامِ فَلِأنَّ آيَةَ سُورَةِ الأنْعامِ لَمْ تَشْتَمِلْ عَلى اسْمِ إشارَةٍ يُقْصَدُ مِنهُ تَحْقِيرُ الحَياةِ الدُّنْيا، فَكانَ الِابْتِداءُ بِأنَّها لَعِبٌ مُشِيرًا إلى تَحْقِيرِها؛ لِأنَّ اللَّعِبَ أعْرَقُ في قِلَّةِ الجَدْوى مِنَ اللَّهْوِ.
ولَمّا أُشِيرَ في هَذِهِ الآيَةِ إلى الحَياةِ الآخِرَةِ في قَوْلِهِ: فَأحْيا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِها زادَهُ تَصْرِيحًا بِأنَّ الحَياةَ الآخِرَةَ هي الحَياةُ الحَقُّ، فَصِيغَ لَها وزْنُ الفِعْلانِ الَّذِي هو صِيغَةٌ تُنْبِئُ عَنْ مَعْنى التَّحَرُّكِ تَوْضِيحًا لِمَعْنى كَمالِ الحَياةِ بِقَدْرِ المُتَعارَفِ، فَإنَّ التَّحَرُّكَ والِاضْطِرابَ أمارَةٌ عَلى قُوَّةِ الحَيَوِيَّةِ في الشَّيْءِ مِثْلَ الغَلَيانِ واللَّهَبانِ.
وهم قَدْ جَهِلُوا الحَياةَ الآخِرَةَ مِن أصْلِها؛ فَلِذَلِكَ قالَ ﴿لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ﴾ . وجَوابُ ”لَوْ“ مَحْذُوفٌ دَلِيلُهُ ما تَقَدَّمَ، أوْ هو الجَوابُ مُقَدَّمًا.
{"ayah":"وَمَا هَـٰذِهِ ٱلۡحَیَوٰةُ ٱلدُّنۡیَاۤ إِلَّا لَهۡوࣱ وَلَعِبࣱۚ وَإِنَّ ٱلدَّارَ ٱلۡـَٔاخِرَةَ لَهِیَ ٱلۡحَیَوَانُۚ لَوۡ كَانُوا۟ یَعۡلَمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق