الباحث القرآني
(p-٢٧)﴿اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشاءُ مِن عِبادِهِ ويَقْدِرُ لَهُ إنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾
هَذا إلْزامٌ آخَرُ لَهم بِإبْطالِ شِرْكِهِمْ وافْتِضاحِ تَناقِضِهِمْ، فَإنَّهم كانُوا مُعْتَرِفِينَ بِأنَّ الرّازِقَ هو اللَّهُ تَعالى: ﴿قُلْ مَن يَرْزُقُكم مِنَ السَّماءِ والأرْضِ أمْ مَن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأبْصارَ﴾ [يونس: ٣١]، إلى قَوْلِهِ: ﴿فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أفَلا تَتَّقُونَ﴾ [يونس: ٣١] في سُورَةِ يُونُسَ. وإنَّما جاءَ أُسْلُوبُ هَذا الِاسْتِدْلالِ مُخالِفًا لِأُسْلُوبِ الَّذِي قَبْلَهُ والَّذِي بَعْدَهُ، فَعَدَلَ عَنْ تَرْكِيبِ ولَئِنْ سَألْتَهم تَفَنُّنًا في الأسالِيبِ لِتَجْدِيدِ نَشاطِ السّامِعِ.
وأُدْمِجَ في الِاسْتِدْلالِ عَلى انْفِرادِهِ تَعالى بِالرِّزْقِ التَّذْكِيرُ بِأنَّهُ تَعالى يَرْزُقُ عِبادَهُ عَلى حَسَبِ مَشِيئَتِهِ دَلِيلًا عَلى أنَّهُ المُخْتارُ في تَصَرُّفِهِ ولَيْسَ ذَلِكَ عَلى مَقادِيرِ حاجاتِهِمْ ولا عَلى ما يَبْدُو مِنَ الِانْتِفاعِ بِما يُرْزَقُونَهُ.
وبَسْطُ الرِّزْقِ: إكْثارُهُ، وقَدْرُهُ: تَقْلِيلُهُ. والمَقْصُودُ: أنَّهُ الرّازِقُ لِأحْوالِ الرِّزْقِ، وقَدْ تَقَدَّمَ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشاءُ ويَقْدِرُ﴾ [الرعد: ٢٦] في سُورَةِ الرَّعْدِ.
فَجاءَتْ هَذِهِ الآيَةُ عَلى وِزانِ قَوْلِهِ في سُورَةِ الرُّومِ: ﴿أوَلَمْ يَرَوْا أنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشاءُ ويَقْدِرُ إنَّ في ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ [الروم: ٣٧] فَجَمَعَ بَيْنَ ضَمِيرِ المُشْرِكِينَ في أوَّلِها وبَيْنَ كَوْنِ الآياتِ لِلْمُؤْمِنِينَ في آخِرِها.
وتَقْدِيمُ المُسْنَدِ إلَيْهِ عَلى الخَبَرِ الفِعْلِيِّ في قَوْلِهِ: ﴿اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ﴾ لِإفادَةِ الِاخْتِصاصِ، أيْ اللَّهُ لا غَيْرُهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ ويَقْدِرُ.
والتَّعْبِيرُ بِالمُضارِعِ لِإفادَةِ تَجَدُّدِ البَسْطِ والقَدْرِ.
وزِيادَةُ لَهُ بَعْدَ ويَقْدِرُ في هَذِهِ الآيَةِ دُونَ آيَةِ سُورَةِ الرَّعْدِ وآيَةِ القَصَصِ لِلتَّعْرِيضِ بِتَبْصِيرِ المُؤْمِنِينَ الَّذِينَ ابْتُلُوا في أمْوالِهِمْ مِنِ اعْتِداءِ المُشْرِكِينَ عَلَيْها كَما أشارَ إلَيْهِ قَوْلُهُ آنِفًا: ﴿وكَأيِّنْ مِن دابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَها﴾ [العنكبوت: ٦٠] بِأنَّ ذَلِكَ القَدْرَ في الرِّزْقِ هو لَهم لا عَلَيْهِمْ؛ لِما يَنْجَرُّ لَهم مِنهُ مِنَ الثَّوابِ ورَفْعِ الدَّرَجاتِ، فَغُلِّبَ في هَذا الغَرَضِ جانِبُ المُؤْمِنِينَ؛ ولِهَذا لَمْ يُعَدَّ يَقْدِرُ بِحَرْفِ ”عَلى“ كَما هو مُقْتَضى مَعْنى القَدْرِ (p-٢٨)كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ومَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمّا آتاهُ اللَّهُ﴾ [الطلاق: ٧] . وقالَ بَعْضُ المُفَسِّرِينَ: إنَّ المُشْرِكِينَ عَيَّرُوا المُسْلِمِينَ بِالفَقْرِ، وقِيلَ: إنَّ بَعْضَ المُسْلِمِينَ قالُوا: إنْ هاجَرْنا لَمْ نَجِدْ ما نُنْفِقُ.
والضَّمِيرُ المَجْرُورُ بِاللّامِ عائِدٌ إلى مَن يَشاءُ مِن عِبادِهِ بِاعْتِبارِ أنَّ مَن يَشاءُ عامٌّ لَيْسَ بِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ لا سِيَّما وقَدْ بَيَّنَ عُمُومَهُ بِقَوْلِهِ: مِن عِبادِهِ، والمَعْنى: أنَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِفَرِيقٍ ويَقْدِرُ لِفَرِيقٍ.
والتَّذْيِيلُ بِقَوْلِهِ: ﴿إنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ لِإفادَةِ أنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ جارٍ عَلى حِكْمَةٍ لا يَطَّلِعُ عَلَيْها النّاسُ، وأنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ صَبْرَ الصّابِرِينَ وجَزَعَ الجازِعِينَ كَما تَقَدَّمَ في قَوْلِهِ في أوَّلِ السُّورَةِ: ﴿فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا ولَيَعْلَمَنَّ الكاذِبِينَ﴾ [العنكبوت: ٣]، قالَ تَعالى: ﴿لَتُبْلَوُنَّ في أمْوالِكم وأنْفُسِكم ولَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ مِن قَبْلِكم ومِنَ الَّذِينَ أشْرَكُوا أذًى كَثِيرًا وإنْ تَصْبِرُوا وتَتَّقُوا فَإنَّ ذَلِكَ مِن عَزْمِ الأُمُورِ﴾ [آل عمران: ١٨٦] .
{"ayah":"ٱللَّهُ یَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن یَشَاۤءُ مِنۡ عِبَادِهِۦ وَیَقۡدِرُ لَهُۥۤۚ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَیۡءٍ عَلِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق