الباحث القرآني
(p-٢٥١)﴿فَكُلًّا أخَذْنا بِذَنْبِهِ فَمِنهم مَن أرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِبًا ومِنهم مَن أخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ ومِنهم مَن خَسَفْنا بِهِ الأرْضَ ومِنهم مَن أغْرَقْنا وما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهم ولَكِنْ كانُوا أنْفُسَهم يَظْلِمُونَ﴾
أفادَتِ الفاءُ التَّفْرِيعَ عَلى الكَلامِ السّابِقِ؛ لِما اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِن أنَّ الشَّيْطانَ زَيَّنَ لَهم أعْمالَهم ومِنِ اسْتِكْبارِ الآخَرِينَ، أيْ فَكانَ مِن عاقِبَةِ ذَلِكَ أنْ أخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمُ العَظِيمَةِ النّاشِئَةِ عَنْ تَزْيِينِ الشَّيْطانِ لَهم أعْمالَهم وعَنِ اسْتِكْبارِهِمْ في الأرْضِ، ولَيْسَ المُفَرَّعُ هو أخْذُ اللَّهِ إيّاهم بِذُنُوبِهِمْ؛ لِأنَّ ذَلِكَ قَدْ أشْعَرَ بِهِ ما قَبْلَ التَّفْرِيعِ، ولَكِنَّهُ ذُكِرَ لِيُفْضى بِذِكْرِهِ إلى تَفْصِيلِ أنْواعِ أخْذِهِمْ وهو قَوْلُهُ: ﴿فَمِنهم مَن أرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِبًا﴾ إلى آخِرِهِ، فالفاءُ في قَوْلِهِ: ﴿فَمِنهم مَن أرْسَلْنا عَلَيْهِ﴾ . . . إلَخْ لِتَفْرِيعِ ذَلِكَ التَّفْصِيلِ عَلى الإجْمالِ الَّذِي تَقَدَّمَهُ، فَتَحْصُلُ خُصُوصِيَّةُ الإجْمالِ ثُمَّ التَّفْصِيلِ، ولِلدَّلالَةِ عَلى عَظِيمِ تَصَرُّفِ اللَّهِ.
فَأمّا الَّذِينَ أُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حاصِبٌ فَهم عادٌ. والحاصِبُ: الرِّيحُ الشَّدِيدَةُ، سُمِّيَتْ حاصِبًا لِأنَّها تَقْلَعُ الحَصْباءَ مِنَ الأرْضِ. قالَ أبُو وجْزَةَ السَّعْدِيُّ:
؎صَبَبْتُ عَلَيْكم حاصِبِي فَتَرَكْتُكم كَأصْرامِ عادٍ حِينَ جَلَّلَها الرَّمْدُ
فَجَعَلَ الحاصِبَ مِمّا أصابَ عادًا. ولَيْسَ المُرادُ بِهِمْ قَوْمُ لُوطٍ كالَّذِي في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿إنّا أرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِبًا إلّا آلَ لُوطٍ﴾ [القمر: ٣٤]؛ لِأنَّ قَوْمَ لُوطٍ مَرَّ آنِفًا الكَلامُ عَلى عَذابِهِمْ مُفَصَّلًا، فَلا يَدْخُلُونَ في هَذا الإجْمالِ.
والَّذِينَ أخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ هم ثَمُودُ، والَّذِينَ خَسَفَتْ بِهِمُ الأرْضُ هو قارُونُ وأهْلُهُ. وقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ الخَسْفِ في سُورَةِ القَصَصِ. والَّذِينَ أغْرَقَهم: فِرْعَوْنُ وهامانُ ومَن مَعَهُما مِن قَوْمِهِما. وقَدْ جاءَ هَذا عَلى طَرِيقَةِ النَّشْرِ عَلى تَرْتِيبِ اللَّفِّ.
والأخْذُ: الإتْلافُ والإهْلاكُ، شَبَّهَ الإعْدامَ بِالأخْذِ، بِجامِعِ إزالَةِ الشَّيْءِ مِن مَكانِهِ، فاسْتُعِيرَ لَهُ فِعْلُ أخَذْنا. وقَدْ نُفِيَ عَنِ اللَّهِ تَعالى ظُلْمُ هَؤُلاءِ؛ لِأنَّ إيلامَهم كانَ جَزاءً عَلى أعْمالِهِمْ، وكُلُّ ما كانَ مِن نَوْعِ الجَزاءِ يُوصَفُ بِالعَدْلِ، وقَدْ نَفى اللَّهُ عَنْ نَفْسِهِ الوَصْفَ بِالظُّلْمِ، فَوَجَبَ الإيمانُ بِهِ سَمْعًا لا عَقْلًا في مَقامِ الجَزاءِ، وأمّا في (p-٢٥٢)مَقامِ التَّكْوِينِ فَلا. وظُلْمُهم أنْفُسَهم هو تَسَبُّبُهم في عَذابِ أنْفُسِهِمْ فَجَرُّوا إلَيْها العِقابَ؛ لِأنَّ النَّفْسَ أوْلى الأشْياءِ بِرَأْفَةِ صاحِبِها بِها وتَفْكِيرِهِ في أسْبابِ خَيْرِها.
والِاسْتِدْراكُ ناشِئٌ عَنْ نَفْيِ الظُّلْمِ عَنِ اللَّهِ في عِقابِهِمْ؛ لِأنَّهُ يُتَوَهَّمُ مِنهُ انْتِفاءُ مُوجِبِ العِقابِ، فالِاسْتِدْراكُ لِرَفْعِ هَذا التَّوَهُّمِ.
{"ayah":"فَكُلًّا أَخَذۡنَا بِذَنۢبِهِۦۖ فَمِنۡهُم مَّنۡ أَرۡسَلۡنَا عَلَیۡهِ حَاصِبࣰا وَمِنۡهُم مَّنۡ أَخَذَتۡهُ ٱلصَّیۡحَةُ وَمِنۡهُم مَّنۡ خَسَفۡنَا بِهِ ٱلۡأَرۡضَ وَمِنۡهُم مَّنۡ أَغۡرَقۡنَاۚ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِیَظۡلِمَهُمۡ وَلَـٰكِن كَانُوۤا۟ أَنفُسَهُمۡ یَظۡلِمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق