الباحث القرآني
(p-٢٤٨)﴿وعادًا وثَمُودًا وقَدْ تَبَيَّنَ لَكم مِن مَساكِنِهِمْ وزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أعْمالَهم فَصَدَّهم عَنِ السَّبِيلِ وكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ﴾
لَمّا جَرى ذِكْرُ أهْلِ مَدْيَنَ وقَوْمِ لُوطٍ أُكْمِلَتِ القَصَصُ بِالإشارَةِ إلى عادٍ وثَمُودَ، إذْ قَدْ عُرِفَ في القُرْآنِ اقْتِرانُ هَذِهِ الأُمَمِ في نَسَقِ القَصَصِ.
والواوُ عاطِفَةٌ قِصَّةً عَلى قِصَّةٍ.
وانْتِصابُ عادًا يَجُوزُ أنْ يَكُونَ بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ السِّياقُ، تَقْدِيرُهُ: وأهْلَكْنا عادًا؛ لِأنَّ قَوْلَهُ تَعالى آنِفًا: ﴿فَأخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ﴾ [العنكبوت: ٣٧] يَدُلُّ عَلى مَعْنى الإهْلاكِ، قالَهُ الزَّجاجُ وتَبِعَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ. ومَعْلُومٌ أنَّهُ إهْلاكٌ خاصٌّ مِن بَطْشِ اللَّهِ تَعالى، فَظَهَرَ تَقْدِيرُ: وأهْلَكْنا عادًا.
ويَجُوزُ أنْ يُقَدَّرُ فِعْلُ واذْكُرْ كَما هو ظاهِرٌ ومُقَدَّرٌ في كَثِيرٍ مِن قَصَصِ القُرْآنِ.
ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلى ضَمِيرِ ﴿فَأخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ﴾ [العنكبوت: ٣٧] والتَّقْدِيرُ: وأخَذَتْ عادًا وثَمُودًا. وعَنِ الكِسائِيِّ أنَّهُ مَنصُوبٌ بِالعَطْفِ عَلى ﴿الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ﴾ [العنكبوت: ٣] مِن قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ولَقَدْ فَتَنّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ﴾ [العنكبوت: ٣] . وهَذا بَعِيدٌ؛ لِطُولِ بُعْدِ المَعْطُوفِ عَلَيْهِ. والأظْهَرُ أنْ نَجْعَلَهُ مَنصُوبًا بِفِعْلٍ تَقْدِيرُهُ وأخَذْنا، يُفَسِّرُهُ قَوْلُهُ: ﴿فَكُلًّا أخَذْنا بِذَنْبِهِ﴾ [العنكبوت: ٤٠]؛ لِأنَّ كُلًّا اسْمٌ يَعُمُّ المَذْكُورِينَ، فَلَمّا جاءَ مُنْتَصِبًا بِـ أخَذْنا تَعَيَّنَ أنَّ ما قَبْلَهُ مَنصُوبٌ بِمِثْلِهِ، وتَنْوِينُ العِوَضِ الَّذِي لَحِقَ كُلًّا هو الرّابِطُ، وأصْلُ نَسْجِ الكَلامِ: وعادًا وثَمُودًا وقارُونَ وفِرْعَوْنَ إلَخْ. . . كُلُّهم أخَذْنا بِذَنْبِهِ.
وجُمْلَةُ ﴿وقَدْ تَبَيَّنَ لَكم مِن مَساكِنِهِمْ﴾ في مَوْضِعِ الحالِ أوْ هي مُعْتَرِضَةٌ. والمَعْنى: تَبَيَّنَ لَكم مِن مُشاهَدَةِ مَساكِنِهِمْ أنَّهم كانُوا فِيها، فَأُهْلِكُوا عَنْ بَكْرَةِ أبِيهِمْ.
ومَساكِنُ عادٍ وثَمُودَ مَعْرُوفَةٌ عِنْدَ العَرَبِ، ومَنقُولَةٌ بَيْنَهم أخْبارُها وأحْوالُها، ويَمُرُّونَ عَلَيْها في أسْفارِهِمْ إلى اليَمَنِ وإلى الشّامِ.
(p-٢٤٩)والضَّمِيرُ المُسْتَتِرُ في ”تَبَيَّنَ“ عائِدٌ عَلى المَصْدَرِ المَأْخُوذِ مِنَ الفِعْلِ المُقَدَّرِ، أيْ يَتَبَيَّنُ لَكم إهْلاكُهم أوْ أخْذُنا إيّاهم.
وجُمْلَةُ ﴿وزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أعْمالَهُمْ﴾ مَعْطُوفَةٌ عَلى جُمْلَةِ ”وعادًا وثَمُودًا“ .
والتَّزْيِينُ: التَّحْسِينُ. والمُرادُ: زَيَّنَ لَهم أعْمالَهُمُ الشَّنِيعَةَ فَأوْهَمَهم بِوَسْوَسَتِهِ أنَّها حَسَنَةٌ. وقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿كَذَلِكَ زَيَّنّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ﴾ [الأنعام: ١٠٨] في سُورَةِ الأنْعامِ.
والصَّدُّ: المَنعُ عَنْ عَمَلٍ، والسَّبِيلُ: هُنا ما يُوَصِّلُ إلى المَطْلُوبِ الحَقِّ وهو السَّعادَةُ الدّائِمَةُ، فَإنَّ الشَّيْطانَ بِتَسْوِيلِهِ لَهم كُفْرَهم قَدْ حَرَمَهم مِنَ السَّعادَةِ الأُخْرَوِيَّةِ، فَكَأنَّهُ مَنَعَهم مِن سُلُوكِ طَرِيقٍ يُبَلِّغُهم إلى المَقَرِّ النّافِعِ.
والِاسْتِبْصارُ: البَصارَةُ بِالأُمُورِ، والسِّينُ والتّاءُ لِلتَّأْكِيدِ مِثْلَ: اسْتَجابَ واسْتَمْسَكَ واسْتَكْبَرَ، والمَعْنى: أنَّهم كانُوا أهْلَ بَصائِرَ، أيْ عُقُولٍ، فَلا عُذْرَ لَهم في صَدِّهِمْ عَنِ السَّبِيلِ. وفي هَذِهِ الجُمْلَةِ اقْتِضاءٌ أنَّ ضَلالَ عادٍ كانَ ضَلالًا ناشِئًا عَنْ فَسادِ اعْتِقادِهِمْ وكُفْرِهِمُ المُتَأصِّلِ فِيهِمْ والمَوْرُوثِ عَنْ آبائِهِمْ، وأنَّهم لَمْ يَنْجُوا مِن عَذابِ اللَّهِ؛ لِأنَّهم كانُوا يَسْتَطِيعُونَ النَّظَرَ في دَلائِلِ الوَحْدانِيَّةِ وصِدْقِ رُسُلِهِمْ.
{"ayah":"وَعَادࣰا وَثَمُودَا۟ وَقَد تَّبَیَّنَ لَكُم مِّن مَّسَـٰكِنِهِمۡۖ وَزَیَّنَ لَهُمُ ٱلشَّیۡطَـٰنُ أَعۡمَـٰلَهُمۡ فَصَدَّهُمۡ عَنِ ٱلسَّبِیلِ وَكَانُوا۟ مُسۡتَبۡصِرِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق