الباحث القرآني
﴿فَلَمّا جاءَهُمُ الحَقُّ مِن عِنْدِنا قالُوا لَوْلا أُوتِيَ مِثْلَ ما أُوتِيَ مُوسى أوَلَمْ يَكْفُرُوا بِما أُوتِيَ مُوسى مِن قَبْلُ قالُوا ساحِرانِ تَظاهَرا وقالُوا إنّا بِكُلٍّ كافِرُونَ﴾ ”الفاءُ فَصِيحَةٌ كالفاءِ في قَوْلِ عَبّاسِ بْنِ الأحْنَفِ:
؎قالُوا خُراسانُ أقْصى ما يُرادُ بِنا ثُمَّ القُفُولُ فَقَدْ جِئْنا خُراسانا
وتَقْدِيرُ الكَلامِ: فَإنْ كانَ مِن مَعْذِرَتِهِمْ أنْ يَقُولُوا ذَلِكَ فَقَدْ أرْسَلْنا إلَيْهِمْ رَسُولًا بِالحَقِّ ﴿فَلَمّا جاءَهُمُ الحَقُّ﴾ لَفَّقُوا المَعاذِيرَ وقالُوا: لا نُؤْمِنُ بِهِ حَتّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ مُوسى.
والحَقُّ: هو ما في القُرْآنِ مِنَ الهُدى.
وإثْباتُ المَجِيءِ إلَيْهِ اسْتِعارَةٌ بِتَشْبِيهِ الحَقِّ بِشَخْصٍ وتَشْبِيهِ سَماعِهِ بِمَجِيءِ الشَّخْصِ، أوْ هو مَجازٌ عَقْلِيٌّ وإنَّما الجائِي الرَّسُولُ الَّذِي يُبَلِّغُهُ عَنِ اللَّهِ، فَعَبَّرَ عَنْهُ بِالحَقِّ لِإدْماجِ الثَّناءِ عَلَيْهِ في ضِمْنِ الكَلامِ.
ولَمّا بَهَرَتْهم آياتُ الرَّسُولِ ﷺ لَمْ يَجِدُوا مِنَ المَعاذِيرِ إلّا ما لَقَّنَهُمُ اليَهُودُ وهو أنْ يَقُولُوا: ﴿لَوْلا أُوتِيَ مِثْلَ ما أُوتِيَ مُوسى﴾، أيْ بِأنْ تَكُونَ آياتُهُ مِثْلَ آياتِ مُوسى الَّتِي يَقُصُّها عَلَيْهِمُ اليَهُودُ وقَصَّ بَعْضَها القُرْآنُ.
وضَمِيرُ يَكْفُرُوا عائِدٌ إلى القَوْمِ مِن قَوْلِهِ لِتُنْذِرَ قَوْمًا لِتَتَناسَقَ الضَّمائِرُ مِن قَوْلِهِ لَوْلا أنْ تُصِيبَهم وما بَعْدَهُ مِنَ الضَّمائِرِ أمْثالُهُ.
فَيُشْكِلُ عَلَيْهِ أنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِما أُوتِيَ مُوسى هم قَوْمُ فِرْعَوْنَ دُونَ مُشْرِكِي العَرَبِ (p-١٣٨)فَقالَ بَعْضُ المُفَسِّرِينَ: هَذا مِن إلْزامِ المُماثِلِ بِفِعْلٍ مَثِيلِهِ؛ لِأنَّ الإشْراكَ يَجْمَعُ الفَرِيقَيْنِ فَتَكُونُ أُصُولُ تَفْكِيرِهِمْ واحِدَةً ويِتَّحِدُ بُهْتانُهم، فَإنَّ القِبْطَ أقْدَمُ مِنهم في دِينِ الشِّرْكِ فَهم أُصُولُهم فِيهِ، والفَرْعُ يَتْبَعُ أصْلَهُ، ويَقُولُ بُقُولِهِ، كَما قالَ تَعالى ﴿كَذَلِكَ ما أتى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ مِن رَسُولٍ إلّا قالُوا ساحِرٌ أوْ مَجْنُونٌ﴾ [الذاريات: ٥٢] ﴿أتَواصَوْا بِهِ بَلْ هم قَوْمٌ طاغُونَ﴾ [الذاريات: ٥٣] أيْ مُتَماثِلُونَ في سَبَبِ الكُفْرِ والطُّغْيانِ فَلا يَحْتاجُ بَعْضُهم إلى وصِيَّةِ بَعْضٍ بِأُصُولِ الكُفْرِ. وهَذا مِثْلُ قَوْلِهِ تَعالى﴿غُلِبَتِ الرُّومُ﴾ [الروم: ٢] ﴿فِي أدْنى الأرْضِ وهم مِن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ﴾ [الروم: ٣] ثُمَّ قالَ ﴿ويَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ المُؤْمِنُونَ﴾ [الروم: ٤] ﴿بِنَصْرِ اللَّهِ﴾ [الروم: ٥] أيْ بِنَصْرِ اللَّهِ إيّاهم إذْ نَصَرَ المُماثِلِينَ في كَوْنِهِمْ غَيْرَ مُشْرِكِينَ إذْ كانَ الرُّومُ يَوْمَئِذٍ عَلى دِينِ المَسِيحِ.
فَقَوْلُهم ﴿لَوْلا أُوتِيَ مِثْلَ ما أُوتِيَ مُوسى﴾ مِن بابِ التَّسْلِيمِ الجَدَلِيِّ، أوْ مِنِ اضْطِرابِهِمْ في كُفْرِهِمْ فَمَرَّةً يَكُونُونَ مُعَطِّلِينَ، ومَرَّةً يَكُونُونَ مُشْتَرِطِينَ. والوَجْهُ أنَّ المُشْرِكِينَ كانُوا يَجْحَدُونَ رِسالَةَ الرُّسُلِ قاطِبَةً. وكَذَلِكَ حِكايَةُ قَوْلِهِمْ“ ﴿ساحِرانِ تَظاهَرا﴾ ”مِن قَوْلِ مُشْرِكِي مَكَّةَ في مُوسى وهارُونَ لَمّا سَمِعُوا قِصَّتَهُما أوْ في مُوسى ومُحَمَّدٍ عَلَيْهِما الصَّلاةُ والسَّلامُ. وهو الأظْهَرُ، وهو الَّذِي يَلْتَئِمُ مَعَ قَوْلِهِ بَعْدَهُ ﴿وقالُوا إنّا بِكُلٍّ كافِرُونَ﴾ ﴿قُلْ فَأْتُوا بِكِتابٍ مِن عِنْدِ اللَّهِ هو أهْدى مِنهُما﴾ [القصص: ٤٩] .
وقَرَأ الجُمْهُورُ (ساحِرانِ) تَثْنِيَةَ ساحِرٍ. وقَرَأ عاصِمٌ وحَمْزَةُ والكِسائِيُّ وخَلَفٌ (قالُوا سِحْرانِ) عَلى أنَّهُ مِنَ الإخْبارِ بِالمَصْدَرِ لِلْمُبالَغَةِ، أيْ قالُوا: هُما ذَوا سِحْرٍ.
والتَّظاهُرُ: التَّعاوُنُ.
والتَّنْوِينُ في“ بِكُلٍّ " تَنْوِينُ عِوَضٍ عَنِ المُضافِ إلَيْهِ فَيُقَدَّرُ المُضافُ إلَيْهِ بِحَسَبِ الِاحْتِمالَيْنِ إمّا بِكُلٍّ مِنَ السّاحِرَيْنِ، وإمّا أنْ يُقَدَّرَ بِكُلِّ مَنِ ادَّعى رِسالَةً، وهو أنْسَبُ بُقُولِ قُرَيْشٍ؛ لِأنَّهم قالُوا ﴿ما أنْزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ مِن شَيْءٍ﴾ [الأنعام: ٩١] .
{"ayah":"فَلَمَّا جَاۤءَهُمُ ٱلۡحَقُّ مِنۡ عِندِنَا قَالُوا۟ لَوۡلَاۤ أُوتِیَ مِثۡلَ مَاۤ أُوتِیَ مُوسَىٰۤۚ أَوَلَمۡ یَكۡفُرُوا۟ بِمَاۤ أُوتِیَ مُوسَىٰ مِن قَبۡلُۖ قَالُوا۟ سِحۡرَانِ تَظَـٰهَرَا وَقَالُوۤا۟ إِنَّا بِكُلࣲّ كَـٰفِرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق