الباحث القرآني
﴿ويَوْمَ يُنْفَخُ في الصُّورِ فَفَزِعَ مَن في السَّماواتِ ومَن في الأرْضِ إلّا مَن شاءَ اللَّهُ وكُلٌّ ءاتُوهُ داخِرِينَ﴾ عَطْفٌ عَلى ﴿ويَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا﴾ [النمل: ٨٣]، عادَ بِهِ السِّياقُ إلى المَوْعِظَةِ والوَعِيدِ فَإنَّهم لَمّا ذُكِّرُوا بِيَوْمِ الحَشْرِ إلى النّارِ ذُكِّرُوا أيْضًا بِما قَبْلَ ذَلِكَ وهو يَوْمُ النَّفْخِ في الصُّورِ، تَسْجِيلًا عَلَيْهِمْ بِإثْباتِ وُقُوعِ البَعْثِ وإنْذارٍ بِما يَعْقُبُهُ مِمّا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ ”آتُوهُ داخِرِينَ“ وقَوْلُهُ ﴿فَفَزِعَ مَن في السَّماواتِ ومَن في الأرْضِ إلّا مَن شاءَ اللَّهُ﴾ .
(p-٤٦)والنَّفْخُ في الصُّورِ تَقَدَّمَ في قَوْلِهِ ﴿ولَهُ المُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ في الصُّورِ﴾ [الأنعام: ٧٣] في سُورَةِ الأنْعامِ وهو تَقْرِيبٌ لِكَيْفِيَّةِ صُدُورِ الأمْرِ التَّكْوِينِيِّ لِإحْياءِ الأمْواتِ وهو النَّفْخَةُ الثّانِيَةُ المَذْكُورَةُ في قَوْلِهِ تَعالى ﴿ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإذا هم قِيامٌ يَنْظُرُونَ﴾ [الزمر: ٦٨]، وذَلِكَ هو يَوْمُ الحِسابِ. وأمّا النَّفْخَةُ الأُولى فَهي نَفْخَةٌ يَعْنِي بِها الإحْياءَ، أيْ نَفْخَ الأرْواحِ في أجْسامِها وهي ساعَةُ انْقِضاءِ الحَياةِ الدُّنْيا فَهم يُصْعَقُونَ، ولِهَذا فُرِّعَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ ﴿فَفَزِعَ مَن في السَّماواتِ ومَن في الأرْضِ﴾، أيْ عَقِبَهُ حُصُولُ الفَزَعِ وهو الخَوْفُ مِن عاقِبَةِ الحِسابِ ومُشاهَدَةِ مُعَدّاتِ العَذابِ، فَكُلُّ أحَدٍ يَخْشى أنْ يَكُونَ مُعَذَّبًا، فالفَزَعُ حاصِلٌ مِمّا بَعْدَ النَّفْخَةِ ولَيْسَ هو فَزَعًا مِنَ النَّفْخَةِ؛ لِأنَّ النّاسَ حِينَ النَّفْخَةِ أمْواتٌ.
والِاسْتِثْناءُ مُجْمَلٌ يُبَيِّنُهُ قَوْلُهُ تَعالى بَعْدُ ”﴿مَن جاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنها وهم مِن فَزَعِ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ﴾ [النمل: ٨٩]“ وقَوْلُهُ ﴿إنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهم مِنّا الحُسْنى﴾ [الأنبياء: ١٠١] إلى قَوْلِهِ ﴿لا يَحْزُنُهُمُ الفَزَعُ الأكْبَرُ﴾ [الأنبياء: ١٠٣] وذَلِكَ بِأنْ يُبادِرَهُمُ المَلائِكَةُ بِالبِشارَةِ. قالَ تَعالى ﴿وتَتَلَقّاهُمُ المَلائِكَةُ هَذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾ [الأنبياء: ١٠٣] وقالَ ﴿لَهُمُ البُشْرى في الحَياةِ الدُّنْيا وفي الآخِرَةِ﴾ [يونس: ٦٤] .
وجِيءَ بِصِيغَةِ الماضِي في قَوْلِهِ ”فَفَزِعَ“ مَعَ أنَّ النَّفْخَ مُسْتَقْبَلٌ، لِإشْعارٍ بِتَحَقُّقِ الفَزَعِ وأنَّهُ واقِعٌ لا مَحالَةَ كَقَوْلِهِ ﴿أتى أمْرُ اللَّهِ﴾ [النحل: ١]؛ لِأنَّ المُضِيَّ يَسْتَلْزِمُ التَّحَقُّقَ فَصِيغَةُ الماضِي كِنايَةٌ عَنِ التَّحَقُّقِ، وقَرِينَةُ الِاسْتِقْبالِ ظاهِرَةٌ مِنَ المُضارِعِ في قَوْلِهِ ”يُنْفَخُ“ .
والدّاخِرُونَ: الصّاغِرُونَ. أيِ الأذِلّاءُ، يُقالُ: دَخَرَ بِوَزْنِ مَنَعَ وفَرِحَ والمَصْدَرُ الدَّخَرُ بِالتَّحْرِيكِ والدُّخُورُ.
وضَمِيرُ الغَيْبَةِ الظّاهِرُ في ”آتُوهُ“ عائِدٌ إلى اسْمِ الجَلالَةِ، والإتْيانُ إلى اللَّهِ الإحْضارُ في مَكانِ قَضائِهِ ويَجُوزُ أنْ يَعُودَ الضَّمِيرُ عَلى ﴿يَوْمَ يُنْفَخُ في الصُّورِ﴾ عَلى تَقْدِيرِ: آتُونَ فِيهِ والمُضافُ إلَيْهِ ”كُلٌّ“ المُعَوَّضُ عَنْهُ التَّنْوِينُ، تَقْدِيرُهُ: مَن فَزِعَ مِمَّنْ في السَّماواتِ والأرْضِ آتُوهُ داخِرِينَ. وأمّا مَنِ اسْتَثْنى اللَّهُ بِأنَّهُ شاءَ أنْ لا يَفْزَعُوا فَهم لا يَرْهَقُ وُجُوهَهم قَتَرٌ ولا ذِلَّةٌ.
وقَرَأ الجُمْهُورُ (آتُوهُ) بِصِيغَةِ اسْمِ الفاعِلِ مِن أتى. وقَرَأ حَمْزَةُ وحَفْصٌ (p-٤٧)أتَوْهُ بِصِيغَةِ فِعْلِ الماضِي فَهو كَقَوْلِهِ ”فَفَزِعَ“ .
{"ayah":"وَیَوۡمَ یُنفَخُ فِی ٱلصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَمَن فِی ٱلۡأَرۡضِ إِلَّا مَن شَاۤءَ ٱللَّهُۚ وَكُلٌّ أَتَوۡهُ دَ ٰخِرِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق