الباحث القرآني
(p-٢٣٩)﴿وحُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الجِنِّ والإنْسِ والطَّيْرِ فَهم يُوزَعُونَ﴾ .
وهَبَ اللَّهُ سُلَيْمانَ قُوَّةً مِن قُوى النُّبُوءَةِ يُدْرِكُ بِها مِن أحْوالِ الأرْواحِ والمُجَرَّداتِ كَما يُدْرِكُ مَنطِقَ الطَّيْرِ ودَلالَةَ النَّمْلِ ونَحْوَها. ويَزَعُ تِلْكَ المَوْجُوداتِ بِها فَيُوزَعُونَ تَسْخِيرًا كَما سَخَّرَ بَعْضَ العَناصِرِ لِبَعْضٍ في الكِيمْياءِ والكَهْرَبائِيَّةِ. وقَدْ وهَبَ اللَّهُ هَذِهِ القُوَّةَ مُحَمَّدًا ﷺ، فَصَرَفَ إلَيْهِ نَفَرًا مِنَ الجِنِّ يَسْتَمِعُونَ القُرْآنَ، ويُخاطِبُونَهُ. وإنَّما أمْسَكَ رَسُولُ اللَّهِ عَنْ أنْ يَتَصَرَّفَ فِيها ويَزَعَها كَرامَةً لِأخِيهِ سُلَيْمانَ إذْ سَألَ اللَّهَ مُلْكًا لا يَنْبَغِي لِأحَدٍ مِن بَعْدِهِ فَلَمْ يَتَصَرَّفْ فِيها النَّبِيءُ ﷺ مَعَ المُكْنَةِ مِن ذَلِكَ؛ لِأنَّ اللَّهَ مَحَّضَهُ لِما هو أهَمُّ وأعْلى فَنالَ بِذَلِكَ فَضْلًا مِثْلَ فَضْلِ سُلَيْمانَ، ورَجَّحَ بِإعْراضِهِ عَنِ التَّصَرُّفِ تَبْرِيرًا لِدَعْوَةِ أخِيهِ في النُّبُوءَةِ؛ لِأنَّ جانِبَ النُّبُوءَةِ في رَسُولِ اللَّهِ أقْوى مِن جانِبِ المُلْكِ، كَما قالَ لِلرَّجُلِ الَّذِي رُعِدَ حِينَ مَثُلَ بَيْنَ يَدَيْهِ: إنِّي لَسْتُ بِمَلِكٍ ولا جَبّارٍ. وقَدْ ورَدَ في الحَدِيثِ: «أنَّهُ خُيِّرَ بَيْنَ أنْ يَكُونَ نَبِيئًا عَبْدًا أوْ نَبِيئًا مَلِكًا فاخْتارَ أنْ يَكُونَ نَبِيئًا عَبْدًا»، فَرُتْبَةُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ رُتْبَةُ التَّشْرِيعِ وهي أعْظَمُ مِن رُتْبَةِ المُلْكِ وسُلَيْمانُ لَمْ يَكُنْ مُشَرِّعًا؛ لِأنَّهُ لَيْسَ بِرَسُولٍ، فَوَهَبَهُ اللَّهُ مُلْكًا يَتَصَرَّفُ بِهِ في السِّياسَةِ، وهَذِهِ المَراتِبُ يَنْدَرِجُ بَعْضُها فِيما هو أعْلى مِنهُ فَهو لَيْسَ بِمَلِكٍ، وهو يَتَصَرَّفُ في الأُمَّةِ تَصَرُّفَ المُلُوكِ تَصَرُّفًا بَرِيئًا مِمّا يَقْتَضِيهِ المُلْكُ مِنَ الزُّخْرُفِ والأُبَّهَةِ كَما بَيَّنّاهُ في كِتابِ النَّقْدِ عَلى كِتابِ الشَّيْخِ عَلِيٍّ عَبْدِ الرّازِقِ المِصْرِيِّ الَّذِي سَمّاهُ الإسْلامَ وأُصُولَ الحُكْمِ.
والحَشْرُ: الجَمْعُ. والمَعْنى: أنَّ جُنُودَهُ كانَتْ مُحْضَرَةً في حَضْرَتِهِ مُسْخَرَةً لِأمْرِهِ حِينَ هو.
والجُنُودُ: جَمْعُ جُنْدٍ، وهو الطّائِفَةُ الَّتِي لَها عَمَلٌ مُتَّحِدٌ تُسَخَّرُ لَهُ. وغَلَبَ إطْلاقُ الجُنْدِ عَلى طائِفَةٍ مِنَ النّاسِ يُعِدُّها المَلِكُ لِقِتالِ العَدُوِّ ولِحِراسَةِ البِلادِ.
(p-٢٤٠)وقَوْلُهُ: ﴿مِنَ الجِنِّ والإنْسِ والطَّيْرِ﴾ بَيانٌ لِلْجُنُودِ فَهي ثَلاثَةُ أصْنافٍ: صِنْفُ الجِنِّ وهو لِتَوْجِيهِ القُوى الخَفِيَّةِ، والتَّأْثِيرِ في الأُمُورِ ا لرُّوحِيَّةِ. وصِنْفُ الإنْسِ وهو جُنُودُ تَنْفِيذِ أوامِرِهِ ومُحارَبَةِ العَدُوِّ وحِراسَةِ المَمْلَكَةِ، وصِنْفُ الطَّيْرِ وهو مِن تَمامِ الجُنْدِ لِتَوْجِيهِ الأخْبارِ وتَلَقِّيها وتَوْجِيهِ الرَّسائِلِ إلى قُوّادِهِ وأُمَرائِهِ. واقْتَصَرَ عَلى الجِنِّ والطَّيْرِ لِغَرابَةِ كَوْنِهِما مِنَ الجُنُودِ، فَلِذَلِكَ لَمْ يَذْكُرِ الخَيْلَ وهي مِنَ الجَيْشِ.
والوَزْعُ: الكَفُّ عَمّا لا يُرادُ، فَشَمَلَ الأمْرَ والنَّهْيَ، أيْ: فَهم يُؤْمَرُونَ فَيَأْتَمِرُونَ ويُنْهَوْنَ فَيَنْتَهُونَ فَقَدْ سَخَّرَ اللَّهُ لَهُ الرَّعِيَّةَ كُلَّها.
والفاءُ لِلتَّفْرِيعِ عَلى مَعْنى حُشِرَ؛ لِأنَّ الحَشْرَ إنَّما يُرادُ لِذَلِكَ.
وفِي الآيَةِ إشارَةٌ إلى أنَّ جَمْعَ الجُنُودِ وتَدْرِيبِها مِن واجِباتِ المُلُوكِ لِيَكُونَ الجُنُودُ مُتَعَهِّدِينَ لِأحْوالِهِمْ وحاجاتِهِمْ لِيَشْعُرُوا بِما يَنْقُصُهم ويَتَذَكَّرُوا ما قَدْ يَنْسَوْنَهُ عِنْدَ تَشَوُّشِ الأذْهانِ عِنْدَ القِتالِ وعِنْدَ النَّفِيرِ.
{"ayah":"وَحُشِرَ لِسُلَیۡمَـٰنَ جُنُودُهُۥ مِنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ وَٱلطَّیۡرِ فَهُمۡ یُوزَعُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق