الباحث القرآني

﴿قالُوا لا ضَيْرَ إنّا إلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ﴾ ﴿إنّا نَطْمَعُ أنْ يَغْفِرَ لَنا رَبُّنا خَطايانا أنْ كُنّا أوَّلَ المُؤْمِنِينَ﴾ . الضَّيْرُ: مُرادِفُ الضُّرِّ، يُقالُ: ضارَهُ بِتَخْفِيفِ الرّاءِ يَضِيرُهُ، ومَعْنى (لا ضَيْرَ) لا يَضُرُّنا وعِيدُكَ. ومَعْنى نَفْيِ ضُرِّهِ هُنا: أنَّهُ ضُرُّ لَحْظَةٍ يَحْصُلُ عَقِبَهُ النَّعِيمُ الدّائِمُ فَهو بِالنِّسْبَةِ لِما تَعَقَّبَهُ بِمَنزِلَةِ العَدَمِ. وهَذِهِ طَرِيقَةٌ في النَّفْيِ إذا قامَتْ عَلَيْها قَرِينَةٌ. ومِنهُ قَوْلُهم: هَذا لَيْسَ بِشَيْءٍ، أيْ لَيْسَ بِمَوْجُودٍ وإنَّما المَقْصُودُ أنَّ وُجُودَهُ كالعَدَمِ. وجُمْلَةُ (﴿إنّا إلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ﴾) تَعْلِيلٌ لِنَفْيِ الضَّيْرِ، وهي القَرِينَةُ عَلى المُرادِ مِنَ النَّفْيِ. والِانْقِلابُ: الرُّجُوعُ، وتَقَدَّمَ في سُورَةِ الأعْرافِ. وجُمْلَةُ (﴿إنّا نَطْمَعُ أنْ يَغْفِرَ لَنا رَبُّنا خَطايانا﴾) بَيانٌ لِلْمَقْصُودِ مِن جُمْلَةِ (﴿إنّا إلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ﴾) . والطَّمَعُ: يُطْلَقُ عَلى الظَّنِّ الضَّعِيفِ، وعُرِفَ بِطَلَبِ ما فِيهِ (p-١٢٩)عُسْرٌ. ويُطْلَقُ ويُرادُ بِهِ الظَّنُّ كَما في قَوْلِ إبْراهِيمَ: (﴿والَّذِي أطْمَعُ أنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ﴾ [الشعراء: ٨٢])، فَهَذا الإطْلاقُ تَأدُّبٌ مَعَ اللَّهِ؛ لِأنَّهُ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ. وعَلَّلُوا ذَلِكَ الطَّمَعَ بِأنَّهم كانُوا أوَّلَ المُؤْمِنِينَ بِاللَّهِ بِتَصْدِيقِ مُوسى - عَلَيْهِ السَّلامُ، وفي هَذا دَلالَةٌ عَلى رُسُوخِ إيمانِهِمْ بِاللَّهِ ووَعْدِهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب