الباحث القرآني
﴿قالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ المُخْرَجِينَ﴾ ﴿قالَ إنِّي لِعَمَلِكم مِنَ القالِينَ﴾ ﴿رَبِّ نَجِّنِي وأهْلِي مِمّا يَعْمَلُونَ﴾ ﴿فَنَجَّيْناهُ وأهْلَهُ أجْمَعِينَ﴾ ﴿إلّا عَجُوزًا في الغابِرِينَ﴾ ﴿ثُمَّ دَمَّرْنا الآخَرِينَ﴾ ﴿وأمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَساءَ مَطَرُ المُنْذَرِينَ﴾ .
قَوْلُهم كَقَوْلِ قَوْمِ نُوحٍ لِنُوحٍ إلّا أنَّ هَؤُلاءِ قالُوا: (﴿لَتَكُونَنَّ مِنَ المُخْرَجِينَ﴾) فَهَدَّدُوهُ بِالإخْراجِ مِن مَدِينَتِهِمْ؛ لِأنَّهُ كانَ مِن غَيْرِ أهْلِ المَدِينَةِ بَلْ كانَ مُهاجِرًا بَيْنَهم ولَهُ صِهْرٌ فِيهِمْ.
وصِيغَةُ (مِنَ المُخْرِجِينَ) أبْلَغُ مِن: لَنُخْرِجِنَّكَ، كَما تَقَدَّمَ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿لَتَكُونَنَّ مِنَ المَرْجُومِينَ﴾ [الشعراء: ١١٦] . وكانَ جَوابُ لُوطٍ عَلى وعِيدِهِمْ جَوابُ مُسْتَخِفٍّ بِوَعِيدِهِمْ إذْ أعادَ الإنْكارَ ﴿قالَ إنِّي لِعَمَلِكم مِنَ القالِينَ﴾ أيْ: مِنَ المُبْغِضِينَ. وقَوْلُهُ: (مِنَ القالِينَ) أبْلَغُ في الوَصْفِ مِن أنْ يَقُولَ: إنِّي لِعَمَلِكم قالٍ، كَما تَقَدَّمَ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿قالَ أعُوذُ بِاللَّهِ أنْ أكُونَ مِنَ الجاهِلِينَ﴾ [البقرة: ٦٧] في سُورَةِ البَقَرَةِ. وذَلِكَ أكْمَلُ في الجِناسِ؛ لِأنَّهُ يَكُونُ جِناسًا تامًّا فَقَدْ حَصَلَ بَيْنَ (قالٍ) وبَيْنَ (القالِينَ) جِناسٌ مُذَيَّلٌ ويُسَمّى مُطَرَّفًا.
(p-١٨١)وأقْبَلَ عَلى الدُّعاءِ إلى اللَّهِ أنْ يُنْجِيَهُ وأهْلَهُ مِمّا يَعْمَلُ قَوْمُهُ، أيْ: مِن عَذابِ ما يَعْمَلُونَهُ فَلا بُدَّ مِن تَقْدِيرِ مُضافٍ كَما دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ (فَنَجَّيْناهُ) . ولا يَحْسُنُ جَعْلُ المَعْنى: نَجِّنِي مِن أنْ أعْمَلَ عَمَلَهم؛ لِأنَّهُ يَفُوتُ مَعَهُ التَّعْرِيضُ بِعَذابٍ سَيَحِلُّ بِهِمْ. والقِصَّةُ تَقَدَّمَتْ في الأعْرافِ وفي هُودٍ والحَجَرِ.
والفاءُ في قَوْلِهِ (فَنَجَّيْناهُ) لِلتَّعْقِيبِ، أيْ: كانَتْ نَجاتُهُ عَقِبَ دُعائِهِ حَسْبَما يَقْتَضِي ذَلِكَ مِن أسْرَعِ مُدَّةٍ بَيْنَ الدُّعاءِ وأمْرِ اللَّهِ إيّاهُ بِالخُرُوجِ بِأهْلِهِ إلى قَرْيَةِ صُوغَرَ.
والعَجُوزُ: المَرْأةُ المُسِنَّةُ وهي زَوْجُ لُوطٍ، وقَوْلُهُ: (في الغابِرِينَ) صِفَةُ (عَجُوزًا) .
والغابِرُ: المُتَّصِفُ بِالغُبُورِ وهو البَقاءُ بَعْدَ ذَهابِ الأصْحابِ أوْ أهْلِ الخَيْلِ، أيْ: باقِيَةٌ في العَذابِ بَعْدَ نَجاةِ زَوْجِها وأهْلِهِ وهي مُسْتَثْناةٌ مِن (﴿وأهْلَهُ أجْمَعِينَ﴾) . وذَلِكَ أنَّها لَحِقَها العَذابُ مِن دُونِ أهْلِها فَكانَ صِفَةً لَها. وقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ في قِصَّتِهِمْ في سُورَةِ هُودٍ.
و(ثُمَّ) لِلتَّراخِي الرُّتْبِيِّ؛ لِأنَّ إهْلاكَ المُكَذِّبِينَ أجْدَرُ بِأنْ يُذْكَرَ في مَقامِ المَوْعِظَةِ مِن ذِكْرِ إنْجاءِ لُوطٍ والمُؤْمِنِينَ.
والتَّدْمِيرُ: الإصابَةُ بِالدَّمارِ وهو الهَلاكُ وذَلِكَ أنَّهُمُ اسْتُؤْصِلُوا بِالخَسْفِ وإمْطارِ الحِجارَةِ عَلَيْهِمْ.
والمَطَرُ: الماءُ الَّذِي يَسْقُطُ مِنَ السَّحابِ عَلى الأرْضِ. والإمْطارُ: إنْزالُ المَطَرِ، يُقالُ: أمْطَرَتِ السَّماءُ. وسُمِّيَ ما أصابَهم مِنَ الحِجارَةِ مَطَرًا؛ لِأنَّهُ نَزَلَ عَلَيْهِمْ مِنَ الجَوِّ. وقِيلَ: هو مِن مَقْذُوفاتِ بَراكِينٍ في بِلادِهِمْ أثارَتْها زَلازِلُ الخَسْفِ فَهو تَشْبِيهٌ بَلِيغٌ.
و(ساءَ) فِعْلُ ذَمٍّ بِمَعْنى بِئْسَ. وفي قَوْلِهِ: (المُنْذَرِينَ) تَسْجِيلٌ عَلَيْهِمْ بِأنَّهم أُنْذِرُوا فَلَمْ يَنْتَذِرُوا.
{"ayahs_start":167,"ayahs":["قَالُوا۟ لَىِٕن لَّمۡ تَنتَهِ یَـٰلُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡمُخۡرَجِینَ","قَالَ إِنِّی لِعَمَلِكُم مِّنَ ٱلۡقَالِینَ","رَبِّ نَجِّنِی وَأَهۡلِی مِمَّا یَعۡمَلُونَ","فَنَجَّیۡنَـٰهُ وَأَهۡلَهُۥۤ أَجۡمَعِینَ","إِلَّا عَجُوزࣰا فِی ٱلۡغَـٰبِرِینَ","ثُمَّ دَمَّرۡنَا ٱلۡـَٔاخَرِینَ","وَأَمۡطَرۡنَا عَلَیۡهِم مَّطَرࣰاۖ فَسَاۤءَ مَطَرُ ٱلۡمُنذَرِینَ"],"ayah":"ثُمَّ دَمَّرۡنَا ٱلۡـَٔاخَرِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق