الباحث القرآني

( ﴿وقالَ الظّالِمُونَ إنْ تَتَّبِعُونَ إلّا رَجُلًا مَسْحُورًا﴾ ﴿انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا﴾ . الظّالِمُونَ: هُمُ المُشْرِكُونَ، فَغَيَّرَ عُنْوانَهُمُ الأوَّلَ إلى عُنْوانِ الظُّلْمِ وهم هم تَنْبِيهًا عَلى أنَّ في هَذا القَوْلِ اعْتِداءً عَلى الرَّسُولِ بِنَبْزِهِ بِما هو بَرِيءٌ مِنهُ وهم يَعْلَمُونَ أنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ، فَظُلْمُهم لَهُ أشَدُّ ظُلْمٍ وﷺ . ذَكَرَ الماوَرْدِيُّ: أنَّ قائِلَ: (﴿إنْ تَتَّبِعُونَ إلّا رَجُلًا مَسْحُورًا﴾) هو عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزِّبَعْرى، أيْ: هو مُبْتَكِرُ هَذا البُهْتانِ وإنَّما أُسْنِدَ القَوْلُ إلى جَمِيعِ الظّالِمِينَ؛ لِأنَّهم تَلَقَّفُوهُ ولَهَجُوا بِهِ. والمَسْحُورُ: الَّذِي أصابَهُ السِّحْرُ، وهو يُورِثُ اخْتِلالَ العَقْلِ عِنْدَهم، أيْ: ما تَتْبَعُونَ إلّا رَجُلًا أصابَهُ خَلَلُ العَقْلِ فَهو يَقُولُ ما لا يَقُولُ مِثْلَهُ العُقَلاءُ. وذَكَرَ (رَجُلًا) هُنا لِتَمْهِيدِ اسْتِحالَةِ كَوْنِهِ رَسُولًا؛ لِأنَّهُ رَجُلٌ مِنَ النّاسِ. وهَذا الخِطابُ خاطَبُوا بِهِ المُسْلِمِينَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا النَّبِيءَ ﷺ . ومَعْنى (﴿انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأمْثالَ فَضَلُّوا﴾): أنَّهم ضَرَبُوا لَكَ الأمْثالَ الباطِلَةَ بِأنْ مَثَّلُوكَ بِرَجُلٍ مَسْحُورٍ. (p-٣٣٠)وقَوْلُهُ: (انْظُرْ) مُسْتَعارٌ لِمَعْنى العِلْمِ تَشْبِيهًا لِلْأمْرِ المَعْقُولِ بِالأمْرِ المَرْئِيِّ لِشِدَّةِ وُضُوحِهِ. و(كَيْفَ) اسْمٌ لِلْكَيْفِيَّةِ والحالَةِ مُجَرَّدٌ هُنا عَنْ مَعْنى الِاسْتِفْهامِ. وفُرِّعَ عَلى هَذا التَّعْجِيبِ إخْبارٌ عَنْهم بِأنَّهم ضَلُّوا في تَلْفِيقِ المَطاعِنِ في رِسالَةِ الرَّسُولِ فَسَلَكُوا طَرائِقَ لا تَصِلُ بِهِمْ إلى دَلِيلٍ مُقْنِعٍ عَلى مُرادِهِمْ، فَفِعْلُ (ضَلُّوا) مُسْتَعْمَلٌ في مَعْنَيَيْهِ المَجازِيَّيْنِ هُما: مَعْنى عَدَمِ التَّوَفُّقِ في الحُجَّةِ، ومَعْنى عَدَمِ الوُصُولِ لِلدِّينِ الحَقِّ، وهو هُنا تَعْجِيبٌ مِن خَطَلِهِمْ وإعْراضٌ عَنْ مُجاوَبَتِهِمْ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب