الباحث القرآني

﴿قُلْ أنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ في السَّماواتِ والأرْضِ إنَّهُ كانَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ لَقَّنَ اللَّهُ رَسُولَهُ الجَوابَ لِرَدِّ بُهْتانِ القائِلِينَ: إنْ هَذا القُرْآنَ إلّا إفْكٌ، وإنَّهُ أساطِيرُ الأوَّلِينَ، بِأنَّهُ أنْزَلَهُ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ. (p-٣٢٦)وعَبَّرَ عَنْ مُنْزِلِ القُرْآنِ بِطَرِيقِ المَوْصُولِ لِما تَقْتَضِيهِ الصِّلَةُ مِنِ اسْتِشْهادِ الرَّسُولِ اللَّهَ عَلى ما في سِرِّهِ؛ لِأنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ كُلَّ سِرٍّ في كُلِّ مَكانٍ. فَجُمْلَةُ الصِّلَةِ مُسْتَعْمَلَةٌ في لازِمِ الفائِدَةِ وهو كَوْنُ المُتَكَلِّمِ، أيِ الرَّسُولِ، عالِمًا بِذَلِكَ. وفي ذَلِكَ كِنايَةٌ عَنْ مُراقَبَتِهِ اللَّهَ فِيما يُبَلِّغُهُ عَنْهُ. وفي ذَلِكَ إيقاظٌ لَهم بِأنْ يَتَدَبَّرُوا في هَذا الَّذِي زَعَمُوهُ إفْكًا أوْ أساطِيرَ الأوَّلِينَ لِيَظْهَرَ لَهُمُ اشْتِمالُهُ عَلى الحَقائِقِ النّاصِعَةِ الَّتِي لا يُحِيطُ بِها إلّا اللَّهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ، فَيُوقِنُوا أنَّ القُرْآنَ لا يَكُونُ إلّا مِن إنْزالِهِ، ولِيَعْلَمُوا بَراءَةَ الرَّسُولِ ﷺ مِنَ الِاسْتِعانَةِ بِمَن زَعَمُوهم يُعِينُونَهُ. والتَّعْرِيفُ في (السِّرَّ) تَعْرِيفُ الجِنْسِ يَسْتَغْرِقُ كُلَّ سِرٍّ، ومِنهُ إسْرارُ الطّاعِنِينَ في القُرْآنِ عَنْ مُكابَرَةٍ وبُهْتانٍ، أيْ يَعْلَمُ أنَّهم يَقُولُونَ في القُرْآنِ ما لا يَعْتَقِدُونَهُ ظُلْمًا وزُورًا مِنهم، وبِهَذا يُعْلَمُ مُوقِعُ جُمْلَةِ (﴿إنَّهُ كانَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾) تَرْغِيبًا لَهم في الإقْلاعِ عَنْ هَذِهِ المُكابَرَةِ وفي اتِّباعِ دِينِ الحَقِّ؛ لِيَغْفِرَ اللَّهُ لَهم ويَرْحَمَهم، وذَلِكَ تَعْرِيضٌ بِأنَّهم إنْ لَمْ يُقْلِعُوا ويَتُوبُوا حَقَّ عَلَيْهِمُ الغَضَبُ والنِّقْمَةُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب