الباحث القرآني

﴿وكَذَلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيءٍ عَدُوًّا مِنَ المُجْرِمِينَ وكَفى بِرَبِّكَ هادِيًا ونَصِيرًا﴾ . هَذِهِ تَسْلِيَةٌ لِلنَّبِيءِ ﷺ بِأنَّ ما لَقِيَهُ مِن بَعْضِ قَوْمِهِ هو سُنَّةٌ مِن سُنَنِ الأُمَمِ مَعَ أنْبِيائِهِمْ. وفِيهِ تَنْبِيهٌ لِلْمُشْرِكِينَ لِيَعْرِضُوا أحْوالَهم عَلى هَذا الحُكْمِ التّارِيخِيِّ فَيَعْلَمُوا (p-١٨)أنَّ حالَهم كَحالِ مَن كَذَّبُوا مِن قَوْمِ نُوحٍ وعادٍ وثَمُودَ. والقَوْلُ في قَوْلِهِ (وكَذَلِكَ) تَقَدَّمَ في قَوْلِهِ تَعالى: (﴿وكَذَلِكَ جَعَلْناكم أُمَّةً وسَطًا﴾ [البقرة: ١٤٣]) . والعَدُوُّ: اسْمٌ يَقَعُ عَلى المُفْرَدِ والجَمْعِ والمُرادُ هُنا الجَمْعُ. ووَصَفَ أعْداءَ الأنْبِياءِ بِأنَّهم مِنَ المُجْرِمِينَ، أيْ: مِن جُمْلَةِ المُجْرِمِينَ، فَإنَّ الإجْرامَ أعَمُّ مِن عَداوَةِ الأنْبِياءِ وهو أعْظَمُها. وإنَّما أُرِيدَ هُنا تَحْقِيقُ انْضِواءِ أعْداءِ الأنْبِياءِ في زُمْرَةِ المُجْرِمِينَ؛ لِأنَّ ذَلِكَ أبْلَغُ في الوَصْفِ مِن أنْ يُقالَ: عَدُوًّا مُجْرِمِينَ كَما تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى: (﴿قالَ أعُوذُ بِاللَّهِ أنْ أكُونَ مِنَ الجاهِلِينَ﴾ [البقرة: ٦٧]) في سُورَةِ البَقَرَةِ. وأعْقَبَ التَّسْلِيَةَ بِالوَعْدِ بِهِدايَةِ كَثِيرٍ مِمَّنْ هم يَوْمَئِذٍ مُعْرِضُونَ عَنْهُ كَما قالَ النَّبِيءُ ﷺ: «لَعَلَّ اللَّهَ أنْ يُخْرِجَ مِن أصْلابِهِمْ مَن يَعْبُدُهُ» وبِأنَّهُ يَنْصُرُهُ عَلى الَّذِينَ يُصِرُّونَ عَلى عَداوَتِهِ؛ لِأنَّ قَوْلَهُ: (﴿وكَفى بِرَبِّكَ هادِيًا ونَصِيرًا﴾) تَعْرِيضٌ بِأنْ يُفَوِّضَ الأمْرَ إلَيْهِ فَإنَّهُ كافٍ في الهِدايَةِ والنَّصْرِ. والباءُ في قَوْلِهِ: (بِرَبِّكَ) تَأْكِيدٌ لِاتِّصالِ الفاعِلِ بِالفِعْلِ. وأصْلُهُ: كَفى رَبُّكَ في هَذِهِ الحالَةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب