الباحث القرآني

﴿قُلْ لِمَنِ الأرْضُ ومَن فِيها إنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ ﴿سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أفَلا تَذَّكَّرُونَ﴾ (p-١٠٩)اسْتِئْنافُ اسْتِدْلالٍ عَلَيْهِمْ في إثْباتِ الوَحْدانِيَّةِ لِلَّهِ تَعالى عادَ بِهِ الكَلامُ مُتَّصِلًا بِقَوْلِهِ: ﴿وهُوَ الَّذِي يُحْيِي ويُمِيتُ ولَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ والنَّهارِ أفَلا تَعْقِلُونَ﴾ [المؤمنون: ٨٠] . والِاسْتِفْهامُ تَقْرِيرِيٌّ؛ أيْ: أجِيبُوا عَنْ هَذا، ولا يَسَعُهم إلّا الجَوابُ بِأنَّها لِلَّهِ. والمَقْصُودُ: إثْباتُ لازِمِ جَوابِهِمْ وهو انْفِرادُهُ تَعالى بِالوَحْدانِيَّةِ. و﴿إنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ شَرْطٌ حُذِفَ جَوابُهُ لِدَلالَةِ الِاسْتِفْهامِ عَلَيْهِ، تَقْدِيرُهُ: فَأجِيبُونِي عَنِ السُّؤالِ. وفي هَذا الشَّرْطِ تَوْجِيهٌ لِعُقُولِهِمْ أنْ يَتَأمَّلُوا فَيَظْهَرَ لَهم أنَّ الأرْضَ لِلَّهِ وأنَّ مَن فِيها لِلَّهِ فَإنَّ كَوْنَ جَمِيعِ ذَلِكَ لِلَّهِ قَدْ يَخْفى؛ لِأنَّ النّاسَ اعْتادُوا نِسْبَةَ المُسَبَّباتِ إلى أسْبابِها المُقارِنَةِ والتَّصَرُّفاتِ إلى مُباشِرِيها فَنُبِّهُوا بِقَوْلِهِ: ﴿إنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ إلى التَّأمُّلِ، أيْ: إنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ اليَقِينِ، ولِذَلِكَ عُقِّبَ بِقَوْلِهِ: ﴿سَيَقُولُونَ لِلَّهِ﴾، أيْ: يُجِيبُونَ عَقِبَ التَّأمُّلِ جَوابًا غَيْرَ بَطِيءٍ. وانْظُرْ ما تَقَدَّمَ في تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿قُلْ لِمَن ما في السَّماواتِ والأرْضِ قُلْ لِلَّهِ﴾ [الأنعام: ١٢] في سُورَةِ الأنْعامِ. ووَقَعَتْ جُمْلَةُ ﴿قُلْ أفَلا تَذَكَّرُونَ﴾ جَوابًا لِإقْرارِهِمْ واعْتِرافِهِمْ بِأنَّها لِلَّهِ. والِاسْتِفْهامُ إنْكارِيٌّ، إنْكارٌ لِعَدَمِ تَذْكِيرِهِمْ بِذَلِكَ، أيْ: تَفْطِنُ عُقُولُهم لِدَلالَةِ ذَلِكَ عَلى انْفِرادِهِ تَعالى بِالإلَهِيَّةِ. وخُصَّ بِالتَّذَكُّرِ لِما في بَعْضِهِ مِن خَفاءِ الدَّلالَةِ والِاحْتِياجِ إلى النَّظَرِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب