الباحث القرآني
﴿إنَّ في ذَلِكَ لَآياتٍ وإنْ كُنّا لَمُبْتَلِينَ﴾ لَمّا ذَكَرَ هَذِهِ القِصَّةَ العَظِيمَةَ أعْقَبَها بِالتَّنْبِيهِ إلى مَوْضِعِ العِبْرَةِ مِنها لِلْمُسْلِمِينَ فَأتى بِهَذا الِاسْتِئْنافِ لِذَلِكَ.
والإشارَةُ إلى ما ذُكِرَ مِن قِصَّةِ نُوحٍ مَعَ قَوْمِهِ وما فِيها. والآياتُ: الدَّلالاتُ، أيْ: لَآياتٍ كَثِيرَةٍ مِنها ما هي دَلائِلُ عَلى صِدْقِ رِسالَةِ نُوحٍ وهي إجابَةُ دَعْوَتِهِ وتَصْدِيقُ رِسالَتِهِ وإهْلاكُ مُكَذِّبِيهِ، ومِنها آياتٌ لِأمْثالِ قَوْمِ نُوحٍ مِنَ الأُمَمِ المُكَذِّبِينَ لِرُسُلِهِمْ، ومِنها آياتٌ عَلى عَظِيمِ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعالى في إحْداثِ الطُّوفانِ وإنْزالِ مَن في السَّفِينَةِ مَنزِلًا مُبارَكًا، ومِنها آياتٌ عَلى عِلْمِ اللَّهِ تَعالى وحِكْمَتِهِ إذْ قَدَّرَ لِتَطْهِيرِ الأرْضِ مِنَ الشِّرْكِ مِثْلَ هَذا الِاسْتِيصالِ العامِّ لِأهْلِهِ، وإذْ قَدَّرَ لِإبْقاءِ الأنْواعِ مِثْلَ هَذا الصُّنْعِ الَّذِي أنْجى بِهِ مِن كُلِّ نَوْعٍ زَوْجَيْنِ لِيُعادَ التَّناسُلُ.
وعُطِفَ عَلى جُمْلَةِ ﴿إنَّ في ذَلِكَ لَآياتٍ﴾ جُمْلَةُ ﴿وإنْ كُنّا لَمُبْتَلِينَ﴾؛ لِأنَّ مَضْمُونَ ”﴿وإنْ كُنّا لَمُبْتَلِينَ﴾“ يُفِيدُ مَعْنى: إنَّ في ذَلِكَ لِبَلْوى، فَكَأنَّهُ قِيلَ: إنَّ في ذَلِكَ لَآياتٍ وابْتِلاءٍ، وكُنّا مُبْتَلِينَ أيْ: وشَأْنُنا ابْتِلاءُ أوْلِيائِنا. فَإنَّ الِابْتِلاءَ مِن آثارِ الحِكْمَةِ الإلَهِيَّةِ لِتَرْتاضَ بِهِ نُفُوسُ أوْلِيائِهِ وتُظْهِرَ مُغالَبَتَها لِلدَّواعِي الشَّيْطانِيَّةِ فَتَحْمَدُ عَواقِبَ البَلْوى، ولِتَتَخَبَّطَ نُفُوسُ المُعانِدِينَ ويَنْزَوِي بَعْضُ شَرِّها زَمانًا.
والمَعْنى: أنَّ ما تَقَدَّمَ قَبْلَ الطُّوفانِ مِن بَعْدِ بَعْثَةِ نُوحٍ مِن تَكْذِيبِ قَوْمِهِ وأذاهم إيّاهُ والمُؤْمِنِينَ مَعَهُ إنَّما كانَ ابْتِلاءً مِنَ اللَّهِ لِحِكْمَتِهِ تَعالى لِيُمَيِّزَ (p-٤٩)اللَّهُ لِلنّاسِ الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ولَوْ شاءَ اللَّهُ لَآمَنَ بِنُوحٍ قَوْمُهُ ثُمَّ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَنَصَرَهُ عَلَيْهِمْ مِن أوَّلِ يَوْمٍ وهَذِهِ سُنَّةٌ إلَهِيَّةٌ. وفي هَذا المَعْنى ما جاءَ في حَدِيثِ أبِي سُفْيانَ أنَّ هِرَقْلَ قالَ لَهُ: وكَذَلِكَ الأنْبِياءُ تُبْتَلى ثُمَّ تَكُونُ لَهُمُ العاقِبَةُ. وفي القُرْآنِ ﴿والعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [الأعراف: ١٢٨] .
والِابْتِلاءُ تَقَدَّمَ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وإذِ ابْتَلى إبْراهِيمَ رَبُّهُ﴾ [البقرة: ١٢٤]، وقَوْلِهِ: ﴿وفِي ذَلِكم بَلاءٌ مِن رَبِّكم عَظِيمٌ﴾ [البقرة: ٤٩] في سُورَةِ البَقَرَةِ.
وفِي قَوْلِهِ: ﴿وإنْ كُنّا لَمُبْتَلِينَ﴾ تَسْلِيَةٌ لِلنَّبِيءِ مُحَمَّدٍ ﷺ عَلى ما يَلْقاهُ مِنَ المُشْرِكِينَ، وتَعْرِيضٌ بِتَهْدِيدِ المُشْرِكِينَ بِأنَّ ما يُواجِهُونَ بِهِ الرَّسُولَ ﷺ لا بَقاءَ لَهُ وإنَّما هو بَلْوى تَزُولُ عَنْهُ وتَحِلُّ بِهِمْ ولِكُلٍّ حَظٌّ يُناسِبُهُ.
ولِكَوْنِ هَذا مِمّا قَدْ يَغِيبُ عَنِ الألْبابِ نُزِّلَ مَنزِلَةَ الشَّيْءِ المُتَرَدَّدِ فِيهِ فَأُكِّدَ بِـ (إنَّ) المُخَفَّفَةِ وبِفِعْلِ (كُنّا) .
واللّامُ هي الفارِقَةُ بَيْنَ (إنَّ) المُؤَكِّدَةِ المُخَفَّفَةِ عِنْدَ إهْمالِ عَمَلِها وبَيْنَ (إنَّ) النّافِيَةِ.
{"ayah":"إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَـَٔایَـٰتࣲ وَإِن كُنَّا لَمُبۡتَلِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق