الباحث القرآني
﴿والَّذِينَ هم عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ﴾ العَطْفُ مِن عَطْفِ الصِّفاتِ لِمَوْصُوفٍ واحِدٍ كَقَوْلِ بَعْضِ الشُّعَراءِ وهو مِن شَواهِدِ النَّحْوِ:
؎إلى المَلِكِ القَرْمِ وابْنِ الهُما مِ ولَيْثِ الكَتِيبَةِ في المُزْدَحِمِ
وتَكْرِيرُ الصِّفاتِ تَقْوِيَةٌ لِلثَّناءِ عَلَيْهِمْ.
والقَوْلُ في تَرْكِيبِ جُمْلَةِ ﴿هم عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ﴾ كالقَوْلِ في ﴿هم في صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ﴾ [المؤمنون: ٢]، وكَذَلِكَ تَقْدِيمُ (عَنِ اللَّغْوِ) عَلى مُتَعَلِّقِهِ.
وإعادَةُ اسْمُ المَوْصُولِ دُونَ اكْتِفاءٍ بِعَطْفِ صِلَةٍ عَلى صِلَةٍ لِلْإشارَةِ إلى أنَّ كُلَّ صِفَةٍ مِنَ الصِّفاتِ مُوجِبَةٌ لِلْفَلاحِ فَلا يُتَوَهَّمُ أنَّهم لا يُفْلِحُونَ حَتّى يَجْمَعُوا بَيْنَ مَضامِينِ الصَّلاةِ كُلِّها، ولِما في الإظْهارِ في مَقامِ الإضْمارِ مِن زِيادَةِ تَقْرِيرٍ لِلْخَبَرِ في ذِهْنِ السّامِعِ.
واللَّغْوُ: الكَلامُ الباطِلُ. وتَقَدَّمَ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ في أيْمانِكُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٥] في البَقَرَةِ، وقَوْلِهِ: ﴿لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْوًا﴾ [مريم: ٦٢] في سُورَةِ مَرْيَمَ.
(p-١١)والإعْراضُ: الصَّدُّ أيْ: عَدَمُ الإقْبالِ عَلى الشَّيْءِ، مِنَ العُرْضِ بِضَمِّ العَيْنِ وهو: الجانِبُ، لِأنَّ مَن يَتْرُكُ الشَّيْءَ: يُوَلِّيهِ جانِبَهُ ولا يُقْبِلُ عَلَيْهِ، فَيَشْمَلُ الإعْراضُ إعْراضَ السَّمْعِ عَنِ اللَّغْوِ. وتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ: ﴿فَأعْرِضْ عَنْهم وعِظْهُمْ﴾ [النساء: ٦٣] في سُورَةِ النِّساءِ، وقَوْلِهِ: ﴿وإذا رَأيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ في آياتِنا فَأعْرِضْ عَنْهُمْ﴾ [الأنعام: ٦٨] في سُورَةِ الأنْعامِ، وأهَمُّهُ الإعْراضُ عَنْ لَغْوِ المُشْرِكِينَ عِنْدَ سَماعِ القُرْآنِ ﴿وقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذا القُرْآنِ والغَوْا فِيهِ لَعَلَّكم تَغْلِبُونَ﴾ [فصلت: ٢٦] وقالَ تَعالى: ﴿وإذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرامًا﴾ [الفرقان: ٧٢] . ويَشْمَلُ الإعْراضَ عَنِ اللَّغْوِ بِالألْسِنَةِ، أيْ: أنْ يَلْغُوا في كَلامِهِمْ.
وعَقَّبَ ذِكْرَ الخُشُوعِ بِذِكْرِ الإعْراضِ عَنِ اللَّغْوِ؛ لِأنَّ الصَّلاةَ في الأصْلِ: الدُّعاءُ، وهو مِنَ الأقْوالِ الصّالِحَةِ، فَكانَ اللَّغْوُ مِمّا يَخْطُرُ بِالبالِ عِنْدَ ذِكْرِ الصَّلاةِ بِجامِعِ الضِّدِّيَّةِ، فَكانَ الإعْراضُ عَنِ اللَّغْوِ بِمَعْنَيَيِ الإعْراضِ مِمّا تَقْتَضِيهِ الصَّلاةُ والخُشُوعُ؛ لِأنَّ مَنِ اعْتادَ القَوْلَ الصّالِحَ تَجَنَّبَ القَوْلَ الباطِلَ ومَنِ اعْتادَ الخُشُوعَ لِلَّهِ تَجَنَّبَ قَوْلَ الزُّورِ. وفي الحَدِيثِ «إنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِن رِضْوانِ اللَّهِ لا يُلْقِي لَها بالًا يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِها دَرَجاتٍ، وإنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِن سَخَطِ اللَّهِ لا يُلْقِي لَها بالًا يَهْوِي بِها في جَهَنَّمَ» .
والإعْراضُ عَنْ جِنْسِ اللَّغْوِ مِن خُلُقِ الجِدِّ ومَن تَخَلَّقَ بِالجِدِّ في شُئُونِهِ كَمُلَتْ نَفْسُهُ ولَمْ يَصْدُرْ مِنهُ إلّا الأعْمالُ النّافِعَةُ، فالجِدُّ في الأُمُورِ مِن خُلُقِ الإسْلامِ كَما أفْصَحَ عَنْ ذَلِكَ قَوْلُ أبِي خِراشٍ الهُذَلِيِّ بِذِكْرِ الإسْلامِ.
؎وعادَ الفَتى كالكَهْلِ لَيْسَ بِـقَـائِلٍ ∗∗∗ سِوى العَدْلِ شَيْئًا فاسْتَراحَ العَواذِلُ
والإعْراضُ عَنْهُ يَقْتَضِي بِالأوْلى اجْتِنابَ قَوْلِ اللَّغْوِ ويَقْتَضِي تَجَنُّبَ مَجالِسِ أهْلِهِ.
واعْلَمْ أنَّ هَذا أدَبٌ عَظِيمٌ مِن آدابِ المُعامَلَةِ مَعَ بَعْضِ النّاسِ وهُمُ الطَّبَقَةُ غَيْرُ المُحْتَرَمَةِ؛ لِأنَّ أهْلَ اللَّغْوِ لَيْسُوا بِمَرْتَبَةِ التَّوْقِيرِ فالإعْراضُ عَنْ لَغْوِهِمْ رَبْءٌ عَنِ التَّسَفُّلِ مَعَهم.
{"ayah":"وَٱلَّذِینَ هُمۡ عَنِ ٱللَّغۡوِ مُعۡرِضُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق