الباحث القرآني
﴿أمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هاتُوا بِرِهانَكم هَذا ذِكْرُ مَن مَعِي وذِكْرُ مِن قَبْلِي بَلْ أكْثَرُهم لا يَعْلَمُونَ الحَقَّ فَهم مُعْرِضُونَ﴾
جُمْلَةُ ﴿أمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً﴾ تَأْكِيدٌ لِجُمْلَةِ ﴿أمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الأرْضِ﴾ [الأنبياء: ٢١]، أُكِّدَ ذَلِكَ الإضْرابُ الِانْتِقالِيُّ بِمِثْلِهِ اسْتِعْظامًا (p-٤٧)لِفَظاعَتِهِ ولِيُبْنى عَلَيْهِ اسْتِدْلالٌ آخَرُ كَما بُنِيَ عَلى نَظِيرِهِ السّابِقِ؛ فَإنَّ الأوَّلَ بُنِيَ عَلَيْهِ دَلِيلُ اسْتِحالَةٍ مِن طَرِيقِ العَقْلِ، وهَذا بُنِيَ عَلَيْهِ دَلِيلُ بُطْلانٍ بِشَهادَةِ الشَّرائِعِ سابِقِها ولاحِقِها، فَلَقَّنَ اللَّهُ رَسُولَهُ ﷺ أنْ يَقُولَ: هاتُوا بُرْهانَكم أيْ، هاتُوا دَلِيلًا عَلى أنَّ لِلَّهِ شُرَكاءَ مِن شَواهِدِ الشَّرائِعِ والرُّسُلِ.
والبُرْهانُ: الحُجَّةُ الواضِحَةُ. وتَقَدَّمَ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿يا أيُّها النّاسُ قَدْ جاءَكم بُرْهانٌ مِن رَبِّكُمْ﴾ [النساء: ١٧٤] في سُورَةِ النِّساءِ.
والإشارَةُ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿هَذا ذِكْرُ مَن مَعِي﴾ إلى مُقَدَّرٍ في الذِّهْنِ يُفَسِّرُهُ الخَبَرُ، والمَقْصُودُ مِنَ الإشارَةِ تَمْيِيزُهُ وإعْلانُهُ بِحَيْثُ لا يَسْتَطِيعُ المُخاطَبُ المُغالَطَةَ فِيهِ ولا في مَضْمُونِهِ، كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿هَذا خَلْقُ اللَّهِ فَأرُونِي ماذا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ﴾ [لقمان: ١١] في سُورَةِ ”لُقْمانَ“، أيْ أنَّ كُتُبَ الذِّكْرِ - أيِ الكُتُبِ الدِّينِيَّةِ - في مُتَناوَلِ النّاسِ، فانْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ في أحَدٍ مِنها أنَّ لِلَّهِ شُرَكاءَ، وأنَّ اللَّهَ أذِنَ بِاتِّخاذِهِمْ آلِهَةً. وإضافَةُ ”ذِكْرُ“ إلى ”مَن مَعِيَ“ مِن إضافَةِ المَصْدَرِ إلى مَفْعُولِهِ، وهُمُ المُذَكَّرُونَ، بِفَتْحِ الكافِ.
والمَعِيَّةُ في قَوْلِهِ تَعالى: ”﴿مَن مَعِي﴾“ مَعِيَّةُ المُتابَعَةِ، أيْ مَن مَعِيَ مِنَ المُسْلِمِينَ، فَماصَدَقُ ”مَن“ المَوْصُولَةِ الأُمَمُ، أيْ هَذا ذِكْرُ الأُمَّةِ الَّتِي هي مَعِي، أيِ الذِّكْرُ المُنَزَّلُ لِأجْلِكم. فالإضافَةُ مِن إضافَةِ المَصْدَرِ إلى المَفْعُولِ كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿لَقَدْ أنْزَلْنا إلَيْكم كِتابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ﴾ [الأنبياء: ١٠] . والمُرادُ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿هَذا ذِكْرُ مَن مَعِي﴾ القُرْآنُ، وأمّا قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وذِكْرُ مَن قَبْلِي﴾ فَمَعْناهُ ذِكْرُ الأُمَمِ الَّذِينَ هم قَبْلِيَ يَشْمَلُ جَمِيعَ الكُتُبِ السّالِفَةِ المَعْرُوفَةِ: التَّوْراةُ والزَّبُورُ والإنْجِيلُ وكِتابُ لُقْمانَ. وهَذا كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿شَهِدَ اللَّهُ أنَّهُ لا إلَهَ إلّا هو والمَلائِكَةُ وأُولُو العِلْمِ قائِمًا بِالقِسْطِ﴾ [آل عمران: ١٨] في آلِ عِمْرانَ.
(p-٤٨)وأُضْرِبَ عَنِ الِاسْتِدْلالِ بِأنَّهُ اسْتِدْلالٌ مُضَيَّعٌ فِيهِمْ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿بَلْ أكْثَرُهم لا يَعْلَمُونَ الحَقَّ فَهم مُعْرِضُونَ﴾، أيْ لا تَرْجُ مِنهُمُ اعْتِرافًا بِبُطْلانِ شِرْكِهِمْ مِن دَلِيلِ العَقْلِ المُتَقَدِّمِ ولا مِن دَلِيلِ شَهادَةِ الشَّرائِعِ المَذْكُورِ ثانِيًا، فَإنَّ أكْثَرَهم لا يَعْلَمُونَ الحَقَّ ولا يَكْتَسِبُونَ عِلْمَهُ.
والمُرادُ بِكَوْنِهِمْ لا يَعْلَمُونَ الحَقَّ أنَّهم لا يَتَطَلَّبُونَ عِلْمَهُ كَما دَلَّتْ عَلَيْهِ قَرِينَةُ التَّفْرِيعِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَهم مُعْرِضُونَ﴾ ”، أيْ مُعْرِضُونَ عَنِ النَّظَرِ في الأدِلَّةِ الَّتِي تَدْعُوهم أنْتَ إلى مَعْرِفَتِها والنَّظَرِ فِيها.
وإنَّما أُسْنِدَ هَذا الحُكْمُ إلى أكْثَرِهِمْ لا لِجَمِيعِهِمْ؛ تَسْجِيلًا عَلَيْهِمْ بِأنَّ قَلِيلًا مِنهم يَعْلَمُونَ الحَقَّ ويَجْحَدُونَهُ، أوْ إيماءً إلى أنَّ قَلِيلًا مِنهم تَهَيَّأتْ نُفُوسُهم لِقَبُولِ الحَقِّ. وتِلْكَ هي الحالَةُ الَّتِي تَعْرِضُ لِلنَّفْسِ عِنْدَ هُبُوبِ نَسَماتِ التَّوْفِيقِ عَلَيْها مِثْلَ ما عَرَضَ لِعُمَرَ بْنِ الخَطّابِ حِينَ وجَدَ اللَّوْحَ عِنْدَ أُخْتِهِ مَكْتُوبًا فِيهِ سُورَةُ“ طه " فَأقْبَلَ عَلى قِراءاتِهِ بِشَراشِرِهِ، فَما أتَمَّهُما حَتّى عَزَمَ عَلى الإسْلامِ.
{"ayah":"أَمِ ٱتَّخَذُوا۟ مِن دُونِهِۦۤ ءَالِهَةࣰۖ قُلۡ هَاتُوا۟ بُرۡهَـٰنَكُمۡۖ هَـٰذَا ذِكۡرُ مَن مَّعِیَ وَذِكۡرُ مَن قَبۡلِیۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا یَعۡلَمُونَ ٱلۡحَقَّۖ فَهُم مُّعۡرِضُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق