الباحث القرآني
(p-٣٤٦)﴿ولَوْ أنّا أهْلَكْناهم بِعَذابٍ مِن قَبْلِهِ لَقالُوا رَبَّنا لَوْلا أرْسَلْتَ إلَيْنا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِن قَبْلِ أنْ نَذِلَّ ونَخْزى﴾
الَّذِي يَظْهَرُ أنَّ جُمْلَةَ ﴿ولَوْ أنّا أهْلَكْناهم بِعَذابٍ مِن قَبْلِهِ﴾ مَعْطُوفَةٌ عَلى جُمْلَةِ ﴿أوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ ما في الصُّحُفِ الأُولى﴾ [طه: ١٣٣]، وأنَّ المَعْنى عَلى الِارْتِقاءِ في الِاسْتِدْلالِ عَلَيْهِمْ بِأنَّهم ضالُّونَ حِينَ أخَّرُوا الإيمانَ بِما جاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ ﷺ وجَعَلُوهُ مُتَوَقِّفًا عَلى أنْ يَأْتِيَهم بِآيَةٍ مِن رَبِّهِ؛ لِأنَّ ما هم مُتَلَبِّسُونَ بِهِ مِنَ الإشْراكِ بِاللَّهِ ضَلالٌ بَيِّنٌ، قَدْ حَجَبَتْ عَنْ إدْراكِ فَسادِهُ العاداتُ واشْتِغالُ البالِ بِشُئُونِ دِينِ الشِّرْكِ، فالإشْراكُ وحْدُهُ كافٍ في اسْتِحْقاقِهِمُ العَذابَ، ولَكِنَّ اللَّهَ رَحِمَهم فَلَمْ يُؤاخِذْهم بِهِ إلّا بَعْدَ أنْ أرْسَلَ إلَيْهِمْ رَسُولًا يُوقِظُ عُقُولَهم. فَمَجِيءُ الرَّسُولِ بِذَلِكَ كافٍ في اسْتِدْلالِ العُقُولِ عَلى فَسادِ ما هم فِيهِ، فَكَيْفَ يَسْألُونَ بَعْدَ ذَلِكَ إتْيانَ الرَّسُولِ لَهم بِآيَةٍ عَلى صِدْقِهِ فِيما دَعاهم إلَيْهِ مَن نَبْذِ الشِّرْكِ لَوْ سَلَّمَ لَهم جَدَلًا أنَّ ما جاءَهم مِنَ البَيِّنَةِ لَيْسَ هو بِآيَةٍ، فَقَدْ بَطَلَ عُذْرُهم مِن أصْلِهِ، وهو قَوْلُهم: ﴿رَبَّنا لَوْلا أرْسَلْتَ إلَيْنا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آياتِكَ﴾ . وهَذا كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وهَذا كِتابٌ أنْزَلْناهُ مُبارَكٌ فاتَّبِعُوهُ واتَّقُوا لَعَلَّكم تُرْحَمُونَ﴾ [الأنعام: ١٥٥] ﴿أنْ تَقُولُوا إنَّما أُنْزِلَ الكِتابُ عَلى طائِفَتَيْنِ مِن قَبْلِنا وإنْ كُنّا عَنْ دِراسَتِهِمْ لَغافِلِينَ﴾ [الأنعام: ١٥٦] ﴿أوْ تَقُولُوا لَوْ أنّا أُنْزِلَ عَلَيْنا الكِتابُ لَكُنّا أهْدى مِنهم فَقَدْ جاءَكم بَيِّنَةٌ مِن رَبِّكم وهُدًى ورَحْمَةٌ﴾ [الأنعام: ١٥٧] . فالضَّمِيرُ في قَوْلِهِ: ”مِن قَبْلِهِ“ عائِدٌ إلى القُرْآنِ الَّذِي الكَلامُ عَلَيْهِ أوْ عَلى الرَّسُولِ بِاعْتِبارِ وصْفِهِ بِأنَّهُ بَيِّنَةٌ، أوْ عَلى إتْيانِ البَيِّنَةِ المَأْخُوذِ مِن ﴿أوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ ما في الصُّحُفِ الأُولى﴾ [طه: ١٣٣] .
وفِي هَذِهِ الآيَةِ دَلِيلٌ عَلى أنَّ الإيمانَ بِوَحْدانِيَّةِ خالِقِ الخَلْقِ يَقْتَضِيهِ العَقْلُ لَوْلا حَجْبُ الضَّلالاتِ والهَوى، وأنَّ مَجِيءَ الرُّسُلِ لِإيقاظِ (p-٣٤٧)العُقُولِ والفِطَرِ، وأنَّ اللَّهَ لا يُؤاخِذُ أهْلَ الفَتْرَةِ عَلى الإشْراكِ حَتّى يَبْعَثَ إلَيْهِمْ رَسُولًا، وأنَّ قُرَيْشًا كانُوا أهْلَ فَتْرَةٍ قَبْلَ بَعْثَةِ مُحَمَّدٍ ﷺ . ومَعْنى ﴿لَقالُوا رَبَّنا لَوْلا أرْسَلْتَ إلَيْنا رَسُولًا﴾: أنَّهم يَقُولُونَ ذَلِكَ يَوْمَ الحِسابِ بَعْدَ أنْ أهْلَكَهُمُ اللَّهُ الإهْلاكَ المَفْرُوضَ؛ لِأنَّ الإهْلاكَ بِعَذابِ الدُّنْيا يَقْتَضِي أنَّهم مُعَذَّبُونَ في الآخِرَةِ.
و”لَوْلا“ حَرْفُ تَحْضِيضٍ، مُسْتَعْمَلٌ في اللَّوْمِ أوِ الِاحْتِجاجِ؛ لِأنَّهُ قَدْ فاتَ وقْتُ الإرْسالِ، فالتَّقْدِيرُ: هَلّا كُنْتَ أرْسَلْتَ إلَيْنا رَسُولًا. وانْتَصَبَ ”فَنَتَّبِعَ“ عَلى جَوابِ التَّحْضِيضِ بِاعْتِبارِ تَقْدِيرِ حُصُولِهِ فِيما مَضى.
والذُّلُّ: الهَوانُ. والخِزْيُ: الِافْتِضاحُ، أيِ الذُّلُّ بِالعَذابِ.
والخِزْيُ في حَشْرِهِمْ مَعَ الجُناةِ كَما قالَ إبْراهِيمُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - ﴿ولا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ﴾ [الشعراء: ٨٧] .
{"ayah":"وَلَوۡ أَنَّاۤ أَهۡلَكۡنَـٰهُم بِعَذَابࣲ مِّن قَبۡلِهِۦ لَقَالُوا۟ رَبَّنَا لَوۡلَاۤ أَرۡسَلۡتَ إِلَیۡنَا رَسُولࣰا فَنَتَّبِعَ ءَایَـٰتِكَ مِن قَبۡلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخۡزَىٰ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق