الباحث القرآني
﴿واتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهم عِزًّا﴾ ﴿كَلّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ ويَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا﴾ .
عَطْفٌ عَلى جُمْلَةِ (﴿ويَقُولُ الإنْسانُ أإذا ما مِتُّ﴾ [مريم: ٦٦]) فَضَمِيرُ اتَّخَذُوا عائِدٌ إلى الَّذِينَ أشْرَكُوا لِأنَّ الكَلامَ جَرى عَلى بَعْضٍ مِنهم. والِاتِّخاذُ: جَعْلُ الشَّخْصِ الشَّيْءَ لِنَفْسِهِ، فَجُعِلَ الِاتِّخاذُ هُنا الِاعْتِقادُ والعِبادَةُ. وفي فِعْلِ الِاتِّخاذِ إيماءٌ إلى أنَّ عَقِيدَتَهم في تِلْكَ الآلِهَةِ شَيْءٌ مُصْطَلَحٌ عَلَيْهِ مُخْتَلَقٌ لَمْ يَأْمُرِ اللَّهُ بِهِ كَما قالَ تَعالى عَنْ إبْراهِيمَ (﴿قالَ أتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ﴾ [الصافات: ٩٥]) . وفي قَوْلِهِ (﴿مِن دُونِ اللَّهِ﴾) إيماءٌ إلى أنَّ الحَقَّ يَقْتَضِي أنْ يَتَّخِذُوا اللَّهَ إلَهًا، إذْ بِذَلِكَ تَقَرَّرَ الِاعْتِقادُ الحَقُّ مِن مَبْدَإ الخَلِيقَةِ، وعَلَيْهِ دَلَّتِ العُقُولُ الرّاجِحَةُ.
ومَعْنى (﴿لِيَكُونُوا لَهم عِزًّا﴾) لِيَكُونُوا مُعِزِّينَ لَهم، أيْ ناصِرِينَ، فَأخْبَرَ عَنِ الآلِهَةِ بِالمَصْدَرِ لِتَصْوِيرِ اعْتِقادِ المُشْرِكِينَ في آلِهَتِهِمْ أنَّهم نَفْسُ العِزِّ، أيْ أنَّ مُجَرَّدَ الِانْتِماءِ لَها يُكْسِبُهم عِزًّا. (p-١٦٤)وأجْرى عَلى الآلِهَةِ ضَمِيرَ العاقِلِ لِأنَّ المُشْرِكِينَ الَّذِينَ اتَّخَذُوهم تَوَهَّمُوهم عُقَلاءَ مُدَبِّرِينَ. والضَّمِيرانِ في قَوْلِهِ (سَيَكْفُرُونَ ويَكُونُونَ) يَجُوزُ أنْ يَكُونا عائِدَيْنِ إلى آلِهَةً، أيْ سَيُنْكِرُ الآلِهَةُ عِبادَةَ المُشْرِكِينَ إيّاهم، فَعَبَّرَ عَنِ الجُحُودِ والإنْكارِ بِالكُفْرِ، وسَتَكُونُ الآلِهَةُ ذُلًّا ضِدَّ العِزِّ. والأظْهَرُ أنَّ ضَمِيرَ (﴿سَيَكْفُرُونَ﴾) عائِدٌ إلى المُشْرِكِينَ، أيْ سَيَكْفُرُ المُشْرِكُونَ بِعِبادَةِ الآلِهَةِ فَيَكُونُ مُقابِلَ قَوْلِهِ (﴿واتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً﴾) . وفِيهِ تَمامُ المُقابَلَةِ، أيْ بَعْدَ أنْ تَكَلَّفُوا جَعْلَهم آلِهَةً لَهم سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ، فالتَّعْبِيرُ بِفِعْلِ (﴿سَيَكْفُرُونَ﴾) يُرَجِّحُ هَذا الحَمْلَ لِأنَّ الكُفْرَ شائِعٌ في الإنْكارِ الِاعْتِقادِيِّ لا في مُطْلَقِ الجُحُودِ، وأنَّ ضَمِيرَ يَكُونُونَ لِلْآلِهَةِ وفِيهِ تَشْتِيتُ الضَّمائِرِ. ولا ضَيْرَ في ذَلِكَ إذْ كانَ السِّياقُ يُرْجِعُ كُلًّا إلى ما يُناسِبُهُ، كَقَوْلِ عَبّاسِ بْنِ مِرْداسٍ:
؎عُدْنا ولَوْلا نَحْنُ أحْدَقَ جَمْعُهم بِالمُسْلِمِينَ وأحْرَزُوا ما جَمَّعُوا
أيْ وأحْرَزَ جَمْعُ المُشْرِكِينَ ما جَمَعَهُ المُسْلِمُونَ مِنَ الغَنائِمِ.
ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ ضَمِيرًا (سَيَكْفُرُونَ ويَكُونُونَ) راجِعَيْنِ إلى المُشْرِكِينَ، و”أنَّ“ حَرْفُ الِاسْتِقْبالِ لِلْحُصُولِ قَرِيبًا؛ أيْ سَيَكْفُرُ المُشْرِكُونَ بِعِبادَةِ الأصْنامِ ويَدْخُلُونَ في الإسْلامِ ويَكُونُونَ ضِدًّا عَلى الأصْنامِ يَهْدِمُونَ هَياكِلَها ويَلْعَنُونَها، فَهو بِشارَةٌ لِلنَّبِيءِ ﷺ بِأنَّ دِينَهُ سَيَظْهَرُ عَلى دِينِ الكُفْرِ. وفي هَذِهِ المُقابَلَةِ طِباقٌ مَرَّتَيْنِ.
والضِّدُّ: اسْمُ مَصْدَرٍ، وهو خِلافُ الشَّيْءِ في الماهِيَّةِ أوِ المُعامَلَةِ. ومِنَ الثّانِي تَسْمِيَةُ العَدُوِّ ضِدًّا. ولِكَوْنِهِ في مَعْنى المَصْدَرِ لَزِمَ في حالِ الوَصْفِ بِهِ حالَةً واحِدَةً بِحَيْثُ لا يُطابِقُ مَوْصُوفَهُ.
{"ayahs_start":81,"ayahs":["وَٱتَّخَذُوا۟ مِن دُونِ ٱللَّهِ ءَالِهَةࣰ لِّیَكُونُوا۟ لَهُمۡ عِزࣰّا","كَلَّاۚ سَیَكۡفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمۡ وَیَكُونُونَ عَلَیۡهِمۡ ضِدًّا"],"ayah":"وَٱتَّخَذُوا۟ مِن دُونِ ٱللَّهِ ءَالِهَةࣰ لِّیَكُونُوا۟ لَهُمۡ عِزࣰّا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق