الباحث القرآني
﴿وقُلْ رَبِّ أدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وأخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ واجْعَلْ لِي مِن لَدُنْكَ سُلْطانًا نَصِيرًا﴾ لَمّا أمَرَهُ اللَّهُ تَعالى بِالشُّكْرِ الفِعْلِيِّ عَطَفَ عَلَيْهِ الأمْرَ بِالشُّكْرِ اللِّسانِيِّ بِأنْ يَبْتَهِلَ إلى اللَّهِ بِسُؤالِ التَّوْفِيقِ في الخُرُوجِ مِن مَكانٍ، والدُّخُولِ إلى مَكانٍ؛ كَيْلا يَضُرَّهُ أنْ يَسْتَفِزَّهُ أعْداؤُهُ مِنَ الأرْضِ لِيُخْرِجُوهُ مِنها، مَعَ ما فِيهِ مِن المُناسَبَةِ لِقَوْلِهِ ﴿عَسى أنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقامًا مَحْمُودًا﴾ [الإسراء: ٧٩]، فَلَمّا وعَدَهُ بِأنْ يُقِيمَهُ مَقامًا مَحْمُودًا ناسَبَ أنْ يَسْألَ أنْ يَكُونَ ذَلِكَ حالَهُ في كُلِّ مَقامٍ يَقُومُهُ، وفي هَذا التَّلْقِينِ إشارَةٌ إلَهِيَّةٌ أنَّ اللَّهَ تَعالى مُخْرِجُهُ مِن مَكَّةَ إلى مُهاجَرٍ، والظّاهِرُ أنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ قُبَيْلَ العَقَبَةِ الأُولى الَّتِي كانَتْ مُقَدِّمَةً لِلْهِجْرَةِ إلى المَدِينَةِ.
والمُدْخَلُ والمُخْرَجُ بِضَمِّ المِيمِ وبِفَتْحِ الحَرْفِ الثّالِثِ أصْلُهُ اسْمُ مَكانِ الإدْخالِ والإخْراجِ، اخْتِيرَ هُنا الِاسْمُ المُشْتَقُّ مِنَ الفِعْلِ المُتَعَدِّي لِلْإشارَةِ إلى أنَّ المَطْلُوبَ دُخُولٌ وخُرُوجٌ مُيَسَّرانِ مِنَ اللَّهِ تَعالى وواقِعانِ بِإذْنِهِ، وذَلِكَ دُعاءٌ بِكُلِّ دُخُولٍ وخُرُوجٍ مُبارَكَيْنِ؛ لِتَتِمَّ بَيْنَ المَسْئُولِ وبَيْنَ المَوْعُودِ بِهِ وهو المَقامُ المَحْمُودُ، وهَذا السُّؤالُ يَعُمُّ كُلَّ مَكانٍ يَدْخُلُ إلَيْهِ، ومَكانٍ يَخْرُجُ مِنهُ.
والصِّدْقُ: هُنا المَكانُ وما يُحْمَدُ في نَوْعِهِ؛ لِأنَّ ما لَيْسَ بِمَحْمُودٍ فَهو كالكاذِبِ؛ لِأنَّهُ يُخْلِفُ ظَنَّ المُتَلَبِّسِ بِهِ.
وقَدْ عَمَّتْ هَذِهِ الدَّعْوَةُ جَمِيعَ المَداخِلِ إلى ما يُقَدَّرُ لَهُ الدُّخُولُ إلَيْهِ وجَمِيعَ المَخارِجِ الَّتِي يَخْرُجُ مِنها حَقِيقَةً أوْ مَجازًا، وعَطَفَ عَلَيْهِ سُؤالَ التَّأْيِيدِ (p-١٨٧)والنَّصْرِ في تِلْكَ المَداخِلِ والمَخارِجِ وغَيْرِها مِن الأقْطارِ النّائِيَةِ والأعْمالِ القائِمِ بِها غَيْرُهُ مِن أتْباعِهِ وأعْدائِهِ بِنَصْرِ أتْباعِهِ وخَذْلِ أعْدائِهِ.
فالسُّلْطانُ: اسْمُ مَصْدَرٍ يُطْلَقُ عَلى السُّلْطَةِ، وعَلى الحُجَّةِ، وعَلى المُلْكِ، وهو في هَذا المَقامِ كَلِمَةٌ جامِعَةٌ، عَلى طَرِيقَةِ اسْتِعْمالِ المُشْتَرَكِ في مَعانِيهِ أوْ هو مِن عُمُومِ المُشْتَرَكِ، تَشْمَلُ أنْ يَجْعَلَ لَهُ اللَّهُ تَأْيِيدًا وحُجَّةً وغَلَبَةً ومُلْكًا عَظِيمًا، وقَدْ آتاهُ اللَّهُ ذَلِكَ كُلَّهُ، فَنَصَرَهُ عَلى أعْدائِهِ، وسَخَّرَ لَهُ مَن لَمْ يُنَوِّهْ بِنُهُوضِ الحُجَّةِ وظُهُورِ دَلائِلِ الصِّدْقِ، ونَصْرِهِ بِالرُّعْبِ.
ومِنهم مَن فَسَّرَ المُدْخَلَ بِأنَّ المُخْرَجَ الإخْراجُ إلى فَتْحِ مَكَّةَ والمُدْخَلَ الإدْخالُ إلى بَلَدِ مَكَّةَ فاتِحًا، وجَعَلَ الآيَةَ نازِلَةً قُبَيْلَ الفَتْحِ، فَبَنى عَلَيْهِ أنَّها مَدَنِيَّةٌ، وهو مَدْخُولٌ مِن جِهاتٍ، وقَدْ تَقَدَّمَ أنَّ السُّورَةَ كُلَّها مَكِّيَّةٌ عَلى الصَّحِيحِ.
والنَّصِيرُ: مُبالَغَةٌ في النّاصِرِ، أيْ سُلْطانًا يَنْصُرُنِي، وإذا قَدْ كانَ العَمَلُ القائِمُ بِهِ النَّبِيءُ هو الدَّعْوَةَ إلى الإسْلامِ كانَ نَصْرُهُ تَأْيِيدًا لَهُ فِيما هو قائِمٌ بِهِ، فَصارَ هَذا الوَصْفُ تَقْيِيدًا لِلسُّلْطانِ بِأنَّهُ لَمْ يَسْألْ سُلْطانًا لِلِاسْتِعْلاءِ عَلى النّاسِ، وإنَّما سَألَ سُلْطانًا لِنَصْرِهِ فِيما يَطْلُبُ النُّصْرَةَ، وهو التَّبْلِيغُ وبَثُّ الإسْلامِ في النّاسِ.
{"ayah":"وَقُل رَّبِّ أَدۡخِلۡنِی مُدۡخَلَ صِدۡقࣲ وَأَخۡرِجۡنِی مُخۡرَجَ صِدۡقࣲ وَٱجۡعَل لِّی مِن لَّدُنكَ سُلۡطَـٰنࣰا نَّصِیرࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق