الباحث القرآني
﴿وإمّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِن رَبِّكَ تَرْجُوها فَقُلْ لَهم قَوْلًا مَيْسُورًا﴾ عَطْفٌ عَلى قَوْلِهِ ﴿وآتِ ذا القُرْبى حَقَّهُ والمِسْكِينَ﴾ [الإسراء: ٢٦]؛ لِأنَّهُ مِن تَمامِهِ.
والخِطابُ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ لِيَعُمَّ كُلَّ مُخاطَبٍ، والمَقْصُودُ بِالخِطابِ النَّبِيءُ ﷺ؛ لِأنَّهُ عَلى وِزانِ نَظْمِ قَوْلِهِ ﴿وقَضى رَبُّكَ ألّا تَعْبُدُوا إلّا إيّاهُ﴾ [الإسراء: ٢٣] فَإنَّ المُواجَهَةَ بِ رَبُّكَ في القُرْآنِ جاءَتْ غالِبًا لِخِطابِ النَّبِيءِ ﷺ، ويَعْدِلُهُ ما رُوِيَ «أنَّ النَّبِيءَ كانَ إذا سَألَهُ أحَدٌ مالًا ولَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ ما يُعْطِيهِ يُعْرِضُ عَنْهُ حَياءً» فَنَبَّهَهُ اللَّهُ إلى أدَبٍ أكْمَلَ مِنَ الَّذِي تَعَهَّدَهُ مِن قَبْلُ ويَحْصُلُ مِن ذَلِكَ تَعْلِيمٌ لِسائِرِ الأُمَّةِ.
وضَمِيرُ عَنْهم عائِدٌ إلى ذِي القُرْبى والمِسْكِينِ وابْنِ السَّبِيلِ.
والإعْراضُ: أصْلُهُ ضِدُّ الإقْبالِ مُشْتَقٌّ مِنَ العُرْضِ بِضَمِّ العَيْنِ أيِ الجانِبِ، فَأعَرَضَ بِمَعْنى أعْطى جانِبَهُ ﴿وإذا أنْعَمْنا عَلى الإنْسانِ أعْرَضَ ونَأى بِجانِبِهِ﴾ [الإسراء: ٨٣] وهو هُنا مَجازٌ في عَدَمِ الإيتاءِ أوْ كِنايَةٌ عَنْهُ؛ لِأنَّ الإمْساكَ يُلازِمُهُ الإعْراضُ، أيْ إنْ سَألَكَ أحَدُهم عَطاءً فَلَمْ تُجِبْهُ إلَيْهِ، أوْ إنْ لَمْ تَفْتَقِدْهم بِالعَطاءِ المَعْرُوفِ فَتَباءَنْتَ عَنْ لِقائِهِمْ حَياءً مِنهم أنْ تُلاقِيَهم بِيَدٍ فارِغَةٍ فَقُلْ لَهم قَوْلًا مَيْسُورًا.
والمَيْسُورُ: مَفْعُولٌ مِنَ اليُسْرِ، وهو السُّهُولَةُ، وفِعْلُهُ مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ، يُقالُ: يُسِرَ الأمْرُ بِضَمِّ الياءِ وكَسْرِ السِّينِ كَما يُقالُ: سُعِدَ الرَّجُلُ (p-٨٣)ونُحِسَ، والمَعْنى جُعِلَ يَسِيرًا غَيْرَ عَسِيرٍ، وكَذَلِكَ يُقالُ: عَسِيرٌ، والقَوْلُ المَيْسُورُ: اللِّينُ الحَسَنُ المَقْبُولُ عِنْدَهم، شِبْهُ المَقْبُولِ بِالمَيْسُورِ في قَبُولِ النَّفْسِ إيّاهُ؛ لِأنَّ غَيْرَ المَقْبُولِ عَسِيرٌ، أمَرَ اللَّهُ بِإرْفاقِ عَدَمِ الإعْطاءِ لِعَدَمِ المَوْجِدَةِ بِقَوْلٍ لَيِّنٍ حَسَنٍ بِالِاعْتِذارِ والوَعْدِ عِنْدَ المَوْجِدَةِ؛ لِئَلّا يُحْمَلَ الإعْراضُ عَلى قِلَّةِ الِاكْتِراثِ والشُّحِّ.
وقَدْ شَرَطَ الإعْراضَ بِشَرْطَيْنِ: أنْ يَكُونَ إعْراضًا؛ لِابْتِغاءِ رِزْقٍ مِنَ اللَّهِ، أيْ إعْراضًا لِعَدَمِ الجِدَةِ لا اعْتِراضًا لِبُخْلٍ عَنْهم، وأنْ يَكُونَ مَعَهُ قَوْلٌ لَيِّنٌ في الِاعْتِذارِ، وعُلِمَ مِن قَوْلِهِ ﴿ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِن رَبِّكَ﴾ أنَّهُ اعْتِذارٌ صادِقٌ، ولَيْسَ تَعَلُّلًا كَما قالَ بَشّارٌ:
؎ولِلْبَخِيلِ عَلى أمْوالِهِ عِلَلٌ زُرْقُ العُيُونِ عَلَيْها أوْجُهٌ سُودٌ
فَقَوْلُهُ ﴿ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِن رَبِّكَ﴾ حالٌ مِن ضَمِيرِ تُعْرِضَنَّ مُصَدَّرٌ بِالوَصْفِ، أيْ مُبْتَغِيًا رَحْمَةً مِن رَبِّكَ، وتَرْجُوها صِفَةٌ لِ رَحْمَةً، والرَّحْمَةُ هُنا هي الرِّزْقُ الَّذِي يَتَأتّى مِنهُ العَطاءُ بِقَرِينَةِ السِّياقِ، وفِيهِ إشارَةٌ إلى أنَّ الرِّزْقَ سَبَبٌ لِلرَّحْمَةِ؛ لِأنَّهُ إذا أعْطاهُ مُسْتَحِقَّهُ أُثِيبَ عَلَيْهِ، وهَذا إدْماجٌ.
وفِي ضِمْنِ هَذا الشَّرْطِ تَأْدِيبٌ لِلْمُؤْمِنِ إنْ كانَ فاقِدًا ما يَبْلُغُ بِهِ إلى فِعْلِ الخَيْرِ أنْ يَرْجُوَ مِنَ اللَّهِ تَيْسِيرَ أسْبابِهِ، وأنْ لا يَحْمِلَهُ الشُّحُّ عَلى السُّرُورِ بِفَقْدِ الرِّزْقِ لِلرّاحَةِ مِنَ البَذْلِ بِحَيْثُ لا يَعْدِمُ البَذْلَ إلّا وهو راجٍ أنْ يَسْهُلَ لَهُ في المُسْتَقْبَلِ حِرْصًا عَلى فَضِيلَتِهِ، وأنَّهُ لا يَنْبَغِي أنْ يُعْرِضَ عَنْ ذِي القُرْبى والمِسْكِينِ وابْنِ السَّبِيلِ إلّا في حالِ رَجاءِ حُصُولِ نِعْمَةٍ، فَإنْ حَصَلَتْ أعْطاهم.
{"ayah":"وَإِمَّا تُعۡرِضَنَّ عَنۡهُمُ ٱبۡتِغَاۤءَ رَحۡمَةࣲ مِّن رَّبِّكَ تَرۡجُوهَا فَقُل لَّهُمۡ قَوۡلࣰا مَّیۡسُورࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق