الباحث القرآني

﴿كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلاءِ وهَؤُلاءِ مِن عَطاءِ رَبِّكَ وما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا﴾ تَذْيِيلٌ لِآيَةِ ﴿مَن كانَ يُرِيدُ العاجِلَةَ﴾ [الإسراء: ١٨] إلى آخِرِها. وهَذِهِ الآيَةُ فَذْلَكَةٌ لِلتَّنْبِيهِ عَلى أنَّ اللَّهَ تَعالى لَمْ يَتْرُكْ خَلْقَهُ مِن أثَرِ رَحْمَتِهِ حَتّى الكَفَرَةَ مِنهُمُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِلِقائِهِ فَقَدْ أعْطاهم مِن نِعْمَةِ الدُّنْيا عَلى (p-٦٢)حَسَبِ ما قَدَّرَ لَهم وأعْطى المُؤْمِنِينَ خَيْرَيِ الدُّنْيا والآخِرَةِ، وذَلِكَ مِصْداقُ قَوْلِهِ ﴿ورَحْمَتِي وسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [الأعراف: ١٥٦] وقَوْلِهِ فِيما رَواهُ عَنْهُ نَبِيُّهُ ﷺ «إنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي» . وتَنْوِينُ كُلًّا تَنْوِينُ عِوَضٍ عَنْ المُضافِ إلَيْهِ، أيْ كُلَّ الفَرِيقَيْنِ، وهو مَنصُوبٌ عَلى المَفْعُولِيَّةِ لِفِعْلِ نُمِدُّ. وقَوْلُهُ ﴿هَؤُلاءِ وهَؤُلاءِ﴾ بَدَلٌ مِن قَوْلِهِ كُلًّا بَدَلٌ مُفَصَّلٌ مِن مُجْمَلٍ. ومَجْمُوعُ المَعْطُوفِ والمَعْطُوفِ عَلَيْهِ هو البَدَلُ كَقَوْلِ النَّبِيءِ ﷺ: «اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِن بَعْدِي أبِي بَكْرٍ وعُمَرَ»، والمَقْصُودُ مِنَ الإبْدالِ التَّعْجِيبُ مِن سِعَةِ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعالى. والإشارَةُ بِ هَؤُلاءِ في المَوْضِعَيْنِ إلى مَن كانَ يُرِيدُ العاجِلَةَ، ومَن أرادَ الآخِرَةَ، والأصْلُ أنْ يَكُونَ المَذْكُورُ أوَّلًا عائِدًا إلى الأوَّلِ إذا اتَّصَلَ بِأحَدِ الِاسْمَيْنِ ما يُعَيِّنُ مَعادَهُ، وقَدِ اجْتَمَعَ الأمْرانِ في قَوْلِ المُتَلَمِّسِ: ؎ولا يُقِيمُ عَلى ضَيْمٍ يُرادُ بِهِ إلّا الأذَلّانِ عَيْرُ الحَيِّ والوَتِدُ ؎هَذا عَلى الخَسْفِ مَرْبُوطٌ بِرُمَّتِهِ ∗∗∗ وذا يُشَجُّ فَلا يَرْثِي لَهُ أحَدُ والإمْدادُ: اسْتِرْسالُ العَطاءِ وتَعاقُبُهُ، وجَعْلُ الجَدِيدِ مِنهُ مَدَدًا لِلسّالِفِ بِحَيْثُ لا يَنْقَطِعُ، وجُمْلَةُ ﴿وما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا﴾ اعْتِراضٌ أوْ تَذْيِيلٌ، وعَطاءُ رَبِّكَ جِنْسُ العَطاءِ، والمَحْظُورُ: المَمْنُوعُ، أيْ ما كانَ مَمْنُوعًا بِالمَرَّةِ بَلْ لِكُلِّ مَخْلُوقٍ نَصِيبٌ مِنهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب