الباحث القرآني
﴿ولَقَدْ جَعَلْنا في السَّماءِ بُرُوجًا وزَيَّنّاها لِلنّاظِرِينَ﴾ ﴿وحَفِظْناها مِن كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ﴾ ﴿إلّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ﴾
لَمّا جَرى الكَلامُ السّابِقُ في شَأْنِ تَكْذِيبِ المُشْرِكِينَ بِرِسالَةِ مُحَمَّدٍ ﷺ وما تَرَكُوا بِهِ في ذَلِكَ، وكانَ الأصْلُ الأصِيلُ الَّذِي بَنَوْا عَلَيْهِ صَرْحَ التَّكْذِيبِ أصْلَيْنِ هُما إبْطالُهُ إلَهِيَّةَ أصْنامِهِمْ، وإثْباتُهُ البَعْثَ، انْبَرى القُرْآنُ يُبَيِّنُ لَهم دَلائِلَ تَفَرُّدِ اللَّهِ تَعالى بِالإلَهِيَّةِ، فَذَكَرَ الدَّلائِلَ الواضِحَةَ مِن خَلْقِ السَّماواتِ والأرْضِ، ثُمَّ أعْقَبَها بِدَلائِلَ إمْكانِ البَعْثِ مِن خَلْقِ الحَياةِ والمَوْتِ، وانْقِراضِ أُمَمٍ، وخَلَفَها بِأُخْرى في قَوْلِهِ تَعالى ﴿وإنّا لَنَحْنُ نُحْيِي ونُمِيتُ ونَحْنُ الوارِثُونَ﴾ [الحجر: ٢٣] الآيَةَ، وصادَفَ ذَلِكَ مُناسِبَةَ ذِكْرِ فَتْحِ أبْوابِ السَّماءِ في تَصْوِيرِ غُلْوائِهِمْ بِعِنادِهِمْ، فَكانَ الِانْتِقالُ إلَيْهِ تَخَلُّصًا بَدِيعًا.
وفِيهِ ضَرْبٌ مِنَ الِاسْتِدْلالِ عَلى مُكابَرَتِهِمْ فَإنَّهم لَوْ أرادُوا الحَقَّ لَكانَ لَهم في دَلالَةِ ما هو مِنهم غُنْيَةٌ عَنْ تَطَلُّبِ خَوارِقِ العاداتِ.
والخَبَرُ مُسْتَعْمَلٌ في التَّذْكِيرِ والِاسْتِدْلالِ؛ لِأنَّ مَدْلُولَ هَذِهِ الأخْبارِ مَعْلُومٌ لَدَيْهِمْ.
(p-٢٨)وافْتُتِحَ الكَلامُ بِلامِ القَسَمِ وحَرْفِ التَّحْقِيقِ تَنْزِيلًا لِلْمُخاطَبِينَ الذّاهِلِينَ عَنِ الِاسْتِدْلالِ بِذَلِكَ مَنزِلَةَ المُتَرَدِّدِ فَأُكِّدَ لَهُمُ الكَلامُ بِمُؤَكِّدَيْنِ، ومَرْجِعُ التَّأْكِيدِ إلى تَحْقِيقِ الِاسْتِدْلالِ وإلى الإلْجاءِ إلى الإقْرارِ بِذَلِكَ.
والبُرُوجُ: جَمْعُ بُرْجٍ بِضَمِّ الباءِ، وحَقِيقَتُهُ البِناءُ الكَبِيرُ المُتَّخَذُ لِلسُّكْنى أوْ لِلتَّحَصُّنِ، وهو يُرادِفُ القَصْرَ، قالَ تَعالى: ﴿ولَوْ كُنْتُمْ في بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ﴾ [النساء: ٧٨] في سُورَةِ النِّساءِ.
وأُطْلِقَ البُرْجُ عَلى بُقْعَةٍ مُعَيَّنَةٍ مِن سَمْتِ طائِفَةٍ مِنَ النُّجُومِ غَيْرِ السَّيّارَةِ، وتُسَمّى النُّجُومُ الثَّوابِتُ مُتَجَمِّعٌ بَعْضُها بِقُرْبِ بَعْضٍ عَلى أبْعادٍ بَيْنَها لا تَتَغَيَّرُ فِيما يُشاهَدُ مِنَ الجَوِّ، فَتِلْكَ الطّائِفَةُ تَكُونُ بِشَكْلٍ واحِدٍ يُشابِهُ نُقَطًا لَوْ خُطِّطَتْ بَيْنَها خُطُوطٌ لَخَرَجَ مِنها شِبْهُ صُورَةِ حَيَوانٍ أوْ آلَةٍ سَمَّوْا بِاسْمِها تِلْكَ النُّجُومَ المُشابِهَةَ لِهَيْئَتِها وهي واقِعَةٌ في خَطِّ سَيْرِ الشَّمْسِ.
وقَدْ سَمّاها الأقْدَمُونَ مِن عُلَماءِ التَّوْقِيتِ بِما يُرادِفُ مَعْنى الدّارِ أوِ المَكانِ، وسَمّاها العَرَبُ بُرُوجًا وداراتٍ عَلى سَبِيلِ الِاسْتِعارَةِ المَجْعُولَةِ سَبَبًا لِوَضْعِ الِاسْمِ؛ تَخَيَّلُوا أنَّها مَنازِلُ لِلشَّمْسِ؛ لِأنَّهم وقَّتُوا بِجِهَتِها سَمْتَ مَوْقِعِ الشَّمْسِ مِن قُبَّةِ الجَوِّ نَهارًا فِيما يُخَيَّلُ لِلنّاظِرِ أنَّ الشَّمْسَ تَسِيرُ في شِبْهِ قَوْسِ الدّائِرَةِ، وجَعَلُوها اثْنَيْ عَشَرَ مَكانًا بِعَدَدِ شُهُورِ السَّنَةِ الشَّمْسِيَّةِ، وما هي في الحَقِيقَةِ إلّا سُمُوتٌ لِجِهاتٍ تُقابِلُ كُلُّ جِهَةٍ مِنها الأرْضَ مِن جِهَةٍ وراءَ الشَّمْسِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً، ثُمَّ إذا انْتَقَلَ مَوْقِعُ الأرْضِ مِن مَدارِها كُلَّ شَهْرٍ مِنَ السَّنَةِ تَتَغَيَّرُ الجِهَةُ المُقابِلَةُ لَها، فَبِما كانَ لَها مِنَ النِّظامِ تَسَنّى أنْ تُجْعَلَ عَلاماتٍ لِمَواقِيتِ حُلُولِ الفُصُولِ الأرْبَعَةِ وحُلُولِ الأشْهُرِ الِاثْنَيْ عَشْرَ، فَهم ضَبَطُوا لِتِلْكَ العَلاماتِ حُدُودًا وهْمِيَّةً عَيَّنُوا مَكانَها في اللَّيْلِ مِن جِهَةِ مَوْقِعِ الشَّمْسِ في النَّهارِ، وأعادُوا رَصْدَها يَوْمًا فَيَوْمًا، وكُلَّما مَضَتْ مُدَّةُ شَهْرٍ مِنَ السَّنَةِ ضَبَطُوا لِلشَّهْرِ الَّذِي يَلِيهِ عَلاماتٍ في الجِهَةِ المُقابِلَةِ لِمَوْقِعِ الشَّمْسِ في تِلْكَ المُدَّةِ، وهَكَذا، حَتّى رَأوْا بَعْدَ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا أنَّهم قَدْ رَجَعُوا إلى (p-٢٩)مُقابِلَةِ الجِهَةِ الَّتِي ابْتَدَأُوا مِنها فَجَعَلُوا ذَلِكَ حَوْلًا كامِلًا، وتِلْكَ المَسافَةُ الَّتِي تُخالُ الشَّمْسُ قَدِ اجْتازَتْها في مُدَّةِ السَّنَةِ سَمَّوْها دائِرَةَ البُرُوجِ أوْ مِنطَقَةَ البُرُوجِ، ولِلتَّمْيِيزِ بَيْنَ تِلْكَ الطَّوائِفِ مِنَ النُّجُومِ جَعَلُوا لَها أسْماءَ الأشْياءِ الَّتِي شَبَّهُوها بِها وأضافُوا البُرْجَ إلَيْها.
وهِيَ عَلى هَذا التَّرْتِيبِ ابْتِداءٌ مِن بُرْجِ مَدْخَلِ فَصْلِ الرَّبِيعِ: الحَمَلُ، الثَّوْرُ، الجَوْزاءُ، مُشْتَقَّةٌ مِنَ الجَوْزِ بِفَتْحٍ فَسُكُونِ الوَسَطِ لِأنَّها مُعْتَرِضَةٌ في وسَطِ السَّماءِ، السَّرَطانُ، الأسَدُ، السُّنْبُلَةُ، المِيزانُ، العَقْرَبُ، القَوْسُ، الجَدْيُ، الدَّلْوُ، الحُوتُ.
فاعْتَبَرُوا لِبُرْجِ الحَمَلِ شَهْرَ (أبْرِيلَ) وهَكَذا، وذَلِكَ بِمُصادَفَةِ أنْ كانَتِ الشَّمْسُ يَوْمَئِذٍ في سَمْتِ شَكْلٍ نَجْمِيٍّ شَبَّهُوهُ بِنُقَطِ خُطُوطِ صُورَةِ كَبْشٍ، وبِذَلِكَ يُعْتَقَدُ أنَّ الأقْدَمِينَ ضَبَطُوا السَّنَةَ الشَّمْسِيَّةَ وقَسَّمُوها إلى الفُصُولِ الأرْبَعَةِ، وإلى الأشْهُرِ الِاثْنَيْ عَشَرَ قَبْلَ أنْ يَضْبِطُوا البُرُوجَ، وإنَّما ضَبَطُوا البُرُوجَ؛ لِقَصْدِ تَوْقِيتِ ابْتِداءِ الفُصُولِ بِالضَّبْطِ لِيَعْرِفُوا ما مَضى مِن مُدَّتِها وما بَقِيَ.
وأوَّلُ مَن رَسَمَ هَذِهِ الرُّسُومَ الكَلْدانِيُّونَ، ثُمَّ انْتَقَلَ عِلْمُهم إلى بَقِيَّةِ الأُمَمِ، ومِنهُمُ العَرَبُ فَعَرَفُوها وضَبَطُوها وسَمَّوْها بِلُغَتِهِمْ.
ولِذَلِكَ أقامَ القُرْآنُ الِاسْتِدْلالَ بِالبُرُوجِ عَلى عَظِيمِ قُدْرَتِهِ وانْفِرادِهِ بِالخَلْقِ؛ لِأنَّهم قَدْ عَرَفُوا دَقائِقَها ونِظامَها الَّذِي تَهَيَّأتْ بِهِ؛ لِأنْ تَكُونَ وسِيلَةَ ضَبْطِ المَواقِيتِ بِحَيْثُ لا تُخْلَفُ مُلاحَظَةُ راصِدِها، وما خَلَقَها اللَّهُ بِتِلْكَ الحالَةِ إلّا لِيَجْعَلَها صالِحَةً لِضَبْطِ المَواقِيتِ كَما قالَ تَعالى: ﴿لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ والحِسابَ﴾ [يونس: ٥] . ثُمَّ ارْتَقى في الِاسْتِدْلالِ بِكَوْنِ هَذِهِ البُرُوجِ العَظِيمَةِ الصُّنْعِ قَدْ جُعِلَتْ بِأشْكالٍ تَقَعُ مَوْقِعَ الحُسْنِ في الأنْظارِ؛ فَكانَتْ زِينَةً لِلنّاظِرِينَ يَتَمَتَّعُونَ بِمُشاهَدَتِها في اللَّيْلِ فَكانَتِ الفَوائِدُ مِنها عَدِيدَةً.
وأمّا قَوْلُهُ: ﴿وحَفِظْناها مِن كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ﴾ فَهو إدْماجٌ لِلتَّعْلِيمِ في أثْناءِ الِاسْتِدْلالِ، وفِيهِ التَّنْوِيهُ بِعِصْمَةِ الوَحْيِ مِن أنْ يَتَطَرَّقَهُ الزِّيادَةُ والنَّقْصُ، (p-٣٠)بِأنَّ العَوالِمَ الَّتِي يَصْدُرُ مِنها الوَحْيُ ويَنْتَقِلُ فِيها مَحْفُوظَةً مِنَ العَناصِرِ الخَبِيثَةِ، فَهو يَرْتَبِطُ بِقَوْلِهِ ﴿وإنّا لَهُ لَحافِظُونَ﴾ [الحجر: ٩]، وكانُوا يَقُولُونَ: مُحَمَّدٌ كاهِنٌ؛ ولِذَلِكَ قالَ الوَلِيدُ بْنُ المُغِيرَةِ لَمّا حاوَرَهم فِيما أعَدُّوا مِنَ الِاعْتِذارِ لِوُفُودِ العَرَبِ في مَوْسِمِ الحَجِّ إذا سَألُوهم عَنْ هَذا الرَّجُلِ الَّذِي ادَّعى النُّبُوءَةَ، وقَدْ عَرَضُوا عَلَيْهِ أنْ يَقُولُوا: هو كاهِنٌ، فَكانَ مِن كَلامِ الوَلِيدِ أنْ قالَ: . .، ولا واللَّهِ ما هو بِكاهِنٍ لَقَدْ رَأيْنا الكُهّانَ فَما هو بِزَمْزَمَةِ الكاهِنِ، ولا سَجْعِهِ، قالَ تَعالى ﴿ولا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ﴾ [الحاقة: ٤٢]، وكانَ الكُهّانُ يَزْعُمُونَ أنَّ لَهم شَياطِينَ تَأْتِيهِمْ بِخَبَرِ السَّماءِ، وهم كاذِبُونَ ويَتَفاوَتُونَ في الكَذِبِ.
والمُرادُ بِالحِفْظِ مِنَ الشَّياطِينِ الحِفْظُ مِنَ اسْتِقْرارِها وتَمَكُّنِها مِنَ السَّماواتِ، والشَّيْطانُ تَقَدَّمَ في سُورَةِ البَقَرَةِ.
والرَّجِيمُ: المُحَقَّرُ؛ لِأنَّ العَرَبَ كانُوا إذا احْتَقَرُوا أحَدًا حَصَبُوهُ بِالحَصْباءِ، كَقَوْلِهِ تَعالى ﴿قالَ فاخْرُجْ مِنها فَإنَّكَ رَجِيمٌ﴾ [الحجر: ٣٤]، أيْ: ذَمِيمٌ مُحَقَّرٌ.
والرُّجامُ - بِضَمِّ الرّاءِ -: الحِجارَةُ، قِيلَ هي أصْلُ الِاشْتِقاقِ، ويُحْتَمَلُ العَكْسُ، وقَدْ كانَ العَرَبُ يَرْجُمُونَ قَبْرَ أبِي رِغالٍ الثَّقَفِيِّ الَّذِي كانَ دَلِيلُ جَيْشِ الحَبَشَةِ إلى مَكَّةَ، قالَ جَرِيرٌ:
؎إذا ماتَ الفَرَزْدَقُ فارْجُمُوهُ كَما تَرْمُونَ قَبْرَ أبِي رِغالِ
والرَّجْمُ عادَةٌ قَدِيمَةٌ حَكاها القُرْآنُ عَنْ قَوْمِ نُوحٍ ﴿قالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ المَرْجُومِينَ﴾ [الشعراء: ١١٦]، وعَنْ أبِي إبْراهِيمَ ﴿لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأرْجُمَنَّكَ﴾ [مريم: ٤٦]، وقالَ قَوْمُ شُعَيْبٍ ﴿ولَوْلا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ﴾ [هود: ٩١] .
ولَيْسَ المُرادُ بِهِ الرَّجْمُ المَذْكُورُ عَقِبِهِ في قَوْلِهِ ﴿فَأتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ﴾؛ لِأنَّ الِاسْتِثْناءَ يَمْنَعُ مِن ذَلِكَ في قَوْلِهِ ﴿إلّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ﴾ .
(p-٣١)واسْتِراقُ السَّمْعِ: سَرِقَتُهُ، صِيغَ وزْنُ الِافْتِعالِ لِلتَّكْلِيفِ، ومَعْنى اسْتِراقِهِ الِاسْتِماعَ بِخِفْيَةٍ مِنَ المُتَحَدِّثِ كَأنَّ المُسْتَمِعَ يَسْرِقُ مِنَ المُتَكَلِّمِ كَلامَهُ الَّذِي يُخْفِيهِ عَنْهُ.
وأتْبَعَهُ بِمَعْنى تَبِعَهُ، والهَمْزَةُ زائِدَةٌ مِثْلَ هَمْزَةِ (أبانَ) بِمَعْنى (بانَ)، وتَقَدَّمَ في قَوْلِهِ تَعالى ﴿فَأتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الغاوِينَ﴾ [الأعراف: ١٧٥] في سُورَةِ الأعْرافِ.
والمُبِينُ: الظّاهِرُ البَيِّنُ.
وفِيهِ تَعْلِيمٌ لَهم بِأنَّ الشُّهُبَ الَّتِي يُشاهِدُونَها مُتَساقِطَةً في السَّماءِ هي رُجُومٌ لِلشَّياطِينِ المُسْتَرِقَةِ؛ طَرْدًا لَها عَنِ اسْتِراقِ السَّمْعِ كامِلًا، فَقَدْ عَرَفُوا ذَلِكَ مِن عَهْدِ الجاهِلِيَّةِ ولَمْ يَعْرِفُوا سَبَبَهُ.
والمَقْصُودُ مِن مَنعِ الشَّياطِينِ مِن ذَلِكَ مَنعُهُمُ الِاطِّلاعَ عَلى ما أرادَ اللَّهُ عَدَمَ اطِّلاعِهِمْ عَلَيْهِ مِن أمْرِ التَّكْوِينِ ونَحْوِهِ، مِمّا لَوْ ألْقَتْهُ الشَّياطِينُ في عِلْمِ أوْلِيائِهِمْ؛ لَكانَ ذَلِكَ فَسادًا في الأرْضِ، ورُبَّما اسْتَدْرَجَ اللَّهُ الشَّياطِينَ وأوْلِياءَهم فَلَمْ يَمْنَعِ الشَّياطِينَ مِنَ اسْتِراقِ شَيْءٍ قَلِيلٍ يُلْقُونَهُ إلى الكُهّانِ، فَلَمّا أرادَ اللَّهُ عِصْمَةَ الوَحْيِ مَنَعَهم مِن ذَلِكَ بَتاتًا؛ فَجَعَلَ لِلشُّهُبِ قُوَّةَ خَرْقِ التَّمَوُّجاتِ الَّتِي تَتَلَقّى مِنها الشَّياطِينُ المُسْتَرِقُونَ السَّمْعَ، وتَمْزِيقَ تِلْكَ التَّدَرُّجاتِ المَوْصُوفَةِ في الحَدِيثِ الصَّحِيحِ.
ثُمَّ إنَّ ظاهِرَ الآيَةِ لا يَقْتَضِي أكْثَرَ مِن تَحَكُّكِ مُسْتَرِقِ السَّمْعِ عَلى السَّماواتِ لِتَحْصِيلِ انْكِشافاتِ جَبْلِ المُسْتَرِقِ عَلى الحِرْصِ عَلى تَحْصِيلِها، وفي آيَةِ الشُّعَراءِ ما يَقْتَضِي أنَّ هَذا المُسْتَرِقَ يُلْقِي ما تَلْقاهُ مِنَ الِانْكِشافاتِ إلى غَيْرِهِ لِقَوْلِهِ: ﴿يُلْقُونَ السَّمْعَ وأكْثَرُهم كاذِبُونَ﴾ [الشعراء: ٢٢٣] .
ومُقْتَضى تَكْوِينِ الشُّهُبِ لِلرَّجْمِ أنَّ هَذا الِاسْتِراقَ قَدْ مُنِعَ عَنِ الشَّياطِينِ.
وفِي سُورَةِ الجِنِّ دَلالَةٌ عَلى أنَّهُ مُنِعَ بَعْدَ البِعْثَةِ، ونُزُولِ القُرْآنِ؛ إحْكامًا لِحِفْظِ الوَحْيِ مِن أنْ يَلْتَبِسَ عَلى النّاسِ بِالكِهانَةِ، فَيَكُونُ ما اقْتَضاهُ حَدِيثُ عائِشَةَ وأبِي (p-٣٢)هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما - مِنَ اسْتِراقِ الجِنِّ السَّمْعَ وصْفًا لِلْكِهانَةِ السّابِقَةِ ويَكُونُ قَوْلُهُ «لَيْسُوا بِشَيْءٍ» . . . وصْفًا لِآخِرِ أمْرِهِمْ.
وقَدْ ثَبَتَ بِالكِتابِ والسُّنَّةِ وُجُودُ مَخْلُوقاتٍ تُسَمّى بِالجِنِّ وبِالشَّياطِينِ مَعَ قَوْلِهِ ﴿والشَّياطِينَ كُلَّ بَنّاءٍ وغَوّاصٍ﴾ [ص: ٣٧] الآيَةَ، والأكْثَرُ أنْ يُخَصَّ بِاسْمِ الجِنِّ نَوْعٌ لا يُخالِطُ خَواطِرَ البَشَرِ، ويُخَصُّ بِاسْمِ الشَّياطِينِ نَوْعٌ دَأْبُهُ الوَسْوَسَةُ في عُقُولِ البَشَرِ بِإلْقاءِ الخَواطِرِ الفاسِدَةِ.
وظَواهِرُ الأخْبارِ الصَّحِيحَةِ مِنَ الكِتابِ والسُّنَّةِ تَدُلُّ عَلى أنَّ هَذِهِ المَخْلُوقاتِ أصْنافٌ، وأنَّها سابِحَةٌ في الأجْواءِ، وفي طَبَقاتٍ مِمّا وراءَ الهَواءِ وتَتَّصِلُ بِالأرْضِ، وأنَّ مِنها أصْنافًا لَها اتِّصالٌ بِالنُّفُوسِ البَشَرِيَّةِ دُونَ الأجْسامِ وهو الوَسْواسُ ولا يَخْلُو مِنهُ البَشَرُ.
وبَعْضُ ظَواهِرِ الأخْبارِ مِنَ السُّنَّةِ تَقْتَضِي أنَّ صِنْفًا لَهُ اتِّصالٌ بِنُفُوسٍ ذاتِ اسْتِعْدادٍ خاصٍّ لِاسْتِفادَةِ مَعْرِفَةِ الواقِعاتِ قَبْلِ وُقُوعِها أوِ الواقِعاتِ الَّتِي يَبْعُدُ في مَجارِي العاداتِ بُلُوغُ وُقُوعِها، فَتَسْبِقُ بَعْضُ النُّفُوسِ بِمَعْرِفَتِها قَبْلَ بُلُوغِها المُعْتادِ، وهَذِهِ النُّفُوسُ هي نُفُوسُ الكُهّانِ وأهْلِ الشَّعْوَذَةِ، وهَذا الصِّنْفُ مِنَ المَخْلُوقاتِ مِنَ الجِنِّ أوِ الشَّياطِينِ هو المُسَمّى بِمُسْتَرِقِ السَّمْعِ وهو المُسْتَثْنى بِقَوْلِهِ تَعالى ”إلّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ“، فَهَذا الصِّنْفُ إذا اتَّصَلَ بِتِلْكَ النُّفُوسِ المُسْتَعِدَّةِ لِلِاخْتِلاطِ بِهِ حُجِزَ بَعْضُ قُواها العَقْلِيَّةِ عَنْ بَعْضٍ فَأُكْسِبَ البَعْضُ المَحْجُوزُ عَنْهُ ازْدِيادَ تَأْثِيرٍ في وظائِفِهِ بِما يَرْتَدُّ عَلَيْهِ مِن جَرّاءِ تَفَرُّغِ القُوَّةِ الذِّهْنِيَّةِ مِنَ الِاشْتِغالِ بِمُزاحَمَةٍ إلى التَّوَجُّهِ إلَيْهِ وحْدَهُ، فَتُكْسِبُهُ قُدْرَةً عَلى تَجاوُزِ الحَدِّ المُعْتادِ لِأمْثالِهِ، فَيَخْتَرِقُ الحُدُودَ المُتَعارَفَةَ لِأمْثالِهِ اخْتِراقًا ما، فَرُبَّما خَلُصَتْ إلَيْهِ تَمَوُّجاتٍ هي أوْساطٌ بَيْنَ تَمَوُّجاتِ كُرَةِ الهَواءِ وتَمَوُّجاتِ الطَّبَقاتِ العُلْيا المُجاوِرَةِ لَها، مِمّا وراءَ الكُرَةِ الهَوائِيَّةِ.
ولْنَفْرِضْ أنَّ هَذِهِ الطَّبَقَةَ هي المُسَمّاةُ بِالسَّماءِ الدُّنْيا وأنَّ هَذِهِ التَّمَوُّجاتِ هي تَمَوُّجاتُ الأثِيرِ فَإنَّها تَحْفَظُ الأصْواتَ مَثَلًا.
(p-٣٣)ثُمَّ هَذِهِ التَّمَوُّجاتُ الَّتِي تَخْلُصُ إلى عُقُولِ أهْلِ هَذِهِ النُّفُوسِ المُسْتَعِدَّةِ لَها تَخْلُصُ إلَيْها مُقَطَّعَةً مُجْمَلَةً فَيَسْتَعِينُ أصْحابُ تِلْكَ النُّفُوسِ عَلى تَأْلِيفِها وتَأْوِيلِها بِما في طِباعِهِمْ مِن ذَكاءٍ وزَكانَةٍ، ويُخْبِرُونَ بِحاصِلِ ما اسْتَخْلَصُوهُ مِن بَيْنِ ما تَلَقَّفُوهُ وما ألَّفُوهُ وما أوَّلُوهُ، وهم في مُصادَفَةِ بَعْضِ الصِّدْقِ مُتَفاوِتُونَ عَلى مِقْدارِ تَفاوُتِهِمْ في حِدَّةِ الذَّكاءِ وصَفاءِ الفَهْمِ والمُقارَنَةِ بَيْنَ الأشْياءِ، وعَلى مِقْدارِ دُرْبَتِهِمْ ورُسُوخِهِمْ في مُعالَجَةِ مِهْنَتِهِمْ وتَقادُمِ عَهْدِهِمْ فِيها. فَهَؤُلاءِ هُمُ الكُهّانُ، وكانُوا كَثِيرِينَ بَيْنَ قَبائِلِ العَرَبِ، وتَخْتَلِفُ سُمْعَتِهِمْ بَيْنَ أقْوامِهِمْ بِمِقْدارِ مُصادَفَتِهِمْ لِما في عُقُولِ أقْوامِهِمْ، ولا شَكَّ أنَّ لِسَذاجَةِ عُقُولِ القَوْمِ أثَرًا ما، وكانَ أقْوامُهم يَعُدُّونَ المُعَمَّرِينَ مِنهم أقْرَبَ إلى الإصابَةِ فِيما يُنْبِئُونَ بِهِ، وهم بِفَرْطِ فِطْنَتِهِمْ واسْتِغْفالِهِمُ اللَّهُ مِن مُرِيدِيهِمْ لا يُصْدِرُونَ إلّا كَلامًا مُجْمَلًا مُوَجَّهًا قابِلًا لِلتَّأْوِيلِ بِعِدَّةِ احْتِمالاتٍ، بِحَيْثُ لا يُؤْخَذُونَ بِالتَّكْذِيبِ الصَّرِيحِ، فَيَكِلُونَ تَأْوِيلَ كَلِماتِهِمْ إلى ما يَحْدُثُ لِلنّاسِ في مِثْلِ الأغْراضِ الصّادِرَةِ فِيها تِلْكَ الكَلِماتُ، وكَلامُهم خُلُوٌّ مِنَ الإرْشادِ والحَقائِقِ الصّالِحَةِ.
وهم بِحِيلَتِهِمْ واطِّلاعِهِمْ عَلى مَيادِينِ النُّفُوسِ ومُؤْثِراتِها التَزَمُوا أنْ يَصُوغُوا كَلامَهُمُ الَّذِي يُخْبِرُونَ بِهِ في صِيغَةٍ خاصَّةٍ مُلْتَزَمًا فِيها فِقْراتٌ قَصِيرَةٌ مُخْتَتَمَةٌ بِأسْجاعٍ؛ لِأنَّ النّاسَ يَحْسَبُونَ مُزاوَجَةَ الفِقْرَةِ لِأُخْتِها دَلِيلًا عَلى مُصادَفَتِها الحَقَّ والواقِعَ، وأنَّها أمارَةُ صِدْقٍ، وكانُوا في الغالِبِ يَلُوذُونَ بِالعُزْلَةِ، ويُكْثِرُونَ النَّظَرَ في النُّجُومِ لَيْلًا لِتَتَفَرَّغَ أذْهانُهم، فَهَذا حالُ الكُهّانِ وهو قائِمٌ عَلى أساسِ الدَّجَلِ والحِيلَةِ والشَّعْوَذَةِ مَعَ الِاسْتِعانَةِ بِاسْتِعْدادٍ خاصٍّ في النَّفْسِ وقُوَّةٍ تَخْتَرِقُ الحَواجِزَ المَأْلُوفَةَ.
وهَذا يُفَسِّرُهُ ما في كِتابِ الأدَبِ مِن صَحِيحِ البُخارِيِّ عَنْ عائِشَةَ: «أنَّ ناسًا سَألُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنِ الكُهّانِ فَقالَ لَيْسُوا بِشَيْءٍ (أيْ: لا وُجُودَ لِما يَزْعُمُونَهُ)، فَقِيلَ: يا رَسُولَ اللَّهِ فَإنَّهم يُحَدِّثُونَ أحْيانًا بِالشَّيْءِ (p-٣٤)يَكُونُ حَقًّا، فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: تِلْكَ الكَلِمَةُ مِنَ الحَقِّ يَخْطِفُها الجِنِّيُّ فَيُقِرُّها في أُذُنِ ولَيِّهِ قَرَّ الدَّجاجَةِ فَيَخْلِطُونَ فِيها أكْثَرَ مِن مِائَةِ كِذْبَةٍ» .
وما في تَفْسِيرِ سُورَةِ الحِجْرِ مِن صَحِيحِ البُخارِيِّ مِن حَدِيثِ سُفْيانَ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ «إذا قَضى اللَّهُ الأمْرَ في السَّماءِ (أيْ: أمَرَ أوْ أوْحى) وضَرَبَتِ المَلائِكَةُ بِأجْنِحَتِها خُضْعانًا لِقَوْلِهِ (فَإنَّهُمُ المَأْمُورُونَ كُلٌّ في وظِيفَتِهِ) كالسِّلْسِلَةِ عَلى صَفْوانٍ يَنْفُذُهم ذَلِكَ (أيْ: يَحْصُلُ العِلْمُ لَهم، وتَقْرِيبُها حَرَكاتُ آلَةِ تَلَقِّي الرَّسائِلِ البَرْقِيَّةِ - تِلِغْرافُ) فَيَسْمَعُها مُسْتَرِقُو السَّمْعَ، ومُسْتَرِقُو السَّمْعَ هَكَذا واحِدٌ فَوْقَ آخَرَ (أيْ: هي طَبَقاتٌ مُفاوَتَةٌ في العُلُوِّ)، ووَصْفُ سُفْيانَ بِيَدِهِ نُحَرِّفُها وفَرَّجَ بَيْنَ أصابِعِ يَدِهِ اليُمْنى نَصَبَها بَعْضَها فَوْقَ بَعْضٍ، فَيَسْمَعُ المُسْتَرِقُ الكَلِمَةَ فَيُلْقِيها إلى مَن تَحْتَهُ ثُمَّ يُلْقِيها الآخَرُ إلى مَن تَحْتَهُ حَتّى يُلْقِيَها عَلى لِسانِ الكاهِنِ أوِ السّاحِرِ، فَرُبَّما أدْرَكَ الشِّهابُ المُسْتَمِعَ قَبْلَ أنْ يُلْقِيَها، ورُبَّما ألْقاها قَبْلَ أنْ يُدْرِكَهُ فَيَكْذِبُ مَعَها مِائَةَ كِذْبَةٍ، فَيَقُولُونَ: ألَمْ يُخْبِرْنا يَوْمَ كَذا وكَذا يَكُونُ كَذا وكَذا فَوَجَدْناهُ حَقًّا لِلْكَلِمَةِ الَّتِي سُمِعَتْ مِنَ السَّماءِ» .
أمّا أخْبارُ الكُهّانِ وقِصَصُهم فَأكْثَرُها مَوْضُوعاتٌ وتَكاذِيبُ، وأصَحُّها حَدِيثُ سَوادِ بْنِ قارِبٍ في قِصَّةِ إسْلامِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِن صَحِيحِ البُخارِيِّ.
وهَذِهِ الظَّواهِرُ كُلُّها لا تَقْتَضِي إلّا إدْراكَ المَسْمُوعاتِ مِن كَلامِ المَلائِكَةِ، ولا مَحالَةَ أنَّها مُقَرَّبَةٌ بِالمَسْمُوعاتِ؛ لِأنَّها دَلالَةٌ عَلى عَزائِمِ النُّفُوسِ المَلَكِيَّةِ وتَوَجُّهاتِها نَحْوَ مُسَخَّراتِهِا.
وعَبَّرَ عَنْهُ بِالسَّمْعِ؛ لِأنَّهُ يُؤَوَّلُ إلى الخَبَرِ، فالَّذِي يَحْصُلُ لِمُسْتَرِقِ السَّمْعِ شُعُورُ ما تَتَوَجَّهُ المَلائِكَةُ لِتَسْخِيرِهِ، والَّذِي يَحْصُلُ لِلْكاهِنِ كَذَلِكَ، والمَآلُ أنَّ الكاهِنَ يُخْبِرُ بِهِ فَيُؤَوَّلُ إلى مَسْمُوعٍ.
{"ayahs_start":16,"ayahs":["وَلَقَدۡ جَعَلۡنَا فِی ٱلسَّمَاۤءِ بُرُوجࣰا وَزَیَّنَّـٰهَا لِلنَّـٰظِرِینَ","وَحَفِظۡنَـٰهَا مِن كُلِّ شَیۡطَـٰنࣲ رَّجِیمٍ","إِلَّا مَنِ ٱسۡتَرَقَ ٱلسَّمۡعَ فَأَتۡبَعَهُۥ شِهَابࣱ مُّبِینࣱ"],"ayah":"وَلَقَدۡ جَعَلۡنَا فِی ٱلسَّمَاۤءِ بُرُوجࣰا وَزَیَّنَّـٰهَا لِلنَّـٰظِرِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق