الباحث القرآني
﴿اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشاءُ ويَقْدِرُ وفَرِحُوا بِالحَياةِ الدُّنْيا وما الحَياةُ الدُّنْيا في الآخِرَةِ إلّا مَتاعٌ﴾
هَذِهِ الجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنافًا بَيانِيًّا جَوابًا عَمّا يَهْجِسُ في نُفُوسِ السّامِعِينَ مِنَ المُؤْمِنِينَ والكافِرِينَ مِن سَماعِ قَوْلِهِ ﴿أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ ولَهم سُوءُ الدّارِ﴾ [الرعد: ٢٥] (p-١٣٤)المُفِيدُ أنَّهم مَغْضُوبٌ عَلَيْهِمْ، فَأمّا المُؤْمِنُونَ فَيَقُولُونَ: كَيْفَ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لَهم في الدُّنْيا فازْدادُوا بِهِ طُغْيانًا وكُفْرًا وهَلّا عَذَّبَهم في الدُّنْيا بِالخَصاصَةِ كَما قَدَّرَ تَعْذِيبَهم في الآخِرَةِ، وذَلِكَ مِثْلَ قَوْلِ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ ﴿رَبَّنا إنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ ومَلَأهُ زِينَةً وأمْوالًا في الحَياةِ الدُّنْيا رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ﴾ [يونس: ٨٨]، وأمّا الكافِرُونَ فَيَسْخَرُونَ مِنَ الوَعِيدِ مُزْدَهِينَ بِما لَهم مِن نِعْمَةٍ. فَأُجِيبَ الفَرِيقانِ بِأنَّ اللَّهَ يَشاءُ بَسْطَ الرِّزْقِ لِبَعْضِ عِبادِهِ ونَقْصَهُ لِبَعْضٍ آخَرَ لِحِكْمَةٍ مُتَّصِلَةٍ بِأسْبابِ العَيْشِ في الدُّنْيا، ولِذَلِكَ اتِّصالٌ بِحالِ الكَرامَةِ عِنْدَهُ في الآخِرَةِ. ولِذَلِكَ جاءَ التَّعْمِيمُ في قَوْلِهِ لِمَن يَشاءُ، ومَشِيئَتُهُ تَعالى وأسْبابُها لا يَطَّلِعُ عَلَيْها أحَدٌ.
وأفادَ تَقْدِيمُ المُسْنَدِ إلَيْهِ عَلى الخَبَرِ الفِعْلِيِّ في قَوْلِهِ اللَّهُ يَبْسُطُ تَقْوِيَةً لِلْحُكْمِ وتَأْكِيدًا؛ لِأنَّ المَقْصُودَ أنْ يَعْلَمَهُ النّاسُ ولَفْتَ العُقُولِ إلَيْهِ عَلى رَأْيِ السَّكّاكِيِّ في أمْثالِهِ. ولَيْسَ المَقامُ مَقامَ إفادَةِ الحَصْرِ كَما دَرَجَ عَلَيْهِ الكَشّافُ إذْ لَيْسَ ثَمَّةَ مَن يَزْعُمُ الشَّرِكَةَ لِلَّهِ في ذَلِكَ، أوْ مَن يَزْعُمُ أنَّ اللَّهَ لا يَفْعَلُ ذَلِكَ فَيَقْصِدُ الرَّدَّ عَلَيْهِ بِطَرِيقِ القَصْرِ.
والبَسْطُ: مُسْتَعارٌ لِلْكَثْرَةِ ولِلدَّوامِ. والقَدْرُ: كِنايَةٌ عَنِ القِلَّةِ.
ولَمّا كانَ المَقْصُودُ الأوَّلُ مِن هَذا الكَلامِ تَعْلِيمَ المُسْلِمِينَ كانَ الكَلامُ مُوَجَّهًا إلَيْهِمْ.
وجِيءَ في جانِبِ الكافِرِينَ بِضَمِيرِ الغَيْبَةِ إشارَةً إلى أنَّهم أقَلُّ مِن أنْ يَفْهَمُوا هَذِهِ الدَّقائِقَ لِعُنْجُهِيَّةِ نُفُوسِهِمْ فَهم فَرِحُوا بِما لَهم في الحَياةِ الدُّنْيا وغَفَلُوا عَنِ الآخِرَةِ، فالفَرَحُ المَذْكُورُ فَرَحُ بَطَرٍ وطُغْيانٍ كَما في قَوْلِهِ تَعالى في شَأْنِ قارُونَ ﴿إذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الفَرِحِينَ﴾ [القصص: ٧٦]، فالمَعْنى فَرِحُوا بِالحَياةِ الدُّنْيا دُونَ اهْتِمامٍ بِالآخِرَةِ. وهَذا المَعْنى أفادَهُ الِاقْتِصارُ عَلى ذِكْرِ الدُّنْيا في حِينِ ذَكَرَ الآخِرَةَ أيْضًا بِقَوْلِهِ ﴿وما الحَياةُ الدُّنْيا في الآخِرَةِ إلّا مَتاعٌ﴾ .
(p-١٣٥)والمُرادُ بِالحَياةِ الدُّنْيا وبِالآخِرَةِ نَعِيمُهُما بِقَرِينَةِ السِّياقِ، فالكَلامُ مِن إضافَةِ الحُكْمِ إلى الذّاتِ والمُرادُ أحْوالُها.
و(في) ظَرْفٌ مُسْتَقِرٌّ حالٌ مِنَ الحَياةِ الدُّنْيا، ومَعْنى (في) الظَّرْفِيَّةُ المَجازِيَّةُ بِمَعْنى المُقايَسَةِ، أيْ إذا نُسِبَتْ أحْوالُ الحَياةِ الدُّنْيا بِأحْوالِ الآخِرَةِ ظَهَرَ أنَّ أحْوالَ الدُّنْيا مَتاعٌ قَلِيلٌ، وتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ ﴿فَما مَتاعُ الحَياةِ الدُّنْيا في الآخِرَةِ إلّا قَلِيلٌ﴾ [التوبة: ٣٨] في سُورَةِ بَراءَةَ.
والمَتاعُ: ما يُتَمَتَّعُ بِهِ ويَنْقَضِي. وتَنْكِيرُهُ لِلتَّقْلِيلِ كَقَوْلِهِ ﴿لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا في البِلادِ مَتاعٌ قَلِيلٌ﴾ [آل عمران: ١٩٦] .
{"ayah":"ٱللَّهُ یَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن یَشَاۤءُ وَیَقۡدِرُۚ وَفَرِحُوا۟ بِٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَا وَمَا ٱلۡحَیَوٰةُ ٱلدُّنۡیَا فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ إِلَّا مَتَـٰعࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق