الباحث القرآني
﴿وقالَ نِسْوَةٌ في المَدِينَةِ امْرَأةُ العَزِيزِ تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَها حُبًّا إنّا لَنَراها في ضَلالٍ مُبِينٍ﴾
النِّسْوَةُ: اسْمُ جَمْعِ امْرَأةٍ لا مُفْرَدَ لَهُ، وهو اسْمُ جَمْعِ قِلَّةٍ مِثْلُهُ نِساءٌ. وتَقَدَّمَ في قَوْلِهِ - تَعالى: ﴿ونِساءَنا ونِساءَكُمْ﴾ [آل عمران: ٦١] في سُورَةِ آلِ عِمْرانَ.
وقَوْلُهُ: ﴿فِي المَدِينَةِ﴾ صِفَةٌ لِنِسْوَةٍ. والمَقْصُودُ مِن ذِكْرِ هَذِهِ الصِّفَةِ أنَّهُنَّ كُنَّ مُتَفَرِّقاتٍ في دِيارٍ مِنَ المَدِينَةِ. وهَذِهِ المَدِينَةُ هي قاعِدَةُ مِصْرَ السُّفْلى (p-٢٦٠)وهِيَ مَدِينَةُ (مَنفِيسَ) حَيْثُ كانَ قَصْرُ العَزِيزِ، فَنُقِلَ الخَبَرُ في بُيُوتِ المُتَّصِلِينَ بِبَيْتِ العَزِيزِ. وقِيلَ: إنَّ امْرَأةَ العَزِيزِ باحَتْ بِالسِّرِّ لِبَعْضِ خَلائِلِها فَأفْشَيْنَهُ كَأنَّها أرادَتِ التَّشاوُرَ مَعَهُنَّ، أوْ أرادَتِ الِارْتِياحَ بِالحَدِيثِ إلَيْهِنَّ ”ومَن أحَبَّ شَيْئًا أكْثَرَ مِن ذِكْرِهِ“ . وهَذا الَّذِي يَقْتَضِيهِ قَوْلُهُ: ﴿وأعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً﴾ [يوسف: ٣١] وقَوْلُهُ: ﴿ولَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ﴾ [يوسف: ٣٢]
والفَتى: الَّذِي في سِنِّ الشَّبابِ، ويُكَنّى بِهِ عَنِ المَمْلُوكِ وعَنِ الخادِمِ كَما يُكَنّى بِالغُلامِ والجارِيَةِ وهو المُرادُ هُنا. وإضافَتُهُ إلى ضَمِيرِ ﴿امْرَأةُ العَزِيزِ﴾ لِأنَّهُ غُلامُ زَوْجِها فَهو غُلامٌ لَها بِالتَّبَعِ ما دامَتْ زَوْجَةٌ لِمالِكِهِ.
وشَغَفَ: فِعْلٌ مُشْتَقٌّ مِنِ اسْمٍ جامِدٍ، وهو الشِّغافُ بِكَسْرِ الشِّينِ المُعْجَمَةِ وهو غِلافُ القَلْبِ. وهَذا الفِعْلُ مِثْلَ كَبَدَهُ ورَآهُ وجَبَهَهُ، إذا أصابَ كَبِدَهُ ورِئَتَهُ وجَبْهَتَهُ.
والضَّمِيرُ المُسْتَتِرُ في ﴿شَغَفَها﴾ لِـ ﴿فَتاها﴾ . ولِما فِيهِ مِنَ الإجْمالِ جِيءَ بِالتَّمْيِيزِ لِلنِّسْبَةِ بِقَوْلِهِ: ﴿حُبًّا﴾ . وأصْلُهُ شَغَفَها حُبُّهُ، أيْ أصابَ حُبُّهُ شِغافَها، أيِ اخْتَرَقَ الشَّغافَ فَبَلَغَ القَلْبَ، كِنايَةٌ عَنِ التَّمَكُّنِ.
وتَذْكِيرُ الفِعْلِ في ﴿وقالَ نِسْوَةٌ﴾ لِأنَّ الفِعْلَ المُسْنَدَ إلى ألْفاظِ الجُمُوعِ غَيْرُ الجَمْعِ المُذَكِّرِ السّالِمِ يَجُوزُ تَجْرِيدُهُ مِنَ التّاءِ بِاعْتِبارِ الجَمْعِ، وقَرْنُهُ بِالتّاءِ بِاعْتِبارِ الجَماعَةِ مِثْلَ ﴿وجاءَتْ سَيّارَةٌ﴾ [يوسف: ١٩]
وأمّا الهاءُ الَّتِي في آخِرِ ﴿نِسْوَةٌ﴾ فَلَيْسَتْ عَلامَةَ تَأْنِيثٍ بَلْ هي هاءُ فِعْلَةٍ جَمْعُ تَكْسِيرٍ، مِثْلَ صِبْيَةٍ وغَلِمَةٍ.
وقَدْ تَقَدَّمَ وجْهُ تَسْمِيَةِ الَّذِي اشْتَرى يُوسُفَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - بِاسْمِ العَزِيزِ عِنْدَ قَوْلِهِ - تَعالى: ﴿وقالَ الَّذِي اشْتَراهُ مِن مِصْرَ لِامْرَأتِهِ﴾ [يوسف: ٢١] . وتَقَدَّمَ ذِكْرُ اسْمِهِ واسْمِها في العَرَبِيَّةِ وفي العِبْرانِيَّةِ.
(p-٢٦١)ومَجِيءُ ﴿تُراوِدُ﴾ بِصِيغَةِ المُضارِعِ مَعَ كَوْنِ المُراوَدَةِ مَضَتْ لِقَصْدِ اسْتِحْضارِ الحالَةِ العَجِيبَةِ لِقَصْدِ الإنْكارِ عَلَيْها في أنْفُسِهِنَّ ولَوْمِها عَلى صَنِيعِها. ونَظِيرُهُ في اسْتِحْضارِ الحالَةِ قَوْلُهُ - تَعالى: ﴿يُجادِلُنا في قَوْمِ لُوطٍ﴾ [هود: ٧٤]
وجُمْلَةُ ﴿قَدْ شَغَفَها حُبًّا﴾ في مَوْضِعِ التَّعْلِيلِ لِجُمْلَةِ ﴿تُراوِدُ فَتاها﴾
وجُمْلَةُ ﴿إنّا لَنَراها في ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ اسْتِئْنافٌ ابْتِدائِيٌّ لِإظْهارِ اللَّوْمِ والإنْكارِ عَلَيْها. والتَّأْكِيدُ بِـ ”إنَّ“ واللّامِ لِتَحْقِيقِ اعْتِقادِهِنَّ ذَلِكَ، وإبْعادًا لِتُهْمَتِهِنَّ بِأنَّهُنَّ يَحْسُدْنَها عَلى ذَلِكَ الفَتى.
والضَّلالُ هُنا: مُخالَفَةُ طَرِيقِ الصَّوابِ، أيْ هي مَفْتُونَةُ العَقْلِ بِحُبِّ هَذا الفَتى، ولَيْسَ المُرادُ الضَّلالَ الدِّينِيَّ. وهَذا كَقَوْلِهِ - تَعالى - آنِفًا ﴿إنَّ أبانا لَفي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ [يوسف: ٨]
{"ayah":"۞ وَقَالَ نِسۡوَةࣱ فِی ٱلۡمَدِینَةِ ٱمۡرَأَتُ ٱلۡعَزِیزِ تُرَ ٰوِدُ فَتَىٰهَا عَن نَّفۡسِهِۦۖ قَدۡ شَغَفَهَا حُبًّاۖ إِنَّا لَنَرَىٰهَا فِی ضَلَـٰلࣲ مُّبِینࣲ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق