الباحث القرآني
(p-٥٩)﴿رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ المُلْكِ وعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأحادِيثِ فاطِرَ السَّماواتِ والأرْضِ أنْتَ ولِيِّي في الدُّنْيا والآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وألْحِقْنِي بِالصّالِحِينَ﴾ أعْقَبَ ذِكْرَ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْهِ بِتَوَجُّهِهِ إلى مُناجاةِ رَبِّهِ بِالِاعْتِرافِ بِأعْظَمِ نِعَمِ الدُّنْيا والنِّعْمَةِ العُظْمى في الآخِرَةِ، فَذَكَرَ ثَلاثَ نِعَمٍ: اثْنَتانِ دُنْيَوِيَّتانِ وهُما: نِعْمَةُ الوِلايَةِ عَلى الأرْضِ ونِعْمَةُ العِلْمِ، والثّالِثَةُ أُخْرَوِيَّةٌ وهي نِعْمَةُ الدِّينِ الحَقِّ المُعَبَّرِ عَنْهُ بِالإسْلامِ.
وجَعَلَ الَّذِي أُوتِيَهُ بَعْضًا مِنَ المُلْكِ ومِنَ التَّأْوِيلِ؛ لِأنَّ ما أُوتِيَهُ بَعْضٌ مِن جِنْسِ المُلْكِ وبَعْضٌ مِنَ التَّأْوِيلِ إشْعارًا بِأنَّ ذَلِكَ في جانِبِ مُلْكِ اللَّهِ وفي جانِبِ عِلْمِهِ شَيْءٌ قَلِيلٌ. وعَلى هَذا يَكُونُ المُرادُ بِالمُلْكِ التَّصَرُّفَ العَظِيمَ الشَّبِيهَ بِتَصَرُّفِ المَلِكِ إذْ كانَ يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلامُ هو الَّذِي يُسَيِّرُ المُلْكَ بِرَأْيِهِ. ويَجُوزُ أنْ يُرادَ بِالمُلْكِ حَقِيقَتُهُ ويَكُونُ التَّبْعِيضُ حَقِيقِيًّا، أيْ آتَيْتَنِي بَعْضَ المُلْكِ؛ لِأنَّ المُلْكَ مَجْمُوعُ تَصَرُّفاتٍ في أمْرِ الرَّعِيَّةِ، وكانَ لِيُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلامُ مِن ذَلِكَ الحَظُّ الأوْفَرُ، وكَذَلِكَ تَأْوِيلُ الأحادِيثِ. وتَقَدَّمَ مَعْنى تَأْوِيلِ الأحادِيثِ
عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿ويُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأحادِيثِ﴾ [يوسف: ٦] في هَذِهِ السُّورَةِ.
وفاطِرَ السَّماواتِ والأرْضِ نِداءٌ مَحْذُوفٌ حَرْفُ نِدائِهِ. والفاطِرُ: الخالِقُ. وتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿قُلْ أغَيْرَ اللَّهِ أتَّخِذُ ولِيًّا فاطِرِ السَّماواتِ والأرْضِ﴾ [الأنعام: ١٤] في سُورَةِ الأنْعامِ.
والوَلِيُّ: النّاصِرُ، وتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿قُلْ أغَيْرَ اللَّهِ أتَّخِذُ ولِيًّا﴾ [الأنعام: ١٤] في سُورَةِ الأنْعامِ.
وجُمْلَةُ ﴿أنْتَ ولِيِّي في الدُّنْيا والآخِرَةِ﴾ مِن قَبِيلِ الخَبَرِ في إنْشاءِ الدُّعاءِ وإنْ أمْكَنَ حَمْلُهُ عَلى الإخْبارِ بِالنِّسْبَةِ لِوِلايَةِ الدُّنْيا، قِيلَ لِإثْباتِهِ ذَلِكَ الشَّيْءَ لِوِلايَةِ الآخِرَةِ. فالمَعْنى: كُنْ ولِيِّي في الدُّنْيا والآخِرَةِ.
(p-٦٠)وأشارَ بِقَوْلِهِ (﴿تَوَفَّنِي مُسْلِمًا﴾) إلى النِّعْمَةِ العُظْمى وهي نِعْمَةُ الدِّينِ الحَقِّ، فَإنَّ طَلَبَ تَوَفِّيهِ عَلى الدِّينِ الحَقِّ يَقْتَضِي أنَّهُ مُتَّصِفٌ بِالدِّينِ الحَقِّ المُعَبَّرِ عَنْهُ بِالإسْلامِ مِنَ الآنِ، فَهو يَسْألُ الدَّوامَ عَلَيْهِ إلى الوَفاةِ.
والمُسْلِمُ: الَّذِي اتَّصَفَ بِالإسْلامِ، وهو الدِّينُ الكامِلُ، وهو ما تَعَبَّدَ اللَّهُ بِهِ الأنْبِياءَ والرُّسُلَ عَلَيْهِمُ السَّلامُ، وقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿فَلا تَمُوتُنَّ إلّا وأنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [البقرة: ١٣٢] في سُورَةِ البَقَرَةِ.
والإلْحاقُ: حَقِيقَتُهُ جَعْلُ الشَّيْءِ لاحِقًا، أيْ مُدْرِكًا مَن سَبَقَهُ في السَّيْرِ. وأُطْلِقَ هُنا مَجازًا عَلى المَزِيدِ في عِدادِ قَوْمٍ.
والصّالِحُونَ: المُتَّصِفُونَ بِالصَّلاحِ، وهو التِزامُ الطّاعَةِ. وأرادَ بِهِمُ الأنْبِياءَ. فَإنْ كانَ يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلامُ يَوْمَئِذٍ نَبِيًّا فَدُعاؤُهُ لِطَلَبِ الدَّوامِ عَلى ذَلِكَ، وإنْ كانَ نُبِّئَ فِيما بَعْدُ فَهو دُعاءٌ بِحُصُولِهِ، وقَدْ صارَ نَبِيًّا بَعْدُ ورَسُولًا.
{"ayah":"۞ رَبِّ قَدۡ ءَاتَیۡتَنِی مِنَ ٱلۡمُلۡكِ وَعَلَّمۡتَنِی مِن تَأۡوِیلِ ٱلۡأَحَادِیثِۚ فَاطِرَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ أَنتَ وَلِیِّۦ فِی ٱلدُّنۡیَا وَٱلۡـَٔاخِرَةِۖ تَوَفَّنِی مُسۡلِمࣰا وَأَلۡحِقۡنِی بِٱلصَّـٰلِحِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق