الباحث القرآني
﴿فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْناهُ ومَن مَعَهُ في الفُلْكِ وجَعَلْناهم خَلائِفَ وأغْرَقْنا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ المُنْذَرِينَ﴾
الفاءُ لِلتَّفْرِيعِ الذِّكْرِيِّ، أيْ تَفْرِيعِ ذِكْرِ هَذِهِ الجُمَلِ السّابِقَةِ لِأنَّ الشَّأْنَ أنْ تَكُونَ لِما بَعْدَ الفاءِ مُناسَبَةٌ لِما قَبْلَها تَقْتَضِي أنْ يُذْكَرَ بَعْدَها فَيُؤْتى بِالفاءِ لِلْإشارَةِ إلى تِلْكَ المُناسَبَةِ، كَقَوْلِهِ - تَعالى: ﴿ادْخُلُوا أبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَبِئْسَ مَثْوى المُتَكَبِّرِينَ﴾ [الزمر: ٧٢]، وإلّا فَإنَّ تَكْذِيبَ قَوْمِ نُوحٍ حَصَلَ قَبْلَ أنْ يَقُولَ لَهم ﴿إنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكم مَقامِي﴾ [يونس: ٧١] إلَخْ؛ لِأنَّهُ ما قالَ لَهم ذَلِكَ إلّا وقَدْ رَأى مِنهم تَجَهُّمَ دَعْوتِهِ.
(p-٢٤٣)ولَكَ أنْ تَجْعَلَ مَعْنى فِعْلِ كَذَّبُوهُ الِاسْتِمْرارَ عَلى تَكْذِيبِهِ مِثْلَ فِعْلِ آمَنُوا في قَوْلِهِ - تَعالى: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ﴾ [النساء: ١٣٦]، فَتَكُونُ الفاءُ لِتَفْرِيعِ حُصُولِ ما بَعْدَها عَلى حُصُولِ ما قَبْلَها.
وأمّا الفاءُ الَّتِي في جُمْلَةِ فَنَجَّيْناهُ فَهي لِلتَّرْتِيبِ والتَّعْقِيبِ؛ لِأنَّ تَكْذِيبَ قَوْمِهِ قَدِ اسْتَمَرَّ إلى وقْتِ إغْراقِهِمْ وإنْجاءِ نُوحٍ - عَلَيْهِ السَّلامُ - ومَنِ اتَّبَعَهُ. وهَذا نَظْمٌ بَدِيعٌ وإيجازٌ مُعْجِزٌ إذْ رَجَعَ الكَلامُ إلى التَّصْرِيحِ بِتَكْذِيبِ قَوْمِهِ الَّذِي لَمْ يُذْكَرْ قَبْلُ بَلْ أُشِيرَ لَهُ ضِمْنًا بِقَوْلِهِ: ﴿إذْ قالَ لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكم مَقامِي﴾ [يونس: ٧١] الآيَةَ، فَكانَ كَرَدِّ العَجُزِ عَلى الصَّدْرِ. ثُمَّ أُشِيرَ إلى اسْتِمْرارِهِ في الأزْمِنَةِ كُلِّها حَتى انْتَهى بِإغْراقِهِمْ، فَذَكَرَ إنْجاءَ نُوحٍ وإغْراقَ المُكَذِّبِينَ لَهُ، وبِذَلِكَ عادَ الكَلامُ إلى ما عَقِبَ مُجادَلَةِ نُوحٍ الأخِيرَةِ قَوْمَهُ المُنْتَهِيَةِ بِقَوْلِهِ: ﴿وأُمِرْتُ أنْ أكُونَ مِنَ المُسْلِمِينَ﴾ [يونس: ٧٢] فَكانَ تَفَنُّنًا بَدِيعًا في النَّظْمِ مَعَ إيجازٍ بَهِيجٍ.
وتَقَدَّمَ ذِكْرُ إنْجائِهِ قَبْلَ ذِكْرِ الإغْراقِ الَّذِي وقَعَ الإنْجاءُ مِنهُ لِلْإشارَةِ إلى أنَّ إنْجاءَهُ أهَمُّ عِنْدَ اللَّهِ - تَعالى - مِن إغْراقِ مُكَذِّبِيهِ، ولِتَعْجِيلِ المَسَرَّةِ لِلْمُسْلِمِينَ السّامِعِينَ لِهَذِهِ القِصَّةِ.
والفُلْكُ: السَّفِينَةُ. وتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ - تَعالى: ﴿والفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي في البَحْرِ﴾ [البقرة: ١٦٤] في سُورَةِ البَقَرَةِ.
والخَلائِفُ: جَمْعُ خَلِيفَةٍ وهو اسْمٌ لِلَّذِي يَخْلُفُ غَيْرَهُ. وتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ - تَعالى: ﴿إنِّي جاعِلٌ في الأرْضِ خَلِيفَةً﴾ [البقرة: ٣٠] في سُورَةِ البَقَرَةِ. وصِيغَةُ الجَمْعِ هُنا بِاعْتِبارِ الَّذِينَ مَعَهُ في الفُلْكِ تَفَرَّعَ عَلى كُلِّ زَوْجَيْنِ مِنهم أمَةٌ.
وتَعْرِيفُ قَوْمِ نُوحٍ بِطَرِيقِ المَوْصُولِيَّةِ في قَوْلِهِ: ﴿وأغْرَقْنا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا﴾ لِلْإيماءِ إلى سَبَبِ تَعْذِيبِهِمْ بِالغَرَقِ، وأنَّهُ التَّكْذِيبُ بِآياتِ اللَّهِ إنْذارًا لِلْمُشْرِكِينَ مِنَ العَرَبِ ولِذَلِكَ ذُيِّلَ بِقَوْلِهِ: ﴿فانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ المُنْذَرِينَ﴾، أيِ المُنْذَرِينَ بِالعَذابِ المُكَذِّبِينَ بِالإنْذارِ.
(p-٢٤٤)والنَّظَرُ: هُنا نَظَرُ عَيْنٍ، نُزِّلَ خَبَرُهم لِوُضُوحِهِ واليَقِينِ بِهِ مَنزِلَةَ المُشاهَدِ.
والخِطابُ بِـ انْظُرْ يَجُوزُ أنْ يَكُونَ لِكُلِّ مَن يَسْمَعُ فَلا يُرادُ بِهِ مُخاطَبٌ مُعَيَّنٌ ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ خِطابًا لِمُحَمَّدٍ ﷺ فَخُصَّ بِالخِطابِ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ بِأنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوهُ يُوشِكُ أنْ يُصِيبَهم مِنَ العَذابِ نَحْوٌ مِمّا أصابَ قَوْمَ نُوحٍ - عَلَيْهِ السَّلامُ - وفي ذَلِكَ تَسْلِيَةٌ لَهُ عَلى ما يُلاقِيهِ مِن أذاهم وإظْهارٌ لِعِنايَةِ اللَّهِ بِهِ.
{"ayah":"فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّیۡنَـٰهُ وَمَن مَّعَهُۥ فِی ٱلۡفُلۡكِ وَجَعَلۡنَـٰهُمۡ خَلَـٰۤىِٕفَ وَأَغۡرَقۡنَا ٱلَّذِینَ كَذَّبُوا۟ بِـَٔایَـٰتِنَاۖ فَٱنظُرۡ كَیۡفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلۡمُنذَرِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق