الباحث القرآني
﴿هُنالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ ما أسْلَفَتْ﴾
تَذْيِيلٌ وفَذْلَكَةٌ لِلْجُمَلِ السّابِقَةِ مِن قَوْلِهِ: ﴿واللَّهُ يَدْعُو إلى دارِ السَّلامِ﴾ [يونس: ٢٥] إلى هُنا. وهو اعْتِراضٌ بَيْنَ الجُمَلِ المُتَعاطِفَةِ.
والإشارَةُ إلى المَكانِ الَّذِي أنْبَأ عَنْهُ قَوْلُهُ: ﴿نَحْشُرُهُمْ﴾ [يونس: ٢٨] أيْ في ذَلِكَ المَكانِ الَّذِي نَحْشُرُهم فِيهِ. واسْمُ الإشارَةِ في مَحَلِّ نَصْبٍ عَلى الظَّرْفِيَّةِ. وعامِلُهُ تَبْلُو، وقُدِّمَ هَذا الظَّرْفُ لِلِاهْتِمامِ بِهِ لِأنَّ الغَرَضَ الأهَمَّ مِنَ الكَلامِ لِعِظَمِ ما يَقَعُ فِيهِ.
وتَبْلُو تَخْتَبِرُ، وهو هُنا كِنايَةٌ عَنِ التَّحَقُّقِ وعِلْمِ اليَقِينِ. وأسْلَفَتْ قَدَّمَتْ، أيْ عَمَلًا أسْلَفَتْهُ. والمَعْنى أنَّها تَخْتَبِرُ حالَتَهُ وثَمَرَتَهُ فَتَعْرِفُ ما هو حَسَنٌ ونافِعٌ وما هو قَبِيحٌ وضارٌّ إذْ قَدْ وضَحَ لَهم ما يُفْضِي إلى النَّعِيمِ بِصاحِبِهِ، وضِدُّهُ.
وقَرَأ الجُمْهُورُ تَبْلُو بِمُوَحَّدَةٍ بَعْدَ المُثَنّاةِ الفَوْقِيَّةِ. وقَرَأهُ حَمْزَةُ والكِسائِيُّ وخَلَفٌ بِمُثَنّاةٍ فَوْقِيَّةٍ بَعْدَ المُثَنّاةِ الأُولى عَلى أنَّهُ مِنَ التَّلْوِ وهو المُتابَعَةُ، أيْ تَتْبَعُ كُلُّ نَفْسٍ ما قَدَّمَتْهُ مِن عَمَلٍ فَيَسُوقُها إلى الجَنَّةِ أوْ إلى النّارِ.
* * *
(p-١٥٤)﴿ورُدُّوا إلى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الحَقِّ﴾
يَجُوزُ أنْ تَكُونَ مَعْطُوفَةً عَلى جُمْلَةِ ﴿هُنالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ ما أسْلَفَتْ﴾ فَتَكُونَ مِن تَمامِ التَّذْيِيلِ، ويَكُونَ ضَمِيرُ رُدُّوا عائِدًا إلى ﴿كُلُّ نَفْسٍ﴾ . ويَجُوزُ أنْ تَكُونَ مَعْطُوفَةً عَلى قَوْلِهِ ﴿ويَوْمَ نَحْشُرُهم جَمِيعًا﴾ [يونس: ٢٨] الآيَةَ فَلا تَتَّصِلَ بِالتَّذْيِيلِ، أيْ ونَرُدُّهم إلَيْنا، ويَكُونَ ضَمِيرُ رُدُّوا عائِدًا إلى الَّذِينَ أشْرَكُوا خاصَّةً. والمَعْنى تَحَقَّقَ عِنْدَهم الحَشْرُ الَّذِي كانُوا يُنْكِرُونَهُ. ويُناسِبُ هَذا المَعْنى قَوْلُهُ: ﴿مَوْلاهُمُ الحَقِّ﴾ فَإنَّ فِيهِ إشْعارًا بِالتَّوَرُّكِ عَلَيْهِمْ بِإبْطالِ مَوالِيهِمُ الباطِلَةِ.
والرَّدُّ: الإرْجاعُ. والإرْجاعُ إلى اللَّهِ الإرْجاعُ إلى تَصَرُّفِهِ بِالجَزاءِ عَلى ما يُرْضِيهِ وما لا يُرْضِيهِ وقَدْ كانُوا مِن قَبْلُ حِينَ كانُوا في الحَياةِ الدُّنْيا مُمْهَلِينَ غَيْرَ مُجازِينَ.
والمَوْلى: السَّيِّدُ؛ لِأنَّ بَيْنَهُ وبَيْنَ عَبْدِهِ ولاءُ عَهْدِ المِلْكِ. ويُطْلَقُ عَلى مُتَوَلِّي أُمُورِ غَيْرِهِ ومُوَفِّرِ شُئُونِهِ.
والحَقُّ: المُوافِقُ لِلْواقِعِ والصِّدْقِ، أيْ رُدُّوا إلى الإلَهِ الحَقِّ دُونَ الباطِلِ. والوَصْفُ بِالحَقِّ هو وصْفُ المَصْدَرِ في مَعْنى الحاقِّ، أيِ الحاقِّ المَوْلَوِيَّةَ، أيْ دُونَ الأوْلِياءِ الَّذِينَ زَعَمُوهم باطِلًا.
* * *
﴿وضَلَّ عَنْهم ما كانُوا يَفْتَرُونَ﴾ هَذِهِ الجُمْلَةُ مُخْتَصَّةٌ بِالمُشْرِكِينَ كَما هو واضِحٌ.
والضَّلالُ: الضَّياعُ.
و﴿ما كانُوا يَفْتَرُونَ﴾ ما كانُوا يَكْذِبُونَ مِن نِسْبَتِهِمُ الإلَهِيَّةَ إلى الأصْنامِ، فَيَجُوزُ أنْ يَكُونَ ماصَدَقَ ما المَوْصُولَةِ الأصْنامَ، فَيَكُونَ قَدْ حُذِفَ العائِدُ مَعَ حَرْفِ الجَرِّ بِدُونِ أنْ يُجَرَّ المَوْصُولُ بِمِثْلِ ما جُرَّ بِهِ العائِدُ والحَقُّ جَوازُهُ، فالتَّقْدِيرُ: ما كانُوا يَكْذِبُونَ عَلَيْهِ أوْ لَهُ. وضَلالُهُ: عَدَمُ وُجُودِهِ عَلى الوَصْفِ المَزْعُومِ لَهُ.
(p-١٥٥)ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ ماصَدَقَ ما نَفْسَ الِافْتِراءِ، أيِ الِافْتِراءُ الَّذِي كانُوا يَفْتَرُونَهُ. وضَلالُهُ: ظُهُورُ نَفْيِهِ وكَذِبِهِ.
{"ayah":"هُنَالِكَ تَبۡلُوا۟ كُلُّ نَفۡسࣲ مَّاۤ أَسۡلَفَتۡۚ وَرُدُّوۤا۟ إِلَى ٱللَّهِ مَوۡلَىٰهُمُ ٱلۡحَقِّۖ وَضَلَّ عَنۡهُم مَّا كَانُوا۟ یَفۡتَرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق