الباحث القرآني
﴿ولَقَدْ أهْلَكْنا القُرُونَ مِن قَبْلِكم لَمّا ظَلَمُوا وجاءَتْهم رُسُلُهم بِالبَيِّناتِ وما كانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي القَوْمَ المُجْرِمِينَ﴾
عادَ الخِطابُ إلى المُشْرِكِينَ عَوْدًا عَلى بَدْئِهِ في قَوْلِهِ: ﴿إنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ﴾ [يونس: ٣] إلى قَوْلِهِ ﴿لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ والحِسابَ﴾ [يونس: ٥] بِمُناسَبَةِ التَّماثُلِ بَيْنَهم وبَيْنَ الأُمَمِ قَبْلَهم في الغُرُورِ بِتَأْخِيرِ العَذابِ (p-١١٣)عَنْهم حَتّى حَلَّ بِهِمُ الهَلاكُ فَجْأةً. وهَذِهِ الآيَةُ تَهْدِيدٌ ومَوْعِظَةٌ بِما حَلَّ بِأمْثالِهِمْ.
والجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلى جُمْلَةِ ﴿ولَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنّاسِ الشَّرَّ﴾ [يونس: ١١] بِما تَضَمَّنَتْهُ مِنَ الإنْذارِ بِأنَّ الشَّرَّ قَدْ يَنْزِلُ بِهِمْ ولَكِنَّ عَذابَ اللَّهِ غَيْرُ مُعَجَّلٍ، فَضَرَبَ لَهم مَثَلًا بِما نَزَلَ بِالأُمَمِ مِن قَبْلِهِمْ فَقَضى إلَيْهِمْ بِالعَذابِ أجَلُهم وقَدْ كانُوا يَعْرِفُونَ أُمَمًا مِنهم أصابَهُمُ الِاسْتِئْصالُ مِثْلَ عادٍ وثَمُودَ وقَوْمِ نُوحٍ.
ولِتَوْكِيدِ التَّهْدِيدِ والوَعِيدِ أُكِّدَتِ الجُمْلَةُ بِلامِ القَسَمِ و(قَدِ) الَّتِي لِلتَّحْقِيقِ.
والإهْلاكُ: الِاسْتِئْصالُ والإفْناءُ.
والقُرُونُ: جَمْعُ قَرْنٍ وأصْلُهُ مُدَّةٌ طَوِيلَةٌ مِنَ الزَّمانِ، والمُرادُ بِهِ هُنا أهْلُ القُرُونِ. وتَقَدَّمَ بَيانُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ - تَعالى: ﴿ألَمْ يَرَوْا كَمْ أهْلَكْنا مِن قَبْلِهِمْ مِن قَرْنٍ﴾ [الأنعام: ٦] في سُورَةِ الأنْعامِ.
وقَوْلُهُ: ﴿مِن قَبْلِكُمْ﴾ حالٌ مِنَ القُرُونِ.
ولَمّا اسْمُ زَمانٍ بِمَعْنى حِينَ عَلى التَّحْقِيقِ، وتُضافُ إلى الجُمْلَةِ.
والعَرَبُ أكْثَرُوا في كَلامِهِمْ تَقْدِيمَ لَمّا في صَدْرِ جُمْلَتِها فَأُشِمَّتْ بِذَلِكَ التَّقْدِيمِ رائِحَةَ الشَّرْطِيَّةِ فَأشْبَهَتِ الشُّرُوطَ لِأنَّها تُضافُ إلى جُمْلَةٍ فَتُشْبِهُ جُمْلَةَ الشَّرْطِ، ولِأنَّ عامِلَها فِعْلُ مُضِيٍّ فَبِذَلِكَ اقْتَضَتْ جُمْلَتَيْنِ فَأشْبَهَتْ حُرُوفَ الشَّرْطِ.
والمَعْنى: أهْلَكْناهم حِينَما ظَلَمُوا، أيْ أشْرَكُوا وجاءَتْهم رُسُلُهم بِالبَيِّناتِ مِثْلُ هُودٍ وصالِحٍ ولَمْ يُؤْمِنُوا.
وجُمْلَةُ ﴿وجاءَتْهُمْ﴾ مَعْطُوفَةٌ عَلى جُمْلَةِ ظَلَمُوا
والبَيِّناتُ: جَمْعُ بَيِّنَةٍ، وهي الحُجَّةُ عَلى الصِّدْقِ، وقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ - تَعالى: ﴿فَقَدْ جاءَكم بَيِّنَةٌ مِن رَبِّكُمْ﴾ [الأنعام: ١٥٧] في سُورَةِ الأنْعامِ.
(p-١١٤)وجُمْلَةُ ﴿وما كانُوا لِيُؤْمِنُوا﴾ مَعْطُوفَةٌ عَلَيْها. ومَجْمُوعُ الجُمَلِ الثَّلاثِ هو ما وُقِّتَ بِهِ الإهْلاكُ ﴿وما كانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ القُرى حَتّى يَبْعَثَ في أُمِّها رَسُولًا﴾ [القصص: ٥٩]
وعُبِّرَ عَنِ انْتِفاءِ إيمانِهِمْ بِصِيغَةِ لامِ الجُحُودِ مُبالِغَةً في انْتِفائِهِ إشارَةً إلى اليَأْسِ مِن إيمانِهِمْ.
وجُمْلَةُ ﴿كَذَلِكَ نَجْزِي القَوْمَ المُجْرِمِينَ﴾ تَذْيِيلٌ. والتَّعْرِيفُ في ﴿القَوْمَ المُجْرِمِينَ﴾ لِلِاسْتِغْراقِ فَلِذَلِكَ عَمَّ القُرُونَ الماضِيَةَ وعَمَّ المُخاطَبِينَ، وبِذَلِكَ كانَ إنْذارًا لِقُرَيْشٍ بِأنْ يَنالَهم ما نالَ أُولَئِكَ. والمُرادُ بِالإجْرامِ أقْصاهُ، وهو الشِّرْكُ.
والقَوْلُ في ﴿كَذَلِكَ نَجْزِي القَوْمَ المُجْرِمِينَ﴾ كالقَوْلِ في نَظِيرِهِ آنِفًا. وكَذَلِكَ ذِكْرُ لَفْظِ القَوْمِ فَهو كَما في نَظِيرِهِ في هَذِهِ السُّورَةِ وفي البَقَرَةِ.
{"ayah":"وَلَقَدۡ أَهۡلَكۡنَا ٱلۡقُرُونَ مِن قَبۡلِكُمۡ لَمَّا ظَلَمُوا۟ وَجَاۤءَتۡهُمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَیِّنَـٰتِ وَمَا كَانُوا۟ لِیُؤۡمِنُوا۟ۚ كَذَ ٰلِكَ نَجۡزِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡمُجۡرِمِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق