﴿وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ﴾ أي: يُحرِّمونهم تحريم ظهور الأمهات [[بأن يقول الرجل لامرأته: أنت علي كظهر أمي. وهو قول المنكر والزور، الذي عناه الله بقوله في الآية الثانية: (وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا) . كما في القرطبي ١٧/٢٨٠.]] .
ويروى: أن هذا نزل في رجل [[هو: أوس بن الصامت. وامرأته خولة -أو خويلة أو جميلة- بنت ثعلبة أو خويلد أو الصامت أو الدليج أو حكيم. راجع قصتهما: في تفسير الطبري ٢٨/٢-٦، والقرطبي ١٧/٢٦٩-٢٧٢، والدر ٦/١٧٩-١٨٣، وأسباب النزول للواحدي ٣٠٤-٣٠٦.]] ظاهَرَ فذكر الله قصته.
ثم تبع هذا كلُّ ما كان من الأم محرمًا على الابن أن يطأه: كالبطن والفَخْذِ وأشباهِ ذلك.
وقوله: ﴿ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا﴾ ؛ يتوهم قوم: [[هم: داود بن علي وأتباعه أهل الظاهر. ونسب مذهبهم إلى بكير بن الأشج وأبي العالية وأبي حنيفة والفراء؛ على ما في القرطبي ١٧/٢٨٠-٢٨١، والشوكاني ٥/١٧٨، والبحر ٨/٢٣٣، والفخر ٨/١١٣. وراجع الطبري ٢٨/٧-٨.]] أن الظِّهار لا يُحسب ولا يقع حتى يتكرر اللفظ به؛ لقول [[عبارة الأصل: " ... لا يحسب ارتفع حتى يكون اللفظ به كقول ... " وهي ناقصة مصحفة ولعل أصلها ما ذكرناه.]] الله تعالى: ﴿ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا﴾ وقد أجمع الناس على أن الظِّهار يقع بلفظ واحد.
فأمَّا تأويلُ قوله: ﴿ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا﴾ ؛ فإن أهل الجاهليَّة كانوا يطلِّقون بالظِّهار؛ فجعل الله حُكمَ الظِّهار في الإسلام خلافَ حكمه عندهم في الجاهلية؛ وأنزل: ﴿وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ﴾ في الجاهلية ﴿ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا﴾ [لما] كانوا يقولونه من هذا الكلام [[كما قال الثوري، وبينه الفخر ٨/١١٣ بنحو ما هنا. ثم عقب عليه، ورد برد آخر يحسن الرجوع إليه. وراجع كلام الشافعي في الأحكام ٥/٢٦٢، والأحكام ١/٢٣٣-٢٣٥، واللسان ٤/٣١١.]] .
﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ﴾ أي عتقُها
﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا﴾ [[ذهب الجمهور إلى أن المراد بالتماس هنا: الجماع. وقيل: مطلق الاستمتاع. وبه قال مالك. وروي عن الشافعي القولان. على ما في الشوكاني ٥/١٧٨.]] .
{"ayah":"وَٱلَّذِینَ یُظَـٰهِرُونَ مِن نِّسَاۤىِٕهِمۡ ثُمَّ یَعُودُونَ لِمَا قَالُوا۟ فَتَحۡرِیرُ رَقَبَةࣲ مِّن قَبۡلِ أَن یَتَمَاۤسَّاۚ ذَ ٰلِكُمۡ تُوعَظُونَ بِهِۦۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِیرࣱ"}