الباحث القرآني
أخْبَرَ اللَّهُ سُبْحانَهُ رَسُولَهُ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - بِأنَّ صُدُورَ الِاسْتِغْفارِ مِنهُ لِلْمُنافِقِينَ وعَدَمَهُ سَواءٌ، وذَلِكَ لِأنَّهم لَيْسُوا بِأهْلٍ لِاسْتِغْفارِهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - ولا لِلْمَغْفِرَةِ مِنَ اللَّهِ سُبْحانَهُ لَهم، فَهو كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿قُلْ أنْفِقُوا طَوْعًا أوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنكم﴾، ثُمَّ قالَ: ﴿إنْ تَسْتَغْفِرْ لَهم سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهم﴾ وفِيهِ بَيانٌ لِعَدَمِ المَغْفِرَةِ مِنَ اللَّهِ سُبْحانَهُ لِلْمُنافِقِينَ وإنْ أكْثَرَ النَّبِيُّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - مِنَ الِاسْتِغْفارِ لَهم، ولَيْسَ المُرادُ مِن هَذا أنَّهُ لَوْ زادَ عَلى السَّبْعِينَ لَكانَ ذَلِكَ مَقْبُولًا كَما في سائِرِ مَفاهِيمِ الأعْدادِ، بَلِ المُرادُ بِهَذا المُبالَغَةُ في عَدَمِ القَبُولِ.
فَقَدْ كانَتِ العَرَبُ تُجْرِي ذَلِكَ مَجْرى المَثَلِ في كَلامِها عِنْدَ إرادَةِ التَّكْثِيرِ، والمَعْنى: أنَّهُ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهم وإنِ اسْتَغْفَرْتَ لَهُمُ اسْتُغْفارًا بالِغًا في الكَثْرَةِ غايَةَ المُبالِغِ.
وقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ الفُقَهاءِ إلى أنَّ التَّقْيِيدَ بِهَذا العَدَدِ المَخْصُوصِ يُفِيدُ قَبُولَ الزِّيادَةِ عَلَيْهِ، ويَدُلُّ لِذَلِكَ ما سَيَأْتِي عَنِ النَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - أنَّهُ قالَ: «لَأزِيدَنَّ عَلى السَّبْعِينَ» .
وذَكَرَ بَعْضُهم لِتَخْصِيصِ السَّبْعِينَ وجْهًا فَقالَ: إنَّ السَّبْعَةَ عَدَدٌ شَرِيفٌ، لِأنَّها عَدَدُ السَّماواتِ والأرَضِينَ والبِحارِ والأقالِيمِ والنُّجُومِ السَّيّارَةِ والأعْضاءِ وأيّامِ الأُسْبُوعِ، فَصَيَّرَ كُلَّ واحِدٍ مِنَ السَّبْعَةِ إلى عَشَرَةٍ، لِأنَّ الحَسَنَةَ بِعَشْرِ أمْثالِها.
وقِيلَ: خُصَّتِ السَّبْعُونَ بِالذِّكْرِ لِأنَّهُ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - كَبَّرَ عَلى عَمِّهِ الحَمْزَةِ سَبْعِينَ تَكْبِيرَةً، فَكَأنَّهُ قالَ: إنْ تَسْتَغْفِرْ لَهم سَبْعِينَ مَرَّةً بِإزاءِ تَكْبِيراتِكَ عَلى حَمْزَةَ.
وانْتِصابُ سَبْعِينَ عَلى المَصْدَرِ كَقَوْلِهِمْ: ضَرَبْتُهُ عِشْرِينَ ضَرْبَةً.
ثُمَّ عَلَّلَ عَدَمَ المَغْفِرَةِ لَهم بِقَوْلِهِ: ﴿ذَلِكَ بِأنَّهم كَفَرُوا بِاللَّهِ ورَسُولِهِ﴾ أيْ ذَلِكَ الِامْتِناعُ بِسَبَبِ كُفْرِهِمْ بِاللَّهِ ورَسُولِهِ ﴿واللَّهُ لا يَهْدِي القَوْمَ الفاسِقِينَ﴾ أيِ المُتَمَرِّدِينَ الخارِجِينَ عَنِ الطّاعَةِ المُتَجاوِزِينَ لِحُدُودِها، والمُرادُ هُنا الهِدايَةُ المُوصِلَةُ إلى المَطْلُوبِ، لا الهِدايَةُ الَّتِي بِمَعْنى الدَّلالَةِ وإراءَةِ الطَّرِيقِ.
ثُمَّ ذَكَرَ سُبْحانَهُ نَوْعًا آخَرَ مِن قَبائِحِ المُنافِقِينَ فَقالَ: ﴿فَرِحَ المُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ﴾ المُخَلَّفُونَ المَتْرُوكُونَ، وهُمُ الَّذِينَ اسْتَأْذَنُوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - مِنَ المُنافِقِينَ، فَأذِنَ لَهم وخَلَّفَهم بِالمَدِينَةِ في غَزْوَةِ تَبُوكَ، أوِ الَّذِينَ خَلَّفَهُمُ اللَّهُ وثَبَّطَهم، أوِ الشَّيْطانُ، أوْ كَسَّلَهم، أوِ المُؤْمِنُونَ، ومَعْنى ﴿بِمَقْعَدِهِمْ﴾ أيْ بِقُعُودِهِمْ يُقالُ: قَعَدَ قُعُودًا ومَقْعَدًا: أيْ جَلَسَ، وأقْعَدَهُ غَيْرُهُ، ذَكَرَ مَعْناهُ الجَوْهَرِيُّ فَهو مُتَعَلِّقٌ بِـ ( فَرِحَ ): أيْ فَرِحَ المُخَلَّفُونَ بِقُعُودِهِمْ، و( خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ ) مُنْتَصِبٌ عَلى أنَّهُ ظَرْفٌ لِ ( مَقْعَدِهِمْ ) .
قالَ الأخْفَشُ ويُونُسُ: الخِلافُ بِمَعْنى الخَلْفِ: أيْ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -، وذَلِكَ أنَّ جِهَةَ الأمامِ الَّتِي يَقْصِدُها الإنْسانُ تُخالِفُها جِهَةُ الخَلْفِ.
وقالَ قُطْرُبٌ والزَّجّاجُ: مَعْنى ( خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ ) مُخالَفَةَ الرَّسُولِ حِينَ سارَ وأقامُوا، فانْتِصابُهُ عَلى أنَّهُ مَفْعُولٌ لَهُ أيْ: قَعَدُوا لِأجْلِ المُخالَفَةِ، أوْ عَلى الحالِ مِثْلِ وأرْسَلَها العِراكَ: أيْ مُخالِفِينَ لَهُ، ويُؤَيِّدُ ما قالَهُ الأخْفَشُ ويُونُسُ قِراءَةُ أبِي حَيْوَةَ " خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ " .
قَوْلُهُ: ﴿وكَرِهُوا أنْ يُجاهِدُوا بِأمْوالِهِمْ وأنْفُسِهِمْ في سَبِيلِ اللَّهِ﴾ سَبَبُ ذَلِكَ الشُّحُّ بِالأمْوالِ والأنْفُسِ، وعَدَمُ وُجُودِ باعِثِ الإيمانِ وداعِي الإخْلاصِ ووُجُودُ الصّارِفِ عَنْ ذَلِكَ، وهو ما هم فِيهِ مِنَ النِّفاقِ، وفِيهِ تَعْرِيضٌ بِالمُؤْمِنِينَ الباذِلِينَ لِأمْوالِهِمْ وأنْفُسِهِمْ في سَبِيلِ اللَّهِ لِوُجُودِ الدّاعِي مَعَهم وانْتِفاءِ الصّارِفِ عَنْهم ﴿وقالُوا لا تَنْفِرُوا في الحَرِّ﴾ أيْ قالَ المُنافِقُونَ لِإخْوانِهِمْ: هَذِهِ المَقالَةَ تَثْبِيطًا لَهم وكَسْرًا لِنَشاطِهِمْ وتَواصِيًا بَيْنَهم (p-٥٨٩)بِالمُخالَفَةِ لِأمْرِ اللَّهِ ورَسُولِهِ، ثُمَّ أمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - أنْ يَقُولَ لَهم: ﴿نارُ جَهَنَّمَ أشَدُّ حَرًّا لَوْ كانُوا يَفْقَهُونَ﴾ والمَعْنى: أنَّكم أيُّها المُنافِقُونَ كَيْفَ تَفِرُّونَ مِن هَذا الحَرِّ اليَسِيرِ، ونارُ جَهَنَّمَ الَّتِي سَتَدْخُلُونَها خالِدِينَ فِيها أبَدًا أشَدُّ حَرًّا مِمّا فَرَرْتُمْ مِنهُ، فَإنَّكم إنَّما فَرَرْتُمْ مِن حَرٍّ يَسِيرٍ في زَمَنٍ قَصِيرٍ، ووَقَعْتُمْ في حَرٍّ كَثِيرٍ في زَمَنٍ كَبِيرٍ، بَلْ غَيْرِ مُتَناهٍ أبَدَ الآبِدِينَ ودَهْرَ الدّاهِرِينِ.
؎فَكُنْتَ كالسّاعِي إلى مَثْعَبٍ مَوائِلَ مِن سُبُلِ الرّاعِدِ
وجَوابُ لَوْ في ﴿لَوْ كانُوا يَفْقَهُونَ﴾ مُقَدَّرٌ: أيْ لَوْ كانُوا يَفْقَهُونَ أنَّها كَذَلِكَ لَما فَعَلُوا ما فَعَلُوا.
قَوْلُهُ: ﴿فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا ولْيَبْكُوا كَثِيرًا﴾ هَذانِ الأمْرانِ مَعْناهُما الخَبَرُ، والمَعْنى: فَسَيَضْحَكُونَ قَلِيلًا ويَبْكُونَ كَثِيرًا، وإنَّما جِيءَ بِهِما عَلى لَفْظِ الأمْرِ لِلدَّلالَةِ عَلى أنَّ ذَلِكَ أمْرٌ مَحْتُومٌ لا يَكُونُ غَيْرُهُ، و( قَلِيلًا ) و( كَثِيرًا ) مَنصُوبانِ عَلى المَصْدَرِيَّةِ أوِ الظَّرْفِيَّةِ: أيْ ضَحِكًا قَلِيلًا وبُكاءً كَثِيرًا، أوْ زَمانًا قَلِيلًا وزَمانًا كَثِيرًا ﴿جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ﴾ أيْ: جَزاءً بِسَبَبِ ما كانُوا يَكْسِبُونَهُ مِنَ المَعاصِي، وانْتِصابُ ( جَزاءً ) عَلى المَصْدَرِيَّةِ: أيْ يُجْزَوْنَ جَزاءً.
﴿فَإنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إلى طائِفَةٍ مِنهُمْ﴾ الرَّجْعُ مُتَعَدٍّ كالرَّدِّ، والرُّجُوعُ لازِمٌ، والفاءُ لِتَفْرِيعِ ما بَعْدَها عَلى ما قَبْلَها، وإنَّما قالَ ﴿إلى طائِفَةٍ﴾ لِأنَّ جَمِيعَ مَن أقامَ بِالمَدِينَةِ لَمْ يَكُونُوا مُنافِقِينَ، بَلْ كانَ فِيهِمْ غَيْرُهم مِنَ المُؤْمِنِينَ لَهم أعْذارٌ صَحِيحَةٌ، وفِيهِمْ مِنَ المُؤْمِنِينَ مَن لا عُذْرَ لَهُ، ثُمَّ عَفا عَنْهم رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - وتابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ كالثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا، وسَيَأْتِي بَيانُ ذَلِكَ.
وقِيلَ: إنَّما قالَ: إلى طائِفَةٍ، لِأنَّ مِنهم مَن تابَ عَنِ النِّفاقِ ونَدِمَ عَلى التَّخَلُّفِ ﴿فاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ﴾ مَعَكَ في غَزْوَةٍ أُخْرى بَعْدَ غَزْوَتِكَ هَذِهِ فَقُلْ لَهم ﴿لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أبَدًا ولَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا﴾ أيْ قُلْ لَهم ذَلِكَ عُقُوبَةً لَهم، ولِما في اسْتِصْحابِهِمْ مِنَ المَفاسِدِ كَما تَقَدَّمَ في قَوْلِهِ: ﴿لَوْ خَرَجُوا فِيكم ما زادُوكم إلّا خَبالًا﴾ .
وقُرِئَ بِفَتْحِ الياءِ مِن " مَعِيَ " في المَوْضِعَيْنِ، وقُرِئَ بِسُكُونِها فِيهِما، وجُمْلَةُ ﴿إنَّكم رَضِيتُمْ بِالقُعُودِ أوَّلَ مَرَّةٍ﴾ لِلتَّعْلِيلِ: أيْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ ولَنْ تُقاتِلُوا لِأنَّكم رَضِيتُمْ بِالقُعُودِ والتَّخَلُّفِ أوَّلَ مَرَّةٍ، وهي غَزْوَةُ تَبُوكَ، والفاءُ في ﴿فاقْعُدُوا مَعَ الخالِفِينَ﴾ لِتَفْرِيعِ ما بَعْدَها عَلى ما قَبْلَها، و( الخالِفِينَ ) جَمْعُ خالِفٍ كَأنَّهم خَلَفُوا الخارِجِينَ، والمُرادُ بِهِمْ مَن تَخَلَّفَ عَنِ الخُرُوجِ.
وقِيلَ: المَعْنى: فاقْعُدُوا مَعَ الفاسِدِينَ، مِن قَوْلِهِمْ: فُلانٌ خالَفَ أهْلَ بَيْتِهِ إذا كانَ فاسِدًا فِيهِمْ، مِن قَوْلِكَ خَلَفَ اللَّبَنُ: أيْ فَسَدَ بِطُولِ المُكْثِ في السِّقاءِ، ذَكَرَ مَعْناهُ الأصْمَعِيُّ.
وقُرِئَ " فاقْعُدُوا مَعَ الخَلِفِينَ " وقالَ الفَرّاءُ: مَعْناهُ المُخالِفِينَ.
وقَدْ أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ عُرْوَةَ أنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ قالَ: لَوْلا أنَّكم تُنْفِقُونَ عَلى مُحَمَّدٍ وأصْحابِهِ لانْفَضُّوا مِن حَوْلِهِ، وهو القائِلُ: ﴿لَيُخْرِجَنَّ الأعَزُّ مِنها الأذَلَّ﴾ [المنافقون: ٨] فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿اسْتَغْفِرْ لَهم أوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ﴾ فَقالَ النَّبِيُّ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ: لَأزِيدَنَّ عَلى السَّبْعِينَ، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿سَواءٌ عَلَيْهِمْ أأسْتَغْفَرْتَ لَهم أمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهم لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهم﴾ [المنافقون: ٦] .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ مُجاهِدٍ نَحْوَهُ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، نَحْوَهُ.
وأخْرَجَ أحْمَدُ، والبُخارِيُّ، والتِّرْمِذِيُّ، والنَّسائِيُّ، وابْنُ ماجَهْ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والنَّحّاسُ، وابْنُ حِبّانَ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وأبُو نُعَيْمٍ في الحِلْيَةِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، قالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ: لَمّا تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ، دُعِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - لِلصَّلاةِ عَلَيْهِ فَقامَ عَلَيْهِ، فَلَمّا وقَفَ قُلْتُ: أعَلى عَدُوِّ اللَّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ القائِلِ كَذا وكَذا، والقائِلِ كَذا وكَذا ؟ ! أُعَدِّدُ أيّامَهُ، ورَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - يَتَبَسَّمُ حَتّى إذا أكْثَرْتُ قالَ: يا عُمَرُ أخِّرْ عَنِّي، إنِّي قَدْ خُيِّرْتُ، قَدْ قِيلَ: لِي: ﴿اسْتَغْفِرْ لَهم أوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهم إنْ تَسْتَغْفِرْ لَهم سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهم﴾ فَلَوْ أعْلَمُ أنِّي إنْ زِدْتُ عَلى السَّبْعِينَ غُفِرَ لَهُ لَزِدْتُ عَلَيْها، ثُمَّ صَلّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - ومَشى مَعَهُ حَتّى قامَ عَلى قَبْرِهِ حَتّى فُرِغَ مِنهُ، فَعَجِبْتُ لِي ولِجُرْأتِي عَلى رَسُولِ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -، واللَّهُ ورَسُولُهُ أعْلَمُ، فَواللَّهِ ما كانَ إلّا يَسِيرًا حَتّى نَزَلَتْ هاتانِ الآيَتانِ: ﴿ولا تُصَلِّ عَلى أحَدٍ مِنهم ماتَ أبَدًا ولا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ﴾ [التوبة: ٨٤] فَما صَلّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - عَلى مُنافِقٍ بَعْدُ، حَتّى قَبَضَهُ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ قَتادَةَ، في قَوْلِهِ: ﴿فَرِحَ المُخَلَّفُونَ﴾ الآيَةَ قالَ: عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - أمَرَ النّاسَ أنْ يَنْبَعِثُوا مَعَهُ، وذَلِكَ في الصَّيْفِ، فَقالَ رِجالٌ: يا رَسُولَ اللَّهِ الحَرُّ شَدِيدٌ ولا نَسْتَطِيعُ الخُرُوجَ فَلا تَنْفِرُوا في الحَرِّ، فَقالَ اللَّهُ: ﴿قُلْ نارُ جَهَنَّمَ أشَدُّ حَرًّا لَوْ كانُوا يَفْقَهُونَ﴾ فَأمَرَهُ بِالخُرُوجِ» .
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ نَحْوَهُ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، في قَوْلِهِ: ﴿فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا ولْيَبْكُوا كَثِيرًا﴾ قالَ: هُمُ المُنافِقُونَ والكُفّارُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهم هُزُوًا ولَعِبًا، يَقُولُ اللَّهُ: فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا في الدُّنْيا ولْيَبْكُوا كَثِيرًا في الآخِرَةِ.
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ قَتادَةَ، في قَوْلِهِ: ﴿فَإنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إلى طائِفَةٍ مِنهم﴾ قالَ: ذُكِرَ لَنا أنَّهم كانُوا اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا مِنَ المُنافِقِينَ وفِيهِمْ قِيلَ ما قِيلَ.
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، في قَوْلِهِ: ﴿فاقْعُدُوا مَعَ الخالِفِينَ﴾ قالَ: هُمُ الرِّجالُ الَّذِينَ تَخَلَّفُوا عَنِ الغَزْوِ.
{"ayahs_start":80,"ayahs":["ٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ أَوۡ لَا تَسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ إِن تَسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ سَبۡعِینَ مَرَّةࣰ فَلَن یَغۡفِرَ ٱللَّهُ لَهُمۡۚ ذَ ٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ كَفَرُوا۟ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۗ وَٱللَّهُ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَـٰسِقِینَ","فَرِحَ ٱلۡمُخَلَّفُونَ بِمَقۡعَدِهِمۡ خِلَـٰفَ رَسُولِ ٱللَّهِ وَكَرِهُوۤا۟ أَن یُجَـٰهِدُوا۟ بِأَمۡوَ ٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ وَقَالُوا۟ لَا تَنفِرُوا۟ فِی ٱلۡحَرِّۗ قُلۡ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرࣰّاۚ لَّوۡ كَانُوا۟ یَفۡقَهُونَ","فَلۡیَضۡحَكُوا۟ قَلِیلࣰا وَلۡیَبۡكُوا۟ كَثِیرࣰا جَزَاۤءَۢ بِمَا كَانُوا۟ یَكۡسِبُونَ","فَإِن رَّجَعَكَ ٱللَّهُ إِلَىٰ طَاۤىِٕفَةࣲ مِّنۡهُمۡ فَٱسۡتَـٔۡذَنُوكَ لِلۡخُرُوجِ فَقُل لَّن تَخۡرُجُوا۟ مَعِیَ أَبَدࣰا وَلَن تُقَـٰتِلُوا۟ مَعِیَ عَدُوًّاۖ إِنَّكُمۡ رَضِیتُم بِٱلۡقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةࣲ فَٱقۡعُدُوا۟ مَعَ ٱلۡخَـٰلِفِینَ"],"ayah":"فَإِن رَّجَعَكَ ٱللَّهُ إِلَىٰ طَاۤىِٕفَةࣲ مِّنۡهُمۡ فَٱسۡتَـٔۡذَنُوكَ لِلۡخُرُوجِ فَقُل لَّن تَخۡرُجُوا۟ مَعِیَ أَبَدࣰا وَلَن تُقَـٰتِلُوا۟ مَعِیَ عَدُوًّاۖ إِنَّكُمۡ رَضِیتُم بِٱلۡقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةࣲ فَٱقۡعُدُوا۟ مَعَ ٱلۡخَـٰلِفِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











