الباحث القرآني

(p-٥٧٧)قَوْلُهُ: ﴿إنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ﴾ أيُّ حَسَنَةٍ كانَتْ بِأيِّ سَبَبٍ اتَّفَقَ، كَما يُفِيدُهُ وُقُوعُها في حَيِّزِ الشَّرْطِ، وكَذَلِكَ القَوْلُ في المُصِيبَةِ، وتَدْخُلُ الحَسَنَةُ والمُصِيبَةُ الكائِنَةُ في القِتالِ كَما يُفِيدُهُ السِّياقُ دُخُولًا أوَّلِيًّا، فَمِن جُمْلَةِ ما تَصْدُقُ عَلَيْهِ الحَسَنَةُ: الغَنِيمَةُ والظَّفَرُ، ومِن جُمْلَةِ ما تَصْدُقُ عَلَيْهِ المُصِيبَةُ الخَيْبَةُ والِانْهِزامُ، وهَذا ذِكْرُ نَوْعٍ آخَرَ مِن خُبْثِ ضَمائِرِ المُنافِقِينَ وسُوءِ أفْعالِهِمْ، والإخْبارِ بِعَظِيمِ عَداوَتِهِمْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - ولِلْمُؤْمِنِينَ، فَإنَّ المُساءَةَ بِالحَسَنَةِ، والفَرَحَ بِالمُصِيبَةِ مِن أعْظَمِ ما يَدُلُّ عَلى أنَّهم في العَداوَةِ قَدْ بَلَغُوا إلى الغايَةِ، ومَعْنى ( يَتَوَلَّوْا ) رَجَعُوا إلى أهْلِهِمْ عَنْ مَقاماتِ الِاجْتِماعِ ومُواطِنِ التَّحَدُّثِ حالَ كَوْنِهِمْ فَرِحِينَ بِالمُصِيبَةِ الَّتِي أصابَتِ المُؤْمِنِينَ، ومَعْنى قَوْلِهِمْ: ﴿قَدْ أخَذْنا أمْرَنا مِن قَبْلُ﴾ أيِ احْتَطْنا لِأنْفُسِنا وأخَذْنا بِالحَزْمِ، فَلَمْ نَخْرُجْ إلى القِتالِ كَما خَرَجَ المُؤْمِنُونَ حَتّى نالَهم ما نالَهم مِنَ المُصِيبَةِ. ثُمَّ لَمّا قالُوا هَذا القَوْلَ أمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - بِأنْ يُجِيبَ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ: ﴿لَنْ يُصِيبَنا إلّا ما كَتَبَ اللَّهُ لَنا﴾ أيْ في اللَّوْحِ المَحْفُوظِ، أوْ في كِتابِهِ المُنَزَّلِ عَلَيْنا، وفائِدَةُ هَذا الجَوابِ أنَّ الإنْسانَ إذا عَلِمَ أنَّ ما قَدَّرَهُ اللَّهُ كائِنٌ، وأنَّ كُلَّ ما نالَهُ مِن خَيْرٍ أوْ شَرٍّ إنَّما هو بِقَدَرِ اللَّهِ وقَضائِهِ هانَتْ عَلَيْهِ المَصائِبُ، ولَمْ يَجِدْ مَرارَةَ شَماتَةِ الأعْداءِ وتَشَفِّي الحَسَدَةِ ﴿هُوَ مَوْلانا﴾ أيْ ناصِرُنا وجاعِلُ العاقِبَةِ لَنا ومُظْهِرٌ دِينَهُ عَلى جَمِيعِ الأدْيانِ، والتَّوَكُّلُ عَلى اللَّهِ تَفْوِيضُ الأُمُورِ إلَيْهِ، والمَعْنى: أنَّ مِن حَقِّ المُؤْمِنِينَ أنْ يَجْعَلُوا تَوَكُّلَهم مُخْتَصًّا بِاللَّهِ سُبْحانَهُ لا يَتَوَكَّلُونَ عَلى غَيْرِهِ. وقَرَأ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ " يُصَيِّبَنا " بِتَشْدِيدِ الياءِ. وقَرَأ أعْيَنُ قاضِي الرَّيِّ " يُصِيبَنّا " بِنُونٍ مُشَدَّدَةٍ، وهو لَحْنٌ لِأنَّ الخَبَرَ لا يُؤَكَّدُ، ورُدَّ بِمِثْلِ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ ما يَغِيظُ﴾ [الحج: ١٥] . وقالَ الزَّجّاجُ: مَعْناهُ لا يُصِيبُنا إلّا ما اخْتَصَّنا اللَّهُ مِنَ النُّصْرَةِ عَلَيْكم أوِ الشَّهادَةِ. وعَلى هَذا القَوْلِ يَكُونُ قَوْلُهُ: ﴿قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إلّا إحْدى الحُسْنَيَيْنِ﴾ تَكْرِيرًا لِغَرَضِ التَّأْكِيدِ، والأوَّلُ أوْلى حَتّى يَكُونَ كُلُّ واحِدٍ مِنَ الجَوابَيْنِ اللَّذَيْنِ أمَرَ اللَّهُ سُبْحانَهُ رَسُولَهُ بِأنْ يُجِيبَ عَلَيْهِمْ بِهِما مُفِيدًا لِفائِدَةٍ غَيْرِ فائِدَةِ الآخَرِ، والتَّأْسِيسُ خَيْرٌ مِنَ التَّأْكِيدِ، ومَعْنى ﴿هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إلّا إحْدى الحُسْنَيَيْنِ﴾ هَلْ تَنْتَظِرُونَ بِنا إلّا إحْدى الخَصْلَتَيْنِ الحُسْنَيَيْنِ: إمّا النُّصْرَةُ أوِ الشَّهادَةُ، وكِلاهُما مِمّا يَحْسُنُ لَدَيْنا، والحُسْنى تَأْنِيثُ الأحْسَنِ، ومَعْنى الِاسْتِفْهامِ التَّقْرِيعُ والتَّوْبِيخُ ﴿ونَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ﴾ إحْدى المَساءَتَيْنِ لَكم: إمّا ﴿أنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذابٍ مِن عِنْدِهِ﴾ أيْ قارِعَةٍ نازِلَةٍ مِنَ السَّماءِ فَيُسْحِتَكم بِعَذابِهِ، أوْ بِعَذابٍ لَكم بِأيْدِينا أيْ بِإظْهارِ اللَّهِ لَنا عَلَيْكم بِالقَتْلِ والأسْرِ والنَّهْبِ والسَّبْيِ. والفاءُ في ( فَتَرَبَّصُوا ) فَصِيحَةٌ، والأمْرُ لِلتَّهْدِيدِ كَما في قَوْلِهِ: ﴿ذُقْ إنَّكَ أنْتَ العَزِيزُ الكَرِيمُ﴾ [الدخان: ٤٩] أيْ تَرَبَّصُوا بِنا ما ذَكَرْنا مِن عاقِبَتِنا فَنَحْنُ مَعَكم مُتَرَبِّصُونَ ما هو عاقِبَتُكم فَسَتَنْظُرُونَ عِنْدَ ذَلِكَ ما يَسُرُّنا ويَسُوءُكم. وقَرَأ البَزِّيُّ وابْنُ فُلَيْحٍ " هَلْ تَرَبَّصُونَ " بِإظْهارِ اللّامِ وتَشْدِيدِ التّاءِ. وقَرَأ الكُوفِيُّونَ بِإدْغامِ اللّامِ في التّاءِ. وقَرَأ الباقُونَ بِإظْهارِ اللّامِ وتَخْفِيفِ التّاءِ. قَوْلُهُ: ﴿قُلْ أنْفِقُوا طَوْعًا أوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنكم﴾ هَذا الأمْرُ مَعْناهُ الشَّرْطُ والجَزاءُ، لِأنَّ اللَّهَ سُبْحانَهُ لا يَأْمُرُهم بِما لا يَتَقَبَّلُهُ مِنهم، والتَّقْدِيرُ: إنْ أنْفَقْتُمْ طائِعِينَ أوْ مُكْرَهِينَ فَلَنْ يُتَقَبَّلَ مِنكم، وقِيلَ: هو أمْرٌ في مَعْنى الخَبَرِ: أيْ أنْفَقْتُمْ طَوْعًا أوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنكم، فَهو كَقَوْلِهِ: ﴿اسْتَغْفِرْ لَهم أوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ﴾ [التوبة: ٨٠] وفِيهِ الإشْعارُ بِتَساوِي الأمْرَيْنِ في عَدَمِ القَبُولِ. وانْتِصابُ طَوْعًا أوْ كَرْهًا عَلى الحالِ فَهُما مَصْدَرانِ في مَوْقِعِ المُشْتَقَّيْنِ: أيْ أنْفِقُوا طائِعِينَ في غَيْرِ أمْرٍ مِنَ اللَّهِ ورَسُولِهِ أوْ مُكْرَهِينَ بِأمْرٍ مِنهُما. وسُمِّيَ الأمْرُ مِنهُما إكْراهًا لِأنَّهم مُنافِقُونَ لا يَأْتَمِرُونَ بِالأمْرِ، فَكانُوا بِأمْرِهِمُ الَّذِي لا يَأْتَمِرُونَ بِهِ كالمُكْرَهِينَ عَلى الإنْفاقِ، أوْ طائِعِينَ مِن غَيْرِ إكْراهٍ مِن رُؤَسائِكم أوْ مُكْرَهِينَ مِنهم، وجُمْلَةُ ﴿إنَّكم كُنْتُمْ قَوْمًا فاسِقِينَ﴾ تَعْلِيلٌ لِعَدَمِ قَبُولِ إنْفاقِهِمْ. والفِسْقُ: التَّمَرُّدُ والعُتُوُّ، وقَدْ سَبَقَ بَيانُهُ لُغَةً وشَرْعًا. ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحانَهُ السَّبَبَ المانِعَ مِن قَبُولِ نَفَقاتِهِمْ فَقالَ: ﴿وما مَنَعَهم أنْ تُقْبَلَ مِنهم نَفَقاتُهم إلّا أنَّهم كَفَرُوا بِاللَّهِ وبِرَسُولِهِ﴾ أيْ كُفْرُهم بِاللَّهِ وبِرَسُولِهِ جَعَلَ المانِعَ مِنَ القَبُولِ ثَلاثَةَ أُمُورٍ: الأوَّلُ: الكُفْرُ، الثّانِي: أنَّهم لا يُصَلُّونَ في حالٍ مِنَ الأحْوالِ إلّا في حالِ الكَسَلِ والتَّثاقُلِ، لِأنَّهم لا يَرْجُونَ ثَوابًا ولا يَخافُونَ عِقابًا، فَصَلاتُهم لَيْسَتْ إلّا رِياءً لِلنّاسِ وتَظاهُرًا بِالإسْلامِ الَّذِي يُبْطِنُونَ خِلافَهُ، والثّالِثُ: أنَّهم لا يُنْفِقُونَ أمْوالَهم إلّا وهم كارِهُونَ، ولا يُنْفِقُونَها طَوْعًا لِأنَّهم يَعُدُّونَ إنْفاقَها وضْعًا لَها في مَضْيَعَةٍ لِعَدَمِ إيمانِهِمْ بِما وعَدَ اللَّهُ ورَسُولُهُ. قَوْلُهُ: ﴿فَلا تُعْجِبْكَ أمْوالُهم ولا أوْلادُهم﴾ الإعْجابُ بِالشَّيْءِ: أنْ يُسَرَّ بِهِ سُرُورًا راضٍ بِهِ، مُتَعَجِّبٌ مِن حُسْنِهِ، قِيلَ: مَعَ نَوْعٍ مِنَ الِافْتِخارِ واعْتِقادِ أنَّهُ لَيْسَ لِغَيْرِهِ ما يُساوِيهِ، والمَعْنى: لا تَسْتَحْسِنْ ما مَعَهم مِنَ الأمْوالِ والأوْلادِ ﴿إنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهم بِها في الحَياةِ الدُّنْيا﴾ بِما يَحْصُلُ مَعَهم مِنَ الغَمِّ والحُزْنِ عِنْدَ أنْ يَغْنَمَها المُسْلِمُونَ، (p-٥٧٨)ويَأْخُذُوها قَسْرًا مِن أيْدِيهِمْ مَعَ كَوْنِها زِينَةَ حَياتِهِمْ وقُرَّةَ أعْيُنِهِمْ، وكَذا في الآخِرَةِ يُعَذِّبُهم بِعَذابِ النّارِ بِسَبَبِ عَدَمِ الشُّكْرِ لِرَبِّهِمُ الَّذِي أعْطاهم ذَلِكَ، وتَرْكِ ما يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنَ الزَّكاةِ فِيها، والتَّصَدُّقِ بِما يَحِقُّ التَّصَدُّقُ بِهِ، وقِيلَ: في الكَلامِ تَقْدِيمٌ وتَأْخِيرٌ، والمَعْنى: فَلا تُعْجِبْكَ أمْوالُهم ولا أوْلادُهم في الحَياةِ الدُّنْيا، إنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهم بِها في الآخِرَةِ لِأنَّهم مُنافِقُونَ، فَهم يُنْفِقُونَ كارِهِينَ فَيُعَذَّبُونَ بِما يُنْفِقُونَ. قَوْلُهُ: ﴿وتَزْهَقَ أنْفُسُهم وهم كافِرُونَ﴾ الزُّهُوقُ: الخُرُوجُ بِصُعُوبَةٍ، والمَعْنى: أنَّ اللَّهَ يُرِيدُ أنْ تَزْهَقَ أنْفُسُهم وتَخْرُجَ أرْواحُهم حالَ كُفْرِهِمْ لِعَدَمِ قَبُولِهِمْ لِما جاءَتْ بِهِ الأنْبِياءُ وأُرْسِلَتْ بِهِ الرُّسُلُ، وتَصْمِيمِهِمْ عَلى الكُفْرِ وتَمادِيهِمْ في الضَّلالَةِ. ثُمَّ ذَكَرَ اللَّهُ سُبْحانَهُ نَوْعًا آخَرَ مِن قَبائِحِ المُنافِقِينَ فَقالَ: ﴿ويَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إنَّهم لَمِنكُمْ﴾ أيْ مِن جُمْلَتِكم في دِينِ الإسْلامِ والِانْقِيادِ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - ولِكِتابِ اللَّهِ سُبْحانَهُ ﴿وما هم مِنكُمْ﴾ في ذَلِكَ إلّا بِمُجَرَّدِ ظَواهِرِهِمْ دُونَ بَواطِنِهِمْ ﴿ولَكِنَّهم قَوْمٌ يَفْرَقُونَ﴾ أيْ يَخافُونَ أنْ يَنْزِلَ بِهِمْ ما نَزَلْ بِالمُشْرِكِينَ مِنَ القَتْلِ والسَّبْيِ، فَيُظْهِرُونَ لَكُمُ الإسْلامَ تَقِيَّةً مِنهم لا عَنْ حَقِيقَةٍ. ﴿لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً﴾ يَلْتَجِئُونَ إلَيْهِ ويَحْفَظُونَ نُفُوسَهم فِيهِ مِنكم مِن حِصْنٍ أوْ غَيْرِهِ ﴿أوْ مَغاراتٍ﴾ جَمْعُ مَغارَةٍ، مِن غارَ يَغِيرُ. قالَ الأخْفَشُ: ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ مِن أغارَ يُغِيرُ، والمَغاراتُ: الغِيرانُ والسَّرادِيبُ، وهي المَواضِعُ الَّتِي يَسْتَتِرُ فِيها، ومِنهُ غارَ الماءُ وغارَتِ العَيْنُ، والمَعْنى: لَوْ وجَدُوا أمْكِنَةً يُغَيِّبُونَ فِيها أشْخاصَهم هَرَبًا مِنكم ﴿أوْ مُدَّخَلًا﴾ مِنَ الدُّخُولِ: أيْ مَكانًا يَدْخُلُونَ فِيهِ مِنَ الأمْكِنَةِ الَّتِي لَيْسَتْ مَغاراتٍ. قالَ النَّحّاسُ: الأصْلُ فِيهِ مُتْدَخَلٌ قُلِبَتِ التّاءُ دالًا، وقِيلَ: أصْلُهُ مُدْتَخَلٌ. وقَرَأ أُبَيٌّ " مُتَدَخَّلًا " ورَوِيَ عَنْهُ أنَّهُ قَرَأ " مُنْدَخَلًا " بِالنُّونِ. وقَرَأ الحَسَنُ وابْنُ أبِي إسْحاقَ وابْنُ مُحَيْصِنٍ " أوْ مَدْخَلًا " بِفَتْحِ المِيمِ وإسْكانِ الدّالِ. قالَ الزَّجّاجُ: ويُقْرَأُ " أوْ مُدْخَلًا " بِضَمِّ المِيمِ وإسْكانِ الدّالِ. وقَرَأ الباقُونَ بِتَشْدِيدِ الدّالِ مَعَ ضَمِّ المِيمِ ﴿لَوَلَّوْا إلَيْهِ﴾ أيْ لالتَجَئُوا إلَيْهِ وأدْخَلُوا أنْفُسَهم فِيهِ والحالُ أنَّ ﴿وهم يَجْمَحُونَ﴾ أيْ يُسْرِعُونَ إسْراعًا لا يَرُدُّهم شَيْءٌ، مِن جَمَحَ الفَرَسُ: إذا لَمْ يَرُدَّهُ اللِّجامُ، ومِنهُ قَوْلُ الشّاعِرِ: ؎سَبُوحٌ جَمُوحٌ وإحْضارُها كَمَعْمَعَةِ السَّعَفِ المُوقَدِ والمَعْنى: لَوْ وجَدُوا شَيْئًا مِن هَذِهِ الأشْياءِ المَذْكُورَةِ لَوَلَّوْا إلَيْهِ مُسْرِعِينَ هَرَبًا مِنَ المُسْلِمِينَ. وقَدْ أخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قالَ: جَعَلَ المُنافِقُونَ الَّذِينَ تَخَلَّفُوا بِالمَدِينَةِ يُخْبِرُونَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - أخْبارَ السَّوْءِ يَقُولُونَ: إنَّ مُحَمَّدًا وأصْحابَهُ قَدْ جُهِدُوا في سَفَرِهِمْ وهَلَكُوا، فَبَلَغَهم تَكْذِيبُ حَدِيثِهِمْ وعافِيَةُ النَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - وأصْحابِهِ، فَساءَهم ذَلِكَ فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿إنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ﴾ الآيَةَ. وأخْرَجَ سُنَيْدٌ وابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، ﴿إنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهم﴾ يَقُولُ: إنْ يُصِبْكَ في سَفَرِكَ هَذِهِ الغَزْوَةَ تَبُوكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهم، قالَ: الجَدُّ وأصْحابُهُ، يَعْنِي الجَدَّ بْنَ قَيْسٍ. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنِ السُّدِّيِّ، ﴿قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إلّا ما كَتَبَ اللَّهُ لَنا﴾ قالَ: إلّا ما قَضى اللَّهُ لَنا. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، قالَ: ﴿هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إلّا إحْدى الحُسْنَيَيْنِ﴾ قالَ: فَتْحٌ أوْ شَهادَةٌ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ في قَوْلِهِ: ﴿أوْ بِأيْدِينا﴾ قالَ: القَتْلُ بِالسُّيُوفِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، قالَ: قالَ الجَدُّ بْنُ قَيْسٍ إنِّي إذا رَأيْتُ النِّساءَ لَمْ أصْبِرْ حَتّى أفْتَتِنَ ولَكِنْ أُعِينُكَ بِمالِي، قالَ: فَفِيهِ نَزَلَتْ: ﴿قُلْ أنْفِقُوا طَوْعًا أوْ كَرْهًا﴾ الآيَةَ. وأخْرَجَ وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ قَتادَةَ، في قَوْلِهِ: ﴿فَلا تُعْجِبْكَ أمْوالُهم﴾ قالَ: هَذِهِ مِن تَقادِيمِ الكَلامِ، يَقُولُ: لا تُعْجِبْكَ أمْوالُهم ولا أوْلادُهم في الحَياةِ الدُّنْيا، إنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهم بِها في الآخِرَةِ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، قالَ: إنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهم بِها في الآخِرَةِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، في قَوْلِهِ: ﴿وتَزْهَقَ أنْفُسُهم وهم كافِرُونَ﴾ قالَ: تَزْهَقُ أنْفُسُهم في الحَياةِ الدُّنْيا ﴿وهم كافِرُونَ﴾ قالَ: هَذِهِ آيَةٌ فِيها تَقْدِيمٌ وتَأْخِيرٌ. وأخْرَجَ أبُو حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ الضَّحّاكِ، في قَوْلِهِ: ﴿فَلا تُعْجِبْكَ﴾ يَقُولُ: لا يَغُرَّنَّكَ وتَزْهَقَ قالَ: تَخْرُجُ أنْفُسُهم، قالَ في الدُّنْيا وهم كافِرُونَ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، في قَوْلِهِ: ﴿لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً﴾ الآيَةَ قالَ: المَلْجَأُ الحِرْزُ في الجِبالِ، والمَغاراتُ: الغِيرانُ، والمُدَّخَلُ: السِّرْبُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ السُّدِّيِّ، ﴿وهم يَجْمَحُونَ﴾ قالَ: يُسْرِعُونَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب