الباحث القرآني

قَوْلُهُ: " وإنْ نَكَثُوا " مَعْطُوفٌ عَلى فَإنْ تابُوا، والنَّكْثُ: النَّقْضُ، وأصْلُهُ نَقْضُ الخَيْطِ بَعْدَ إبْرامِهِ، ثُمَّ اسْتُعْمِلَ في كُلِّ نَقْضٍ، ومِنهُ نَقْضُ الأيْمانِ والعُهُودِ عَلى طَرِيقِ الِاسْتِعارَةِ. ومَعْنى " مِن بَعْدِ عَهْدِهِمْ " أيْ مِن بَعْدِ أنْ عاهَدُوكم. والمَعْنى: أنَّ الكُفّارَ إنْ نَكَثُوا العُهُودَ الَّتِي عاهَدُوا بِها المُسْلِمِينَ ووَثَّقُوا لَهم بِها، وضَمُّوا إلى ذَلِكَ الطَّعْنَ في دِينِ الإسْلامِ، والقَدْحَ فِيهِ فَقَدْ وجَبَ عَلى المُسْلِمِينَ قِتالُهم، وأئِمَّةُ الكُفْرِ: جَمَعَ إمامٍ، والمُرادُ صَنادِيدُ المُشْرِكِينَ، وأهْلُ الرِّئاسَةِ فِيهِمْ عَلى العُمُومِ، وقَرَأ حَمْزَةُ ( أإمَةَ ) . وأكْثَرُ النَّحْوِيِّينَ يَذْهَبُ إلى أنَّ هَذا لَحْنٌ؛ لِأنَّ فِيهِ الجَمْعَ بَيْنَ هَمْزَتَيْنِ في كَلِمَةٍ واحِدَةٍ. وقَرَأ الجُمْهُورُ بِجَعْلِ الهَمْزَةِ الثّانِيَةِ بَيْنَ بَيْنٍ: أيْ بَيْنَ مَخْرَجِ الهَمْزَةِ والياءِ. وقُرِئَ بِإخْلاصِ الياءِ وهو لَحْنٌ، كَما قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ. قَوْلُهُ: ﴿إنَّهم لا أيْمانَ لَهُمْ﴾ هَذِهِ الجُمْلَةُ تَعْلِيلٌ لِما قَبْلَها: والأيْمانُ: جَمْعُ يَمِينٍ في قِراءَةِ الجُمْهُورِ. وقَرَأ ابْنُ عامِرٍ " لا إيمانَ لَهم " بِكَسْرِ الهَمْزَةِ. والمَعْنى عَلى قِراءَةِ الجُمْهُورِ: أنَّ أيْمانَ الكافِرِينَ وإنْ كانَتْ في الصُّورَةِ يَمِينًا فَهي في الحَقِيقَةِ لَيْسَتْ بِيَمِينٍ، وعَلى القِراءَةِ الثّانِيَةِ: أنَّ هَؤُلاءِ النّاكِثِينَ لِلْأيْمانِ الطّاعِنِينَ في الدِّينِ (p-٥٦٠)لَيْسُوا مِن أهْلِ الإيمانِ بِاللَّهِ حَتّى يَسْتَحِقُّوا العِصْمَةَ لِدِمائِهِمْ وأمْوالِهِمْ، فَقِتالُهم واجِبٌ عَلى المُسْلِمِينَ. قَوْلُهُ: " لَعَلَّهم يَنْتَهُونَ " أيْ عَنْ كُفْرِهِمْ ونَكْثِهِمْ وطَعْنِهِمْ في دِينِ الإسْلامِ. والمَعْنى: أنَّ قِتالَهم يَكُونُ إلى الغايَةِ هي الِانْتِهاءُ عَنْ ذَلِكَ. وقَدِ اسْتُدِلَّ بِهَذِهِ الآيَةِ عَلى أنَّ الذِّمِّيَّ إذا طَعَنَ في الدِّينِ لا يُقْتَلُ حَتّى يَنْكُثَ العَهْدَ كَما قالَ أبُو حَنِيفَةَ، لِأنَّ اللَّهَ إنَّما أمَرَ بِقَتْلِهِمْ بِشَرْطَيْنِ: أحَدُهُما: نَقْضُ العَهْدَ، والثّانِي: الطَّعْنُ في الدِّينِ، وذَهَبَ مالِكٌ، والشّافِعِيُّ وغَيْرُهُما، إلى أنَّهُ إذا طَعَنَ في الدِّينِ قُتِلَ؛ لِأنَّهُ يَنْتَقِضُ عَهْدَهُ بِذَلِكَ، قالُوا: وكَذَلِكَ إذا حَصَلَ مِنَ الذِّمِّيِّ مُجَرَّدُ النَّكْثِ فَقَطْ مِن دُونِ طَعْنٍ في الدِّينِ فَإنَّهُ يُقْتَلُ. قَوْلُهُ: ﴿ألا تُقاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أيْمانَهم﴾ الهَمْزَةُ الدّاخِلَةُ عَلى حَرْفِ النَّفْيِ لِلِاسْتِفْهامِ التَّوْبِيخِيِّ مَعَ ما يُسْتَفادُ مِنها مِنَ التَّحْضِيضِ عَلى القِتالِ والمُبالَغَةِ في تَحَقُّقِهِ، والمَعْنى: أنَّ مَن كانَ حالُهُ كَحالِ هَؤُلاءِ مِن نَقْضِ العَهْدِ وإخْراجِ الرَّسُولِ مِن مَكَّةَ والبَداءَةِ بِالقِتالِ، فَهو حَقِيقٌ بِأنْ لا يُتْرَكَ قِتالُهُ، وأنْ يُوَبَّخَ مَن فَرَّطَ في ذَلِكَ، ثُمَّ زادَ في التَّوْبِيخِ فَقالَ " أتَخْشَوْنَهم " فَإنَّ هَذا الِاسْتِفْهامَ لِلتَّوْبِيخِ والتَّقْرِيعِ: أيْ تَخْشَوْنَ أنْ يَنالَكم مِنهم مَكْرُوهٌ فَتَتْرُكُونَ قِتالَهم لِهَذِهِ الخَشْيَةِ، ثُمَّ بَيْنَ ما يَجِبُ أنْ يَكُونَ الأمْرُ عَلَيْهِ، فَقالَ: ﴿فاللَّهُ أحَقُّ أنْ تَخْشَوْهُ إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ أيْ هو أحَقُّ بِالخَشْيَةِ مِنكم، فَإنَّهُ الضّارُّ النّافِعُ بِالحَقِيقَةِ، ومِن خَشْيَتِكم لَهُ أنْ تُقاتِلُوا مَن أمَرَكم بِقِتالِهِ، فَإنَّ قَضِيَّةَ الإيمانِ تُوجِبُ ذَلِكَ عَلَيْكم. ثُمَّ زادَ في تَأْكِيدِ الأمْرِ بِالقِتالِ فَقالَ " قاتِلُوهم " ورَتَّبَ عَلى هَذا الأمْرِ فَوائِدَ: الأُولى: تَعْذِيبُ اللَّهِ لِلْكَفّارِ بِأيْدِي المُؤْمِنِينَ بِالقَتْلِ والأسْرِ. والثّانِيَةُ: إخْزاؤُهم، قِيلَ: بِالأسْرِ، وقِيلَ: بِما نَزَلَ بِهِمْ مِنَ الذُّلِّ والهَوانِ. والثّالِثَةُ: نَصْرُ المُسْلِمِينَ عَلَيْهِمْ وغَلَبَتُهم لَهم. والرّابِعَةُ: أنَّ اللَّهَ يَشْفِي بِالقِتالِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ مِمَّنْ لَمْ يَشْهَدِ القِتالَ ولا حَضَرَهُ، والخامِسَةُ: أنَّهُ - سُبْحانَهُ - يُذْهِبُ بِالقِتالِ غَيْظَ قُلُوبِ المُؤْمِنِينَ الَّذِي نالَهم بِسَبَبِ ما وقَعَ مِنَ الكُفّارِ مِنَ الأُمُورِ الجالِبَةِ لِلْغَيْظِ وحَرَجِ الصَّدْرِ. فَإنْ قِيلَ: شِفاءُ الصُّدُورِ وإذْهابُ غَيْظِ القُلُوبِ كِلاهُما بِمَعْنًى فَيَكُونُ تِكْرارًا، قِيلَ: في الجَوابِ: إنَّ القَلْبَ أخَصُّ مِنَ الصَّدْرِ، وقِيلَ: إنَّ شِفاءَ الصَّدْرِ إشارَةٌ إلى الوَعْدِ بِالفَتْحِ، ولا رَيْبَ أنَّ الِانْتِظارَ لِنَجازِ الوَعْدِ مَعَ الثِّقَةِ بِهِ فِيهِما شِفاءٌ لِلصَّدْرِ، وأنَّ إذْهابَ غَيْظِ القُلُوبِ إشارَةٌ إلى وُقُوعِ الفَتْحِ، وقَدْ وقَعَتْ لِلْمُؤْمِنِينَ ولِلَّهِ الحَمْدُ هَذِهِ الأُمُورُ كُلُّها، ثُمَّ قالَ: ﴿ويَتُوبُ اللَّهُ عَلى مَن يَشاءُ﴾ وهو ابْتِداءُ كَلامٍ يَتَضَمَّنُ الإخْبارَ بِما سَيَكُونُ، وهو أنَّ بَعْضَ الكافِرِينَ يَتُوبُ عَنْ كُفْرِهِ كَما وقَعَ مِن بَعْضِ أهْلِ مَكَّةَ يَوْمَ الفَتْحِ، فَإنَّهم أسْلَمُوا وحَسُنَ إسْلامُهم، وهَذا عَلى قِراءَةِ الرَّفْعِ في " يَتُوبُ "، وهي قِراءَةُ الجُمْهُورِ: وقُرِئَ بِنَصْبِ " يَتُوبَ " بِإضْمارِ " أنْ "، ودُخُولُ التَّوْبَةِ في جُمْلَةِ ما أُجِيبَ بِهِ الأمْرُ مِن طَرِيقِ المَعْنى. قَرَأ بِذَلِكَ ابْنُ أبِي إسْحاقَ، وعِيسى الثَّقَفِيُّ، والأعْرَجُ. فَإنْ قِيلَ: كَيْفَ تَقَعُ التَّوْبَةُ جَزاءً لِلْمُقاتِلَةِ ؟ وأُجِيبَ أنَّ القِتالَ قَدْ يَكُونُ سَبَبًا لَها إذا كانَتْ مِن جِهَةِ الكُفّارِ، وأمّا إذا كانَتْ مِن جِهَةِ المُسْلِمِينَ فَوَجْهُهُ أنَّ النَّصْرَ والظَّفَرَ مِن جِهَةِ اللَّهِ يَكُونُ سَبَبًا لِخُلُوصِ النِّيَّةِ والتَّوْبَةِ عَنِ الذُّنُوبِ. قَوْلُهُ: ﴿أمْ حَسِبْتُمْ أنْ تُتْرَكُوا﴾ أمْ هَذِهِ هي المُنْقَطِعَةُ الَّتِي بِمَعْنى بَلْ، والهَمْزَةُ والِاسْتِفْهامُ لِلتَّوْبِيخِ، وحَرْفُ الإضْرابِ لِلدَّلالَةِ عَلى الِانْتِقالِ مِن كَلامٍ إلى آخَرَ. والمَعْنى: كَيْفَ يَقَعُ الحُسْبانُ مِنكم بِأنْ تُتْرَكُوا عَلى ما أنْتُمْ عَلَيْهِ، وقَوْلُهُ: " أنْ تُتْرَكُوا " في مَوْضِعِ مَفْعُولَيِ الحُسْبانَ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ. وقالَ المُبَرِّدُ: إنَّهُ حُذِفَ الثّانِي، والتَّقْدِيرُ: أمْ حَسِبْتُمْ أنْ تُتْرَكُوا مِن غَيْرِ أنْ تُبْتَلَوْا بِما يَظْهَرُ بِهِ المُؤْمِنُ والمُنافِقُ الظُّهُورَ الَّذِي يَسْتَحِقُّ بِهِ الثَّوابَ والعِقابَ، وجُمْلَةُ ﴿ولَمّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنكُمْ﴾ في مَحَلِّ نَصْبٍ عَلى الحالِ، والمُرادُ مِن نَفْيِ العِلْمِ نَفْيِ المَعْلُومِ، والمَعْنى كَيْفَ تَحْسَبُونَ أنَّكم تُتْرَكُونَ ولَمّا يَتَبَيَّنِ المُخْلِصُ مِنكم في جِهادِهِ مِن غَيْرِ المُخْلِصِ، وجُمْلَةُ " ولَمْ يَتَّخِذُوا " مَعْطُوفَةٌ عَلى " جاهَدُوا " داخِلَةٌ مَعَهُ في حُكْمِ النَّفْيِ، واقِعَةٌ في حَيِّزِ الصِّلَةِ، والوَلِيجَةُ مِنَ الوُلُوجِ: وهو الدُّخُولُ، ولَجَ يَلِجُ وُلُوجًا: إذا دَخَلَ: فالوَلِيجَةُ: الدَّخِيلَةُ. قالَ أبُو عُبَيْدَةَ: كُلُّ شَيْءٍ أدْخَلْتَهُ في شَيْءٍ لَيْسَ مِنهُ فَهو ولِيجَةٌ. قالَ أبانُ بْنُ ثَعْلَبٍ: ؎فَبِئْسَ الوَلِيجَةُ لِلْهارِبِي نَ والمُعْتَدِينَ وأهْلِ الرَّيْبِ وقالَ الفَرّاءُ: الوَلِيجَةُ البِطانَةُ مِنَ المُشْرِكِينَ، والمَعْنى واحِدٌ: أيْ كَيْفَ تَتَّخِذُونَ دَخِيلَةً أوْ بِطانَةً مِنَ المُشْرِكِينَ تُفْشُونَ إلَيْهِمْ بِأسْرارِكم وتُعْلِمُونَهم أُمُورَكم مِن دُونِ اللَّهِ ﴿واللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ﴾ أيْ بِجَمِيعِ أعْمالِكم. وقَدْ أخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿وإنْ نَكَثُوا أيْمانَهُمْ﴾ قالَ: عَهْدَهم. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، في الآيَةِ قالَ: يَقُولُ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ وإنْ نَكَثُوا العَهْدَ الَّذِي بَيْنَكَ وبَيْنَهم فَقاتِلْهم إنَّهم أئِمَّةُ الكُفْرِ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ " أئِمَّةَ الكُفْرِ " قالَ: أبُو سُفْيانَ بْنُ حَرْبٍ، وأُمِّيَّةُ بْنُ خَلَفٍ، وعَتَبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وأبُو جَهِلِ بْنُ هِشامٍ، وسُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، وهُمُ الَّذِينَ نَكَثُوا عَهْدَ اللَّهِ وهَمُّوا بِإخْراجِ الرَّسُولِ مِن مَكَّةَ. وأخْرَجَ ابْنُ عَساكِرَ،، عَنْ مالِكِ بْنِ أنَسٍ مِثْلَهُ. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، ﴿فَقاتِلُوا أئِمَّةَ الكُفْرِ﴾ قالَ: رُؤُوسُ قُرَيْشٍ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: أبُو سُفْيانَ بْنُ حَرْبٍ مِنهم. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنِ الحَسَنِ أنَّهُمُ الدَّيْلَمُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنْ حُذَيْفَةَ أنَّهم ذَكَرُوا عِنْدَ هَذِهِ الآيَةِ فَقالُوا: ما قُوتِلَ أهْلُ هَذِهِ الآيَةِ بَعْدُ. وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ،، عَنْ عَلِيٍّ نَحْوَهُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، والبُخارِيُّ،، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنْ حُذَيْفَةَ قالَ: ما بَقِيَ مِن أهْلِ هَذِهِ الآيَةِ إلّا ثَلاثَةٌ، ولا مِنَ المُنافِقِينَ إلّا أرْبَعَةٌ، فَقالَ أعْرابِيُّ: إنَّكم أصْحابَ مُحَمَّدٍ تُخْبِرُونَنا لا نَدْرِي فَما بالُ هَؤُلاءِ الَّذِينَ يَنْقُرُونَ بُيُوتَنا ويَسْتَرِقُونَ أعْلاقَنا، قالَ: أُولَئِكَ الفُسّاقُ، أجَلْ لَمْ يَبْقَ مِنهم إلّا أرْبَعَةٌ، أحَدُهم شَيْخٌ كَبِيرٌ لَوْ شَرِبَ الماءَ البارِدَ لَما وجَدَ بَرْدَهُ. والأوْلى: أنَّ الآيَةَ عامَّةٌ في كُلِّ رُؤَساءِ الكُفّارِ مِن غَيْرِ تَقْيِيدٍ (p-٥٦١)بِزَمَنٍ مُعَيَّنٍ أوْ بِطائِفَةٍ مُعَيَّنَةٍ اعْتِبارًا بِعُمُومِ اللَّفْظُ لا بِخُصُوصِ السَّبَبِ، ومِمّا يُفِيدُ ذَلِكَ ما أخْرَجَهُ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ أنَّهُ كانَ في عَهْدِ أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ إلى النّاسِ حِينَ وجَّهَهم إلى الشّامِ قالَ: إنَّكم سَتَجِدُونَ قَوْمًا مُجَوَّفَةً رُؤُوسُهم، فاضْرِبُوا مَقاعِدَ الشَّيْطانِ مِنهم بِالسُّيُوفِ، فَواللَّهِ لَأنْ أقْتُلَ رَجُلًا مِنهم أحَبُّ إلَيَّ مِن أنْ أقْتُلَ سَبْعِينَ مِن غَيْرِهِمْ، وذَلِكَ بِأنَّ اللَّهَ يَقُولُ: ﴿فَقاتِلُوا أئِمَّةَ الكُفْرِ﴾ . وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنْ حُذَيْفَةَ ﴿لا أيْمانَ لَهُمْ﴾ قالَ: لا عُهُودَ لَهم. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ عَمّارٍ مِثْلَهُ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿ألا تُقاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أيْمانَهم﴾ قالَ: قِتالُ قُرَيْشٍ حُلَفاءَ النَّبِيِّ ﷺ وهَمُّهم بِإخْراجِ الرَّسُولِ. زَعَمُوا أنَّ ذَلِكَ عامَ عُمْرَةِ النَّبِيِّ ﷺ في العامِ التّابِعِ لِلْحُدَيْبِيَةِ، نَكَثَتْ قُرَيْشٌ العَهْدَ عَهْدَ الحُدَيْبِيَةِ، وجَعَلُوا في أنْفُسِهِمْ إذا دَخَلُوا مَكَّةَ أنْ يَخْرُجُوا مِنها، فَذَلِكَ هَمُّهم بِإخْراجِهِ، فَلَمْ تُتابِعْهم خُزاعَةُ عَلى ذَلِكَ، فَلَمّا خَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ مِن مَكَّةَ قالَتْ قُرَيْشٌ لِخُزاعَةَ: عَمَّيْتُمُونا عَنْ إخْراجِهِ، فَقاتَلُوهم فَقَتَلُوا مِنهم رِجالًا. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ عِكْرِمَةَ قالَ: نَزَلَتْ في خُزاعَةَ ﴿قاتِلُوهم يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأيْدِيكم ويُخْزِهِمْ﴾ الآيَةَ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ مُجاهِدٍ نَحْوَهُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ السُّدِّيِّ، نَحْوَهُ. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنْ قَتادَةَ نَحْوَهُ أيْضًا، وقَدْ ساقَ القِصَّةَ ابْنُ إسْحاقَ في سِيرَتِهِ، وأوْرَدَ فِيها النَّظْمَ الَّذِي أرْسَلَتْهُ خُزاعَةُ إلى النَّبِيِّ ﷺ، وأوَّلُهُ: ؎يا رَبِّ إنِّي ناشَدٌ مُحَمَّدًا ∗∗∗ حِلْفَ أبِينا وأبِيهِ الأتْلَدا وأخْرَجَ القِصَّةَ البَيْهَقِيُّ في الدَّلائِلِ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، قالَ: الوَلِيجَةُ: البِطانَةُ مِن غَيْرِ دِينِهِمْ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ قَتادَةَ قالَ: ولِيجَةٌ أيْ خِيانَةٌ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب