الباحث القرآني
لَمّا بَيَّنَ اللَّهُ سُبْحانَهُ في أوَّلِ السُّورَةِ وما بَعْدَهُ أنَّ البَراءَةَ مِنَ المُشْرِكِينَ والمُنافِقِينَ واجِبَةٌ، بَيَّنَ سُبْحانَهُ هُنا ما يَزِيدُ ذَلِكَ تَأْكِيدًا، وصَرَّحَ بِأنَّ ذَلِكَ مُتَحَتِّمٌ، ولَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى، وأنَّ القَرابَةَ في مِثْلِ هَذا الحُكْمِ لا تَأْثِيرَ لَها.
وقَدْ ذَكَرَ أهْلُ التَّفْسِيرِ أنَّ " ما كانَ " في القُرْآنِ يَأْتِي عَلى وجْهَيْنِ: الأوَّلُ: عَلى النَّفْيِ نَحْوِ ما كانَ لِنَفْسٍ أنْ تَمُوتَ إلّا بِإذْنِ اللَّهِ [آل عمران: ١٤٥] .
والآخَرُ: عَلى مَعْنى النَّهْيِ نَحْوِ ما كانَ لَكم أنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ [الأحزاب: ٥٣] و﴿ما كانَ لِلنَّبِيِّ والَّذِينَ آمَنُوا أنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ﴾ وهَذِهِ الآيَةُ مُتَضَمِّنَةٌ لِقَطْعِ المُوالاةِ لِلْكَفّارِ، وتَحْرِيمِ الِاسْتِغْفارِ لَهم، والدُّعاءِ بِما لا يَجُوزُ لِمَن كانَ كافِرًا، ولا يُنافِي هَذا ما ثَبَتَ عَنْهُ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - في الصَّحِيحِ أنَّهُ «قالَ يَوْمَ أُحُدٍ حِينَ كَسَرَ (p-٦٠٣)المُشْرِكُونَ رَباعِيَتَهُ وشَجُّوا وجْهَهُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإنَّهم لا يَعْلَمُونَ»، لِأنَّهُ يُمْكِنُ أنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَبْلَ أنْ يَبْلُغَهُ تَحْرِيمُ الِاسْتِغْفارِ لِلْمُشْرِكِينَ، وعَلى فَرْضِ أنَّهُ قَدْ كانَ بَلَغَهُ كَما يُفِيدُهُ سَبَبُ النُّزُولِ، فَإنَّهُ قَبْلَ يَوْمِ أُحُدٍ بِمُدَّةٍ طَوِيلَةٍ، وسَيَأْتِي، فَصُدُورُ هَذا الِاسْتِغْفارِ مِنهُ لِقَوْمِهِ إنَّما كانَ عَلى سَبِيلِ الحِكايَةِ عَمَّنْ تَقَدَّمَهُ مِنَ الأنْبِياءِ كَما في صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قالَ: «كَأنِّي أنْظُرُ إلى النَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - يَحْكِي نَبِيًّا مِنَ الأنْبِياءِ ضَرَبَهُ قَوْمُهُ وهو يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وجْهِهِ ويَقُولُ: رَبِّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإنَّهم لا يَعْلَمُونَ» .
وفِي البُخارِيِّ، «أنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ ذَكَرَ نَبِيًّا قَبْلَهُ شَجَّهُ قَوْمُهُ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - يُخْبِرُ عَنْهُ بِأنَّهُ قالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإنَّهم لا يَعْلَمُونَ» .
قَوْلُهُ: ﴿مِن بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهم أنَّهم أصْحابُ الجَحِيمِ﴾ هَذِهِ الجُمْلَةُ تَتَضَمَّنُ التَّعْلِيلَ لِلنَّهْيِ عَنِ الِاسْتِغْفارِ.
والمَعْنى: أنَّ هَذا التَّبَيُّنَ مُوجِبٌ لِقَطْعِ المُوالاةِ لِمَن كانَ هَكَذا، وعَدَمِ الِاعْتِدادِ بِالقَرابَةِ لِأنَّهم ماتُوا عَلى الشِّرْكِ.
وقَدْ قالَ سُبْحانَهُ: ﴿إنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أنْ يُشْرَكَ بِهِ﴾ [النساء: ١١٦] فَطَلَبُ المَغْفِرَةِ لَهم في حُكْمِ المُخالَفَةِ لِوَعْدِ اللَّهِ ووَعِيدِهِ.
قَوْلُهُ: ﴿وما كانَ اسْتِغْفارُ إبْراهِيمَ لِأبِيهِ﴾ الآيَةَ: ذَكَرَ اللَّهُ سُبْحانَهُ السَّبَبَ في اسْتِغْفارِ إبْراهِيمَ لِأبِيهِ أنَّهُ كانَ لِأجْلِ وعْدٍ تَقَدَّمَ مِن إبْراهِيمَ لِأبِيهِ بِالِاسْتِغْفارِ لَهُ، ولَكِنَّهُ تَرَكَ ذَلِكَ وتَبَرَّأ مِنهُ لَمّا تَبَيَّنَ لَهُ أنَّهُ عَدُوُّ اللَّهِ، وأنَّهُ غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ لِلِاسْتِغْفارِ، وهَذا يَدُلُّ عَلى أنَّهُ إنَّما وعَدَهُ قَبْلَ أنْ يَتَبَيَّنَ لَهُ أنَّهُ مِن أهْلِ النّارِ، ومِن أعْداءِ اللَّهِ، فَلا حاجَةَ إلى السُّؤالِ الَّذِي يُورِدُهُ كَثِيرٌ مِنَ المُفَسِّرِينَ أنَّهُ كَيْفَ خَفِيَ ذَلِكَ عَلى إبْراهِيمَ، فَإنَّهُ لَمْ يَخْفَ عَلَيْهِ تَحْرِيمُ الِاسْتِغْفارِ لِمَن أصَرَّ عَلى الكُفْرِ وماتَ عَلَيْهِ، وهو لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ إلّا بِإخْبارِ اللَّهِ سُبْحانَهُ لَهُ بِأنَّهُ عَدُوُّ اللَّهِ، فَإنَّ ثُبُوتَ هَذِهِ العَداوَةِ تَدُلُّ عَلى الكُفْرِ، وكَذَلِكَ لَمْ يَعْلَمْ نَبِيُّنا - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - بِتَحْرِيمِ ذَلِكَ إلّا بَعْدَ أنْ أخْبَرَهُ اللَّهُ بِهَذِهِ الآيَةِ، وهَذا حُكْمٌ إنَّما يَثْبُتُ بِالسَّمْعِ لا بِالعَقْلِ.
وقِيلَ: المُرادُ مِنِ اسْتِغْفارِ إبْراهِيمَ لِأبِيهِ دُعاؤُهُ إلى الإسْلامِ، وهو ضَعِيفٌ جِدًّا.
وقِيلَ: المُرادُ بِالِاسْتِغْفارِ في هَذِهِ الآيَةِ النَّهْيُ عَنِ الصَّلاةِ عَلى جَنائِزِ الكُفّارِ، فَهو كَقَوْلِهِ: ﴿ولا تُصَلِّ عَلى أحَدٍ مِنهم ماتَ أبَدًا﴾ [التوبة: ٨٤] ولا حاجَةَ إلى تَفْسِيرِ الِاسْتِغْفارِ بِالصَّلاةِ ولا مُلْجِئَ إلى ذَلِكَ، ثُمَّ خَتَمَ اللَّهُ سُبْحانَهُ هَذِهِ الآيَةَ بِالثَّناءِ العَظِيمِ عَلى إبْراهِيمَ، فَقالَ: ﴿إنَّ إبْراهِيمَ لَأوّاهٌ﴾ وهو كَثِيرُ التَّأوُّهِ كَما تَدُلُّ عَلى ذَلِكَ صِيغَةُ المُبالَغَةِ.
وقَدِ اخْتَلَفَ أهْلُ العِلْمِ في مَعْنى الأوّاهِ، فَقالَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ: إنَّهُ الَّذِي يُكْثِرُ الدُّعاءَ.
وقالَ الحَسَنُ وقَتادَةُ: إنَّهُ الرَّحِيمُ بِعِبادِ اللَّهِ.
ورُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: أنَّهُ المُؤْمِنُ بِلُغَةِ الحَبَشَةِ.
وقالَ الكَلْبِيُّ: إنَّهُ الَّذِي يَذْكُرُ اللَّهَ في الأرْضِ القَفْرِ.
ورُوِيَ مِثْلُهُ عَنِ ابْنِ المُسَيَّبِ، وقِيلَ: الَّذِي يُكْثِرُ الذِّكْرَ لِلَّهِ مِن غَيْرِ تَقْيِيدٍ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عامِرٍ.
وقِيلَ: هو الَّذِي يُكْثِرُ التِّلاوَةَ، حُكِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ.
وقِيلَ: إنَّهُ الفَقِيهُ، قالَهُ مُجاهِدٌ والنَّخَعِيُّ.
وقِيلَ: المُتَضَرِّعُ الخاضِعُ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدّادِ بْنِ الهادِ.
وقِيلَ: هو الَّذِي إذا ذَكَرَ خَطاياهُ اسْتَغْفَرَ لَها، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أبِي أيُّوبَ.
وقِيلَ: هو الشَّفِيقُ قالَهُ عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ يَحْيى.
وقالَ: إنَّهُ المُعَلِّمُ لِلْخَيْرِ.
وقِيلَ: إنَّهُ الرّاجِعُ عَنْ كُلِّ ما يَكْرَهُهُ اللَّهُ، قالَهُ عَطاءٌ.
والمُطابِقُ لِمَعْنى الأوّاهِ لُغَةً أنْ يُقالَ إنَّهُ الَّذِي يُكْثِرُ التَّأوُّهَ مِن ذُنُوبِهِ، فَيَقُولُ مَثَلًا: آهٍ مِن ذُنُوبِي آهٍ مِمّا أُعاقَبُ بِهِ بِسَبَبِها ونَحْوُ ذَلِكَ، وبِهِ قالَ الفَرّاءُ، وهو مَرْوِيٌّ عَنْ أبِي ذَرٍّ، ومَعْنى التَّأوُّهِ هو أنْ يُسْمَعَ لِلصَّدْرِ صَوْتٌ مِن تَنَفُّسِ الصُّعَداءِ.
قالَ في الصِّحاحِ: وقَدْ أوَّهَ الرَّجُلُ تَأْوِيهًا، وتَأوَّهَ تَأوُّهًا إذا قالَ أوْهِ، والِاسْمُ مِنهُ آهَةٌ بِالمَدِّ، قالَ:
؎إذا ما قُمْتُ أرْحَلُها بِلَيْلٍ تَأوَّهَ آهَةَ الرَّجُلِ الحَزِينِ
و( حَلِيمٌ ) الكَثِيرُ الحِلْمِ كَما تُفِيدُهُ صِيغَةُ المُبالَغَةِ، وهو الَّذِي يَصْفَحُ عَنِ الذُّنُوبِ ويَصْبِرُ عَلى الأذى، وقِيلَ: الَّذِي لا يُعاقِبُ أحَدًا قَطُّ إلّا في اللَّهِ.
وقَدْ أخْرَجَ البُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ، وغَيْرُهُما، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ عَنْ أبِيهِ قالَ: «لَمّا حَضَرَتِ الوَفاةُ أبا طالِبٍ دَخَلَ النَّبِيُّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - وعِنْدَهُ أبُو جَهْلٍ وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُمَيَّةَ، فَقالَ النَّبِيُّ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ: أيْ عَمِّ قُلْ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ أُحاجُّ لَكَ بِها عِنْدَ اللَّهِ، فَقالَ أبُو جَهْلٍ وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُمَيَّةَ: يا أبا طالِبٍ أتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ المُطَّلِبِ ؟ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - يَعْرِضُها عَلَيْهِ وأبُو جَهْلٍ وعَبْدُ اللَّهِ يُعانِدانِهِ بِتِلْكَ المَقالَةِ، فَقالَ أبُو طالِبٍ آخِرَ ما كَلَّمَهم: هو عَلى مِلَّةِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، وأبى أنْ يَقُولَ: لا إلَهَ إلّا اللَّهُ، فَقالَ النَّبِيُّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -: لِأسْتَغْفِرَنَّ لَكَ ما لَمْ أُنْهَ عَنْكَ، فَنَزَلَتْ: ( ما كانَ لِلنَّبِيِّ ) الآيَةَ وأنْزَلَ اللَّهُ في أبِي طالِبٍ ﴿إنَّكَ لا تَهْدِي مَن أحْبَبْتَ ولَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشاءُ﴾ [القصص: ٥٦]» .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وأحْمَدُ، والتِّرْمِذِيُّ، وأبُو يَعْلى، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في شُعَبِ الإيمانِ، والضِّياءُ في المُخْتارَةِ، عَنْ عَلِيٍّ قالَ: «سَمِعْتُ رَجُلًا يَسْتَغْفِرُ لِأبَوَيْهِ وهُما مُشْرِكانِ، فَقُلْتُ: تَسْتَغْفِرُ لِأبَوَيْكَ وهُما مُشْرِكانِ ؟ فَقالَ: أوَلَمْ يَسْتَغْفِرْ إبْراهِيمُ لِأبِيهِ ؟ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - فَنَزَلَتْ: ( ما كانَ لِلنَّبِيِّ ) الآيَةَ» .
وأخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ، وابْنُ عَساكِرَ، عَنْ عَلِيٍّ قالَ: «أخْبَرْتُ النَّبِيَّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - بِمَوْتِ أبِي طالِبٍ، فَبَكى، فَقالَ: اذْهَبْ فَغَسِّلْهُ وكَفِّنْهُ ووارِهِ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ورَحِمَهُ، فَفَعَلْتُ، وجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - يَسْتَغْفِرُ لَهُ أيّامًا ولا يَخْرُجُ مِن بَيْتِهِ حَتّى نَزَلَ عَلَيْهِ: ( ما كانَ لِلنَّبِيِّ ) الآيَةَ» .
وقَدْ رُوِيَ كَوْنُ سَبَبِ نُزُولِ الآيَةِ اسْتِغْفارَ النَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - لِأبِي طالِبٍ مِن طُرُقٍ كَثِيرَةٍ: مِنها عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، عِنْدَ ابْنِ أبِي حاتِمٍ، وأبِي الشَّيْخِ، وهو مُرْسَلٌ.
ومِنها عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينارٍ، عِنْدَ ابْنِ جَرِيرٍ، وهو مُرْسَلٌ أيْضًا.
ومِنها عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ، عِنْدَ ابْنِ جَرِيرٍ، وهو مُرْسَلٌ أيْضًا.
ومِنها عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ، عِنْدَ ابْنِ سَعْدٍ، وأبِي الشَّيْخِ وابْنِ عَساكِرَ.
ومِنها عَنِ الحَسَنِ البَصْرِيِّ عِنْدَ ابْنِ عَساكِرَ، وهو مُرْسَلٌ.
ورُوِيَ أنَّها نَزَلَتْ بِسَبَبِ زِيارَةِ النَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - لَقَبْرِ أُمِّهِ واسْتِغْفارِهِ لَها، مِن طَرِيقِ ابْنِ عَبّاسٍ، عِنْدَ الطَّبَرانِيِّ وابْنِ مَرْدَوَيْهِ، ومِن طَرِيقِ ابْنِ مَسْعُودٍ عِنْدَ ابْنِ أبِي حاتِمٍ، والحاكِمِ وابْنِ مَرْدَوَيْهِ، والبَيْهَقِيِّ في الدَّلائِلِ، وعَنْ (p-٦٠٤)بُرَيْدَةَ عِنْدَ ابْنِ مَرْدَوَيْهِ، وما في الصَّحِيحَيْنِ مُقَدَّمٌ عَلى ما لَمْ يَكُنْ فِيهِما عَلى فَرْضِ أنَّهُ صَحِيحٌ، فَكَيْفَ وهو ضَعِيفٌ غالِبُهُ.
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، في قَوْلِهِ: ﴿وقَضى رَبُّكَ ألّا تَعْبُدُوا إلّا إيّاهُ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿كَما رَبَّيانِي صَغِيرًا﴾ [الإسراء: ٢٣ - ٢٤] قالَ: ثُمَّ اسْتَثْنى فَقالَ: ( ما كانَ لِلنَّبِيِّ ) إلى قَوْلِهِ: ﴿إلّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وعَدَها إيّاهُ﴾ .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ قَتادَةَ، في قَوْلِهِ: ﴿فَلَمّا تَبَيَّنَ لَهُ أنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ﴾ قالَ: تَبَيَّنَ لَهُ حِينَ ماتَ وعَلِمَ أنَّ التَّوْبَةَ قَدِ انْقَطَعَتْ مِنهُ.
وأخْرَجَ الفِرْيابِيُّ وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، وأبُو بَكْرٍ الشّافِعِيُّ في فَوائِدِهِ، والضِّياءُ في المُخْتارَةِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، قالَ: لَمْ يَزَلْ إبْراهِيمُ يَسْتَغْفِرُ لِأبِيهِ حَتّى ماتَ، فَلَمّا ماتَ تَبَيَّنَ لَهُ أنَّهُ عَدُوُّ اللَّهِ فَتَبَرَّأ مِنهُ.
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنْ جابِرٍ «أنَّ رَجُلًا كانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالذِّكْرِ، فَقالَ رَجُلٌ: لَوْ أنَّ هَذا خَفَضَ صَوْتَهُ ؟ فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -: دَعْهُ فَإنَّهُ أوّاهٌ» .
وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عامِرٍ «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ قالَ لِرَجُلٍ يُقالُ لَهُ ذُو النِّجادَيْنِ: إنَّهُ أوّاهٌ»، وذَلِكَ أنَّهُ كانَ يُكْثِرُ ذِكْرَ اللَّهِ بِالقُرْآنِ والدُّعاءِ.
وأخْرَجَهُ أيْضًا أحْمَدُ، قالَ: حَدَّثَنا مُوسى بْنُ لَهِيعَةَ، عَنِ الحارِثِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَباحٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عامِرٍ فَذَكَرَهُ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدّادِ بْنِ الهادِ قالَ: «قالَ رَجُلٌ: يا رَسُولَ اللَّهِ ما الأوّاهُ ؟ قالَ: الخاشِعُ المُتَضَرِّعُ الدَّعّاءُ» .
وهَذا إنْ ثَبَتَ وجَبَ المَصِيرُ إلَيْهِ وتَقْدِيمُهُ عَلى ما ذَكَرَهُ أهْلُ اللُّغَةِ في مَعْنى الأوّاهِ، وإسْنادُهُ عِنْدَ ابْنِ جَرِيرٍ، هَكَذا: حَدَّثَنِي المُثَنّى، حَدَّثَنِي الحَجّاجُ بْنُ مِنهالٍ، حَدَّثَنا عَبْدُ الحَمِيدِ بْنُ بَهْرامَ، حَدَّثَنا شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدّادٍ فَذَكَرَهُ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، في قَوْلِهِ: ﴿إنَّ إبْراهِيمَ لَأوّاهٌ حَلِيمٌ﴾ قالَ: كانَ مِن حِلْمِهِ أنَّهُ كانَ إذا أذاهُ الرَّجُلُ مِن قَوْمِهِ قالَ لَهُ: هَداكَ اللَّهُ.
{"ayahs_start":113,"ayahs":["مَا كَانَ لِلنَّبِیِّ وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَن یَسۡتَغۡفِرُوا۟ لِلۡمُشۡرِكِینَ وَلَوۡ كَانُوۤا۟ أُو۟لِی قُرۡبَىٰ مِنۢ بَعۡدِ مَا تَبَیَّنَ لَهُمۡ أَنَّهُمۡ أَصۡحَـٰبُ ٱلۡجَحِیمِ","وَمَا كَانَ ٱسۡتِغۡفَارُ إِبۡرَ ٰهِیمَ لِأَبِیهِ إِلَّا عَن مَّوۡعِدَةࣲ وَعَدَهَاۤ إِیَّاهُ فَلَمَّا تَبَیَّنَ لَهُۥۤ أَنَّهُۥ عَدُوࣱّ لِّلَّهِ تَبَرَّأَ مِنۡهُۚ إِنَّ إِبۡرَ ٰهِیمَ لَأَوَّ ٰهٌ حَلِیمࣱ"],"ayah":"وَمَا كَانَ ٱسۡتِغۡفَارُ إِبۡرَ ٰهِیمَ لِأَبِیهِ إِلَّا عَن مَّوۡعِدَةࣲ وَعَدَهَاۤ إِیَّاهُ فَلَمَّا تَبَیَّنَ لَهُۥۤ أَنَّهُۥ عَدُوࣱّ لِّلَّهِ تَبَرَّأَ مِنۡهُۚ إِنَّ إِبۡرَ ٰهِیمَ لَأَوَّ ٰهٌ حَلِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











