الباحث القرآني
قَوْلُهُ: ﴿وما لَهم ألّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ﴾ لَمّا بَيَّنَ - سُبْحانِهِ - أنَّ المانِعَ مِن تَعْذِيبِهِمْ هو الأمْرانِ المُتَقَدِّمانِ: وُجُودُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بَيْنَ ظُهُورِهِمْ، ووُقُوعُ الِاسْتِغْفارِ، ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ أنَّ هَؤُلاءِ الكُفّارَ، أعْنِي كُفّارَ مَكَّةَ مُسْتَحِقُّونَ لِعَذابِ اللَّهِ لِما ارْتَكَبُوا مِنَ القَبائِحِ.
والمَعْنى: أيُّ شَيْءٍ لَهم يَمْنَعُ مِن تَعْذِيبِهِمْ ؟ قالَ الأخْفَشُ: إنَّ " أنْ " زائِدَةٌ.
قالَ النَّحّاسُ: لَوْ كانَ كَما قالَ لَرَفَعَ " يُعَذِّبَهم "، وجُمْلَةُ ﴿وهم يَصُدُّونَ عَنِ المَسْجِدِ الحَرامِ﴾ في مَحَلِّ نَصْبٍ عَلى الحالِ: أيْ وما يَمْنَعُ مِن تَعْذِيبِهِمْ ؟ والحالُ أنَّهم يَصُدُّونَ النّاسَ عَنِ المَسْجِدِ الحَرامِ كَما وقَعَ مِنهم عامُ الحُدَيْبِيَةِ مِن مَنعِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وأصْحابِهِ مِنَ البَيْتِ، وجُمْلَةُ ﴿وما كانُوا أوْلِياءَهُ﴾ في مَحَلِّ نَصْبٍ عَلى أنَّها حالٌ مِن فاعِلِ ﴿يَصُدُّونَ﴾، وهَذا كالرَّدِّ لِما كانُوا يَقُولُونَهُ مِن أنَّهم وُلاةُ البَيْتِ، وأنَّ أمْرَهُ مُفَوَّضٌ إلَيْهِمْ، ثُمَّ قالَ مُبَيِّنًا لِمَن لَهُ ذَلِكَ: ﴿إنْ أوْلِياؤُهُ إلّا المُتَّقُونَ﴾ أيْ ما أوْلِياؤُهُ إلّا مَن كانَ في عِدادِ المُتَّقِينَ لِلشِّرْكِ والمَعاصِي ﴿ولَكِنَّ أكْثَرَهم لا يَعْلَمُونَ﴾ ذَلِكَ، والحُكْمُ عَلى الأكْثَرِينَ بِالجَهْلِ يُفِيدُ أنَّ الأقَلِّينَ يَعْلَمُونَ ولَكِنَّهم يُعانِدُونَ.
قَوْلُهُ: ﴿وما كانَ صَلاتُهم عِنْدَ البَيْتِ إلّا مُكاءً وتَصْدِيَةً﴾ المُكاءُ: الصَّفِيرُ مِن مَكا يَمْكُو مُكاءً، ومِنهُ قَوْلُ عَنْتَرَةَ:
؎وخَلِيلِ غانِيَّةٍ تَرَكْتُ مُجَنْدَلًا تَمْكُو فَرِيصَتُهُ كَشِدْقِ الأعْلَمِ
أيْ تُصَوِّتُ، ومِنهُ مَكَتِ اسْتُ الدّابَّةِ: إذا نَفَخَتْ بِالرِّيحِ، قِيلَ: المُكاءُ: هو الصَّفِيرُ عَلى لَحْنِ طائِرٍ أبْيَضَ بِالحِجازِ يُقالُ لَهُ المُكّاءُ، قالَ الشّاعِرُ:
؎إذا غَرَّدَ المُكّاءُ في غَيْرِ دَوْحَةٍ ∗∗∗ فَوَيْلٌ لِأهْلِ الشّاءِ والحُمُراتِ
والتَّصْدِيَةُ: التَّصْفِيقُ، يُقالُ: صَدّى يُصَدِّي تَصْدِيَةً: إذا صَفَّقَ، ومِنهُ قَوْلُ عُمَرُ بْنُ الإطْنابَةِ:
؎وظَلُّوا جَمِيِعًا لَهم ضَجَّةٌ ∗∗∗ مُكاءٌ لَدى البَيْتِ بِالتَّصْدِيَةِ
أيْ بِالتَّصْفِيقِ، وقِيلَ: المُكاءُ: الضَّرْبُ بِالأيْدِي، والتَّصْدِيَةُ: (p-٥٣٨)الصِّياحُ، وقِيلَ: المُكاءُ: إدْخالُهم أصابِعَهم في أفْواهِهِمْ، والتَّصْدِيَةُ: الصَّفِيرُ، وقِيلَ: التَّصْدِيَةُ: صَدُّهم عَنِ البَيْتِ، قِيلَ: والأصْلُ عَلى هَذا تَصْدِدَةٌ فَأُبْدِلُ مِن إحْدى الدّالَيْنِ ياءٌ.
ومَعْنى الآيَةِ: أنَّ المُشْرِكِينَ كانُوا يُصَفِّرُونَ ويُصَفِّقُونَ عِنْدَ البَيْتِ الَّذِي هو مَوْضِعٌ لِلصَّلاةِ والعِبادَةِ، فَوَضَعُوا ذَلِكَ مَوْضِعَ الصَّلاةِ قاصِدِينَ بِهِ أنْ يَشْغَلُوا المُصَلِّينَ مِنَ المُسْلِمِينَ عَنِ الصَّلاةِ، وقُرِئَ بِنَصْبِ " صَلاتَهم " عَلى أنَّها خَبَرُ كانَ، وما بَعْدَهُ اسْمُها.
قَوْلُهُ: ﴿فَذُوقُوا العَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ﴾ هَذا التِفاتٌ إلى مُخاطَبَةِ الكُفّارِ تَهْدِيدًا لَهم ومُبالَغَةً في إدْخالِ الرَّوْعَةِ في قُلُوبِهِمْ، والمُرادُ بِهِ: عَذابُ الدُّنْيا كَيَوْمِ بَدْرٍ وعَذابُ الآخِرَةِ.
قَوْلُهُ: ﴿إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أمْوالَهم لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ لَمّا فَرَغَ - سُبْحانَهُ - مِن شَرْحِ أحْوالِ هَؤُلاءِ الكَفَرَةِ في الطّاعاتِ البَدَنِيَّةِ، أتْبَعَها شَرْحَ أحْوالِهِمْ في الطّاعاتِ المالِيَّةِ.
والمَعْنى: أنَّ غَرَضَ هَؤُلاءِ الكُفّارِ في إنْفاقِ أمْوالِهِمْ هو الصَّدُّ عَنْ سَبِيلِ الحَقِّ بِمُحارَبَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وجَمْعِ الجُيُوشِ لِذَلِكَ، وإنْفاقِ أمْوالِهِمْ عَلَيْها وذَلِكَ كَما وقَعَ مِن كُفّارِ قُرَيْشٍ يَوْمَ بَدْرٍ، ويَوْمَ أُحُدٍ، ويَوْمَ الأحْزابِ، فَإنَّ الرُّؤَساءَ كانُوا يُنْفِقُونَ أمْوالَهم عَلى الجَيْشِ، ثُمَّ أخْبَرَ اللَّهُ - سُبْحانَهُ - عَنِ الغَيْبِ عَلى وجْهِ الإعْجازِ فَقالَ: " فَسَيُنْفِقُونَها " أيْ سَيَقَعُ مِنهم هَذا الإنْفاقُ ثُمَّ تَكُونُ عاقِبَةُ ذَلِكَ أنْ يَكُونَ إنْفاقُهم حَسْرَةً عَلَيْهِمْ، وكَأنَّ ذاتَ الأمْوالِ تَنْقَلِبُ حَسْرَةً تَصِيرُ نَدَمًا، ثُمَّ آخِرُ الأُمُورِ يُغْلَبُونَ كَما وعَدَ اللَّهُ بِهِ في مِثْلِ قَوْلِهِ: ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأغْلِبَنَّ أنا ورُسُلِي﴾ ( المُجادَلَةِ: ٢١ ) .
ومَعْنى " ثُمَّ " في المَوْضِعَيْنِ إمّا التَّراخِي في الزَّمانِ لِما بَيْنَ الإنْفاقِ المَذْكُورِ وبَيْنَ ظُهُورِ دَوْلَةِ الإسْلامِ مِنَ الِامْتِدادِ، وإمّا التَّراخِي في الرُّتْبَةِ لِما بَيْنَ بَذْلِ المالِ وعَدَمِ حُصُولِ المَقْصُودِ مِنَ المُبايَنَةِ، ثُمَّ قالَ: ﴿والَّذِينَ كَفَرُوا إلى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ﴾ أيِ اسْتَمَرُّوا عَلى الكُفْرِ؛ لِأنَّ مِن هَؤُلاءِ الكُفّارِ المَذْكُورِينَ سابِقًا مَن أسْلَمَ وحَسُنَ إسْلامُهُ، أيْ يُساقُونَ إلَيْها لا إلى غَيْرِها.
ثُمَّ بَيَّنَ العِلَّةَ الَّتِي لِأجْلِها فَعَلَ بِهِمْ ما فَعَلَهُ فَقالَ: ﴿لِيَمِيزَ اللَّهُ الخَبِيثَ﴾ أيِ: الفَرِيقَ الخَبِيثَ مِنَ الكُفّارِ مِنَ الفَرِيقِ الطَّيِّبِ وهُمُ المُؤْمِنُونَ ﴿ويَجْعَلَ الخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلى بَعْضٍ﴾ أيْ: يَجْعَلَ فَرِيقَ الكُفّارِ الخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلى بَعْضٍ ﴿فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا﴾، عِبارَةٌ عَنِ الجَمْعِ والضَّمِّ: أيْ يَجْمَعَ بَعْضَهم عَلى بَعْضٍ، ويَضُمَّ بَعْضَهم إلى بَعْضٍ حَتّى يَتَراكَمُوا لِفَرْطِ ازْدِحامِهِمْ، يُقالُ: رَكَمَ الشَّيْءَ يَرْكُمُهُ: إذا جَمَعَهُ وألْقى بَعْضَهُ عَلى بَعْضٍ، والإشارَةُ بِقَوْلِهِ: ﴿أُولَئِكَ﴾ إلى الفَرِيقِ الخَبِيثِ ﴿هُمُ الخاسِرُونَ﴾ أيِ الكامِلُونَ في الخُسْرانِ، وقِيلَ: الخَبِيثُ والطَّيِّبُ: صِفَةٌ لِلْمالِ، والتَّقْدِيرُ: يَمِيزَ المالَ الخَبِيثَ الَّذِي أنْفَقَهُ المُشْرِكُونَ مِنَ المالِ الطَّيِّبِ الَّذِي أنْفَقَهُ المُسْلِمُونَ، فَيَضُمَّ تِلْكَ الأمْوالَ الخَبِيثَةَ بَعْضَها إلى بَعْضٍ فَيُلْقِيَها في جَهَنَّمَ ويُعَذِّبَهم بِها، كَما في قَوْلِهِ - تَعالى -: ﴿فَتُكْوى بِها جِباهُهم وجُنُوبُهم وظُهُورُهم﴾ ( التَّوْبَةِ: ٣٥ ) .
قالَ في الكَشّافِ: واللّامُ عَلى هَذا مُتَعَلِّقَةٌ بِقَوْلِهِ: ﴿ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً﴾، وعَلى الأوَّلِ بِـ " يُحْشَرُونَ "، وأُولَئِكَ إشارَةٌ إلى الَّذِينَ كَفَرُوا انْتَهى.
وقَدْ أخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، ﴿وما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهم وهم يَسْتَغْفِرُونَ﴾ ثُمَّ اسْتَثْنى أهْلَ الشِّرْكِ فَقالَ: ﴿وما لَهم ألّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ﴾ .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، في قَوْلِهِ: ﴿وما لَهم ألّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ﴾ قالَ: عَذابُهم فَتْحُ مَكَّةَ.
وأخْرَجَ ابْنُ إسْحاقَ، وأبُو حاتِمٍ،، عَنْ عَبّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ﴿وما لَهم ألّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ﴾ وهم يَجْحَدُونَ بِآياتِ اللَّهِ ويُكَذِّبُونَ رُسُلَهُ.
وأخْرَجَ ابْنُ إسْحاقَ وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ في قَوْلِهِ: ﴿وهم يَصُدُّونَ عَنِ المَسْجِدِ الحَرامِ﴾ أيْ مَن آمَنَ بِاللَّهِ وعَبَدَهُ، أنْتَ ومَنِ اتَّبَعَكَ ﴿وما كانُوا أوْلِياءَهُ إنْ أوْلِياؤُهُ إلّا المُتَّقُونَ﴾ الَّذِينَ يَخْرُجُونَ مِنهُ ويُقِيمُونَ الصَّلاةَ عِنْدَهُ: أيْ أنْتَ ومَن آمَنَ بِكَ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿إنْ أوْلِياؤُهُ إلّا المُتَّقُونَ﴾ قالَ: مَن كانُوا حَيْثُ كانُوا.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قالَ: كانَتْ قُرَيْشٌ يُعارِضُونَ النَّبِيَّ ﷺ في الطَّوافِ، ويَسْتَهْزِئُونَ ويُصَفِّرُونَ ويُصَفِّقُونَ، فَنَزَلَتْ: ﴿وما كانَ صَلاتُهم عِنْدَ البَيْتِ إلّا مُكاءً وتَصْدِيَةً﴾ .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، والضِّياءُ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ، قالَ: كانَتْ قُرَيْشٌ يَطُوفُونَ بِالكَعْبَةِ عُراةً تُصَفِّرُ وتُصَفِّقُ، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وما كانَ صَلاتُهم عِنْدَ البَيْتِ إلّا مُكاءً وتَصْدِيَةً﴾ قالَ: والمُكاءُ الصَّفِيرُ، إنَّما شُبِّهُوا بِصَفِيرِ الطَّيْرِ.
" وتَصْدِيَةً ": التَّصْفِيقُ وأنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ: ﴿قُلْ مَن حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ﴾ ( الأعْرافِ: ٣٢ ) الآيَةَ.
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، نَحْوَهُ.
وأخْرَجَ الفِرْيابِيُّ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ عَنْهُ نَحْوَهُ أيْضًا.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: المُكاءُ الصَّفِيرُ، والتَّصْدِيَةُ التَّصْفِيقُ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ مُجاهِدٍ: قالَ: المُكاءُ إدْخالُ أصابِعِهِمْ في أفْواهِهِمْ، والتَّصْدِيَةُ الصَّفِيرُ، يَخْلِطُونَ بِذَلِكَ كُلِّهِ عَلى مُحَمَّدٍ ﷺ صَلاتَهُ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ السُّدِّيِّ،: قالَ: المُكاءُ الصَّفِيرُ عَلى نَحْوِ طَيْرٍ أبْيَضَ يُقالُ لَهُ المُكّاءُ يَكُونُ بِأرْضِ الحِجازِ، والتَّصْدِيَةُ التَّصْفِيقُ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، في قَوْلِهِ: " إلّا مُكّاءً " قالَ: كانُوا يُشَبِّكُونَ أصابِعَهم ويُصَفِّرُونَ فِيهِنَّ، " وتَصْدِيَةً " قالَ: صَدُّهُمُ النّاسَ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قالَ: كانَ المُشْرِكُونَ يَطُوفُونَ بِالبَيْتِ عَلى الشِّمالِ، وهو قَوْلُهُ: ﴿وما كانَ صَلاتُهم عِنْدَ البَيْتِ إلّا مُكاءً وتَصْدِيَةً﴾ فالمُكاءُ مِثْلُ نَفْخِ البُوقِ، والتَّصْدِيَةُ طَوافُهم عَلى الشِّمالِ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ عَنِ الضَّحّاكِ، في قَوْلِهِ: ﴿فَذُوقُوا العَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ﴾ قالَ: يَعْنِي أهْلَ بَدْرٍ عَذَّبَهُمُ اللَّهُ بِالقَتْلِ والأسْرِ.
وأخْرَجَ ابْنُ (p-٥٣٩)إسْحاقَ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ في الدَّلائِلِ كُلُّهم مِن طَرِيقِهِ: قالَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، ومُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى بْنِ حِبّانَ، وعاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتادَةَ،، والحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو قالُوا: لَمّا أُصِيبَتْ قُرَيْشٌ يَوْمَ بَدْرٍ ورَجَعَ فَلُّهم إلى مَكَّةَ ورَجَعَ أبُو سُفْيانَ بِعِيرِهِ، مَشى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أبِي رَبِيعَةَ، وعِكْرِمَةُ بْنُ أبِي جَهِلٍ،، وصَفْوانُ بْنُ أُمَيَّةَ، في رِجالٍ مَن قُرَيْشٍ أُصِيبَ آباؤُهم وأبْناؤُهم، فَكَلَّمُوا أبا سُفْيانَ ومَن كانَتْ لَهُ في تِلْكَ العِيرِ مِن قُرَيْشٍ تِجارَةٌ فَقالُوا: يا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ إنَّ مُحَمَّدًا قَدْ وتَرَكم وقَتَلَ خِيارَكم، فَأعِينُوا بِهَذا المالِ عَلى حَرْبِهِ فَلَعَلَّنا أنْ نُدْرِكَ مِنهُ ثَأْرًا، فَفَعَلُوا، فَفِيهِمْ كَما ذَكَرَ ابْنُ عَبّاسٍ، أنْزَلَ اللَّهُ: ﴿إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أمْوالَهم لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ إلى ﴿والَّذِينَ كَفَرُوا إلى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ﴾ .
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ،، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، قالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ في أبِي سُفْيانَ بْنِ حَرْبٍ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ مُجاهِدٍ نَحْوَهُ.
وأخْرَجَ هَؤُلاءِ وغَيْرُهم، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، نَحْوَهُ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ الحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ في الآيَةِ قالَ: نَزَلَتْ في أبِي سُفْيانَ أنْفَقَ عَلى مُشْرِكِي قُرَيْشٍ يَوْمَ أُحُدٍ أرْبَعِينَ أُوقِيَّةً مِن ذَهَبٍ، وكانَتِ الوُقِيَّةُ يَوْمَئِذٍ اثْنَيْنِ وأرْبَعِينَ مِثْقالًا مَن ذَهَبٍ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ شِمْرِ بْنِ عَطِيَّةَ في قَوْلِهِ: ﴿لِيَمِيزَ اللَّهُ الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ﴾ قالَ: يَمِيزَ يَوْمَ القِيامَةِ ما كانَ مِن عَمَلٍ صالِحٍ في الدُّنْيا، ثُمَّ تُؤْخَذُ الدُّنْيا بِأسْرِها فَتُلْقى في جَهَنَّمَ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ زَيْدٍ في قَوْلِهِ: ﴿فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا﴾ قالَ: يَجْمَعُهُ جَمِيعًا.
{"ayahs_start":34,"ayahs":["وَمَا لَهُمۡ أَلَّا یُعَذِّبَهُمُ ٱللَّهُ وَهُمۡ یَصُدُّونَ عَنِ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ وَمَا كَانُوۤا۟ أَوۡلِیَاۤءَهُۥۤۚ إِنۡ أَوۡلِیَاۤؤُهُۥۤ إِلَّا ٱلۡمُتَّقُونَ وَلَـٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا یَعۡلَمُونَ","وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمۡ عِندَ ٱلۡبَیۡتِ إِلَّا مُكَاۤءࣰ وَتَصۡدِیَةࣰۚ فَذُوقُوا۟ ٱلۡعَذَابَ بِمَا كُنتُمۡ تَكۡفُرُونَ","إِنَّ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ یُنفِقُونَ أَمۡوَ ٰلَهُمۡ لِیَصُدُّوا۟ عَن سَبِیلِ ٱللَّهِۚ فَسَیُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَیۡهِمۡ حَسۡرَةࣰ ثُمَّ یُغۡلَبُونَۗ وَٱلَّذِینَ كَفَرُوۤا۟ إِلَىٰ جَهَنَّمَ یُحۡشَرُونَ","لِیَمِیزَ ٱللَّهُ ٱلۡخَبِیثَ مِنَ ٱلطَّیِّبِ وَیَجۡعَلَ ٱلۡخَبِیثَ بَعۡضَهُۥ عَلَىٰ بَعۡضࣲ فَیَرۡكُمَهُۥ جَمِیعࣰا فَیَجۡعَلَهُۥ فِی جَهَنَّمَۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡخَـٰسِرُونَ"],"ayah":"إِنَّ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ یُنفِقُونَ أَمۡوَ ٰلَهُمۡ لِیَصُدُّوا۟ عَن سَبِیلِ ٱللَّهِۚ فَسَیُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَیۡهِمۡ حَسۡرَةࣰ ثُمَّ یُغۡلَبُونَۗ وَٱلَّذِینَ كَفَرُوۤا۟ إِلَىٰ جَهَنَّمَ یُحۡشَرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق