الباحث القرآني

لَمّا نَزَلَ قَوْلُهُ سُبْحانَهُ: ﴿عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ﴾ قالَ أبُو جَهْلٍ: أما لِمُحَمَّدٍ مِنَ الأعْوانِ إلّا تِسْعَةَ عَشَرَ يُخَوِّفُكم مُحَمَّدٌ بِتِسْعَةَ عَشَرَ وأنْتُمُ الدُّهْمُ، أفَيُعْجِزُ كُلُّ مِائَةِ رَجُلٍ مِنكم أنْ يَبْطِشُوا بِواحِدٍ مِنهم ثُمَّ يَخْرُجُونَ مِنَ النّارِ ؟ فَقالَأبُو الأشَدِّ، وهو رَجُلٌ مِن بَنِي جُمَحَ: يا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ إذا كانَ يَوْمُ القِيامَةِ، فَأنا أمْشِي بَيْنَ أيْدِيكم، فَأدْفَعُ عَشَرَةً بِمَنكِبِي الأيْمَنِ وتِسْعَةً بِمَنكِبِي الأيْسَرِ ونَمْضِي نَدْخُلُ الجَنَّةَ فَأنْزَلَ اللَّهُ ﴿وما جَعَلْنا أصْحابَ النّارِ إلّا مَلائِكَةً﴾ يَعْنِي ما جَعَلْنا (p-١٥٥٤)المُدَبِّرِينَ لِأمْرِ النّارِ القائِمِينَ بِعَذابِ مَن فِيها إلّا مَلائِكَةً، فَمَن يُطِيقُ المَلائِكَةَ ومَن يَغْلِبُهم، فَكَيْفَ تَتَعاطَوْنَ أيُّها الكُفّارُ مُغالَبَتَهم. وقِيلَ جَعَلَهم مَلائِكَةً لِأنَّهم خِلافُ جِنْسِ المَخْلُوقِينَ مِنَ الجِنِّ والإنْسِ، فَلا يَأْخُذُهم ما يَأْخُذُ المَجالِسَ مِنَ الرِّقَّةِ والرَّأْفَةِ، وقِيلَ لِأنَّهم أقْوَمُ خَلْقِ اللَّهِ بِحَقِّهِ والغَضَبِ لَهُ، وأشُدِّهِمْ بَأْسًا وأقْواهم بَطْشًا ﴿وما جَعَلْنا عِدَّتَهم إلّا فِتْنَةً﴾ أيْ ضَلالَةً لِلَّذِينَ اسْتَقَلُّوا عَدَدَهم ومِحْنَةً لَهم، والمَعْنى: ما جَعَلْنا عَدَدَهم هَذا العَدَدَ المَذْكُورَ في القُرْآنِ إلّا ضَلالَةً ومِحْنَةً لَهم، حَتّى قالُوا ما قالُوا لِيَتَضاعَفَ عَذابُهم ويَكْثُرَ غَضَبُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ. وقِيلَ مَعْنى ﴿إلّا فِتْنَةً﴾ إلّا عَذابًا كَما في قَوْلِهِ: ﴿يَوْمَ هم عَلى النّارِ يُفْتَنُونَ﴾ [الذاريات: ١٣] أيْ يُعَذَّبُونَ، واللّامُ في قَوْلِهِ: ﴿لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ﴾ مُتَعَلِّقٌ بِـ جَعَلْنا والمُرادُ بِأهْلِ الكِتابِ اليَهُودُ والنَّصارى لِمُوافَقَةِ ما نَزَلَ مِنَ القُرْآنِ بِأنَّ عِدَّةَ خَزَنَةِ جَهَنَّمَ تِسْعَةَ عَشَرَ لِما عِنْدَهم. قالَهُ قَتادَةُ، والضَّحّاكُ، ومُجاهِدٌ وغَيْرُهم. والمَعْنى: أنَّ اللَّهَ جَعَلَ عِدَّةَ الخَزَنَةِ هَذِهِ العِدَّةَ لِيَحْصُلَ اليَقِينُ لِلْيَهُودِ والنَّصارى بِنُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ لِمُوافَقَةِ ما في القُرْآنِ لِما في كُتُبِهِمْ ﴿ويَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إيمانًا﴾ وقِيلَ المُرادُ الَّذِينَ آمَنُوا مِن أهْلِ الكِتابِ كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ، وقِيلَ أرادَ بِالَّذِينِ آمَنُوا المُؤْمِنِينَ مِن أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ . والمَعْنى: لِيَزْدادُوا يَقِينًا إلى يَقِينِهِمْ لَمّا رَأوْا مِن مُوافَقَةِ أهْلِ الكِتابِ لَهم، وجُمْلَةُ﴿ولا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ والمُؤْمِنُونَ﴾ مُقَرِّرَةٌ لِما تَقَدَّمَ مِنَ الِاسْتِيقانِ وازْدِيادِ الإيمانِ، والمَعْنى نَفْيُ الِارْتِيابِ عَنْهم في الدِّينِ، أوْ في أنَّ عِدَّةَ خَزَنَةِ جَهَنَّمَ تِسْعَةَ عَشَرَ، ولا ارْتِيابَ في الحَقِيقَةِ مِنَ المُؤْمِنِينَ، ولَكِنَّهُ مِن بابِ التَّعْرِيضِ لِغَيْرِهِمْ مِمَّنْ في قَلْبِهِ شَكٌّ ﴿ولِيَقُولَ الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ والكافِرُونَ ماذا أرادَ اللَّهُ بِهَذا مَثَلًا﴾ المُرادُ بِالَّذِينِ في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ هُمُ المُنافِقُونَ، والسُّورَةُ وإنْ كانَتْ مَكِّيَّةً ولَمْ يَكُنْ إذْ ذاكَ نِفاقٌ، فَهو إخْبارٌ بِما سَيَكُونُ في المَدِينَةِ، أوِ المُرادِ بِالمَرَضِ مُجَرَّدُ حُصُولِ الشَّكِّ والرَّيْبِ، وهو كائِنٌ في الكُفّارِ. قالَ الحُسَيْنُ بْنُ الفَضْلِ: السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ ولَمْ يَكُنْ بِمَكَّةَ نِفاقٌ، فالمَرَضُ في هَذِهِ الآيَةِ الخِلافُ، والمُرادُ بِقَوْلِهِ: والكافِرُونَ كُفّارُ العَرَبِ مِن أهْلِ مَكَّةَ وغَيْرِهِمْ، ومَعْنى ﴿ماذا أرادَ اللَّهُ بِهَذا مَثَلًا﴾ أيْ شَيْءٌ أرادَ بِهَذا العَدَدِ المُسْتَغْرَبِ اسْتِغْرابَ المَثَلِ. قالَ اللَّيْثُ: المَثَلُ: الحَدِيثُ، ومِنهُ قَوْلُهُ: ﴿مَثَلُ الجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ المُتَّقُونَ﴾ [الرعد: ٣٥] أيْ حَدِيثُها الخَبَرُ عَنْها ﴿كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشاءُ﴾ أيْ مِثْلَ ذَلِكَ الإضْلالِ المُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ، وهو قَوْلُهُ: ﴿وما جَعَلْنا عِدَّتَهم إلّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا﴾ ﴿يُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشاءُ﴾ مِن عِبادِهِ، والكافُ نَعْتُ مَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ ﴿ويَهْدِي مَن يَشاءُ﴾ مِن عِبادِهِ والمَعْنى: مِثْلَ ذَلِكَ الإضْلالِ لِلْكافِرِينَ والهِدايَةِ لِلْمُؤْمِنِينَ يُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشاءُ إضْلالَهُ ويَهْدِي مَن يَشاءُ هِدايَتَهُ. وقِيلَ المَعْنى: كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ عَنِ الجَنَّةِ مَن يَشاءُ ويَهْدِي إلَيْها مَن يَشاءُ ﴿وما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إلّا هُوَ﴾ أيْ يَعْلَمُ عَدَدَ خَلْقِهِ ومِقْدارَ جُمُوعِهِ مِنَ المَلائِكَةِ وغَيْرِهِمْ إلّا هو وحْدَهُ لا يَقْدِرُ عَلى عِلْمِ ذَلِكَ أحَدٌ. وقالَ عَطاءٌ: يَعْنِي مِنَ المَلائِكَةِ الَّذِينَ خَلَقَهم لِتَعْذِيبِ أهْلِ النّارِ لا يَعْلَمُ عِدَّتَهم إلّا اللَّهُ. والمَعْنى: أنَّ خَزَنَةَ النّارِ وإنْ كانُوا تِسْعَةَ عَشَرَ فَلَهم مِنَ الأعْوانِ والجُنُودِ مِنَ المَلائِكَةِ ما لا يَعْلَمُهُ إلّا اللَّهُ سُبْحانَهُ. ثُمَّ رَجَعَ سُبْحانَهُ إلى ذِكْرِ سَقَرَ فَقالَ: ﴿وما هي إلّا ذِكْرى لِلْبَشَرِ﴾ أيْ وما سَقَرُ وما ذُكِرَ مِن عَدَدِ خَزَنَتِها إلّا تَذْكِرَةٌ ومَوْعِظَةٌ لِلْعالَمِ، وقِيلَ: وما هي أيِ الدَّلائِلُ والحُجَجُ والقُرْآنُ إلّا تَذْكِرَةٌ لِلْبَشَرِ. وقالَ الزَّجّاجُ: نارُ الدُّنْيا تَذْكِرَةٌ لِنارِ الآخِرَةِ، وهو بِعِيدٌ. وقِيلَ ما هي - أيْ عِدَّةُ خَزَنَةِ جَهَنَّمَ - إلّا تَذْكِرَةٌ لِلْبَشَرِ لِيَعْلَمُوا كَمالَ قُدْرَةِ اللَّهِ وأنَّهُ لا يَحْتاجُ إلى أعْوانٍ وأنْصارٍ، وقِيلَ الضَّمِيرُ في وما هي يَرْجِعُ إلى الجُنُودِ. ثُمَّ رَدَعَ سُبْحانَهُ المُكَذِّبِينَ وزَجَرَهم فَقالَ: ﴿كَلّا والقَمَرِ﴾ قالَ الفَرّاءُ: كَلّا صِلَةٌ لِلْقِسْمِ. التَّقْدِيرُ: أيْ والقَمَرِ، وقِيلَ المَعْنى: حَقًّا والقَمَرِ. قالَ ابْنُ جَرِيرٍ: المَعْنى رَدُّ زَعْمِ مَن زَعَمَ أنَّهُ يُقاوِمُ خَزَنَةَ جَهَنَّمَ: أيْ لَيْسَ الأمْرُ كَما يَقُولُ، ثُمَّ أقْسَمَ عَلى ذَلِكَ بِالقَمَرِ وبِما بَعْدَهُ، وهَذا هو الظّاهِرُ مِن مَعْنى الآيَةِ. ﴿واللَّيْلِ إذْ أدْبَرَ﴾ أيْ ولّى. قَرَأ الجُمْهُورُ " إذا " بِزِيادَةِ الألِفِ، " دَبَرَ " بِزِنَةِ ضَرَبَ عَلى أنَّهُ ظَرْفٌ لِما يُسْتَقْبَلُ مِنَ الزَّمانِ، وقَرَأ نافِعٌ، وحَفْصٌ، وحَمْزَةُ إذْ بِدُونِ ألِفِ أدْبَرَ بِزِنَةِ أكْرَمَ ظَرْفٌ لِما مَضى مِنَ الزَّمانِ، ودَبَرَ وأدْبَرَ لُغَتانِ، كَما يُقالُ أقْبَلَ الزَّمانُ وقَبَلَ الزَّمانُ، يُقالُ دَبَرَ اللَّيْلُ وأدْبَرَ: إذا تَوَلّى ذاهِبًا. ﴿والصُّبْحِ إذا أسْفَرَ﴾ أيْ أضاءَ وتَبَيَّنَ. ﴿إنَّها لَإحْدى الكُبَرِ﴾ هَذا جَوابُ القِسْمِ، والضَّمِيرُ راجِعٌ إلى سَقَرَ: أيْ إنَّ سَقَرَ لَإحْدى الدَّواهِي أوِ البَلايا، والكُبَرُ، والكِبَرُ جَمْعُ كُبْرى، وقالَ مُقاتِلٌ: إنَّ الكُبَرَ اسْمٌ مِن أسْماءِ النّارِ، وقِيلَ: إنَّها: أيْ تَكْذِيبُهم لِمُحَمَّدٍ لَإحْدى الكُبَرُ، وقِيلَ إنَّ قِيامَ السّاعَةِ لَإحْدى الكُبَرُ، ومِنهُ قَوْلُ الشّاعِرِ: ؎يا ابْنَ المُعَلّى نَزَلَتْ إحْدى الكُبَرْ داهِيَةُ الدَّهْرِ وصَمّاءُ الغِيَرْ قَرَأ الجُمْهُورُ ﴿لَإحْدى﴾ بِالهَمْزَةِ، وقَرَأ نَصْرُ بْنُ عاصِمٍ، وابْنُ مُحَيْصِنٍ، وابْنُ كَثِيرٍ في رِوايَةٍ عَنْهُ " إنَّها حِدى " بِدُونِ هَمْزَةٍ. وقالَ الكَلْبِيُّ: أرادَ بِالكُبَرِ دَرَكاتِ جَهَنَّمَ وأبْوابَها. ﴿نَذِيرًا لِلْبَشَرِ﴾ انْتِصابُ نَذِيرًا عَلى الحالِ مِنَ الضَّمِيرِ في إنَّها، قالَهُ الزَّجّاجُ. ورُوِيَ عَنْهُ وعَنِ الكِسائِيِّ، وأبِي عَلِيٍّ الفارِسِيِّ أنَّهُ حالٌ مِن قَوْلِهِ ﴿قُمْ فَأنْذِرْ﴾ أيْ قُمْ يا مُحَمَّدُ فَأنْذِرْ حالَ كَوْنِكَ نَذِيرًا لِلْبَشَرِ. وقالَ الفَرّاءُ: هو مَصْدَرٌ بِمَعْنى الإنْذارِ مَنصُوبٌ بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ. وقِيلَ إنَّهُ مُنْتَصِبٌ عَلى التَّمْيِيزِ لِ إحْدى لِتَضَمُّنِها مَعْنى التَّعْظِيمِ كَأنَّهُ قِيلَ أعْظَمُ الكِبَرِ إنْذارًا، وقِيلَ إنَّهُ مَصْدَرٌ مَنصُوبٌ بِأنْذَرَ المَذْكُورُ في أوَّلِ السُّورَةِ، وقِيلَ مَنصُوبٌ بِإضْمارِ ( أعْنِي )، وقِيلَ مَنصُوبٌ بِتَقْدِيرِ ( ادْعُ )، وقِيلَ مَنصُوبٌ بِتَقْدِيرِ نادِ أوْ بَلِّغْ. وقِيلَ إنَّهُ مَفْعُولٌ لِأجْلِهِ، والتَّقْدِيرُ: وإنَّها لِإحْدى الكُبَرُ لِأجْلِ إنْذارِ البَشَرِ. قَرَأ الجُمْهُورُ بِالنَّصْبِ، وقَرَأ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وابْنُ أبِي عَبْلَةَ بِالرَّفْعِ عَلى أنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ: أيْ هي نَذِيرٌ، أوْ هو نَذِيرٌ. وقَدِ اخْتَلَفَ في النَّذِيرِ، فَقالَ الحَسَنُ: هي النّارُ، وقِيلَ: (p-١٥٥٥)مُحَمَّدٌ ﷺ . وقالَ أبُو رَزِينٍ: المَعْنى أنا نَذِيرٌ لَكم مِنها، وقِيلَ القُرْآنُ نَذِيرٌ لِلْبَشَرِ لِما تَضَمَّنَهُ مِنَ الوَعْدِ والوَعِيدِ. ﴿لِمَن شاءَ مِنكم أنْ يَتَقَدَّمَ أوْ يَتَأخَّرَ﴾ هو بَدَلٌ مِن قَوْلِهِ لِلْبَشَرِ: أيْ نَذِيرًا لِمَن شاءَ مِنكم أنْ يَتَقَدَّمَ إلى الطّاعَةِ أوْ يَتَأخَّرَ عَنْها، والمَعْنى: أنَّ الإنْذارَ قَدْ حَصَلَ لِكُلِّ مِن آمَنَ وكَفَرَ، وقِيلَ فاعِلُ المَشِيئَةِ هو اللَّهُ سُبْحانَهُ: أيْ لِمَن شاءَ اللَّهُ أنْ يَتَقَدَّمَ مِنكم بِالإيمانِ أوْ يَتَأخَّرَ بِالكُفْرِ والأوَّلُ أوْلى. وقالَ السُّدِّيُّ: لِمَن شاءَ مِنكم أنْ يَتَقَدَّمَ إلى النّارِ المُتَقَدِّمِ ذِكْرُها أوْ يَتَأخَّرَ إلى الجَنَّةِ. وقَدْ أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: لَمّا سَمِعَ أبُو جَهْلٍ ﴿عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ﴾ قالَ لِقُرَيْشٍ: ثَكِلَتْكم أُمَّهاتُكم، أسْمَعُ ابْنَ أبِي كَبْشَةَ يُخْبِرُكم أنَّ خَزَنَةَ جَهَنَّمَ تِسْعَةَ عَشَرَ وأنْتُمُ الدُّهْمُ، أفَيَعْجَزُ كُلُّ عَشَرَةٍ مِنكم أنْ يَبْطِشُوا بِرَجُلٍ مِن خَزَنَةِ جَهَنَّمَ ؟ وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْهُ في قَوْلِهِ: ﴿وما جَعَلْنا عِدَّتَهم إلّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا﴾ قالَ: قالَ أبُو الأشَدِّ: خَلُّوا بَيْنِي وبَيْنَ خَزَنَةِ جَهَنَّمَ أنا أكْفِيكم مُؤْنَتَهم، قالَ: و«حُدِّثْتُ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ وصَفَ خُزّانَ جَهَنَّمَ فَقالَ: كَأنَّ أعْيُنَهُمُ البَرْقُ، وكَأنَّ أفْواهَهُمُ الصَّياصِيُّ يَجُرُّونَ أشْعارَهم، لَهم مِثْلُ قُوَّةِ الثَّقَلَيْنِ، يُقْبِلُ أحَدُهم بِالأُمَّةِ مِنَ النّاسِ يَسُوقُهم، عَلى رَقَبَتِهِ جَبَلٍ حَتّى يَرْمِيَ بِهِمْ في النّارِ فَيَرْمِي بِالجَبَلِ عَلَيْهِمْ» . أخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ في الأوْسَطِ وأبُو الشَّيْخِ عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ حَدَّثَهم عَنْ لَيْلَةِ أُسَرِيَ بِهِ قالَ: فَصَعِدْتُ أنا وجِبْرِيلُ إلى السَّماءِ الدُّنْيا، فَإذا أنا بِمَلَكٍ يُقالُ لَهُ إسْماعِيلُ وهو صاحِبُ سَماءِ الدُّنْيا وبَيْنَ يَدَيْهِ سَبْعُونَ ألْفَ مَلَكٍ مَعَ كُلِّ مَلَكٍ جُنْدُهُ مِائَةُ ألْفٍ، وتَلا هَذِهِ الآيَةَ ﴿وما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إلّا هُوَ﴾» . وأخْرَجَ أحْمَدُ عَنْ أبِي ذَرٍّ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أطَّتِ السَّماءُ وحَقَّ لَها أنْ تَئِطَّ، ما فِيها مَوْضِعُ أُصْبُعٍ إلّا عَلَيْهِ مَلَكٌ ساجِدٌ» . وأخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وابْنُ ماجَهْ. قالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ غَرِيبٌ، ويُرْوى عَنْ أبِي ذَرٍّ مَوْقُوفًا. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﴿إذْ أدْبَرَ﴾ قالَ: دُبُورُ ظَلامِهِ. وأخْرَجَ مُسَدَّدٌ في مُسْنَدِهِ وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: سَألْتُ ابْنَ عَبّاسٍ عَنْ قَوْلِهِ: ﴿واللَّيْلِ إذْ أدْبَرَ﴾ فَسَكَتَ عَنِّي حَتّى إذا كانَ مِن آخِرِ اللَّيْلِ وسَمِعَ الأذانَ نادانِي يا مُجاهِدُ هَذا حِينَ دَبَرَ اللَّيْلُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ في قَوْلِهِ: ﴿لِمَن شاءَ مِنكم أنْ يَتَقَدَّمَ أوْ يَتَأخَّرَ﴾ قالَ: مَن شاءَ اتَّبَعَ طاعَةَ اللَّهِ ومَن شاءَ تَأخَّرَ عَنْها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب