الباحث القرآني
أمَرَهُمُ اللَّهُ سُبْحانَهُ بِالدُّعاءِ، وقَيَّدَ ذَلِكَ بِكَوْنِ الدّاعِي مُتَضَرِّعًا بِدُعائِهِ مُخْفِيًا لَهُ، وانْتِصابُ تَضَرُّعًا وخُفْيَةً عَلى الحالِ: أيْ مُتَضَرِّعِينَ بِالدُّعاءِ مُخْفِينَ لَهُ، أوْ صِفَةُ مَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ: أيِ ادْعُوهُ دُعاءَ تَضَرُّعٍ ودُعاءَ خُفْيَةٍ.
والتَّضَرُّعُ مِنَ الضَّراعَةِ، وهي الذِّلَّةُ والخُشُوعُ والِاسْتِكانَةُ، والخُفْيَةُ: الإسْرارُ بِهِ، فَإنَّ ذَلِكَ أقْطَعُ لِعِرْقِ الرِّياءِ، وأحْسَمُ لِبابِ ما يُخالِفُ الإخْلاصَ، ثُمَّ عَلَّلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: إنَّهُ لا يُحِبُّ المُعْتَدِينَ أيِ المُجاوِزِينَ لِما أُمِرُوا بِهِ في الدُّعاءِ وفي كُلِّ شَيْءٍ، فَمَن جاوَزَ ما أمَرَهُ اللَّهُ بِهِ في شَيْءٍ مِنَ الأشْياءِ فَقَدِ اعْتَدى، واللَّهُ لا يُحِبُّ المُعْتَدِينَ، وتَدْخُلُ المُجاوَزَةُ في الدُّعاءِ في هَذا العُمُومِ دُخُولًا أوَّلِيًّا.
ومِنَ الِاعْتِداءِ في الدُّعاءِ: أنْ يَسْألَ الدّاعِي ما لَيْسَ لَهُ كالخُلُودِ في الدُّنْيا، أوْ إدْراكِ ما هو مُحالٌ في نَفْسِهِ، أوْ بِطَلَبِ الوُصُولِ إلى مَنازِلِ الأنْبِياءِ في الآخِرَةِ أوْ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالدُّعاءِ صارِخًا بِهِ.
قَوْلُهُ: ﴿ولا تُفْسِدُوا في الأرْضِ بَعْدَ إصْلاحِها﴾ نَهاهُمُ اللَّهُ سُبْحانَهُ عَنِ الفَسادِ في الأرْضِ بِوَجْهٍ مِنَ الوُجُوهِ قَلِيلًا كانَ أوْ كَثِيرًا، ومِنهُ قَتْلُ النّاسِ وتَخْرِيبُ مَنازِلِهِمْ وقَطْعُ أشْجارِهِمْ وتَغْوِيرُ أنْهارِهِمْ.
ومِنَ الفَسادِ في الأرْضِ الكُفْرُ بِاللَّهِ والوُقُوعُ في (p-٤٨٠)مَعاصِيهِ، ومَعْنى بَعْدَ إصْلاحِها: بَعْدَ أنْ أصْلَحَها اللَّهُ بِإرْسالِ الرُّسُلِ وإنْزالِ الكُتُبِ وتَقْرِيرِ الشَّرائِعِ.
قَوْلُهُ: ﴿وادْعُوهُ خَوْفًا وطَمَعًا﴾ إعْرابُهُما يَحْتَمِلُ الوَجْهَيْنِ المُتَقَدِّمَيْنِ في تَضَرُّعًا وخُفْيَةً وفِيهِ أنَّهُ يُشْرَعُ لِلدّاعِي أنْ يَكُونَ عِنْدَ دُعائِهِ خائِفًا وجِلًا طامِعًا في إجابَةِ اللَّهِ لِدُعائِهِ، فَإنَّهُ إذا كانَ عِنْدَ الدُّعاءِ جامِعًا بَيْنَ الخَوْفِ والرَّجاءِ ظَفِرَ بِمَطْلُوبِهِ.
والخَوْفُ: الِانْزِعاجُ مِنَ المَضارِّ الَّتِي لا يُؤْمَنُ مِن وُقُوعِها، والطَّمَعُ: تَوَقُّعُ حُصُولِ الأُمُورِ المَحْبُوبَةِ.
قَوْلُهُ: ﴿إنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ المُحْسِنِينَ﴾ هَذا إخْبارٌ مِنَ اللَّهِ سُبْحانَهُ بِأنَّ رَحْمَتَهُ قَرِيبَةٌ مِن عِبادِهِ المُحْسِنِينَ بِأيِّ نَوْعٍ مِنَ الأنْواعِ كانَ إحْسانُهم، وفي هَذا تَرْغِيبٌ لِلْعِبادِ إلى الخَيْرِ وتَنْشِيطٌ لَهم، فَإنَّ قُرْبَ هَذِهِ الرَّحْمَةِ الَّتِي يَكُونُ بِها الفَوْزُ بِكُلِّ مَطْلَبٍ مَقْصُودٌ لِكُلِّ عَبْدٍ مِن عِبادِ اللَّهِ.
وقَدِ اخْتَلَفَ أئِمَّةُ اللُّغَةِ والإعْرابِ في وجْهِ تَذْكِيرِ خَبَرِ " رَحْمَةَ اللَّهِ " حَيْثُ قالَ: قَرِيبٌ ولَمْ يَقُلْ قَرِيبَةٌ، فَقالَ الزَّجّاجُ: إنَّ الرَّحْمَةَ مُؤَوَّلَةٌ بِالرَّحِمِ لِكَوْنِها بِمَعْنى العَفْوِ والغُفْرانِ، ورَجَّحَ هَذا التَّأْوِيلَ النَّحّاسُ.
وقالَ النَّضْرُ بنُ شُمَيْلٍ: الرَّحْمَةُ مَصْدَرٌ بِمَعْنى التَّرَحُّمِ، وحَقُّ المَصْدَرِ التَّذْكِيرُ.
وقالَ الأخْفَشُ سَعِيدٌ: أرادَ بِالرَّحْمَةِ هُنا المَطَرَ، وتَذْكِيرُ بَعْضِ المُؤَنَّثِ جائِزٌ، وأنْشَدَ:
؎فَلا مُزْنَةَ ودَقَتْ ودْقَها ولا أرْضَ أبَقَلَ أبْقالُها
وقالَ أبُو عُبَيْدَةَ: تَذْكِيرُ " قَرِيبٌ " عَلى تَذْكِيرِ المَكانِ: أيْ مَكانٌ قَرِيبٌ.
قالَ عَلِيُّ بْنُ سُلَيْمانَ الأخْفَشُ: وهَذا خَطَّأٌ، ولَوْ كانَ كَما قالَ لَكانَ قَرِيبٌ مَنصُوبًا كَما تَقُولُ: إنَّ زَيْدًا قَرِيبًا مِنكَ.
وقالَ الفَرّاءُ: إنَّ القَرِيبَ إذا كانَ بِمَعْنى المَسافَةِ فَيُذَكَّرُ ويُؤَنَّثُ، وإنْ كانَ بِمَعْنى النَّسَبِ فَيُؤَنَّثُ بِلا اخْتِلافٍ بَيْنَهم.
ورُوِيَ عَنِ الفَرّاءِ أنَّهُ قالَ: يُقالُ في النَّسَبِ قَرِيبَةُ فُلانٍ، وفي غَيْرِ النَّسَبِ يَجُوزُ التَّذْكِيرُ والتَّأْنِيثُ فَيُقالُ: دارُكَ عَنّا قَرِيبٌ وفُلانَةٌ مِنّا قَرِيبٌ.
قالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿وما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا﴾ ( الأحْزابِ: ٦٣ ) ومِنهُ قَوْلُ امْرِئِ القَيْسِ:
؎لَكَ الوَيْلُ أنْ أمْسَنِي ولا أُمُّ هاشِمٍ ∗∗∗ قَرِيبٌ ولا البَسْباسَةُ ابْنَةُ يَشْكُرا
ورَوِيَ عَنِ الزَّجّاجِ أنَّهُ خَطَّأ الفَرّاءَ فِيما قالَهُ وقالَ: إنَّ سَبِيلَ المُذَكَّرِ والمُؤَنَّثِ أنْ يَجْرِيا عَلى أفْعالِهِما، وقِيلَ: إنَّهُ لَمّا كانَ تَأْنِيثُ الرَّحْمَةِ غَيْرَ حَقِيقِيٍّ جازَ في خَبَرِها التَّذْكِيرُ، ذَكَرَ مَعْناهُ الجَوْهَرِيُّ.
قَوْلُهُ: " وهو الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ نُشُرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ " عَطْفٌ عَلى قَوْلِهِ: ﴿يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ﴾ يَتَضَمَّنُ ذِكْرَ نِعْمَةٍ مِنَ النِّعَمِ الَّتِي أنْعَمَ بِها عَلى عِبادِهِ مَعَ ما في ذَلِكَ مِنَ الدَّلالَةِ عَلى وحْدانِيَّتِهِ وثُبُوتِ إلاهِيَّتِهِ.
ورِياحٌ جَمْعُ رِيحٍ، وأصْلُ رِيحٍ رُوحٌ، وقَرَأ أهْلُ الحَرَمَيْنِ وأبُو عَمْرٍو " نُشُرًا " بِضَمِّ النُّونِ والشِّينِ جَمْعُ ناشِرٍ عَلى مَعْنى النَّسَبِ: أيْ ذاتِ نُشُرٍ.
وقَرَأ الحَسَنُ وقَتادَةُ، وابْنُ عامِرٍ " نُشْرًا " بِضَمِّ النُّونِ وإسْكانِ الشِّين مِن نَشَرَ.
وقَرَأ الأعْمَشُ وحَمْزَةُ والكِسائِيُّ " نَشْرًا " بِفَتْحِ النُّونِ وإسْكانِ الشِّينِ عَلى المَصْدَرِ ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ مَصْدَرًا في مَوْضِعِ الحالِ، ومَعْنى هَذِهِ القِراءاتِ يَرْجِعُ إلى النَّشْرِ الَّذِي هو خِلافَ الطَّيِّ فَكَأنَّ الرِّيحَ مَعَ سُكُونِها كانَتْ مَطْوِيَّةً ثُمَّ تُرْسَلُ مِن طَيِّها فَتَصِيرُ كالمُنْفَتِحَةِ.
وقالَ أبُو عُبَيْدَةَ: مَعْناهُ مُتَفَرِّقَةٌ في وُجُوهِها عَلى مَعْنى نَنْشُرُها هاهُنا وهاهُنا.
وقَرَأ عاصِمٌ بُشْرًا بِالباءِ المُوَحَّدَةِ وإسْكانِ الشِّينِ جَمْعُ بَشِيرٍ: أيِ الرِّياحُ تُبَشِّرُ بِالمَطَرِ، ومِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ﴾ ( الرُّومِ: ٤٦ ) .
قَوْلُهُ: ﴿بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ﴾ أرادَ بِالرَّحْمَةِ هُنا المَطَرَ: أيْ قُدّامَ رَحْمَتِهِ، والمَعْنى: أنَّهُ سُبْحانَهُ يُرْسِلُ الرِّياحَ ناشِراتٍ أوْ مُبَشِّراتٍ بَيْنَ يَدَيِ المَطَرِ.
قَوْلُهُ: ﴿حَتّى إذا أقَلَّتْ سَحابًا ثِقالًا﴾ " أقَلَّ فُلانٌ الشَّيْءُ: حَمَلَهُ ورَفَعَهُ، والسَّحابُ يُذَكَّرُ ويُؤَنَّثُ، والمَعْنى: حَتّى إذا حَمَلَتِ الرِّياحُ سَحابًا ثِقالًا بِالماءِ الَّذِي صارَتْ تَحْمِلُهُ سُقْناهُ أيِ السَّحابَ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ أيْ مُجْدِبٍ لَيْسَ فِيهِ نَباتٌ، يُقالُ: سُقْتُهُ لِبَلَدِ كَذا، وإلى بَلَدِ كَذا، وقِيلَ: اللّامُ هُنا لامُ العِلَّةِ: أيْ لِأجْلِ بَلَدٍ مَيِّتٍ، والبَلَدُ هو المَوْضِعُ العامِرُ مِنَ الأرْضِ فَأنْزَلْنا بِهِ الماءَ أيْ بِالبَلَدِ الَّذِي سُقْناهُ لِأجْلِهِ أوْ بِالسَّحابِ: أيْ أنْزَلْنا بِالسَّحابِ الماءَ الَّذِي تَحْمِلُهُ أوْ بِالرِّيحِ: أيْ فَأنْزَلْنا بِالرِّيحِ المُرْسَلَةِ بَيْنَ يَدَيِ المَطَرِ الماءَ، وقِيلَ: إنَّ الباءَ هُنا بِمَعْنى مِن: أيْ فَأنْزَلْنا مِنهُ الماءَ فَأخْرَجْنا بِهِ أيْ بِالماءِ مِن كُلِّ الثَّمَراتِ أيْ مِن جَمِيعِ أنْواعِها.
قَوْلُهُ: ﴿كَذَلِكَ نُخْرِجُ المَوْتى﴾ أيْ مِثْلَ ذَلِكَ الإخْراجِ، وهو إخْراجُ الثَّمَراتِ نُخْرِجُ المَوْتى مِنَ القُبُورِ يَوْمَ حَشْرِهِمْ ﴿لَعَلَّكم تَذَكَّرُونَ﴾ أيْ تَتَذَكَّرُونَ؛ فَتَعْلَمُونَ بِعَظِيمِ قُدْرَةِ اللَّهِ وبَدِيعِ صَنْعَتِهِ وأنَّهُ قادِرٌ عَلى بَعْثِكم كَما قَدَرَ عَلى إخْراجِ الثَّمَراتِ الَّتِي تُشاهِدُونَها.
قَوْلُهُ: ﴿والبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإذْنِ رَبِّهِ﴾ .
أيِ التُّرْبَةُ الطَّيِّبَةُ يَخْرُجُ نَباتُها بِإذْنِ اللَّهِ وتَيْسِيرِهِ إخْراجًا حَسَنًا تامًّا وافِيًا ﴿والَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إلّا نَكِدًا﴾ أيْ والتُّرْبَةُ الخَبِيثَةُ لا يَخْرُجُ نَباتُها إلّا نَكِدًا: أيْ لا خَيْرَ فِيهِ.
وقَرَأ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ " نَكْدًا " بِسُكُونِ الكافِ.
وقَرَأ ابْنُ القَعْقاعِ " نَكَدًا " بِفَتْحِ الكافِ: أيْ ذا نَكَدٍ.
وقَرَأ الباقُونَ نَكِدًا بِفَتْحِ النُّونِ وكَسْرِ الكافِ.
وقُرِئَ " يُخْرِجُ " أيْ يُخْرِجُهُ البَلَدُ، قِيلَ: ومَعْنى الآيَةِ التَّشْبِيهُ شَبَّهَ تَعالى السَّرِيعَ الفَهْمِ بِالبَلَدِ الطَّيِّبِ، والبَلِيدَ بِالبَلَدِ الخَبِيثِ، ذَكَرَهُ النَّحّاسُ، وقِيلَ: هَذا مَثَلٌ لِلْقُلُوبِ، فَشَبَّهَ القَلْبَ القابِلَ لِلْوَعْظِ بِالبَلَدِ الطَّيِّبِ والنّائِي عَنْهُ بِالبَلَدِ الخَبِيثِ، قالَهُ الحَسَنُ، وقِيلَ: هو مَثَلٌ لِقَلْبِ المُؤْمِنِ والمُنافِقِ قالَهُ قَتادَةُ، وقِيلَ: هو مَثَلٌ لِلطَّيِّبِ والخَبِيثِ مِن بَنِي آدَمَ، قالَهُ مُجاهِدٌ.
﴿كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآياتِ﴾ أيْ مِثْلَ ذَلِكَ التَّصْرِيفِ ﴿لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ﴾ اللَّهَ ويَعْتَرِفُونَ بِنِعْمَتِهِ.
وقَدْ أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، ﴿ادْعُوا رَبَّكم تَضَرُّعًا وخُفْيَةً﴾ قالَ: السِّرُّ ﴿إنَّهُ لا يُحِبُّ المُعْتَدِينَ﴾ في الدُّعاءِ ولا في غَيْرِهِ.
وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنْ قَتادَةَ، قالَ: التَّضَرُّعُ عَلانِيَةٌ والخُفْيَةُ سِرٌّ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، في قَوْلِهِ: ﴿ادْعُوا رَبَّكم تَضَرُّعًا وخُفْيَةً﴾ يَعْنِي مُسْتَكِينًا، وخُفْيَةً: يَعْنِي في خَفْضٍ وسُكُونٍ في حاجاتِكم مِن أمْرِ الدُّنْيا والآخِرَةِ ﴿إنَّهُ لا يُحِبُّ المُعْتَدِينَ﴾ يَقُولُ: لا تَدْعُوا عَلى المُؤْمِنِ والمُؤْمِنَةِ بِالشَّرِّ: اللَّهُمَّ اخْزِهِ والعَنْهُ ونَحْوَ ذَلِكَ فَإنَّ ذَلِكَ عُدْوانٌ.
وأخْرَجَ ابْنُ (p-٤٨١)جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ أبِي مِجْلَزٍ في قَوْلِهِ: ﴿إنَّهُ لا يُحِبُّ المُعْتَدِينَ﴾ قالَ: لا تَسْألُوا مَنازِلَ الأنْبِياءِ.
وأخْرَجَ ابْنُ المُبارَكِ وابْنُ جَرِيرٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ الحَسَنِ قالَ: لَقَدْ كانَ المُسْلِمُونَ يَجْتَهِدُونَ في الدُّعاءِ وما يُسْمَعُ لَهم صَوْتٌ إنْ كانَ إلّا هَمْسًا بَيْنَهم وبَيْنَ رَبِّهِمْ، وذَلِكَ أنَّ اللَّهَ يَقُولُ: ﴿ادْعُوا رَبَّكم تَضَرُّعًا وخُفْيَةً﴾ وذَلِكَ أنَّ اللَّهَ ذَكَرَ عَبْدًا صالِحًا فَرَضِيَ قَوْلَهُ فَقالَ: ﴿إذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا﴾ ( مَرْيَمَ: ٣ ) .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ صالِحٍ في قَوْلِهِ: ﴿ولا تُفْسِدُوا في الأرْضِ بَعْدَ إصْلاحِها﴾ قالَ: بَعْدَما أصْلَحَها الأنْبِياءُ وأصْحابُهم.
وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنْ أبِي سِنانٍ في الآيَةِ قالَ: أحْلَلْتُ حَلالِي وحَرَّمْتُ حَرامِي وحَدَّدْتُ حُدُودِي فَلا تُفْسِدُوها.
وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، في قَوْلِهِ: ﴿وادْعُوهُ خَوْفًا وطَمَعًا﴾ قالَ: خَوْفًا مِنهُ وطَمَعًا لِما عِنْدَهُ ﴿إنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ المُحْسِنِينَ﴾ يَعْنِي المُؤْمِنِينَ، ومَن لَمْ يُؤْمِن بِاللَّهِ فَهو مِنَ المُفْسِدِينَ.
وأخْرَجَ ابْنُ جُرَيْجٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ السُّدِّيِّ، في قَوْلِهِ: ﴿وهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ﴾ قالَ: إنَّ اللَّهَ يُرْسِلُ الرِّيحَ فَيَأْتِي بِالسَّحابِ مِن بَيْنِ الخافِقَيْنِ طَرَفِ السَّماءِ والأرْضِ مِن حَيْثُ يَلْتَقِيانِ فَيُخْرِجُهُ مِن ثَمَّ، ثُمَّ يَنْشُرُهُ فَيَبْسُطُهُ في السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ، ثُمَّ يَفْتَحُ أبْوابَ السَّماءِ فَيَسِيلُ الماءُ عَلى السَّحابِ، ثُمَّ يُمْطِرُ السَّحابُ بَعْدَ ذَلِكَ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، في قَوْلِهِ: ﴿بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ﴾ قالَ: يَسْتَبْشِرُ بِها النّاسُ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، في قَوْلِهِ: ﴿بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ﴾ قالَ: هو المَطَرُ، وفي قَوْلِهِ: ﴿كَذَلِكَ نُخْرِجُ المَوْتى﴾ قالَ: كَذَلِكَ تَخْرُجُونَ، وكَذَلِكَ النُّشُورُ كَما يَخْرُجُ الزَّرْعُ بِالماءِ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿كَذَلِكَ نُخْرِجُ المَوْتى﴾ قالَ: إذا أرادَ اللَّهُ أنْ يُخْرِجَ المَوْتى أمْطَرَ السَّماءَ حَتّى يُشَقِّقَ عَنْهُمُ الأرْضَ، ثُمَّ يُرْسِلُ الأرْواحَ فَيَهْوِي كُلُّ رُوحٍ إلى جَسَدِهِ، فَكَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ المَوْتى بِالمَطَرِ كَإحْيائِهِ الأرْضَ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، في قَوْلِهِ: ﴿والبَلَدُ الطَّيِّبُ﴾ الآيَةَ قالَ: هو مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِلْمُؤْمِنِ، يَقُولُ: هو طَيِّبٌ وعَمَلُهُ طَيِّبٌ، كَما أنَّ البَلَدَ الطَّيِّبَ ثَمَرُها طَيِّبٌ ﴿والَّذِي خَبُثَ﴾ ضُرِبَ مَثَلًا لِلْكافِرِ كالبَلَدِ السَّبَخَةِ المالِحَةِ الَّتِي لا تَخْرُجُ مِنها البَرَكَةُ، فالكافِرُ هو الخَبِيثُ وعَمَلُهُ خَبِيثٌ، وقَدْ رُوِيَ نَحْوُ هَذا عَنْ جَماعَةٍ مِنَ التّابِعِينَ.
{"ayahs_start":55,"ayahs":["ٱدۡعُوا۟ رَبَّكُمۡ تَضَرُّعࣰا وَخُفۡیَةًۚ إِنَّهُۥ لَا یُحِبُّ ٱلۡمُعۡتَدِینَ","وَلَا تُفۡسِدُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ بَعۡدَ إِصۡلَـٰحِهَا وَٱدۡعُوهُ خَوۡفࣰا وَطَمَعًاۚ إِنَّ رَحۡمَتَ ٱللَّهِ قَرِیبࣱ مِّنَ ٱلۡمُحۡسِنِینَ","وَهُوَ ٱلَّذِی یُرۡسِلُ ٱلرِّیَـٰحَ بُشۡرَۢا بَیۡنَ یَدَیۡ رَحۡمَتِهِۦۖ حَتَّىٰۤ إِذَاۤ أَقَلَّتۡ سَحَابࣰا ثِقَالࣰا سُقۡنَـٰهُ لِبَلَدࣲ مَّیِّتࣲ فَأَنزَلۡنَا بِهِ ٱلۡمَاۤءَ فَأَخۡرَجۡنَا بِهِۦ مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَ ٰتِۚ كَذَ ٰلِكَ نُخۡرِجُ ٱلۡمَوۡتَىٰ لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ","وَٱلۡبَلَدُ ٱلطَّیِّبُ یَخۡرُجُ نَبَاتُهُۥ بِإِذۡنِ رَبِّهِۦۖ وَٱلَّذِی خَبُثَ لَا یَخۡرُجُ إِلَّا نَكِدࣰاۚ كَذَ ٰلِكَ نُصَرِّفُ ٱلۡـَٔایَـٰتِ لِقَوۡمࣲ یَشۡكُرُونَ"],"ayah":"وَلَا تُفۡسِدُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ بَعۡدَ إِصۡلَـٰحِهَا وَٱدۡعُوهُ خَوۡفࣰا وَطَمَعًاۚ إِنَّ رَحۡمَتَ ٱللَّهِ قَرِیبࣱ مِّنَ ٱلۡمُحۡسِنِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











