الباحث القرآني
(p-٤٧٦)مُناداةُ أصْحابِ الجَنَّةِ لِأصْحابِ النّارِ لَمْ تَكُنْ لِقَصْدِ الإخْبارِ لَهم بِما نادَوْهم بِهِ، بَلْ لِقَصْدِ تَبْكِيتِهِمْ وإيقاعِ الحَسْرَةِ في قُلُوبِهِمْ، و" أنْ قَدْ وجَدْنا " هو نَفْسُ النِّداءِ: أيْ إنّا قَدْ وصَلْنا إلى ما وعَدَنا اللَّهُ بِهِ مِنَ النَّعِيمِ فَهَلْ وصَلْتُمْ إلى ما وعَدَكُمُ اللَّهُ بِهِ مِنَ العَذابِ الألِيمِ، والِاسْتِفْهامُ هو لِلتَّقْرِيعِ والتَّوْبِيخِ، وحُذِفَ مَفْعُولُ وعَدَ الثّانِي لِكَوْنِ الوَعْدِ لَمْ يَكُنْ لَهم بِخُصُوصِهِمْ، بَلْ لِكُلِّ النّاسِ كالبَعْثِ والحِسابِ والعِقابِ، وقِيلَ: حُذِفَ لِإسْقاطِ الكُفّارِ عَنْ رُتْبَةِ التَّشْرِيفِ بِالخِطابِ عِنْدَ الوَعْدِ " قالُوا نَعَمْ " أيْ وجَدْنا ما وعَدَنا رَبُّنا حَقًّا.
وقَرَأ الأعْمَشُ والكِسائِيُّ " نَعِمْ " بِكَسْرِ العَيْنِ.
قالَ مَكِّيٌّ: مَن قالَ: نَعِمْ بِكَسْرِ العَيْنِ فَكَأنَّهُ أرادَ أنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ نَعَمِ الَّتِي جَوابٌ وبَيْنَ نَعِمِ الَّتِي هي اسْمٌ لِلْبَقَرِ والغَنَمِ والإبِلِ.
والمُؤَذِّنُ: المُنادِي، أيْ فَنادى مُنادٍ بَيْنَهم: أيْ بَيْنَ الفَرِيقَيْنِ، قِيلَ: هو مِنَ المَلائِكَةِ أنْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلى الظّالِمِينَ قَرَأ ابْنُ عامِرٍ وحَمْزَةُ والكِسائِيُّ والبَزِّيُّ بِتَشْدِيدِ أنْ وهو الأصْلُ.
وقَرَأ الباقُونَ بِالتَّخْفِيفِ عَلى أنَّها المُخَفَّفَةُ مِنَ الثَّقِيلَةِ أوِ المُفَسِّرَةِ.
وقَرَأ الأعْمَشُ بِكَسْرِ هَمْزَةِ " إنْ " عَلى إضْمارِ القَوْلِ.
وجُمْلَةُ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ صِفَةٌ لِلظّالِمِينَ، ويَجُوزُ الرَّفْعُ والنَّصْبُ عَلى إضْمارِ " هم "، أوْ " أعْنِي.
والصَّدُّ: المَنعُ: أيْ يَمْنَعُونَ النّاسَ عَنْ سُلُوكِ سَبِيلِ الحَقِّ ويَبْغُونَها عِوَجًا أيْ يَطْلُبُونَ اعْوِجاجَها: أيْ يُنَفِّرُونَ النّاسَ عَنْها ويَقْدَحُونَ في اسْتِقامَتِها بِقَوْلِهِمْ إنَّها غَيْرُ حَقٍّ وإنَّ الحَقَّ ما هو فِيهِ، والعِوَجُ بِالكَسْرِ في المَعانِي والأعْيانِ ما لَمْ يَكُنْ مُنْتَصِبًا، وبِالفَتْحِ ما كانَ في المُنْتَصِبِ كالرُّمْحِ، وجُمْلَةُ " وهم بِالآخِرَةِ كافِرُونَ " في مَحَلِّ نَصْبٍ عَلى الحالِ.
قَوْلُهُ: ﴿وبَيْنَهُما حِجابٌ﴾ " أيْ بَيْنَ الفَرِيقَيْنِ أوْ بَيْنَ الجَنَّةِ والنّارِ.
والحِجابُ هو السُّورُ المَذْكُورُ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَضُرِبَ بَيْنَهم بِسُورٍ﴾ ( الحَدِيدِ: ١٣ ) .
قَوْلُهُ: ﴿وعَلى الأعْرافِ﴾ رِجالٌ الأعْرافُ: جَمْعُ عُرْفٍ، وهي شُرُفاتُ السُّورِ المَضْرُوبِ بَيْنَهم، ومِنهُ عُرْفُ الفَرَسِ وعُرْفُ الدِّيكِ والأعْرافُ في اللُّغَةِ: المَكانُ المُرْتَفِعُ، وهَذا الكَلامُ خارِجٌ مَخْرَجَ المَدْحِ كَما في قَوْلِهِ: ﴿رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ ولا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ﴾ ( النُّورِ: ٣٧ ) .
وقَدِ اخْتَلَفَ العُلَماءُ في أصْحابِ الأعْرافِ مَن هم ؟ فَقِيلَ: هُمُ الشُّهَداءُ، ذَكَرَهُ القُشَيْرِيُّ وشُرَحْبِيلُ بْنُ سَعْدٍ، وقِيلَ: هم فُضَلاءُ المُؤْمِنِينَ فَرَغُوا مِن شُغْلِ أنْفُسِهِمْ وتَفَرَّغُوا لِمُطالَعَةِ أحْوالِ النّاسِ ذَكَرَهُ مُجاهِدٌ، وقِيلَ: هم قَوْمُ أنْبِياءُ ذَكَرَهُ الزَّجّاجُ، وقِيلَ: هم قَوْمٌ اسْتَوَتْ حَسَناتُهم وسَيِّئاتُهم، قالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ وحُذَيْفَةُ بْنُ اليَمانِ وابْنُ عَبّاسٍ، والشَّعْبِيُّ، والضَّحّاكُ، وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ،، وقِيلَ: هُمُ العَبّاسُ وحَمْزَةُ وعَلِيٌّ وجَعْفَرٌ الطَّيّارُ يَعْرِفُونَ مُحِبِّيهِمْ بِبَياضِ الوُجُوهِ ومُبْغِضِيهِمْ بِسَوادِها، حُكِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وقِيلَ: هم عُدُولُ القِيامَةِ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ عَلى النّاسِ بِأعْمالِهِمْ وهم في كُلِّ أُمَّةٍ، واخْتارَ هَذا القَوْلَ النَّحّاسُ، وقِيلَ: هم أوْلادُ الزِّنا، رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وقِيلَ: هم مَلائِكَةٌ مُوَكَّلُونَ بِهَذا السُّورِ يُمَيِّزُونَ الكافِرِينَ مِنَ المُؤْمِنِينَ قَبْلَ إدْخالِهِمُ الجَنَّةَ والنّارَ ذَكَرَهُ أبُو مِجْلَزٍ، وجُمْلَةُ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهم صِفَةٌ لِرِجالٍ.
والسِّيما العَلامَةُ: أيْ يَعْرِفُونَ كُلًّا مِن أهْلِ الجَنَّةِ والنّارِ بِعَلاماتِهِمْ كَبَياضِ الوُجُوهِ وسَوادِها، أوْ مَواضِعِ الوُضُوءِ مِنَ المُؤْمِنِينَ، أوْ عَلامَةٍ يَجْعَلُها اللَّهُ لِكُلِّ فَرِيقٍ في ذَلِكَ المَوْقِفِ يَعْرِفُ رِجالُ الأعْرافِ بِها السُّعَداءَ مِنَ الأشْقِياءِ. ﴿ونادَوْا أصْحابَ الجَنَّةِ﴾، أيْ: نادى رِجالُ الأعْرافِ أصْحابَ الجَنَّةِ حِينَ رَأوْهم أنْ سَلامٌ عَلَيْكم أيْ نادَوْهم بِقَوْلِهِمْ سَلامٌ عَلَيْكم تَحِيَّةً لَهم وإكْرامًا وتَبْشِيرًا، أوْ أخْبَرُوهم بِسَلامَتِهِمْ مِنَ العَذابِ.
قَوْلُهُ: ﴿لَمْ يَدْخُلُوها وهم يَطْمَعُونَ﴾ أيْ لَمْ يَدْخُلِ الجَنَّةَ أصْحابُ الأعْرافِ والحالُ أنَّهم يَطْمَعُونَ في دُخُولِها، وقِيلَ: مَعْنى يَطْمَعُونَ يَعْلَمُونَ أنَّهم يَدْخُلُونَها وذَلِكَ مَعْرُوفٌ عِنْدَ أهْلِ اللُّغَةِ: طَمِعَ بِمَعْنى عَلِمِ ذَكَرَهُ النَّحّاسُ.
وهَذا القَوْلُ أعْنِي كَوْنَهم أهْلَ الأعْرافِ مَرْوِيٌّ عَنْ جَماعَةٍ مِنهُمُ ابْنُ عَبّاسٍ، وابْنُ مَسْعُودٍ.
وقالَ أبُو مِجْلَزٍ: هم أهْلُ الجَنَّةِ: أيْ أنَّ أهْلَ الأعْرافِ قالُوا لَهم: سَلامٌ عَلَيْكم حالَ كَوْنِ أهْلِ الجَنَّةِ لَمْ يَدْخُلُوها والحالُ أنَّهم يَطْمَعُونَ في دُخُولِها.
قَوْلُهُ: ﴿وإذا صُرِفَتْ أبْصارُهم تِلْقاءَ أصْحابِ النّارِ﴾ أيْ إذا صُرِفَتْ أبْصارُ أهْلِ الأعْرافِ تِلْقاءَ أصْحابِ النّارِ: أيْ جِهَةَ أصْحابِ، وأصْلُ مَعْنى تِلْقاءَ جِهَةُ اللِّقاءِ، وهي جِهَةُ المُقابَلَةِ ولَمْ يَأْتِ مَصْدَرٌ عَلى تِفْعالٍ بِكَسْرِ أوَّلِهِ غَيْرُ مَصْدَرَيْنِ، أحَدُهُما هَذا، والآخَرُ تِبْيانٌ، وما عَداهُما بِالفَتْحِ قالُوا أيْ قالَ أهْلُ الأعْرافِ: ﴿رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ القَوْمِ الظّالِمِينَ﴾ سَألُوا اللَّهَ أنْ لا يَجْعَلَهم مِنهم.
﴿ونادى أصْحابُ الأعْرافِ رِجالًا﴾ مِنَ الكُفّارِ يَعْرِفُونَهم بِسِيماهم أيْ بِعَلاماتِهِمْ قالُوا بَدَلٌ مِن نادى ﴿ما أغْنى عَنْكم جَمْعُكُمْ﴾ الَّذِي كُنْتُمْ تَجْمَعُونَ لِلصَّدِّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، والِاسْتِفْهامُ لِلتَّقْرِيعِ والتَّوْبِيخِ، قَوْلُهُ: ﴿وما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ﴾ ما مَصْدَرِيَّةٌ: أيْ وما أغْنى عَنْكُمُ اسْتِكْبارُكم.
﴿أهَؤُلاءِ الَّذِينَ أقْسَمْتُمْ لا يَنالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ﴾ هَذا مِن كَلامِ أصْحابِ الأعْرافِ: أيْ قالُوا لِلْكُفّارِ مُشِيرِينَ إلى المُسْلِمِينَ الَّذِينَ صارُوا إلى الجَنَّةِ هَذِهِ المَقالَةَ.
وقَدْ كانَ الكُفّارُ يُقْسِمُونَ في الدُّنْيا عِنْدَ رُؤْيَتِهِمْ لِضُعَفاءِ المُسْلِمِينَ بِهَذا القَسَمِ، وهَذا تَبْكِيتٌ لِلْكُفّارِ وتَحْسِيرٌ لَهم.
قَوْلُهُ: ﴿ادْخُلُوا الجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكم ولا أنْتُمْ تَحْزَنُونَ﴾ هَذا تَمامُ كَلامِ أصْحابِ الأعْرافِ: أيْ قالُوا لِلْمُسْلِمِينَ ادْخُلُوا الجَنَّةَ، فَقَدِ انْتَفى عَنْكُمُ الخَوْفُ والحُزْنُ بَعْدَ الدُّخُولِ.
وقَرَأ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ " أدْخِلُوا " بِكَسْرِ الخاءِ.
وقَدْ أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، في قَوْلِهِ: ﴿أنْ قَدْ وجَدْنا ما وعَدَنا رَبُّنا حَقًّا﴾ قالَ: مِنَ النَّعِيمِ والكَرامَةِ ﴿فَهَلْ وجَدْتُمْ ما وعَدَ رَبُّكم حَقًّا﴾ قالَ: مِنَ الخِزْيِ والهَوانِ والعَذابِ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وأبُو الشَّيْخِ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: «أنَّ النَّبِيَّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - لَمّا وقَفَ عَلى قَلِيبِ بَدْرٍ (p-٤٧٧)تَلا هَذِهِ الآيَةَ» .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ السُّدِّيِّ، في قَوْلِهِ: ﴿وبَيْنَهُما حِجابٌ﴾ قالَ: هو السُّورُ وهو الأعْرافُ، وإنَّما سُمِّيَ الأعْرافَ لِأنَّ أصْحابَهُ يَعْرِفُونَ النّاسَ.
وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ حُذَيْفَةَ قالَ: الأعْرافُ سُورٌ بَيْنَ الجَنَّةِ والنّارِ.
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وسَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، والبَيْهَقِيُّ في البَعْثِ والنُّشُورِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، قالَ: الأعْرافُ هو الشَّيْءُ المُشْرِفُ.
وأخْرَجَ الفِرْيابِيُّ وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْهُ قالَ: الأعْرافُ سُورٌ لَهُ عُرْفٌ كَعُرْفِ الدِّيكِ.
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قالَ: الأعْرافُ جِبالٌ بَيْنَ الجَنَّةِ والنّارِ فَهم عَلى أعْرافِها، يَقُولُ عَلى ذُراها.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، أنَّها تَلٌّ بَيْنَ الجَنَّةِ والنّارِ حُبِسَ عَلَيْهِ ناسٌ مِن أهْلِ الذُّنُوبِ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قالَ: زَعَمُوا أنَّهُ الصِّراطُ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ قالَ: أصْحابُ الأعْرافِ قَوْمٌ كانَتْ لَهم أعْمالٌ أنْجاهُمُ اللَّهُ بِها مِنَ النّارِ، وهم آخِرُ مَن يَدْخُلُ الجَنَّةَ، قَدْ عَرَفُوا أهْلَ الجَنَّةِ وأهْلَ النّارِ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: أنَّهم مَنِ اسْتَوَتْ حَسَناتُهم وسَيِّئاتُهم يَقِفُونَ عَلى الصِّراطِ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ نَحْوَهُ.
وكَذا أخْرَجَ نَحْوَهُ عَنْهُ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وسَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، .
وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وابْنُ عَساكِرَ، عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ نَحْوَهُ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ أبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ قالَ: «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - عَنْ أصْحابِ الأعْرافِ ؟ فَقالَ: هم آخِرُ مَن يُفْصَلُ بَيْنَهم مِنَ العِبادِ، فَإذا فَرَغَ رَبُّ العالَمِينَ مِنَ الفَصْلِ بَيْنَ العِبادِ قالَ: أنْتُمْ قَوْمٌ أخْرَجَتْكم حَسَناتُكم مِنَ النّارِ ولَمْ تَدْخُلُوا الجَنَّةَ فَأنْتُمْ عُتَقائِي، فارْعَوْا مِنَ الجَنَّةِ حَيْثُ شِئْتُمْ» .
قالَ ابْنُ كَثِيرٍ: وهَذا مُرْسَلٌ حَسَنٌ.
وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في البَعْثِ عَنْ حُذَيْفَةَ أراهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -: «يُجْمَعُ النّاسُ يَوْمَ القِيامَةِ فَيُؤْمَرُ بِأهْلِ الجَنَّةِ إلى الجَنَّةِ ويُؤْمَرُ بِأهْلِ النّارِ إلى النّارِ، ثُمَّ يُقالُ لِأصْحابِ الأعْرافِ ما تَنْتَظِرُونَ ؟ قالُوا: نَنْتَظِرُ أمْرَكَ، فَيُقالُ لَهم: إنَّ حَسَناتِكم تَجاوَزَتْ بِكُمُ النّارَ أنْ تَدْخُلُوها وحالَتْ بَيْنَكم وبَيْنَ الجَنَّةِ خَطاياكم فادْخُلُوا بِمَغْفِرَتِي ورَحْمَتِي» .
وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ مَنِيعٍ وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والطَّبَرانِيُّ وأبُو الشَّيْخِ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في البَعْثِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُزَنِيِّ قالَ: «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ عَنْ أصْحابِ الأعْرافِ ؟ فَقالَ: هم قَوْمٌ قُتِلُوا في سَبِيلِ اللَّهِ في مَعْصِيَةِ آبائِهِمْ، فَمَنَعَهم مِنَ النّارِ قَتْلُهم في سَبِيلِ اللَّهِ، ومَنعَهم مِنَ الجَنَّةِ مَعْصِيَتُهم آباءَهم» .
وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ.
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في البَعْثِ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ أيْضًا.
وأخْرَجَ الحارِثُ بْنُ أبِي أُسامَةَ في مُسْنَدِهِ وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مالِكٍ الهِلالِيِّ عَنْ أبِيهِ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ.
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، مَرْفُوعًا نَحْوَهُ.
وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنْ رَجُلٍ مَن مُزَيْنَةَ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ.
وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنْ أبِي عُبَيْدَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمّارٍ أنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ: ﴿لَمْ يَدْخُلُوها وهم يَطْمَعُونَ﴾ قالَ: سَلَّمَتْ عَلَيْهِمُ المَلائِكَةُ وهم لَمْ يَدْخُلُوها وهم يَطْمَعُونَ أنْ يَدْخُلُوها حِينَ سَلَّمَتْ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ السُّدِّيِّ، قالَ: أصْحابُ الأعْرافِ يَعْرِفُونَ النّاسَ بِسِيماهم، أهْلَ النّارِ بِسَوادِ وُجُوهِهِمْ وأهْلَ الجَنَّةِ بِبَياضِ وُجُوهِهِمْ، فَإذا مَرُّوا بِزُمْرَةٍ يُذْهَبُ بِهِمْ إلى الجَنَّةِ قالُوا: سَلامٌ عَلَيْكم وإذا مَرُّوا بِزُمْرَةٍ يُذْهَبُ بِها إلى النّارِ قالُوا: ﴿رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ القَوْمِ الظّالِمِينَ﴾ وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، ﴿ونادى أصْحابُ الأعْرافِ رِجالًا﴾ قالَ: في النّارِ ﴿يَعْرِفُونَهم بِسِيماهم قالُوا ما أغْنى عَنْكم جَمْعُكم وما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ﴾ قالَ اللَّهُ لِأهْلِ التَّكَبُّرِ: ﴿أهَؤُلاءِ الَّذِينَ أقْسَمْتُمْ لا يَنالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ﴾ يَعْنِي أصْحابَ الأعْرافِ ﴿ادْخُلُوا الجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكم ولا أنْتُمْ تَحْزَنُونَ﴾ .
{"ayahs_start":43,"ayahs":["وَنَزَعۡنَا مَا فِی صُدُورِهِم مِّنۡ غِلࣲّ تَجۡرِی مِن تَحۡتِهِمُ ٱلۡأَنۡهَـٰرُۖ وَقَالُوا۟ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِی هَدَىٰنَا لِهَـٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهۡتَدِیَ لَوۡلَاۤ أَنۡ هَدَىٰنَا ٱللَّهُۖ لَقَدۡ جَاۤءَتۡ رُسُلُ رَبِّنَا بِٱلۡحَقِّۖ وَنُودُوۤا۟ أَن تِلۡكُمُ ٱلۡجَنَّةُ أُورِثۡتُمُوهَا بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ","وَنَادَىٰۤ أَصۡحَـٰبُ ٱلۡجَنَّةِ أَصۡحَـٰبَ ٱلنَّارِ أَن قَدۡ وَجَدۡنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقࣰّا فَهَلۡ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمۡ حَقࣰّاۖ قَالُوا۟ نَعَمۡۚ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنُۢ بَیۡنَهُمۡ أَن لَّعۡنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّـٰلِمِینَ","ٱلَّذِینَ یَصُدُّونَ عَن سَبِیلِ ٱللَّهِ وَیَبۡغُونَهَا عِوَجࣰا وَهُم بِٱلۡـَٔاخِرَةِ كَـٰفِرُونَ","وَبَیۡنَهُمَا حِجَابࣱۚ وَعَلَى ٱلۡأَعۡرَافِ رِجَالࣱ یَعۡرِفُونَ كُلَّۢا بِسِیمَىٰهُمۡۚ وَنَادَوۡا۟ أَصۡحَـٰبَ ٱلۡجَنَّةِ أَن سَلَـٰمٌ عَلَیۡكُمۡۚ لَمۡ یَدۡخُلُوهَا وَهُمۡ یَطۡمَعُونَ","۞ وَإِذَا صُرِفَتۡ أَبۡصَـٰرُهُمۡ تِلۡقَاۤءَ أَصۡحَـٰبِ ٱلنَّارِ قَالُوا۟ رَبَّنَا لَا تَجۡعَلۡنَا مَعَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِینَ","وَنَادَىٰۤ أَصۡحَـٰبُ ٱلۡأَعۡرَافِ رِجَالࣰا یَعۡرِفُونَهُم بِسِیمَىٰهُمۡ قَالُوا۟ مَاۤ أَغۡنَىٰ عَنكُمۡ جَمۡعُكُمۡ وَمَا كُنتُمۡ تَسۡتَكۡبِرُونَ","أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمۡتُمۡ لَا یَنَالُهُمُ ٱللَّهُ بِرَحۡمَةٍۚ ٱدۡخُلُوا۟ ٱلۡجَنَّةَ لَا خَوۡفٌ عَلَیۡكُمۡ وَلَاۤ أَنتُمۡ تَحۡزَنُونَ"],"ayah":"أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمۡتُمۡ لَا یَنَالُهُمُ ٱللَّهُ بِرَحۡمَةٍۚ ٱدۡخُلُوا۟ ٱلۡجَنَّةَ لَا خَوۡفٌ عَلَیۡكُمۡ وَلَاۤ أَنتُمۡ تَحۡزَنُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق