الباحث القرآني

. (p-٥١٧)قَوْلُهُ: ﴿يَسْألُونَكَ عَنِ السّاعَةِ﴾ السّائِلُونَ: هُمُ اليَهُودُ، وقِيلَ: قُرَيْشٌ، والسّاعَةُ: القِيامَةُ وهي مِنَ الأسْماءِ الغالِبَةِ، وإطْلاقُها عَلى القِيامَةِ لِوُقُوعِها بَغْتَةً أوْ لِسُرْعَةِ حِسابِها، و" أيّانَ " ظَرْفُ زَمانٍ مَبْنِيٌّ عَلى الفَتْحِ، قالَ الرّاجِزُ: ؎أيّانَ تَقْضِي حاجَتِي أيّانا أما تَرى لِنُجْحِها أوانًا ومَعْناهُ مَعْنى مَتى، واشْتِقاقُهُ مِن أيْ، وقِيلَ: مِن أيْنَ. وقَرَأ السُّلَمِيُّ " إيّانَ " بِكَسْرِ الهَمْزَةِ وهو في مَوْضِعِ رَفْعٍ عَلى الخَبَرِ، و﴿مُرْساها﴾ المُبْتَدَأُ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ، ومُرْساها بِضَمِّ المِيمِ: أيْ وقْتُ إرْسائِها مِن أرْساها اللَّهُ: أيْ أثْبَتَها، وبِفَتْحِ المِيمِ مَن رَسَتْ: أيْ ثَبَتَتْ، ومِنهُ ﴿وقُدُورٍ راسِياتٍ﴾ ( سَبَأٍ: ١٣ )، ومِنهُ رَسا الجَبَلُ. والمَعْنى: مَتى يُرْسِيها اللَّهُ: أيْ يُثْبِتُها ويُوقِعُها، وظاهِرُ ﴿يَسْألُونَكَ عَنِ السّاعَةِ﴾ أنَّ السُّؤالَ عَنْ نَفْسِ السّاعَةِ، وظاهِرُ ﴿أيّانَ مُرْساها﴾ أنَّ السُّؤالَ عَنْ وقْتِها، فَحَصَلَ مِنَ الجَمِيعِ أنَّ السُّؤالَ المَذْكُورَ هو عَنِ السّاعَةِ بِاعْتِبارِ وُقُوعِها في الوَقْتِ المُعَيَّنِ لِذَلِكَ، ثُمَّ أمَرَهُ اللَّهُ - سُبْحانَهُ - بِأنْ يُجِيبَ عَنْهم بِقَوْلِهِ: ﴿قُلْ إنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي﴾ أيْ عِلْمُها بِاعْتِبارِ وُقُوعِها عِنْدَ اللَّهِ لا يَعْلَمُها غَيْرُهُ ولا يَهْتَدِي إلَيْها سِواهُ ﴿لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إلّا هُوَ﴾ أيْ لا يُظْهِرُها لِوَقْتِها ولا يَكْشِفُ عَنْها إلّا اللَّهُ - سُبْحانَهُ. والتَّجْلِيَةُ: إظْهارُ الشَّيْءِ، يُقالُ: جَلّى لِي فُلانٌ الخَبَرَ: إذا أظْهَرَهُ وأوْضَحَهُ، وفي اسْتِئْثارِ اللَّهِ - سُبْحانَهُ - بِعِلْمِ السّاعَةِ حِكْمَةٌ عَظِيمَةٌ وتَدْبِيرٌ بَلِيغٌ كَسائِرِ الأشْياءِ الَّتِي أخْفاها اللَّهُ واسْتَأْثَرَ بِعِلْمِها. وهَذِهِ الجُمْلَةُ مُقَرِّرَةٌ لِمَضْمُونِ الَّتِي قَبْلَها. قَوْلُهُ: ﴿ثَقُلَتْ في السَّماواتِ والأرْضِ﴾ قِيلَ: مَعْنى ذَلِكَ: أنَّهُ لَمّا خَفِيَ عِلْمُها عَلى أهْلِ السَّماواتِ والأرْضِ كانَتْ ثَقِيلَةً؛ لِأنَّ كُلَّ ما خَفِيَ عِلْمُهُ ثَقِيلٌ عَلى القُلُوبِ، وقِيلَ: المَعْنى: لا تُطِيقُها السَّماواتُ والأرْضُ لِعِظَمِها؛ لِأنَّ السَّماءَ تَنْشَقُّ، والنُّجُومَ تَتَناثَرُ، والبِحارَ تَنْضُبُ، وقِيلَ: عَظُمَ وصْفُها عَلَيْهِمْ، وقِيلَ: ثَقُلَتِ المَسْألَةُ عَنْها، وهَذِهِ الجُمْلَةُ مُقَرِّرَةٌ لِمَضْمُونِ ما قَبْلَها أيْضًا ﴿لا تَأْتِيكم إلّا بَغْتَةً﴾ إلّا فَجْأةً عَلى غَفْلَةٍ، والبَغْتَةُ: مَصْدَرٌ في مَوْضِعِ الحالِ، وهَذِهِ الجُمْلَةُ كالَّتِي قَبْلَها في التَّقْرِيرِ. قَوْلُهُ: ﴿يَسْألُونَكَ كَأنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها﴾ قالَ ابْنُ فارِسٍ: الحَفِيُّ العالِمُ بِالشَّيْءِ، والحَفِيُّ المُسْتَقْصِي في السُّؤالِ، ومِنهُ قَوْلُ الأعْشى: ؎فَإنْ تَسْألِي عَنِّي فَيا رُبَّ سائِلٍ ∗∗∗ حَفِيٍّ عَنِ الأعْشى بِهِ حَيْثُ أصْعَدا يُقالُ: أحْفى في المَسْألَةِ وفي الطَّلَبِ فَهو مُحْفٍ، وحَفِيٌّ عَلى التَّكْثِيرِ مِثْلَ مُخَصِّبٍ وخَصِيبٍ. والمَعْنى: يَسْألُونَكَ عَنِ السّاعَةِ كَأنَّكَ عالِمٌ بِها، أوْ كَأنَّهُ مُسْتَقْصٍ لِلسُّؤالِ عَنْها ومُسْتَكْثِرٌ مِنهُ، والجُمْلَةُ التَّشْبِيهِيَّةُ في مَحَلِّ نَصْبٍ عَلى الحالِ أيْ يَسْألُونَكَ مُشَبَّهًا حالُكَ حالَ مَن هو حَفِيٌّ عَنْها، وقِيلَ: المَعْنى: يَسْألُونَكَ عَنْها كَأنَّكَ حَفِيٌّ بِهِمْ: أيْ حَفِيٌّ بِبِرِّهِمْ وفَرِحٌ بِسُؤالِهِمْ. والأوَّلُ هو مَعْنى النَّظْمِ القُرْآنِيِّ عَلى مُقْتَضى المَسْلَكِ العَرَبِيِّ. قَوْلُهُ: ﴿قُلْ إنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي﴾ أمْرَهُ اللَّهُ - سُبْحانَهُ - بِأنْ يُكَرِّرَ ما أجابَ عَلَيْهِمْ سابِقًا لِتَقْرِيرِ الحُكْمِ وتَأْكِيدِهِ، وقِيلَ: لَيْسَ بِتَكْرِيرٍ، بَلْ أحَدُهُما مَعْناهُ الِاسْتِئْثارُ بِوُقُوعِها، والآخِرُ الِاسْتِئْثارُ بِكُنْهِها نَفْسِها ﴿ولَكِنَّ أكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾ بِاسْتِئْثارِ اللَّهِ بِهَذا وعَدَمِ عِلْمِ خَلْقِهُ بِهِ، لَمْ يَعْلَمْهُ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ ولا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ. قَوْلُهُ: ﴿قُلْ لا أمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا ولا ضَرًّا إلّا ما شاءَ اللَّهُ﴾ هَذِهِ الجُمْلَةُ مُتَضَمِّنَةٌ لِتَأْكِيدِ ما تَقَدَّمَ مِن عَدَمِ عِلْمِهِ بِالسّاعَةِ أيّانَ تَكُونُ ومَتى تَقَعُ؛ لِأنَّهُ إذا كانَ لا يَقْدِرُ عَلى جَلْبِ نَفْعٍ لَهُ أوْ دَفْعِ ضُرٍّ عَنْهُ إلّا ما شاءَ اللَّهُ - سُبْحانَهُ - مِنَ النَّفْعِ لَهُ والدَّفْعِ عَنْهُ، فَبِالأوْلى أنْ لا يَقْدِرَ عَلى عِلْمِ ما اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِعِلْمِهِ، وفي هَذا مِن إظْهارِ العُبُودِيَّةِ والإقْرارِ بِالعَجْزِ عَنِ الأُمُورِ الَّتِي لَيْسَتْ مِن شَأْنِ العَبِيدِ والِاعْتِرافِ بِالضَّعْفِ عَنِ انْتِحالِ ما لَيْسَ لَهُ ﷺ ما فِيهِ أعْظَمُ زاجِرٍ، وأبْلَغُ واعِظٍ لِمَن يَدَّعِي لِنَفْسِهِ ما لَيْسَ مِن شَأْنِها، ويَنْتَحِلُ عِلْمَ الغَيْبِ بِالنَّجّامَةِ أوِ الرَّمْلِ أوِ الطَّرْقِ بِالحَصا أوِ الزَّجْرِ، ثُمَّ أكَّدَ هَذا وقَرَّرَهُ بِقَوْلِهِ: ﴿ولَوْ كُنْتُ أعْلَمُ الغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الخَيْرِ﴾ أيْ لَوْ كُنْتُ أعْلَمُ جِنْسَ الغَيْبِ لَتَعَرَّضْتُ لِما فِيهِ الخَيْرُ فَجَلَبْتُهُ إلى نَفْسِي، وتَوَقَّيْتُ ما فِيهِ السُّوءُ حَتّى لا يَمَسَّنِي ولَكِنِّي عَبْدٌ لا أدْرِي ما عِنْدَ رَبِّي، ولا ما قَضاهُ فِيَّ وقَدَّرَهُ لِي، فَكَيْفَ أدْرِي غَيْرَ ذَلِكَ وأتَكَلَّفُ عِلْمَهُ، وقِيلَ: المَعْنى: لَوْ كُنْتُ أعْلَمَ ما يُرِيدُ اللَّهُ - عَزَّ وجَلَّ - مِنِّي مِن قَبْلِ أنْ يُعَرِّفَنِيهِ لِفَعَلْتُهُ، وقِيلَ: لَوْ كُنْتُ أعْلَمُ مَتى يَكُونُ لِي النَّصْرُ في الحَرْبِ لَقاتَلْتُ فَلَمْ أُغْلَبْ، وقِيلَ: لَوْ كُنْتُ أعْلَمُ الغَيْبَ لَأجَبْتُ عَنْ كُلِّ ما أُسْألُ عَنْهُ، والأوْلى حَمْلُ الآيَةِ عَلى العُمُومِ؛ فَتَنْدَرِجُ هَذِهِ الأُمُورُ وغَيْرُها تَحْتَها، وقَدْ قِيلَ: إنَّ ﴿وما مَسَّنِيَ السُّوءُ﴾ كَلامٌ مُسْتَأْنَفٌ أيْ لَيْسَ بِي ما تَزْعُمُونَ مِنَ الجُنُونِ، والأوْلى أنَّهُ مُتَّصِلٌ بِما قَبْلَهُ، والمَعْنى: لَوْ عَلِمْتُ الغَيْبَ ما مَسَّنِي السُّوءُ ولَحَذِرْتُ عَنْهُ، كَما قَدَّمْنا ذَلِكَ. قَوْلُهُ: ﴿إنْ أنا إلّا نَذِيرٌ وبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ أيْ ما أنا إلّا مُبْلِّغٌ عَنِ اللَّهِ لِأحْكامِهِ أُنْذِرُ بِها قَوْمًا وأُبَشِّرُ بِها آخَرِينَ ولَسْتُ أعْلَمُ بِغَيْبِ اللَّهِ - سُبْحانَهُ -، واللّامُ في لِقَوْمٍ مُتَعَلِّقٌ بِكِلا الصِّفَتَيْنِ: أيْ بَشِيرٌ لِقَوْمٍ، ونَذِيرٌ لِقَوْمٍ، وقِيلَ: هو مُتَعَلِّقٌ بِـ " بَشِيرٌ "، والمُتَعَلِّقُ بِـ " نَذِيرٌ " مَحْذُوفٌ، أيْ: نَذِيرٌ لِقَوْمٍ يَكْفُرُونَ، وبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ. قَوْلُهُ: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكم مِن نَفْسٍ واحِدَةٍ﴾ هَذا كَلامٌ مُبْتَدَأٌ يَتَضَمَّنُ ذِكْرَ نِعَمِ اللَّهِ عَلى عِبادِهِ وعَدَمِ مُكافَأتِهِمْ لَها مِمّا يَجِبُ مِنَ الشُّكْرِ والِاعْتِرافِ بِالعُبُودِيَّةِ وأنَّهُ المُنْفَرِدُ بِالإلَهِيَّةِ. قالَ جُمْهُورُ المُفَسِّرِينَ: المُرادُ بِالنَّفْسِ الواحِدَةِ آدَمُ، وقَوْلُهُ: ﴿وجَعَلَ مِنها زَوْجَها﴾ مَعْطُوفٌ عَلى ﴿خَلَقَكُمْ﴾ أيْ: هو الَّذِي خَلَقَكم مِن نَفْسِ آدَمَ وجَعَلَ مِن هَذِهِ النَّفْسِ زَوْجَها، وهي حَوّاءُ خَلَقَها مِن ضِلَعٍ (p-٥١٨)مِن أضْلاعِهِ، وقِيلَ: المَعْنى ﴿جَعَلَ مِنها﴾ مِن جِنْسِها كَما في قَوْلِهِ: ﴿جَعَلَ لَكم مِن أنْفُسِكم أزْواجًا﴾ ( النَّحْلِ: ٧٢ ) والأوَّلُ أوْلى، ﴿لِيَسْكُنَ إلَيْها﴾ عِلَّةٌ لِلْجَعْلِ: أيْ جَعَلَهُ مِنها لِأجَلِ يَسْكُنُ إلَيْها يَأْنَسُ إلَيْها ويُطَمْئِنُ بِها، فَإنَّ الجِنْسَ بِجِنْسِهِ أسْكُنُ وإلَيْهِ آنَسُ، وكانَ هَذا في الجَنَّةِ كَما ورَدَتْ بِذَلِكَ الأخْبارُ، ثُمَّ ابْتَدَأ - سُبْحانَهُ - بِحالَةٍ أُخْرى كانَتْ بَيْنَهُما في الدُّنْيا بَعْدَ هُبُوطِهِما، فَقالَ: ﴿فَلَمّا تَغَشّاها﴾، والتَّغَشِّي كِنايَةٌ عَنِ الوِقاعِ، أيْ فَلَمّا جامَعَها ﴿حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا﴾ عَلِقَتْ بِهِ بَعْدَ الجِماعِ، ووَصَفَهُ بِالخِفَّةِ؛ لِأنَّهُ عِنْدَ إلْقاءِ النُّطْفَةِ أخَفُّ مِنهُ عِنْدَ كَوْنِهِ عَلَقَةً، وعِنْدَ كَوْنِهِ عَلَقَةً أخَفُّ مِنهُ عِنْدَ كَوْنِهِ مُضْغَةً وعِنْدَ كَوْنِهِ مُضْغَةً أخَفُّ مِمّا بَعْدَهُ، وقِيلَ إنَّهُ خَفَّ عَلَيْها هَذا الحَمْلُ مِنِ ابْتِدائِهِ إلى انْتِهائِهِ، ولَمْ تَجِدْ مِنهُ ثِقَلًا كَما تَجِدُهُ الحَوامِلُ مِنَ النِّساءِ لِقَوْلِهِ: ﴿فَمَرَّتْ بِهِ﴾ أيِ اسْتَمَرَّتْ بِذَلِكَ الحَمْلِ تَقُومُ وتَقْعُدُ وتَمْضِي في حَوائِجِها لا تَجِدُ بِهِ ثِقَلًا، والوَجْهُ الأوَّلُ أوْلى لِقَوْلِهِ: ﴿فَلَمّا أثْقَلَتْ﴾ فَإنَّ مَعْناهُ: فَلَمّا صارَتْ ذاتَ ثِقَلٍ لِكِبَرِ الوَلَدِ في بَطْنِها، وقُرِئَ " فَمَرَتْ بِهِ " بِالتَّخْفِيفِ: أيْ فَجَزِعَتْ لِذَلِكَ، وقُرِئَ " فَمارَتْ " بِهِ مِنَ المَوْرِ، وهو المَجِيءُ والذَّهابُ، وقِيلَ: المَعْنى: فاسْتَمَرَّتْ بِهِ. وقَدْ رُوِيَتْ قِراءَةُ التَّخْفِيفِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، ويَحْيى بْنِ يَعْمُرَ، ورُوِيَتْ قِراءَةُ " فَمارَتْ " عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، ورَوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، أنَّهُ قَرَأ " فاسْتَمَرَّتْ " بِهِ. قَوْلُهُ: ﴿دَعَوا اللَّهَ رَبَّهُما﴾ جَوابٌ لِما، أيْ: دَعا آدَمُ وحَوّاءُ رَبَّهُما ومالِكَ أمْرِهِما ﴿لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحًا﴾ أيْ ولَدًا صالِحًا، واللّامُ جَوابُ قَسَمٍ مَحْذُوفٍ، و﴿لَنَكُونَنَّ مِنَ الشّاكِرِينَ﴾ جَوابُ القَسَمِ سادٌّ مَسَدَّ جَوابِ الشَّرْطِ، أي: مِنَ الشّاكِرِينَ لَكَ عَلى هَذِهِ النِّعْمَةِ، وفي هَذا الدُّعاءِ دَلِيلٌ عَلى أنَّهُما قَدْ عَلِما أنَّ ما حَدَثَ في بَطْنِ حَوّاءَ مِن أثَرِ ذَلِكَ الجِماعِ هو مِن جِنْسِهِما وعَلِما بِثُبُوتِ النَّسْلِ المُتَأثِّرِ عَنْ ذَلِكَ السَّبَبِ. ﴿فَلَمّا آتاهُما﴾ ما طَلَباهُ مِنَ الوَلَدِ الصّالِحِ وأجابَ دُعاءَهُما ﴿جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما﴾ . قالَ كَثِيرٌ مِنَ المُفَسِّرِينَ: إنَّهُ جاءَ إبْلِيسُ إلى حَوّاءَ وقالَ لَها: إنْ وُلَدْتِ ولَدًا فَسَمِّيهِ بِاسْمِي فَقالَتْ: وما اسْمُكَ ؟ قالَ: الحارِثُ ولَوْ سَمّى لَها نَفْسَهُ لَعَرَفَتْهُ فَسَمَّتْهُ عَبْدَ الحارِثِ، فَكانَ هَذا شِرْكًا في التَّسْمِيَةِ ولَمْ يَكُنْ شِرْكًا في العِبادَةِ وإنَّما قَصَدا أنَّ الحارِثَ كانَ سَبَبَ نَجاةِ الوَلَدِ كَما يُسَمِّي الرَّجُلُ نَفْسَهُ عَبْدَ ضَيْفِهِ كَما قالَ حاتِمٌ الطّائِيُّ: ؎وإنِّي لِعَبْدُ الضَّيْفِ ما دامَ ثاوِيًا ∗∗∗ وما في إلّا تِلْكَ مِن شِيمَةِ العَبْدِ وقالَ جَماعَةٌ مِنَ المُفَسِّرِينَ: إنَّ الجاعِلَ شِرْكًا فِيما آتاهُما هم جِنْسُ بَنِي آدَمَ، كَما وقَعَ مِنَ المُشْرِكِينَ مِنهم ولَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِن آدَمَ وحَوّاءَ، ويَدُلُّ عَلى هَذا جَمْعُ الضَّمِيرِ في قَوْلِهِ: ﴿فَتَعالى اللَّهُ عَمّا يُشْرِكُونَ﴾ وذَهَبَ جَماعَةٌ مِنَ المُفَسِّرِينَ إلى أنَّ مَعْنى ﴿مِن نَفْسٍ واحِدَةٍ﴾ مِن هَيْئَةٍ واحِدَةٍ وشَكْلٍ واحِدٍ ﴿وجَعَلَ مِنها زَوْجَها﴾ أيْ مِن جِنْسِها ﴿فَلَمّا تَغَشّاها﴾ يَعْنِي: جِنْسُ الذَّكَرِ جِنْسَ الأُنْثى، وعَلى هَذا لا يَكُونُ لِآدَمَ وحَوّاءَ ذِكْرٌ في الآيَةِ وتَكُونُ ضَمائِرُ التَّثْنِيَةِ راجِعَةً إلى الجِنْسَيْنِ. وقَدْ قَدَّمَنا الإشارَةَ إلى نَحْوِ هَذا وذَكَرْنا أنَّهُ خِلافُ الأوْلى لِأُمُورٍ مِنها ﴿وجَعَلَ مِنها زَوْجَها﴾ بِأنَّ هَذا إنَّما هو لِحَوّاءَ، ومِنها ﴿دَعَوا اللَّهَ رَبَّهُما﴾ فَإنَّ كُلَّ مَوْلُودٍ يُولَدُ بَيْنَ الجِنْسَيْنِ لا يَكُونُ مِنهُما عِنْدَ مُقارَبَةِ وضْعِهِ هَذا الدُّعاءُ. وقَدْ قَرَأ أهْلُ المَدِينَةِ وعاصِمٌ " شِرْكًا " عَلى التَّوْحِيدِ، وقَرَأ أبُو عَمْرٍو وسائِرُ أهْلِ الكُوفَةِ بِالجَمْعِ. وأنْكَرَ الأخْفَشُ سَعِيدٌ القِراءَةَ الأُولى، وأُجِيبُ عَنْهُ بِأنَّها صَحِيحَةٌ عَلى حَذْفِ المُضافِ: أيْ جَعَلا لَهُ ذا شَرْكٍ، أوْ ذَوِي شِرْكٍ. والِاسْتِفْهامُ في ﴿أيُشْرِكُونَ ما لا يَخْلُقُ شَيْئًا﴾ لِلتَّقْرِيعِ والتَّوْبِيخِ، أي كَيْفَ يَجْعَلُونَ لِلَّهِ شَرِيكًا لا يَخْلُقُ شَيْئًا ولا يَقْدِرُ عَلى نَفْعٍ لَهم ولا دَفْعٍ عَنْهم. قَوْلُهُ: ﴿وهم يُخْلَقُونَ﴾ عَطْفٌ عَلى ﴿ما لا يَخْلُقُ﴾ والضَّمِيرُ راجِعٌ إلى الشُّرَكاءِ الَّذِينَ لا يَخْلُقُونَ شَيْئًا أيْ: وهَؤُلاءِ الَّذِينَ جَعَلُوهم شُرَكاءَ مِنَ الأصْنامِ أوِ الشَّياطِينِ مَخْلُوقُونَ، وجَمْعُهم جَمْعَ العُقَلاءِ لِاعْتِقادِ مَن جَعَلَهم شُرَكاءَ أنَّهم كَذَلِكَ. ﴿ولا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ﴾ أيْ لِمَن جَعَلَهم شُرَكاءَ ﴿نَصْرًا﴾ إنْ طَلَبَهُ مِنهم ﴿ولا أنْفُسَهم يَنْصُرُونَ﴾ إنْ حَصَلَ عَلَيْهِمْ شَيْءٌ مِن جِهَةِ غَيْرِهِمْ، ومَن عَجَزَ عَنْ نَصْرِ نَفْسِهِ فَهو عَنْ نَصْرِ غَيْرِهِ أعْجَزُ. وقَدْ أخْرَجَ ابْنُ إسْحاقَ، وابْنُ جَرِيرٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، قالَ: «قالَ حَمَلُ بْنُ أبِي قَيْسٍ وشَمُولُ بْنُ زَيْدٍ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ: أخْبِرْنا مَتى السّاعَةُ إنْ كُنْتَ نَبِيًّا كَما تَقُولُ فَإنّا نَعْلَمُ ما هي ؟ فَأنْزَلَ اللَّهُ ﴿يَسْألُونَكَ عَنِ السّاعَةِ أيّانَ مُرْساها قُلْ إنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿ولَكِنَّ أكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾» . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ قَتادَةَ، ﴿أيّانَ مُرْساها﴾ أيْ مَتى قِيامُها ؟ ﴿يَسْألُونَكَ عَنِ السّاعَةِ أيّانَ مُرْساها قُلْ إنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إلّا هو﴾ قالَ: قالَتْ قُرَيْشٌ يا مُحَمَّدُ أسِرَّ إلَيْنا السّاعَةَ لِما بَيْنَنا وبَيْنَكَ مِنَ القَرابَةِ ؟ قالَ: ﴿يَسْألُونَكَ كَأنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها قُلْ إنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللَّهِ﴾ وذُكِرَ لَنا أنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ كانَ يَقُولُ: «تَهَيِجُ السّاعَةُ بِالنّاسِ والرَّجُلُ يَسْقِي عَلى ماشِيَتِهِ، والرَّجُلُ يُصْلِحُ حَوْضَهُ، والرَّجُلُ يَخْفِضُ مِيزانَهُ ويَرْفَعُهُ، والرَّجُلُ يُقِيمُ سِلْعَتَهُ في السُّوقِ، قَضاءُ اللَّهِ لا تَأْتِيكم إلّا بَغْتَةً» . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، في قَوْلِهِ: ﴿أيّانَ مُرْساها﴾ قالَ: مُنْتَهاها. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ مُجاهِدٍ ﴿لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إلّا هو﴾ يَقُولُ: لا يَأْتِي بِها إلّا اللَّهُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ قَتادَةَ، في الآيَةِ قالَ: هو يُجَلِّيها لِوَقْتِها لا يَعْلَمُ ذَلِكَ إلّا اللَّهُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، في قَوْلِهِ: ﴿ثَقُلَتْ في السَّماواتِ والأرْضِ﴾ قالَ: لَيْسَ شَيْءٌ مِنَ الخَلْقِ إلّا يُصِيبُهُ مِن ضَرَرِ يَوْمَ القِيامَةِ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ قَتادَةَ، في قَوْلِهِ: ﴿ثَقُلَتْ في السَّماواتِ والأرْضِ﴾ قالَ: ثَقُلَ عِلْمُها عَلى أهْلِ السَّماواتِ والأرْضِ يَقُولُ كَبُرَتْ عَلَيْهِمْ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ في قَوْلِهِ: ﴿ثَقُلَتْ في السَّماواتِ والأرْضِ﴾ (p-٥١٩)قالَ: إذا جاءَتِ انْشَقَّتِ السَّماءُ، وانْتَثَرَتِ النُّجُومُ، وكُوِّرَتِ الشَّمْسُ، وسُيِّرَتِ الجِبالُ، وما يُصِيبُ الأرْضَ، وكانَ ما قالَ اللَّهُ - سُبْحانَهُ - فَذَلِكَ ثِقَلُها فِيهِما. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿لا تَأْتِيكم إلّا بَغْتَةً﴾ قالَ: فَجْأةً آمِنِينَ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، والبَيْهَقِيُّ في البَعْثِ عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿كَأنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها﴾ قالَ: اسْتَحْفَيْتُ عَنْها السُّؤالَ حَتّى عَلِمْتُها. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، في قَوْلِهِ: ﴿كَأنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها﴾ يَقُولُ: كَأنَّكَ عالِمٌ بِها: أيْ لَسْتَ تَعْلَمُها. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، والبَيْهَقِيُّ عَنْهُ ﴿كَأنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها﴾ قالَ: لَطِيفٌ بِها. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ عَنْهُ أيْضًا ﴿كَأنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها﴾ يَقُولُ: كَأنَّ بَيْنَكَ وبَيْنَهم مَوَدَّةٌ كَأنَّكَ صَدِيقٌ لَهم، قالَ: لَمّا سَألَ النّاسُ مُحَمَّدًا ﷺ عَنِ السّاعَةِ سَألُوهُ سُؤالَ قَوْمٍ كَأنَّهم يُرَوْنَ أنَّ مُحَمَّدًا حَفِيٌّ بِهِمْ، فَأوْحى اللَّهُ إلَيْهِ ﴿إنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللَّهِ﴾ اسْتَأْثَرَ بِعِلْمِها فَلَمْ يُطْلِعْ مَلَكًا ولا رَسُولًا. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينارٍ قالَ: كانَ ابْنُ عَبّاسٍ، يَقْرَأُ: " كَأنَّكَ حَفِيٌّ بِها " . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ﴿قُلْ لا أمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا ولا ضَرًّا﴾ قالَ: الهُدى والضَّلالَةُ ﴿ولَوْ كُنْتُ أعْلَمُ الغَيْبَ﴾ مَتّى أمُوتُ ﴿لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الخَيْرِ﴾ قالَ: العَمَلُ الصّالِحُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، في قَوْلِهِ: ﴿ولَوْ كُنْتُ أعْلَمُ الغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الخَيْرِ﴾ قالَ: لَعَلِمْتُ إذا اشْتَرَيْتُ شَيْئًا ما أرْبَحُ فِيهِ فَلا أبِيعُ شَيْئًا لا رِبْحَ فِيهِ ﴿وما مَسَّنِيَ السُّوءُ﴾ قالَ: لاجْتَنَبْتُ ما يَكُونُ مِنَ الشَّرِّ قَبْلَ أنْ يَكُونَ. وأخْرَجَ أحْمَدُ، والتِّرْمِذِيُّ، وحَسَّنَهُ وأبُو يَعْلى، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والرُّويانِيُّ والطَّبَرانِيُّ وأبُو الشَّيْخِ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنْ سَمُرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «لَمّا ولَدَتْ حَوّاءُ طافَ بِها إبْلِيسُ، وكانَ لا يَعِيشُ لَها ولَدٌ، فَقالَ: سَمِّيهِ عَبْدَ الحارِثِ فَإنَّهُ يَعِيشُ، فَسَمَّتْهُ عَبْدَ الحارِثِ فَعاشَ، فَكانَ ذَلِكَ مِن وحْيِ الشَّيْطانِ وأمْرِهِ» . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنْ سَمُرَةَ في قَوْلِهِ: ﴿فَلَمّا آتاهُما صالِحًا جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ﴾ قالَ: سَمَّياهُ عَبْدَ الحارِثِ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ نَحْوَ حَدِيثِ سَمُرَةَ المَرْفُوعِ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ. وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، قالَ: حَمَلَتْ حَوّاءُ فَأتاها إبْلِيسُ فَقالَ: إنِّي صاحِبُكُما الَّذِي أخْرَجْتُكُما مِنَ الجَنَّةِ، لَتُطِيعِنَّنِي أوْ لَأجْعَلَنَّ لَهُ قَرْنَيْ أيَلٍ، فَيَخْرُجَ مِن بَطْنِكِ فَيَشُقَّهُ، ولَأفْعَلَنَّ ولَأفْعَلَنَّ يُخَوِّفُهُما، سَمِّياهُ عَبْدَ الحارِثِ، فَأبَيا أنْ يُطِيعاهُ فَخَرَجَ مَيِّتًا، ثُمَّ حَمَلَتْ فَأتاهُما أيْضًا فَقالَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَأبَيا أنْ يُطِيعاهُ فَخَرَجَ مَيِّتًا، ثُمَّ حَمَلَتْ فَأتاهُما فَذَكَرَ لَهُما فَأدْرَكَهُما حُبُّ الوَلَدِ فَسَمَّياهُ عَبْدَ الحارِثِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما﴾ . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ الحَسَنِ في الآيَةِ قالَ: كانَ هَذا في بَعْضِ أهْلِ المِلَلِ ولَيْسَ بِآدَمَ. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنْ سَمُرَةَ في قَوْلِهِ: ﴿حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا﴾ لَمْ يَسْتَبِنْ ﴿فَمَرَّتْ بِهِ﴾ لَمّا اسْتَبانَ حَمْلُها. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، في قَوْلِهِ: ﴿فَمَرَّتْ بِهِ﴾ قالَ: فَشَكَّتْ أحَمَلَتْ أمْ لا. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ أيُّوبَ قالَ: سُئِلَ الحَسَنُ عَنْ قَوْلِهِ: ﴿فَمَرَّتْ بِهِ﴾ قالَ: لَوْ كُنْتَ عَرَبِيًّا لَعَرَفْتَها إنَّما هي اسْتَمَرَّتْ بِالحَمْلِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، في قَوْلِهِ: ﴿حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا﴾ قالَ: هي النُّطْفَةُ ﴿فَمَرَّتْ بِهِ﴾ يَقُولُ: اسْتَمَرَّتْ بِهِ. وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، في قَوْلِهِ: ﴿فَمَرَّتْ بِهِ﴾ قالَ: فاسْتَمَرَّتْ بِهِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرانَ ﴿فَمَرَّتْ بِهِ﴾ يَقُولُ: اسْتَخَفَّتْهُ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ أبِي صالِحٍ في قَوْلِهِ: ﴿لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحًا﴾ فَقالَ: أشْفَقا أنْ يَكُونَ بَهِيمَةً، فَقالا: لَئِنْ آتَيْتَنا بَشَرًا سَوِيًّا. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ مُجاهِدٍ نَحْوَهُ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ الحَسَنِ في الآيَةِ قالَ: غُلامًا سَوِيًّا. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، في قَوْلِهِ: ﴿جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ﴾ قالَ: كانَ شَرِيكًا في طاعَةٍ ولَمْ يَكُنْ شَرِيكًا في عِبادَةٍ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْهُ قالَ: ما أشْرَكَ آدَمُ إنَّ أوَّلَها شُكْرٌ، وآخِرَها مَثَلٌ ضَرَبَهُ لِمَن بَعْدَهُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، في قَوْلِهِ: ﴿فَتَعالى اللَّهُ عَمّا يُشْرِكُونَ﴾ هَذا فَصْلٌ مِن آيَةِ آدَمَ خاصَّةً في آلِهَةِ العَرَبِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ أبِي مالِكٍ نَحْوَهُ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ الحَسَنِ في الآيَةِ قالَ: هَذا في الكُفّارِ يَدْعُونَ اللَّهَ فَإذا آتاهُما صالِحًا هَوَّدا أوْ نَصَّرا، ثُمَّ قالَ: ﴿أيُشْرِكُونَ ما لا يَخْلُقُ شَيْئًا وهم يُخْلَقُونَ﴾ يَقُولُ: يُطِيعُونَ ما لا يَخْلُقُ شَيْئًا، وهي الشَّياطِينُ لا تَخْلُقُ شَيْئًا وهي تُخْلَقُ ﴿ولا يَسْتَطِيعُونَ لَهم نَصْرًا﴾ يَقُولُ: لِمَن يَدْعُوهم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب