الباحث القرآني

قَوْلُهُ: ﴿واخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقاتِنا﴾ هَذا شُرُوعٌ في بَيانِ ما كانَ مِن مُوسى ومِنَ القَوْمُ الَّذِينَ اخْتارَهم، وسَبْعِينَ مَفْعُولُ اخْتارَ، وقَوْمَهُ مَنصُوبٌ بِنَزْعِ الخافِضِ: أيْ مِن قَوْمِهِ عَلى الحَذْفِ والإيصالِ، ومِثْلُهُ قَوْلُ الرّاعِي: ؎اخْتَرْتُكَ النّاسَ إذْ رَثَّتْ خَلائِقُهم واعْتَلَّ مَن كانَ يُرْجى عِنْدَهُ السُّولُ يُرِيدُ اخْتَرْتُكَ مِنَ النّاسِ، ومَعْنى لِمِيقاتِنا لِلْوَقْتِ الَّذِي وقَّتْناهُ لَهُ بَعْدَ أنْ وقَعَ مِن قَوْمِهِ ما وقَعَ، والمِيقاتُ الكَلامُ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ لِأنَّ اللَّهَ أمَرَهُ أنْ يَأْتِيَ إلى الطُّورِ في ناسٍ مِن بَنِي إسْرائِيلَ يَعْتَذِرُونَ إلَيْهِ سُبْحانَهُ مِن عِبادَةِ العِجْلِ كَذا قِيلَ؛ والرَّجْفَةُ في اللُّغَةِ: الزَّلْزَلَةُ الشَّدِيدَةُ، قِيلَ: إنَّهم زُلْزِلُوا حَتّى ماتُوا، فَلَمّا رَأى مُوسى أخْذَ الرَّجْفَةِ لَهم: قالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أهْلَكْتَهم مِن قَبْلُ وإيّايَ قالَهُ عَلَيْهِ السَّلامُ تَحَسُّرًا وتَلَهُّفًا، لِأنَّ سَبَبَ أخْذِ الرَّجْفَةِ لَهم ما حَكى اللَّهُ عَنْهم مِن قَوْلِهِمْ: ﴿وإذْ قُلْتُمْ يامُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتّى نَرى اللَّهَ جَهْرَةً فَأخَذَتْكُمُ الصّاعِقَةُ﴾ ( البَقَرَةِ: ٥٥ ) عَلى ما تَقَدَّمَ في البَقَرَةِ، وقِيلَ: هَؤُلاءِ السَبْعُونَ غَيْرُ مَن قالُوا ﴿أرِنا اللَّهَ جَهْرَةً﴾ ( النِّساءِ: ١٥٣ ) بَلْ أخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ، بِسَبَبِ عَدَمِ انْتِهائِهِمْ عَنْ عِبادَةِ العِجْلِ؛ وقِيلَ: إنَّهم قَوْمٌ لَمْ يَرْضَوْا بِعِبادَةِ العِجْلِ ولا نَهَوُا السّامِرِيَّ ومَن مَعَهُ عَنْ عِبادَتِهِ، فَأخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ بِسَبَبِ سُكُوتِهِمْ والمَعْنى لَوْ شِئْتَ إهْلاكَنا لَأهْلَكْتَنا بِذُنُوبِنا قَبْلَ هَذا الوَقْتِ اعْتِرافًا مِنهُ عَلَيْهِ السَّلامُ بِالذَّنْبِ، وتَلَهُّفًا عَلى ما فَرَطَ مِن قَوْمِهِ والِاسْتِفْهامُ في قَوْلِهِ: أتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنّا لِلْجَحْدِ: أيْ لَسْتَ مِمَّنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ، قالَهُ ثِقَةً مِنهُ بِرَحْمَةِ اللَّهِ، والمَقْصُودُ مِنهُ الِاسْتِعْطافُ والتَّضَرُّعُ، وقِيلَ: مَعْناهُ الدُّعاءُ والطَّلَبُ: أيْ لا تُهْلِكْنا. قالَ المُبَرِّدُ: المُرادُ بِالِاسْتِفْهامِ اسْتِفْهامُ الإعْظامِ كَأنَّهُ يَقُولُ: وقَدْ عَلِمَ مُوسى أنَّهُ لا يَهْلِكُ أحَدٌ بِذَنْبِ غَيْرِهِ، ولَكِنَّهُ كَقَوْلِ عِيسى: ﴿إنْ تُعَذِّبْهم فَإنَّهم عِبادُكَ﴾، وقِيلَ: المُرادُ بِالسُّفَهاءِ: السَّبْعُونَ، والمَعْنى: أتُهْلِكُ بَنِي إسْرائِيلَ بِما فَعَلَ هَؤُلاءِ السُّفَهاءُ في قَوْلِهِمْ: ﴿أرِنا اللَّهَ جَهْرَةً﴾ ( النِّساءِ: ١٥٣ )، وقِيلَ: المُرادُ بِهِمُ: السّامِرِيُّ وأصْحابُهُ. قَوْلُهُ: ﴿إنْ هي إلّا فِتْنَتُكَ﴾ أيْ: ما الفِتْنَةُ الَّتِي وقَعَ فِيها هَؤُلاءِ السُّفَهاءُ إلّا فِتْنَتُكَ الَّتِي تَخْتَبِرُ بِها مَن شِئْتَ وتَمْتَحِنُ بِها مَن أرَدْتَ، ولَعَلَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ اسْتَفادَ هَذا مِن قَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿فَإنّا قَدْ فَتَنّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ﴾ ( طه: ٨٥ ) ﴿تُضِلُّ بِها مَن تَشاءُ وتَهْدِي مَن تَشاءُ﴾ أيْ تُضِلُّ بِهَذِهِ الفِتْنَةِ مَن تَشاءُ مِن عِبادِكَ وتَهْدِي بِها مَن تَشاءُ مِنهم، ومِثْلُهُ: ﴿لِيَبْلُوَكم أيُّكم أحْسَنُ عَمَلًا﴾ ( هُودٍ: ٧ )، ثُمَّ رَجَعَ إلى الِاسْتِعْطافِ والدُّعاءِ فَقالَ: ﴿أنْتَ ولِيُّنا﴾ أيِ المُتَوَلِّي لِأُمُورِنا ﴿فاغْفِرْ لَنا﴾ ما أذْنَبْناهُ ﴿وارْحَمْنا﴾ بِرَحْمَتِكَ الَّتِي وسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ﴿وأنْتَ خَيْرُ الغافِرِينَ﴾ لِلذُّنُوبِ. ﴿واكْتُبْ لَنا في هَذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةً﴾ بِتَوْفِيقِنا لِلْأعْمالِ الصّالِحَةِ، أوْ تَفَضَّلْ عَلَيْنا بِإفاضَةِ النِّعَمِ في هَذِهِ الدُّنْيا مِنَ العافِيَةِ وسَعَةِ الرِّزْقِ وفي الآخِرَةِ أيْ واكْتُبْ لَنا في الآخِرَةِ الجَنَّةَ بِما تُجازِينا بِهِ أوْ بِما تَتَفَضَّلُ بِهِ عَلَيْنا (p-٥٠٤)مِنَ النَّعِيمِ في الآخِرَةِ، وجُمْلَةُ ﴿إنّا هُدْنا إلَيْكَ﴾ تَعْلِيلٌ لِما قَبْلَها مِن سُؤالِ المَغْفِرَةِ والرَّحْمَةِ والحَسَنَةِ في الدُّنْيا وفي الآخِرَةِ، أيْ إنّا تُبْنا إلَيْكَ ورَجَعْنا عَنِ الغَوايَةِ الَّتِي وقَعَتْ مِن بَنِي إسْرائِيلَ. والهَوْدُ: التَّوْبَةُ. وقَدْ تَقَدَّمَ في البَقَرَةِ، وجُمْلَةُ ﴿قالَ عَذابِي أُصِيبُ بِهِ مَن أشاءُ﴾ مُسْتَأْنَفَةٌ كَنَظائِرِها فِيما تَقَدَّمَ، قِيلَ: المُرادُ بِالعَذابِ هُنا: الرَّجْفَةُ: وقِيلَ: أمْرُهُ سُبْحانَهُ لَهم بِأنْ يَقْتُلُوا أنْفُسَهم: أيْ لَيْسَ هَذا إلَيْكَ يا مُوسى، بَلْ ما شِئْتُ كانَ، وما لَمْ أشَأْ لَمْ يَكُنْ. والظّاهِرُ أنَّ العَذابَ هُنا يَنْدَرِجُ تَحْتَهُ كُلُّ عَذابٍ ويَدْخُلُ فِيهِ عَذابُ هَؤُلاءِ دُخُولًا أوَّلِيًّا، وقِيلَ: المُرادُ مَن أشاءُ مِنَ المُسْتَحِقِّينَ لِلْعَذابِ أوْ مَن أشاءُ أنْ أُضِلَّهُ وأسْلُبَهُ التَّوْفِيقَ ﴿ورَحْمَتِي وسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾ مِنَ الأشْياءِ مِنَ المُكَلَّفِينَ وغَيْرِهِمْ، ثُمَّ أخْبَرَ سُبْحانَهُ أنَّهُ سَيَكْتُبُ هَذِهِ الرَّحْمَةَ الواسِعَةَ ﴿لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ﴾ الذُّنُوبَ ﴿ويُؤْتُونَ الزَّكاةَ﴾ المَفْرُوضَةَ عَلَيْهِمْ ﴿والَّذِينَ هم بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ﴾ أيْ يُصَدِّقُونَ بِها ويُذْعِنُونَ لَها. ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحانَهُ هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَتَبَ لَهم هَذِهِ الرَّحْمَةَ بِبَيانٍ أوْضَحَ مِمّا قَبْلَهُ وأصْرَحَ فَقالَ: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ﴾ وهو مُحَمَّدٌ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، فَخَرَجَتِ اليَهُودُ والنَّصارى وسائِرُ المِلَلِ. والأُمِّيُّ: إمّا نِسْبَةٌ إلى الأُمَّةِ الأُمِّيَّةِ الَّتِي لا تَكْتُبُ ولا تَحْسِبُ: وهُمُ العَرَبُ، أوْ نِسْبَةٌ إلى الأُمِّ. والمَعْنى أنَّهُ باقٍ عَلى حالَتِهِ الَّتِي وُلِدَ عَلَيْها لا يَكْتُبُ ولا يَقْرَأُ المَكْتُوبَ، وقِيلَ: نِسْبَةٌ إلى أُمِّ القُرى، وهي مَكَّةُ ﴿الَّذِي يَجِدُونَهُ﴾ يَعْنِي اليَهُودَ والنَّصارى: أيْ يَجِدُونَ نَعْتَهُ ﴿مَكْتُوبًا عِنْدَهم في التَّوْراةِ والإنْجِيلِ﴾ وهُما مَرْجِعُهم في الدِّينِ، وهَذا الكَلامُ مِنهُ سُبْحانَهُ مَعَ مُوسى قَبْلَ نُزُولِ الإنْجِيلِ فَهو مِن بابِ الإخْبارِ بِما سَيَكُونُ، ثُمَّ وصَفَ هَذا النَّبِيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ كَذَلِكَ بِأنَّهُ يَأْمُرُ بِالمَعْرُوفِ: أيْ بِكُلِّ ما تَعْرِفُهُ القُلُوبُ ولا تُنْكِرُهُ مِنَ الأشْياءِ الَّتِي هي مِن مَكارِمِ الأخْلاقِ ﴿ويَنْهاهم عَنِ المُنْكَرِ﴾ أيْ ما تُنْكِرُهُ القُلُوبُ ولا تَعْرِفُهُ، وهو ما كانَ مِن مَساوِئِ الأخْلاقِ، قِيلَ: إنَّ قَوْلَهُ: ﴿يَأْمُرُهم بِالمَعْرُوفِ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿أُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ﴾ كَلامٌ يَتَضَمَّنُ تَفْصِيلَ أحْكامِ الرَّحْمَةِ الَّتِي وعَدَ بِها. ذَكَرَ مَعْناهُ الزَّجّاجُ، وقِيلَ: هو في مَحَلِّ نَصْبٍ عَلى الحالِ مِنَ النَّبِيِّ، وقِيلَ: هو مُفَسِّرٌ لِقَوْلِهِ: مَكْتُوبًا. قَوْلُهُ: يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ أيِ المُسْتَلَذّاتِ وقِيلَ: يُحِلُّ لَهم ما حُرِّمَ عَلَيْهِمْ مِنَ الأشْياءِ الَّتِي حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ بِسَبَبِ ذُنُوبِهِمْ ويُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخَبائِثَ أيِ المُسْتَخْبَثاتِ كالحَشَراتِ والخَنازِيرِ ويَضَعُ عَنْهم إصْرَهم الإصْرُ الثِّقَلُ: أيْ يَضَعُ عَنْهُمُ التَّكالِيفَ الشّاقَّةَ الثَّقِيلَةَ. وقَدْ تَقَدَّمَ بَيانُهُ في البَقَرَةِ والأغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ أيْ ويَضَعُ عَنْهُمُ الأغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمُ، الأغْلالُ مُسْتَعارَةٌ لِلتَّكالِيفِ الشّاقَّةِ الَّتِي كانُوا قَدْ كُلِّفُوها فالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ أيْ بِمُحَمَّدٍ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - واتَّبَعُوهُ فِيما جاءَ بِهِ مِنَ الشَّرائِعِ وعَزَّرُوهُ أيْ عَظَّمُوهُ ووَقَّرُوهُ، قالَهُ الأخْفَشُ، وقِيلَ: مَعْناهُ مَنَعُوهُ مِن عَدُوِّهِ، وأصْلُ العَزْرِ: المَنعُ، وقَرَأ الجَحْدَرِيُّ " وعَزَرُوهُ بِالتَّخْفِيفِ ونَصَرُوهُ أيْ قامُوا بِنَصْرِهِ عَلى مَن يُعادِيهِ واتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أيِ اتَّبَعُوا القُرْآنَ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَعَ نُبُوَّتِهِ، وقِيلَ: المَعْنى: واتَّبَعُوا القُرْآنَ المُنَزَّلَ إلَيْهِ مَعَ اتِّباعِهِ بِالعَمَلِ بِسُنَّتِهِ مِمّا يَأْمُرُ بِهِ ويَنْهى عَنْهُ، أوِ اتَّبَعُوا القُرْآنَ مُصاحِبِينَ لَهُ في اتِّباعِهِ، والإشارَةُ بِـ أُولَئِكَ إلى المُتَّصِفِينَ بِهَذِهِ الأوْصافِ هُمُ المُفْلِحُونَ الفائِزُونَ بِالخَيْرِ والفَلاحِ لا غَيْرُهم مِنَ الأُمَمِ. وقَدْ أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، في قَوْلِهِ: ﴿واخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ﴾ الآيَةَ قالَ: كانَ اللَّهُ أمَرَهُ أنْ يَخْتارَ مِن قَوْمِهِ سَبْعِينَ رَجُلًا، فاخْتارَ سَبْعِينَ رَجُلًا فَبَرَزَ بِهِمْ لِيَدْعُوا رَبَّهم، فَكانَ فِيما دَعَوُا اللَّهَ أنْ قالُوا: اللَّهُمَّ أعْطِنا ما لَمْ تُعْطِ أحَدًا مِن قَبْلِنا ولا تُعْطِهِ أحَدًا بَعْدَنا، فَكَرِهَ اللَّهُ ذَلِكَ مِن دُعائِهِمْ فَأخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قالَ مُوسى ﴿رَبِّ لَوْ شِئْتَ أهْلَكْتَهم مِن قَبْلُ وإيّايَ أتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنّا إنْ هي إلّا فِتْنَتُكَ﴾ يَقُولُ: إنْ هي إلّا عَذابُكَ تُصِيبُ بِهِ مَن تَشاءُ وتَصْرِفُهُ عَمَّنْ تَشاءُ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ مُجاهِدٍ لِمِيقاتِنا قالَ: لِتَمامِ المَوْعِدِ وفي قَوْلِهِ: فَلَمّا أخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قالَ: ماتُوا ثُمَّ أحْياهم. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ أبِي العالِيَةِ في قَوْلِهِ: إنْ هي إلّا فِتْنَتُكَ قالَ: بَلِيَّتُكَ. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، إنْ هي إلّا فِتْنَتُكَ قالَ: مَشِيئَتُكَ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، قالَ: إنَّ السَّبْعِينَ الَّذِينَ اخْتارَهم مُوسى مِن قَوْمِهِ، إنَّما أخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ، لِأنَّهم لَمْ يَرْضَوْا بِالعَمَلِ ولَمْ يَنْهَوْا عَنْهُ. وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، عَنْهُ في قَوْلِهِ: واكْتُبْ لَنا في هَذِهِ حَسَنَةً وفي الآخِرَةِ فَلَمْ يُعْطِها مُوسى قالَ عَذابِي أُصِيبُ بِهِ مَن أشاءُ إلى قَوْلِهِ: المُفْلِحُونَ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ في قَوْلِهِ: ﴿واكْتُبْ لَنا في هَذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةً وفي الآخِرَةِ﴾ قالَ: فَكَتَبَ الرَّحْمَةَ يَوْمئِذٍ لِهَذِهِ الأُمَّةِ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، مِن طُرُقٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، في قَوْلِهِ: ﴿إنّا هُدْنا إلَيْكَ﴾ قالَ: تُبْنا إلَيْكَ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، مِثْلَهُ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ أبِي وجْزَةَ السَّعْدِيِّ، وكانَ مِن أعْلَمِ النّاسِ بِالعَرَبِيَّةِ قالَ: لا واللَّهِ ما أعْلَمُها في كَلامِ العَرَبِ هُدْنا؛ قِيلَ: فَكَيْفَ قالَ هِدْنا بِكَسْرِ الهاءِ، يَقُولُ: مِلْنا. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وأحْمَدُ في الزُّهْدِ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ الحَسَنِ وقَتادَةَ، في قَوْلِهِ: ورَحْمَتِي وسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ قالَ: وسِعَتْ رَحْمَتُهُ في الدُّنْيا البَرَّ والفاجِرَ، وهي يَوْمَ القِيامَةِ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا خاصَّةً. وأخْرَجَ مُسْلِمٌ وغَيْرُهُ عَنْ سَلْمانَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - قالَ: «إنَّ لِلَّهِ مِائَةَ رَحْمَةٍ، فَمِنها رَحْمَةٌ يَتَراحَمُ بِها الخَلْقُ، وبِها تَعْطِفُ الوُحُوشُ عَلى أوْلادِها، وأخَّرَ تِسْعَةً وتِسْعِينَ إلى يَوْمِ القِيامَةِ» . وأخْرَجَ نَحْوَهُ أحْمَدُ، وأبُو داوُدَ، والطَّبَرانِيُّ، والحاكِمُ، والضِّياءُ المَقْدِسِيُّ مِن حَدِيثِ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ البَجَلِيِّ. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنِ السُّدِّيِّ، قالَ: لَمّا (p-٥٠٥)نَزَلَتْ ﴿ورَحْمَتِي وسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾ قالَ إبْلِيسُ: وأنا مِنَ الشَّيْءِ، فَنَسَخَها اللَّهُ، فَنَزَلَتْ ﴿فَسَأكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ﴾ إلى آخَرِ الآيَةِ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قالَ: لَمّا نَزَلَتْ ﴿ورَحْمَتِي وسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾ قالَ إبْلِيسُ: أنا مِنَ الشَّيْءِ، قالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿فَسَأكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ويُؤْتُونَ الزَّكاةَ﴾ قالَتِ اليَهُودُ: فَنَحْنُ نَتَّقِي ونُؤْتِي الزَّكاةَ، قالَ اللَّهُ: الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ فَعَزَلَها اللَّهُ عَنْ إبْلِيسَ وعَنِ اليَهُودِ، وجَعَلَها لِأمَةِ مُحَمَّدٍ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ قَتادَةَ، نَحْوَهُ. وأخْرَجَ البَزّارُ، في مُسْنَدِهِ وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، قالَ: سَألَ مُوسى رَبَّهُ مَسْألَةً فَأعْطاها مُحَمَّدًا - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - . قَوْلُهُ: ﴿واخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿فَسَأكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ﴾ فَأعْطى مُحَمَّدًا كُلَّ شَيْءٍ سَألَ مُوسى رَبَّهُ في هَذِهِ الآيَةِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنْهُ في قَوْلِهِ: فَسَأكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ قالَ: كَتَبَها اللَّهُ لِهَذِهِ الأُمَّةِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْهُ في الآيَةِ قالَ: يَتَّقُونَ الشِّرْكَ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ النَّخَعِيِّ في قَوْلِهِ: ﴿النَّبِيَّ الأُمِّيَّ﴾ قالَ: كانَ لا يَقْرَأُ ولا يَكْتُبُ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ قَتادَةَ، في الآيَةِ قالَ: هو نَبِيُّكم - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - كانَ أُمِيًّا لا يَكْتُبُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ قَتادَةَ، في قَوْلِهِ: الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهم قالَ: يَجِدُونَ نَعْتَهُ وأمْرَهُ ونُبُوَّتَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهم. وأخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ، والبُخارِيُّ، وابْنُ جَرِيرٍ، والبَيْهَقِيُّ في الدَّلائِلِ «عَنْ عَطاءِ بْنِ يَسارٍ قالَ: لَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ العاصِ، فَقُلْتُ لَهُ: أخْبَرَنِي عَنْ صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -، قالَ: أجَلْ واللَّهِ إنَّهُ لَمَوْصُوفٌ في التَّوْراةِ بِبَعْضِ صِفَتِهِ في القُرْآنِ: يا أيُّها النَّبِيُّ إنّا أرْسَلْناكَ شاهِدًا ومُبَشِّرًا ونَذِيرًا، وحِرْزًا لِلْأُمِّيِّينَ، أنْتَ عَبْدِي ورَسُولِي، سَمَّيْتُكَ المُتَوَكِّلَ، لَيْسَ بِفَظٍّ ولا غَلِيظٍ ولا صَخّابٍ في الأسْواقِ ولا تَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ، ولَكِنْ تَعْفُو وتَصْفَحُ، ولَنْ يَقْبِضَهُ اللَّهُ حَتّى يُقِيمَ بِهِ المِلَّةَ العَوْجاءَ بِأنْ يَقُولُوا لا إلَهَ إلّا اللَّهُ، ويَفْتَحَ بِهِ أعْيُنًا عُمْيًا وآذانًا صُمًّا وقُلُوبًا غُلْفًا» . وأخْرَجَ ابْنُ سَعِيدٍ والدّارِمِيُّ، في مُسْنَدِهِ والبَيْهَقِيُّ في الدَّلائِلِ وابْنُ عَساكِرَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ مِثْلَهُ. وقَدْ رُوِيَ نَحْوُ هَذا مَعَ اخْتِلافٍ في بَعْضِ الألْفاظِ، وزِيادَةٍ في بَعْضٍ، ونَقْصٍ في بَعْضٍ عَنْ جَماعَةٍ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ في قَوْلِهِ: ﴿ويُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ﴾ قالَ: الحَلالُ ﴿ويَضَعُ عَنْهم إصْرَهم والأغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ﴾ قالَ: التَّثْقِيلُ الَّذِي كانَ في دِينِهِمْ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ في سُنَنِهِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، في قَوْلِهِ: ﴿ويُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخَبائِثَ﴾ قالَ: كَلَحْمِ الخِنْزِيرِ والرِّبا وما كانُوا يَسْتَحِلُّونَهُ مِنَ المُحَرَّماتِ مِنَ المَآكِلِ الَّتِي حَرَّمَها اللَّهُ، وفي قَوْلِهِ: ﴿ويَضَعُ عَنْهم إصْرَهم والأغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ﴾ قالَ: هو ما كانَ اللَّهُ أخَذَ عَلَيْهِمْ مِنَ المِيثاقِ فِيما حَرَّمَ عَلَيْهِمْ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، في قَوْلِهِ: ﴿ويَضَعُ عَنْهم إصْرَهُمْ﴾ قالَ: ما غَلَّظَ عَلى بَنِي إسْرائِيلَ مِن قَرْضِ البَوْلِ مِن جُلُودِهِمْ إذا أصابَهم ونَحْوَهُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، في قَوْلِهِ: ﴿وعَزَّرُوهُ﴾ يَعْنِي: عَظَّمُوهُ ووَقَّرُوهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب