الباحث القرآني
قَوْلُهُ: ﴿واتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى مِن بَعْدِهِ﴾ أيْ مِن بَعْدِ خُرُوجِهِ إلى الطُّورِ مِن حُلِيِّهِمْ مُتَعَلِّقٌ بِاتَخَذَ أوْ بِمَحْذُوفٍ (p-٥٠١)وقَعَ حالًا، ومِن لِلتَّبْعِيضِ، أوْ لِلِابْتِداءِ، أوْ لِلْبَيانِ، والحُلِيُّ جَمْعُ حَلْيٍ.
وقَرَأ أهْلُ المَدِينَةِ وأهْلُ البَصْرَةِ مِن حُلِيِّهِمْ بِضَمِّ الحاءِ وتَشْدِيدِ الياءِ.
وقَرَأ أهْلُ الكُوفَةِ إلّا عاصِمًا بِكَسْرِ الحاءِ.
وقَرَأ يَعْقُوبُ بِفَتْحِ الحاءِ وتَخْفِيفِ الياءِ.
قالَ النَّحّاسُ: جَمْعُ حَلْيٍ: حُلِيٌّ وحِلِيٌّ مِثْلُ ثَدْيٍ: ثَدِيٌّ وثِدِيٌّ، والأصْلُ حَلْوِي أُدْغِمَتِ الواوُ في الياءِ فانْكَسَرَتِ اللّامُ لِمُجاوَرَتِها الياءَ وتُكْسَرُ الحاءُ لِكَسْرَةِ اللّامِ وضَمُّها عَلى الأصْلِ، وأُضِيفَتْ الحُلِيُّ إلَيْهِمْ وإنْ كانَتْ لِغَيْرِهِمْ لِأنَّ الإضافَةَ تَجُوزُ لِأدْنى مُلابَسَةٍ، وعِجْلًا مَفْعُولُ اتَّخَذَ، وقِيلَ: هو بِمَعْنى التَّصْيِيرِ فَيَتَعَدّى إلى مَفْعُولَيْنِ ثانِيهِما مَحْذُوفٌ: أيِ اتَّخَذُوا عِجْلًا إلَهًا، وجَسَدًا بَدَلٌ مِن عِجْلًا، وقِيلَ: وصْفٌ لَهُ، والخُوارُ الصِّياحُ: يُقالُ: خارَ يَخُورُ خَوْرًا إذا صاحَ، وكَذَلِكَ خارَ يُخارُ خُوارًا.
ونُسِبَ اتِّخاذُ العِجْلِ إلى القَوْمِ جَمِيعًا مَعَ أنَّهُ اتَّخَذَهُ السّامِرِيُّ وحْدَهُ لِكَوْنِهِ واحِدًا مِنهم وهم راضُونَ بِفِعْلِهِ.
رُوِيَ أنَّهُ لَمّا وعَدَ مُوسى قَوْمَهُ ثَلاثِينَ لَيْلَةً فَأبْطَأ عَلَيْهِمْ في العَشْرِ المَزِيدَةِ، قالَ السّامِرِيُّ لِبَنِي إسْرائِيلَ وكانَ مُطاعًا فِيهِمْ: إنَّ مَعَكم حُلِيًّا مِن حُلِيٍّ آلِ فِرْعَوْنَ الَّذِي اسْتَعَرْتُمُوهُ مِنهم لِتَتَزَيَّنُوا بِهِ في العِيدِ وخَرَجْتُمْ وهو مَعَكم، وقَدْ أغْرَقَ اللَّهُ أهْلَهُ مِنَ القِبْطِ فَهاتُوها، فَدَفَعُوها إلَيْهِ فاتَّخَذَ مِنها العِجْلَ المَذْكُورَ.
قَوْلُهُ: ﴿ألَمْ يَرَوْا أنَّهُ لا يُكَلِّمُهم﴾ الِاسْتِفْهامُ لِلتَّقْرِيعِ والتَّوْبِيخِ: أيْ ألَمْ يَعْتَبِرُوا بِأنَّ هَذا الَّذِي اتَّخَذُوهُ إلَهًا لا يَقْدِرُ عَلى تَكْلِيمِهِمْ فَضْلًا عَنْ أنْ يَقْدِرَ عَلى جَلْبِ نَفْعٍ لَهم أوْ دَفْعِ ضُرٍّ مِنهم ولا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا أيْ طَرِيقًا واضِحَةً يَسْلُكُونَها اتَّخَذُوهُ وكانُوا ظالِمِينَ أيِ اتَّخَذُوهُ إلَهًا وكانُوا ظالِمِينَ لِأنْفُسِهِمْ في اتِّخاذِهِ أوْ في كُلِّ شَيْءٍ، ومِن جُمْلَةِ ذَلِكَ هَذا الِاتِّخاذُ.
قَوْلُهُ: ﴿ولَمّا سُقِطَ في أيْدِيهِمْ﴾ أيْ نَدِمُوا وتَحَيَّرُوا بَعْدَ عَوْدِ مُوسى مِنَ المِيقاتِ، يُقالُ لِلنّادِمِ المُتَحَيِّرِ: قَدْ سُقِطَ في يَدِهِ.
قالَ الأخْفَشُ: يُقالُ: سُقِطَ في يَدِهِ وأُسْقِطَ، ومَن قالَ: سَقَطَ في أيْدِيهِمْ عَلى البِناءِ لِلْفاعِلِ فالمَعْنى عِنْدَهُ: سَقَطَ النَّدَمُ وأصْلُهُ أنَّ مِن شَأْنِ مَنِ اشْتَدَّ نَدَمُهُ وحَسْرَتُهُ أنْ يَعَضَّ يَدَهُ غَمًّا فَتَصِيرُ يَدُهُ مَسْقُوطًا فِيها، لِأنَّ فاهُ قَدْ وقَعَ فِيها.
وقالَ الأزْهَرِيُّ والزَّجّاجُ والنَّحّاسُ، وغَيْرُهم: مَعْنى سُقِطَ في أيْدِيهِمْ: أيْ في قُلُوبِهِمْ وأنْفُسِهِمْ كَما يُقالُ: حَصَلَ في يَدِهِ مَكْرُوهٌ، وإنْ كانَ مُحالًا أنْ يَكُونَ في اليَدِ تَشْبِيهًا لِما يَحْصُلُ في القَلْبِ والنَّفْسِ بِما يَحْصُلُ في اليَدِ، لِأنَّ مُباشَرَةَ الأشْياءِ في الغالِبِ بِاليَدِ، قالَ اللَّهُ تَعالى: ذَلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ ( الحَجِّ: ١٠ ) وأيْضًا النَّدَمُ وإنْ حَلَّ القَلْبَ فَأثَرُهُ يَظْهَرُ في البَدَنِ، لِأنَّ النّادِمَ يَعَضُّ يَدَهُ ويَضْرِبُ إحْدى يَدَيْهِ عَلى الأُخْرى، قالَ اللَّهُ تَعالى: فَأصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلى ما أنْفَقَ فِيها ( الكَهْفِ: ٤٢ ) ومِنهُ ويَوْمَ يَعَضُّ الظّالِمُ عَلى يَدَيْهِ ( الفَرْقانِ: ٢٧ ) أيْ مِنَ النَّدَمِ وأيْضًا النّادِمُ يَضَعُ ذَقَنَهُ في يَدِهِ، ورَأوْا أنَّهم قَدْ ضَلُّوا مَعْطُوفٌ عَلى سُقِطَ: أيْ تَبَيَّنُوا أنَّهم قَدْ ضَلُّوا بِاتِّخاذِهِمُ العِجْلَ وأنَّهم قَدِ ابْتُلُوا بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ سُبْحانَهُ قالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنا رَبُّنا ويَغْفِرْ لَنا قَرَأ حَمْزَةُ والكِسائِيُّ بِالفَوْقِيَّةِ في الفِعْلَيْنِ جَمِيعًا، وقَرَأ الباقُونَ بِالتَّحْتِيَّةِ واللّامُ لِلْقَسَمِ وجَوابُهُ لَنَكُونَنَّ مِنَ الخاسِرِينَ.
وفِي هَذا الكَلامِ مِنهم ما يُفِيدُ الِاسْتِغاثَةَ بِاللَّهِ والتَّضَرُّعَ والِابْتِهالَ في السُّؤالِ، وسَيَأْتِي في سُورَةِ طه إنْ شاءَ اللَّهُ ما يَدُلُّ عَلى أنَّ هَذا الكَلامَ المَحْكِيَّ عَنْهم هُنا وقَعَ بَعْدَ رُجُوعِ مُوسى، وإنَّما قَدَّمَ هُنا عَلى رُجُوعِهِ لِقَصْدِ حِكايَةِ ما صَدَرَ عَنْهم مِنَ القَوْلِ والفِعْلِ في مَوْضِعٍ واحِدٍ.
قَوْلُهُ: ﴿ولَمّا رَجَعَ مُوسى إلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أسِفًا﴾ هَذا بَيانٌ لِما وقَعَ مِن مُوسى بَعْدَ رُجُوعِهِ، وانْتِصابُ غَضْبانَ وأسِفًا عَلى الحالِ، والأسِفُ شَدِيدُ الغَضَبِ.
قِيلَ: هو مَنزِلَةٌ وراءَ الغَضَبِ أشَدُّ مِنهُ، وهو أسِفٌ وأسِيفٌ وأسْفانُ وأسُوفٌ، قالَ ابْنُ جَرِيرٍ، الطَّبَرِيُّ: أخْبَرَهُ اللَّهُ قَبْلَ رُجُوعِهِ بِأنَّهم قَدْ فُتِنُوا، فَلِذَلِكَ رَجَعَ وهو غَضْبانُ أسِفًا قالَ بِئْسَما خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِي هَذا ذَمٌّ مِن مُوسى لِقَوْمِهِ: أيْ بِئْسَ العَمَلُ ما عَمِلْتُمُوهُ مِن بَعْدِي: أيْ مِن بَعْدِ غَيْبَتِي عَنْكم، يُقالُ: خَلَفَهُ بِخَيْرٍ وخَلَفَهُ بِشَرٍّ، اسْتَنْكَرَ عَلَيْهِمْ ما فَعَلُوهُ وذَمَّهم لِكَوْنِهِمْ قَدْ شاهَدُوا مِنَ الآياتِ ما يُوجِبُ بَعْضُهُ الِانْزِجارَ والإيمانَ بِاللَّهِ وحْدَهُ، ولَكِنَّ هَذا شَأْنُ بَنِي إسْرائِيلَ في تَلَوُّنِ حالِهِمْ واضْطِرابِ أفْعالِهِمْ، ثُمَّ قالَ مُنْكِرًا عَلَيْهِمْ: أعَجِلْتُمْ أمْرَ رَبِّكم والعَجَلَةُ: التَّقَدُّمُ بِالشَّيْءِ قَبْلَ وقْتِهِ، يُقالُ: عَجِلْتُ الشَّيْءَ سَبَقْتُهُ، وأعْجَلْتُ الرَّجُلَ حَمَلْتُهُ عَلى العَجَلَةِ، والمَعْنى: أعْجِلْتُمْ عَنِ انْتِظارِ أمْرِ رَبِّكم: أيْ مِيعادِهِ الَّذِي وعَدَنِيهِ، وهو الأرْبَعُونَ فَفَعَلْتُمْ ما فَعَلْتُمْ، وقِيلَ: مَعْناهُ: تَعَجَّلْتُمْ سُخْطَ رَبِّكم، وقِيلَ: مَعْناهُ: أعْجِلْتُمْ بِعِبادَةِ العِجْلِ قَبْلَ أنْ يَأْتِيَكم أمْرُ رَبِّكم وألْقى الألْواحَ أيْ طَرَحَها لِما اعْتَراهُ مِن شِدَّةِ الغَضَبِ والأسَفِ حِينَ أشْرَفَ عَلى قَوْمِهِ وهم عاكِفُونَ عَلى عِبادَةِ العِجْلِ.
قَوْلُهُ: ﴿وأخَذَ بِرَأْسِ أخِيهِ يَجُرُّهُ إلَيْهِ﴾ أيْ أخَذَ بِرَأْسِ أخِيهِ هارُونَ أوْ بِشَعْرِ رَأْسِهِ حالَ كَوْنِهِ يَجُرُّهُ إلَيْهِ: فَعَلَ بِهِ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ لَمْ يُنْكِرْ عَلى السّامِرِيِّ ولا غَيْرِهِ ما رَآهُ مِن عِبادَةِ بَنِي إسْرائِيلَ لِلْعِجْلِ فَقالَ هارُونُ مُعْتَذِرًا مِنهُ: ابْنَ أُمَّ إنَّ القَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وكادُوا يَقْتُلُونَنِي أيْ إنِّي لَمْ أُطِقْ تَغْيِيرَ ما فَعَلُوهُ لِهَذَيْنِ الأمْرَيْنِ: اسْتِضْعافُهم لِي، ومُقارَبَتُهم لِقَتْلِي، وإنَّما قالَ ابْنَ أُمَّ مَعَ كَوْنِهِ أخاهُ مِن أبِيهِ وأُمِّهِ، لِأنَّها كَلِمَةُ لِينٍ وعَطْفٍ، ولِأنَّها كانَتْ كَما قِيلَ: مُؤْمِنَةً.
وقالَ الزَّجّاجُ: قِيلَ: كانَ هارُونُ أخا مُوسى لِأُمِّهِ لا لِأبِيهِ.
قُرِئَ ابْنَ أُمَّ بِفَتْحِ المِيمِ تَشْبِيهًا لَهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ، فَصارَ كَقَوْلِكَ: يا خَمْسَةَ عَشَرَ أقْبِلُوا.
وقالَ الكِسائِيُّ والفَرّاءُ واَبُو عُبَيْدٍ: إنَّ الفَتْحَ عَلى تَقْدِيرِ يا بْنَ أُمّا.
وقالَ البَصْرِيُّونَ هَذا القَوْلُ خَطَأٌ: لِأنَّ الألِفَ خَفِيفَةٌ لا تُحْذَفُ، ولَكِنَّ جَعْلَ الِاسْمَيْنِ اسْمًا واحِدًا كَخَمْسَةَ عَشَرَ، واخْتارَهُ الزَّجّاجُ والنَّحّاسُ، .
وأمّا مَن قَرَأ بِكَسْرِ المِيمِ فَهو عَلى تَقْدِيرِ ابْنَ أُمِّي، ثُمَّ حُذِفَتِ الياءُ وأُبْقِيَتِ الكَسْرَةُ لِتَدُلَّ عَلَيْها.
وقالَ الأخْفَشُ وأبُو حاتِمٍ،: " ابْنَ أُمِّ بِالكَسْرِ كَما تَقُولُ: يا غُلامِ أقْبِلْ، وهي لُغَةٌ شاذَّةٌ والقِراءَةُ بِها بَعِيدَةٌ، وإنَّما هَذا فِيما يَكُونُ مُضافًا إلَيْكَ.
وقُرِئَ " ابْنَ أُمِّي " بِإثْباتِ الياءِ.
قَوْلُهُ: ﴿فَلا تُشْمِتْ بِيَ الأعْداءَ﴾ الشَّماتَةُ: السُّرُورُ مِنَ الأعْداءِ بِما يُصِيبُ مَن يُعادُونَهُ مِنَ المَصائِبِ، ومِنهُ قَوْلُهُ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -: «اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِن سُوءِ (p-٥٠٢)القَضاءِ ودَرْكِ الشَّقاءِ وجَهْدِ البَلاءِ وشَماتَةِ الأعْداءِ» وهو في الصَّحِيحِ، ومِنهُ قَوْلُ الشّاعِرِ:
؎إذا ما الدَّهْرُ جَرَّ عَلى أُناسٍ كَلاكِلَهُ أناخَ بِآخَرِينا
؎فَقُلْ لِلشّامِتِينَ بِنا أفِيقُوا ∗∗∗ سَيَلْقى الشّامِتُونَ كَما لَقِينا
والمَعْنى: لا تَفْعَلْ بِي ما يَكُونُ سَبَبًا لِلشَّماتَةِ مِنهم.
وقَرَأ مُجاهِدٌ ومالِكُ بْنُ دِينارٍ " فَلا تَشْمَتْ بِيَ الأعْداءُ " بِفَتْحِ حَرْفِ المُضارَعَةِ وفَتْحِ المِيمِ ورَفْعِ الأعْداءِ عَلى أنَّ الفِعْلَ مُسْنَدٌ إلَيْهِمْ: أيْ لا يَكُونُ ذَلِكَ مِنهم لِفِعْلٍ تَفْعَلُهُ بِي.
ورُوِيَ عَنْ مُجاهِدٍ أنَّهُ قَرَأ " تُشْمِتْ " كَما تَقَدَّمَ عَنْهُ مَعَ نَصْبِ الأعْداءِ.
قالَ ابْنُ جِنِّي: والمَعْنى فَلا تَشْمَتْ بِي أنْتَ يا رَبِّ وجازَ هَذا كَما في قَوْلِهِ: اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ ( البَقَرَةِ: ١٥ ) ونَحْوِهِ ثُمَّ عادَ إلى المُرادِ فَأضْمَرَ فِعْلًا نَصَبَ بِهِ الأعْداءَ كَأنَّهُ قالَ: ولا تُشْمِتْ يا رَبِّ بِيَ الأعْداءَ، وما أبْعَدَ هَذِهِ القِراءَةَ عَنِ الصَّوابِ وأبْعَدَ تَأْوِيلَها عَنْ وُجُوهِ الإعْرابِ.
قَوْلُهُ: ﴿ولا تَجْعَلْنِي مَعَ القَوْمِ الظّالِمِينَ﴾ أيْ لا تَجْعَلْنِي بِغَضَبِكَ عَلَيَّ في عِدادِ القَوْمِ الظّالِمِينَ: يَعْنِي الَّذِينَ عَبَدُوا العِجْلَ أوْ لا تَعْتَقِدْ أنِّي مِنهم.
قَوْلُهُ: ﴿قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي ولِأخِي﴾ هَذا كَلامٌ مُسْتَأْنَفٌ جَوابُ سُؤالٍ مُقَدَّرٍ، كَأنَّهُ قِيلَ: فَماذا قالَ مُوسى بَعْدَ كَلامِ هارُونَ هَذا ؟ فَقِيلَ: قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي ولِأخِي طَلَبَ المَغْفِرَةَ لَهُ أوَّلًا، ولِأخِيهِ ثانِيًا لِيُزِيلَ عَنْ أخِيهِ ما خافَهُ مِنَ الشَّماتَةِ، فَكَأنَّهُ تَذَمَّمَ مِمّا فَعَلَهُ بِأخِيهِ، وأظْهَرَ أنَّهُ لا وجْهَ لَهُ، وطَلَبَ المَغْفِرَةَ مِنَ اللَّهِ مِمّا فَرَطَ مِنهُ في جانِبِهِ، ثُمَّ طَلَبَ المَغْفِرَةَ لِأخِيهِ إنْ كانَ قَدْ وقَعَ مِنهُ تَقْصِيرٌ فِيما يَجِبُ عَلَيْهِ مِنَ الإنْكارِ عَلَيْهِمْ وتَغْيِيرِ ما وقَعَ مِنهم، ثُمَّ طَلَبَ إدْخالَهُ وإدْخالَ أخِيهِ في رَحْمَةِ اللَّهِ الَّتِي وسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَهو أرْحَمُ الرّاحِمِينَ.
وقَدْ أخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: واتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى الآيَةَ، قالَ: حِينَ دَفَنُوها ألْقى عَلَيْها السّامِرِيُّ قَبْضَةً مِن تُرابِ أثَرِ فَرَسِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ.
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ قَتادَةَ، في الآيَةِ قالَ: اسْتَعارُوا حُلِيًّا مِن آلِ فِرْعَوْنَ، فَجَمَعَهُ السّامِرِيُّ فَصاغَ مِنهُ عِجْلًا فَجَعَلَهُ جَسَدًا لَحْمًا ودَمًا لَهُ خُوارٌ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ في قَوْلِهِ: خُوارٌ قالَ: الصَّوْتُ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ الضَّحّاكِ، قالَ: خارَ العِجْلُ خَوْرَةً لَمْ يَئِنَّ ألَمْ تَرَ أنَّ اللَّهَ قالَ: ألَمْ يَرَوْا أنَّهُ لا يُكَلِّمُهم.
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، في قَوْلِهِ: سُقِطَ في أيْدِيهِمْ قالَ: نَدِمُوا.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، مِن طُرُقٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، أسِفًا قالَ: حَزِينًا.
وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنْ أبِي الدَّرْداءِ قالَ: الأسَفُ مَنزِلَةٌ وراءَ الغَضَبِ أشَدُّ مِن ذَلِكَ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ قالَ: الأسَفُ الغَضَبُ الشَّدِيدُ.
وأخْرَجَ اَبُو عُبَيْدٍ وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، قالَ: لَمّا ألْقى مُوسى الألْواحَ تَكَسَّرَتْ فَرُفِعَتْ إلّا سُدُسَها.
وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنْهُ قالَ: رَفَعَ اللَّهُ مِنها سِتَّةَ أسْباعِها وبَقِيَ سُبُعٌ.
وأخْرَجَ أبُو نُعَيْمٍ في الحِلْيَةِ عَنْ مُجاهِدٍ أوْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قالَ: لَمّا ألْقاها مُوسى ذَهَبَ التَّفْصِيلُ وبَقِيَ الهُدى.
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قالَ: كانَتْ تِسْعَةً رُفِعَ مِنها لَوْحانِ وبَقِيَ سَبْعَةٌ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ولا تَجْعَلْنِي مَعَ القَوْمِ الظّالِمِينَ قالَ: مَعَ أصْحابِ العِجْلِ.
{"ayahs_start":149,"ayahs":["وَلَمَّا سُقِطَ فِیۤ أَیۡدِیهِمۡ وَرَأَوۡا۟ أَنَّهُمۡ قَدۡ ضَلُّوا۟ قَالُوا۟ لَىِٕن لَّمۡ یَرۡحَمۡنَا رَبُّنَا وَیَغۡفِرۡ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡخَـٰسِرِینَ","وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَىٰۤ إِلَىٰ قَوۡمِهِۦ غَضۡبَـٰنَ أَسِفࣰا قَالَ بِئۡسَمَا خَلَفۡتُمُونِی مِنۢ بَعۡدِیۤۖ أَعَجِلۡتُمۡ أَمۡرَ رَبِّكُمۡۖ وَأَلۡقَى ٱلۡأَلۡوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأۡسِ أَخِیهِ یَجُرُّهُۥۤ إِلَیۡهِۚ قَالَ ٱبۡنَ أُمَّ إِنَّ ٱلۡقَوۡمَ ٱسۡتَضۡعَفُونِی وَكَادُوا۟ یَقۡتُلُونَنِی فَلَا تُشۡمِتۡ بِیَ ٱلۡأَعۡدَاۤءَ وَلَا تَجۡعَلۡنِی مَعَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِینَ","قَالَ رَبِّ ٱغۡفِرۡ لِی وَلِأَخِی وَأَدۡخِلۡنَا فِی رَحۡمَتِكَۖ وَأَنتَ أَرۡحَمُ ٱلرَّ ٰحِمِینَ"],"ayah":"قَالَ رَبِّ ٱغۡفِرۡ لِی وَلِأَخِی وَأَدۡخِلۡنَا فِی رَحۡمَتِكَۖ وَأَنتَ أَرۡحَمُ ٱلرَّ ٰحِمِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











