الباحث القرآني
قَوْلُهُ: ﴿تِلْكَ القُرى﴾ أيِ الَّتِي أهْلَكْناها وهي قُرى نُوحٍ وصالِحٍ ولُوطٍ وشُعَيْبٍ المُتَقَدِّمُ ذِكْرُها ﴿نَقُصُّ عَلَيْكَ﴾ أيْ نَتْلُو عَلَيْكَ ﴿مِن أنْبائِها﴾ أيْ مِن أخْبارِها وهَذِهِ تَسْلِيَةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ ولِلْمُؤْمِنِينَ ونَقُصُّ إمّا في مَحَلِّ نَصْبٍ عَلى أنَّهُ حالٌ، و﴿تِلْكَ القُرى﴾ مُبْتَدَأٌ وخَبَرٌ، أوْ يَكُونُ في مَحَلِّ رَفْعٍ عَلى أنَّهُ الخَبَرُ، والقُرى صِفَةٌ لِتِلْكَ، ومِن في ﴿مِن أنْبائِها﴾ لِلتَّبْعِيضِ: أيْ نَقُصُّ عَلَيْكَ بَعْضَ أنْبائِها، واللّامُ في لَقَدْ جاءَتْهم رُسُلُهم بِالبَيِّناتِ جَوابُ القَسَمِ.
والمَعْنى: أنَّ مِن أخْبارِهِمْ أنَّها جاءَتْهم رُسُلُ اللَّهِ بِبَيِّناتِهِ كَما سَبَقَ بَيانُهُ في قِصَصِ الأنْبِياءِ المَذْكُورِينَ قَبْلَ هَذا ﴿فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا﴾ عِنْدَ مَجِيءِ الرُّسُلِ ﴿بِما كَذَّبُوا﴾ بِهِ مِن قَبْلِ مَجِيئِهِمْ أوْ فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما جاءَتْهم بِهِ الرُّسُلُ في حالٍ مِنَ الأحْوالِ ولا في وقْتٍ مِنَ الأوْقاتِ بِما كَذَّبُوا بِهِ قَبْلِ مَجِيئِهِمْ، بَلْ هم مُسْتَمِرُّونَ عَلى الكُفْرِ مُتَشَبِّثُونَ بِأذْيالِ الطُّغْيانِ دائِمًا، ولَمْ يَنْجَعْ فِيهِمْ مَجِيءُ الرُّسُلِ ولا ظَهَرَ لَهُ أثَرٌ، بَلْ حالُهم عِنْدَ مَجِيئِهِمْ كَحالِهِمْ قَبْلَهُ، وقِيلَ: المَعْنى: فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بَعْدَ هَلاكِهِمْ بِما كَذَّبُوا بِهِ لَوْ أحْيَيْناهم كَقَوْلِهِ: ﴿ولَوْ رُدُّوا لَعادُوا﴾ ( الأنْعامِ: ٢٨ ) وقِيلَ: سَألُوا المُعْجِزاتِ، فَلَمّا رَأوْها لَمْ يُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا بِهِ مِن قَبْلِ رُؤْيَتِها.
والأوَّلُ أوْلى، ومَعْنى تَكْذِيبِهِمْ قَبْلَ مَجِيءِ الرُّسُلِ: أنَّهم كانُوا في الجاهِلِيَّةِ يُكَذِّبُونَ بِكُلِّ ما سَمِعُوا بِهِ مِن إرْسالِ الرُّسُلِ، وإنْزالِ الكُتُبِ.
قَوْلُهُ: ﴿كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى قُلُوبِ الكافِرِينَ﴾ أيْ مِثْلَ ذَلِكَ الطَّبْعِ الشَّدِيدِ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى قُلُوبِ الكافِرِينَ فَلا يَنْجَعُ فِيهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ وعْظٌ ولا تَذْكِيرٌ ولا تَرْغِيبٌ ولا تَرْهِيبٌ.
قَوْلُهُ: ﴿وما وجَدْنا لِأكْثَرِهِمْ مِن عَهْدٍ﴾ الضَّمِيرُ يَرْجِعُ إلى أهْلِ القُرى المَذْكُورِينَ سابِقًا: أيْ ما وجَدْنا لِأكْثَرِ أهْلِ هَذِهِ القُرى مِن عَهْدٍ: أيْ عَهْدٍ يُحافِظُونَ عَلَيْهِ ويَتَمَسَّكُونَ بِهِ، بَلْ دَأْبُهم نَقْضُ العُهُودِ في كُلِّ حالٍ، وقِيلَ: الضَّمِيرُ يَرْجِعُ إلى النّاسِ عَلى العُمُومِ: أيْ ما وجَدْنا لِأكْثَرِ النّاسِ مِن عَهْدٍ وقِيلَ: المُرادُ بِالعَهْدِ: هو المَأْخُوذُ عَلَيْهِمْ في عالَمِ الذَّرِّ، وقِيلَ: الضَّمِيرُ يَرْجِعُ إلى الكُفّارِ عَلى العُمُومِ مِن غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِأهْلِ القُرى: أيِ الأكْثَرُ مِنهم لا عَهْدَ ولا وفاءَ، والقَلِيلُ مِنهم قَدْ يَفِي بِعَهْدِهِ ويُحافِظُ عَلَيْهِ، وإنْ في ﴿وإنْ وجَدْنا أكْثَرَهم لَفاسِقِينَ﴾ (p-٤٩٠)هِيَ المُخَفَّفَةُ مِنَ الثَّقِيلَةِ، وضَمِيرُ الشَّأْنِ مَحْذُوفٌ: أيْ أنَّ الشَّأْنَ وجَدْنا أكْثَرَهم لَفاسِقِينَ، أوْ هي النّافِيَةُ، واللّامُ في لَفاسِقِينَ بِمَعْنى إلّا: أيْ إلّا فاسِقِينَ خارِجِينَ عَنِ الطّاعَةِ خُرُوجًا شَدِيدًا.
وقَدْ أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ في قَوْلِهِ: ﴿فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا مِن قَبْلُ﴾ قالَ: كانَ في عِلْمِ اللَّهِ يَوْم أقَرُّوا لَهُ بِالمِيثاقِ مَن يُكَذِّبُ بِهِ مِمَّنْ يُصَدِّقُ بِهِ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا مِن قَبْلُ﴾ قالَ: مِثْلُ قَوْلِهِ: ﴿ولَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ﴾ ( الأنْعامِ: ٢٨ ) .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ الحَسَنِ في قَوْلِهِ: ﴿وما وجَدْنا لِأكْثَرِهِمْ مِن عَهْدٍ﴾ قالَ: الوَفاءُ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، في الآيَةِ قالَ: هو ذاكَ العَهْدُ يَوْمَ أخْذِ المِيثاقِ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، نَحْوَهُ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، في قَوْلِهِ: ﴿وإنْ وجَدْنا أكْثَرَهم لَفاسِقِينَ﴾ قالَ: ذاكَ أنَّ اللَّهَ إنَّما أهْلَكَ القُرى لِأنَّهم لَمْ يَكُونُوا حَفِظُوا ما وصّاهم بِهِ.
{"ayahs_start":101,"ayahs":["تِلۡكَ ٱلۡقُرَىٰ نَقُصُّ عَلَیۡكَ مِنۡ أَنۢبَاۤىِٕهَاۚ وَلَقَدۡ جَاۤءَتۡهُمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَیِّنَـٰتِ فَمَا كَانُوا۟ لِیُؤۡمِنُوا۟ بِمَا كَذَّبُوا۟ مِن قَبۡلُۚ كَذَ ٰلِكَ یَطۡبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِ ٱلۡكَـٰفِرِینَ","وَمَا وَجَدۡنَا لِأَكۡثَرِهِم مِّنۡ عَهۡدࣲۖ وَإِن وَجَدۡنَاۤ أَكۡثَرَهُمۡ لَفَـٰسِقِینَ"],"ayah":"تِلۡكَ ٱلۡقُرَىٰ نَقُصُّ عَلَیۡكَ مِنۡ أَنۢبَاۤىِٕهَاۚ وَلَقَدۡ جَاۤءَتۡهُمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَیِّنَـٰتِ فَمَا كَانُوا۟ لِیُؤۡمِنُوا۟ بِمَا كَذَّبُوا۟ مِن قَبۡلُۚ كَذَ ٰلِكَ یَطۡبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِ ٱلۡكَـٰفِرِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











