الباحث القرآني

وهي مَكِّيَّةٌ في قَوْلِ الحَسَنِ، وعِكْرِمَةَ، وعَطاءٍ، وجابِرٍ. ورُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وقَتادَةَ أنَّ مِن أُولاها إلى قَوْلِهِ: ﴿سَنَسِمُهُ عَلى الخُرْطُومِ﴾ مَكِّيٌّ، ومِن بَعْدِ ذَلِكَ إلى قَوْلِهِ: ﴿مِنَ الصّالِحِينَ﴾ مَدَنِيٌّ، وباقِيها مَكِّيٌّ كَذا قالَ الماوَرْدِيُّ. وأخْرَجَ ابْنُ الضُّرَيْسِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: كانَتْ إذا نَزَلَتْ فاتِحَةُ سُورَةٍ بِمَكَّةَ كُتِبَتْ بِمَكَّةَ ثُمَّ يَزِيدُ اللَّهُ فِيها ما يَشاءُ، وكانَ أوَّلَ ما نَزَلْ مِنَ القُرْآنِ " اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ " ثُمَّ " نُونُ "، ثُمَّ المُزَّمِّلُ، ثُمَّ المُدَّثِّرُ. وأخْرَجَ النَّحّاسُ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ عَنْهُ قالَ: نَزَلَتْ سُورَةُ " ن " بِمَكَّةَ. وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ عائِشَةَ مِثْلَهُ. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قَوْلُهُ: ﴿ن﴾ قَرَأ أبُو بَكْرٍ، ووَرْشٌ، وابْنُ عامِرٍ، والكِسائِيُّ، وابْنُ مُحَيْصِنٍ، وابْنُ هُبَيْرَةَ بِإدْغامِ النُّونِ الثّانِيَةِ مِن هِجائِها في الواوِ، وقَرَأ الباقُونَ بِالإظْهارِ، وقَرَأ أبُو عَمْرٍو، وعِيسى بْنُ عُمَرَ بِالفَتْحِ عَلى إضْمارِ فِعْلٍ. وقَرَأ ابْنُ عامِرٍ، ونَصْرٌ، وابْنُ إسْحاقَ بِكَسْرِها عَلى إضْمارِ القَسَمِ، أوْ لِأجْلِ التِقاءِ السّاكِنَيْنِ، وقَرَأ مُحَمَّدُ بْنُ السَّمَيْفَعَ، وهارُونُ بِضَمِّها عَلى البِناءِ. قالَ مُجاهِدٌ، ومُقاتِلٌ، والسُّدِّيُّ: هو الحُوتُ الَّذِي يَحْمِلُ الأرْضَ، وبِهِ قالَ مُرَّةُ الهَمَذانِيُّ، وعَطاءٌ الخُراسانِيُّ، والكَلْبِيُّ. وقِيلَ: إنَّ " نُونَ " آخِرُ حَرْفٍ مِن حُرُوفِ " الرَّحْمَنِ " . وقالَ ابْنُ زَيْدٍ: هو قَسَمٌ أقْسَمَ اللَّهُ بِهِ. وقالَ ابْنُ كَيْسانَ: هو فاتِحَةُ السُّورَةِ. وقالَ عَطاءُ، وأبُو العالِيَةِ: هي النُّونُ مِن نَصْرٍ وناصِرٍ. قالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: أقْسَمَ اللَّهُ تَعالى بِنَصْرِهِ المُؤْمِنِينَ، وقِيلَ: هو حَرْفٌ مِن حُرُوفِ الهِجاءِ، كالفَواتِحِ الواقِعَةِ في أوائِلِ السُّوَرِ المُفْتَتَحَةِ بِذَلِكَ، وقَدْ عَرَّفْناكَ ما هو الحَقُّ في مِثْلِ هَذِهِ الفَواتِحِ في أوَّلِ سُورَةِ البَقَرَةِ، والواوُ في قَوْلِهِ: ﴿والقَلَمِ﴾ واوُ القَسَمِ، أقْسَمَ اللَّهُ بِالقَلَمِ لِما فِيهِ مِنَ البَيانِ وهو واقِعٌ عَلى كُلِّ قَلَمٍ يُكْتَبُ بِهِ، وقالَ جَماعَةٌ مِنَ المُفَسِّرِينَ: المُرادُ بِهِ القَلَمُ الَّذِي كُتِبَ بِهِ اللَّوْحُ المَحْفُوظُ، أقْسَمَ اللَّهُ بِهِ تَعْظِيمًا لَهُ. قالَ قَتادَةُ: القَلَمُ مِن نِعْمَةِ اللَّهِ عَلى عِبادِهِ ﴿وما يَسْطُرُونَ﴾ " ما " مَوْصُولَةٌ، أيْ: والَّذِي يَسْطُرُونَ، والضَّمِيرُ عائِدٌ إلى أصْحابِ القَلَمِ المَدْلُولِ عَلَيْهِمْ بِذِكْرِهِ؛ لِأنَّ ذِكْرَ آلَةِ الكِتابَةِ تَدُلُّ عَلى الكاتِبِ. والمَعْنى: والَّذِي يَسْطُرُونَ، أيْ: يَكْتُبُونَ كُلَّ ما يُكْتَبُ، أوِ الحَفَظَةُ عَلى ما تَقَدَّمَ. ويَجُوزُ أنْ تَكُونَ " ما " مَصْدَرِيَّةً، أيْ: وسَطْرُهم، وقِيلَ: الضَّمِيرُ راجِعٌ إلى القَلَمِ خاصَّةً مِن بابِ إسْنادِ الفِعْلِ إلى الآلَةِ وإجْرائِها مَجْرى العُقَلاءِ. وجَوابُ القَسَمِ قَوْلُهُ: ﴿ما أنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ﴾ " ما " نافِيَةٌ، و" أنْتَ " اسْمُها، و" بِمَجْنُونِ " خَبَرُها. قالَ الزَّجّاجُ: " أنْتَ " هو اسْمُ " ما "، و" بِمَجْنُونِ " خَبَرُها، وقَوْلُهُ: ﴿بِنِعْمَةِ رَبِّكَ﴾ كَلامٌ وقَعَ في الوَسَطِ، أيِ انْتَفى عَنْكَ الجُنُونُ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ، كَما يُقالُ أنْتَ بِحَمْدِ اللَّهِ عاقِلٌ، قِيلَ: الباءُ مُتَعَلِّقَةٌ بِمُضْمَرٍ هو حالٌ، كَأنَّهُ قِيلَ: أنْتَ بَرِيءٌ مِنَ الجُنُونِ مُلْتَبِسًا بِنِعْمَةِ اللَّهِ الَّتِي هي النُّبُوَّةُ والرِّياسَةُ العامَّةُ. وقِيلَ: الباءُ لِلْقَسَمِ، أيْ: وما أنْتَ ونِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ. وقِيلَ: النِّعْمَةُ هُنا الرَّحْمَةُ، والآيَةُ رَدٌّ عَلى الكُفّارِ حَيْثُ قالُوا ﴿ياأيُّها الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إنَّكَ لَمَجْنُونٌ﴾ [الحجر: ٦] . ﴿وإنَّ لَكَ لَأجْرًا﴾ أيْ: ثَوابًا عَلى ما تَحَمَّلْتَ مِن أثْقالِ النُّبُوَّةِ، وقاسَيْتَ مِن أنْواعِ الشَّدائِدِ ﴿غَيْرَ مَمْنُونٍ﴾ أيْ: غَيْرَ مَقْطُوعٍ، يُقالُ مَنَنْتُ الحَبْلَ إذا قَطَعْتُهُ. وقالَ مُجاهِدٌ: ﴿غَيْرَ مَمْنُونٍ﴾ غَيْرَ مَحْسُوبٍ، وقالَ الحَسَنُ: ﴿غَيْرَ مَمْنُونٍ﴾ غَيْرَ مُكَدَّرٍ بِالمَنِّ. وقالَ الضَّحّاكُ: (p-١٥١٦)أجْرًا بِغَيْرِ عَمَلٍ، وقِيلَ: غَيْرُ مُقَدَّرٍ، وقِيلَ: غَيْرَ مَمْنُونٍ بِهِ عَلَيْكَ مِن جِهَةِ النّاسِ. ﴿وإنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ قِيلَ: هو الإسْلامُ والدِّينُ، حَكى هَذا الواحِدِيُّ عَنِ الأكْثَرِينَ. وقِيلَ: هو القُرْآنُ، رُوِيَ هَذا عَنِ الحَسَنِ، والعَوْفِيِّ. وقالَ قَتادَةُ: هو ما كانَ يَأْتَمِرُ بِهِ مِن أمْرِ اللَّهِ ويَنْتَهِي عَنْهُ مِن نَهْيِ اللَّهِ. قالَ الزَّجّاجُ: المَعْنى إنَّكَ عَلى الخُلُقِ الَّذِي أمَرَكَ اللَّهُ بِهِ في القُرْآنِ، وقِيلَ: هو رِفْقُهُ بِأُمَّتِهِ وإكْرامُهُ إيّاهم، وقِيلَ: المَعْنى: إنَّكَ عَلى طَبْعٍ كَرِيمٍ. قالَ الماوَرْدِيُّ: وهَذا هو الظّاهِرُ، وحَقِيقَةُ الخُلُقِ في اللُّغَةِ ما يَأْخُذُ الإنْسانُ نَفْسَهُ بِهِ مِنَ الأدَبِ. وقَدْ ثَبَتَ في الصَّحِيحِ «عَنْ عائِشَةَ أنَّها سُئِلَتْ عَنْ خُلِقِ النَّبِيِّ ﷺ، فَقالَتْ: كانَ خَلُقُهُ القُرْآنَ»، وهَذِهِ الجُمْلَةُ والَّتِي قَبْلَها مَعْطُوفَتانِ عَلى جُمْلَةِ جَوابِ القَسَمِ. ﴿فَسَتُبْصِرُ ويُبْصِرُونَ﴾ أيْ: سَتُبْصِرُ يا مُحَمَّدُ ويُبْصِرُ الكُفّارُ إذا تَبَيَّنَ الحَقُّ وانْكَشَفَ الغِطاءُ وذَلِكَ يَوْمَ القِيامَةِ ﴿بِأيِّكُمُ المَفْتُونُ﴾ الباءُ زائِدَةٌ لِلتَّأْكِيدِ، أيْ: أيُّكُمُ المَفْتُونُ بِالجُنُونِ، كَذا قالَ الأخْفَشُ، وأبُو عُبَيْدَةَ وغَيْرُهُما، ومِثْلُهُ قَوْلُ الشّاعِرِ: ؎نَحْنُ بَنُو جَعْدَةَ أصْحابُ العَلِجْ نَضْرِبُ بِالسَّيْفِ ونَرْجُو بِالفَرَجْ وقِيلَ: لَيْسَتِ الباءُ زائِدَةً، والمَفْتُونُ مَصْدَرٌ جاءَ عَلى مَفْعُولٍ، كالمَعْقُولِ والمَيْسُورِ، والتَّقْدِيرُ: بِأيِّكُمُ الفُتُونُ أوِ الفِتْنَةُ، ومِنهُ قَوْلُ الشّاعِرِ الرّاعِي: ؎حَتّى إذا لَمْ يَتْرُكُوا لِعِظامِهِ ∗∗∗ لَحْمًا ولا لِفُؤادِهِ مَعْقُولا أيْ عَقْلًا. وقالَ الفَرّاءُ: إنَّ الباءَ بِمَعْنى في، أيْ: في أيِّكُمُ المَفْتُونُ، أفِي الفَرِيقِ الَّذِي أنْتَ فِيهِ، أمْ في الفَرِيقِ الآخَرِ ؟ ويُؤَيِّدُ هَذا قِراءَةُ ابْنِ أبِي عَبْلَةَ " في أيِّكُمُ المَفْتُونُ " وقِيلَ: الكَلامُ عَلى حَذْفِ مُضافٍ، أيْ: بِأيِّكم فُتِنَ المَفْتُونُ، فَحُذِفَ المُضافُ وأُقِيمَ المُضافُ إلَيْهِ مَقامَهُ، رُوِيَ هَذا عَنِ الأخْفَشِ أيْضًا. وقِيلَ: المَفْتُونُ المُعَذَّبُ، مِن قَوْلِ العَرَبِ فَتَنْتُ الذَّهَبَ بِالنّارِ إذا أحْمَيْتُهُ، ومِنهُ قَوْلُهُ: ﴿يَوْمَ هم عَلى النّارِ يُفْتَنُونَ﴾ [الذاريات: ١٣] وقِيلَ: المَفْتُونُ هو الشَّيْطانُ، لِأنَّهُ مَفْتُونٌ في دِينِهِ، والمَعْنى: بِأيِّكُمُ الشَّيْطانُ. وقالَ قَتادَةُ: هَذا وعِيدٌ لَهم بِعَذابِ يَوْمِ بَدْرٍ، والمَعْنى: سَتَرى ويَرى أهْلُ مَكَّةَ إذا نَزَلَ بِهِمُ العَذابُ بِبَدْرٍ بِأيِّكُمُ المَفْتُونُ. وجُمْلَةُ ﴿إنَّ رَبَّكَ هو أعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ﴾ تَعْلِيلٌ لِلْجُمْلَةِ الَّتِي قَبْلَها، فَإنَّها تَتَضَمَّنُ الحُكْمَ عَلَيْهِمْ بِالجُنُونِ لِمُخالَفَتِهِمْ لِما فِيهِ نَفْعُهم في العاجِلِ والآجِلِ، واخْتِيارِهِمْ ما فِيهِ ضَرُّهم فِيهِما، والمَعْنى: هو أعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ المُوَصِّلِ إلى سَعادَةِ الدّارَيْنِ ﴿وهُوَ أعْلَمُ بِالمُهْتَدِينَ﴾ إلى سَبِيلِهِ المُوَصِّلِ إلى تِلْكَ السَّعادَةِ الآجِلَةِ والعاجِلَةِ، فَهو مُجازٍ كُلَّ عامِلٍ بِعَمَلِهِ، إنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ، وإنْ شَرًّا فَشَرٌّ. ﴿فَلا تُطِعِ المُكَذِّبِينَ﴾ نَهاهُ سُبْحانَهُ عَنْ مُمايَلَةِ المُشْرِكِينَ، وهم رُؤَساءُ كُفّارِ مَكَّةَ، لِأنَّهم كانُوا يَدْعُونَهُ إلى دِينِ آبائِهِ، فَنَهاهُ اللَّهُ عَنْ طاعَتِهِمْ، أوْ هو تَعْرِيضٌ بِغَيْرِهِ عَنْ أنْ يُطِيعَ الكُفّارَ، أوِ المُرادُ بِالطّاعَةِ مُجَرَّدُ المُداراةِ بِإظْهارِ خِلافِ ما في الضَّمِيرِ. فَنَهاهُ اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ كَما يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: ﴿ودُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ﴾ فَإنَّ الإدْهانَ هو المُلايَنَةُ والمُسامَحَةُ والمُداراةُ. قالَ الفَرّاءُ: المَعْنى لَوْ تَلِينُ فَيَلِينُوا لَكَ، وكَذا قالَ الكَلْبِيُّ. وقالَ الضَّحّاكُ، والسُّدِّيُّ: ودُّوا لَوْ تَكْفُرُ فَيَتَمادَوْا عَلى الكُفْرِ. وقالَ الرَّبِيعُ بْنُ أنَسٍ: ودُّوا لَوْ تَكْذِبُ فَيَكْذِبُونَ. وقالَ قَتادَةُ: ودُّوا لَوْ تَذْهَبُ عَنْ هَذا الأمْرِ فَيَذْهَبُونَ مَعَكَ. وقالَ الحَسَنُ: ودُّوا لَوْ تُصانِعُهم في دِينِكَ فَيُصانِعُونَكَ. وقالَ مُجاهِدٌ: ودُّوا لَوْ تَرْكَنُ إلَيْهِمْ وتَتْرُكُ ما أنْتَ عَلَيْهِ مِنَ الحَقِّ فَيُمايِلُونَكَ. قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: كانُوا أرادُوهُ عَلى أنْ يَعْبُدَ آلِهَتَهم مُدَّةً، ويَعْبُدُوا اللَّهَ مُدَّةً، وقَوْلُهُ: ﴿فَيُدْهِنُونَ﴾ عَطْفٌ عَلى تُدْهِنُ داخِلٌ في حَيِّزِ لَوْ، أوْ هو خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أيْ: فَهم يُدْهِنُونَ. قالَ سِيبَوَيْهِ: وزَعَمَ قالُونُ أنَّها في بَعْضِ المَصاحِفِ " ودُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُوا " بِدُونِ نُونٍ، والنَّصْبُ عَلى جَوابِ التَّمَنِّي المَفْهُومِ مَن ودُّوا، والظّاهِرُ مِنَ اللُّغَةِ في مَعْنى الإدْهانِ هو ما ذَكَرْناهُ أوَّلًا. ﴿ولا تُطِعْ كُلَّ حَلّافٍ﴾ أيْ: كَثِيرِ الحَلِفِ بِالباطِلِ مَهِينٍ فَعِيلٌ مِنَ المَهانَةِ، وهي القِلَّةُ في الرَّأْيِ والتَّمْيِيزِ. وقالَ مُجاهِدٌ: هو الكَذّابُ. وقالَ قَتادَةُ: المِكْثارُ في الشَّرِّ، وكَذا قالَ الحَسَنُ. وقِيلَ: هو الفاجِرُ العاجِزُ، وقِيلَ: هو الحَقِيرُ عِنْدَ اللَّهِ، وقِيلَ: هو الذَّلِيلُ، وقِيلَ: هو الوَضِيعُ. ﴿هَمّازٍ مَشّاءٍ بِنَمِيمٍ﴾ الهَمّازُ المُغْتابُ لِلنّاسِ. قالَ ابْنُ زَيْدٍ: هو الَّذِي يَهْمِزُ بِأخِيهِ، وقِيلَ: الهَمّازُ الَّذِي يَذْكُرُ النّاسَ في وُجُوهِهِمْ، واللَّمّازُ الَّذِي يَذْكُرُهم في مَغِيِبِهِمْ، كَذا قالَ أبُو العالِيَةِ، والحَسَنُ، وعَطاءُ بْنُ أبِي رَباحٍ، وقالَ مُقاتِلٌ عَكْسَ هَذا. والمَشّاءُ بِنَمِيمٍ: الَّذِي يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ بَيْنَ النّاسِ لِيُفْسِدَ بَيْنَهم، يُقالُ نَمَّ يَنِمُّ: إذا سَعى بِالفَسادِ بَيْنَ النّاسِ، ومِنهُ قَوْلُ الشّاعِرِ: ؎ومَوْلًى كَبَيْتِ النَّمْلِ لا خَيْرَ عِنْدَهُ ∗∗∗ لِمَوْلاهُ إلّا سَعْيُهُ بِنَمِيمِ وقِيلَ: النَّمِيمُ جَمْعُ نَمِيمَةِ. ﴿مَنّاعٍ لِلْخَيْرِ﴾ أيْ: بَخِيلٍ بِالمالِ لا يُنْفِقُهُ في وجْهِهِ، وقِيلَ: هو الَّذِي يَمْنَعُ أهْلَهُ وعَشِيرَتَهُ عَنِ الإسْلامِ. قالَ الحَسَنُ: يَقُولُ لَهم مَن دَخَلَ مِنكم في دِينِ مُحَمَّدٍ لا أنْفَعُهُ بِشَيْءٍ أبَدًا ﴿مُعْتَدٍ أثِيمٍ﴾ أيْ: مُتَجاوِزِ الحَدِّ في الظُّلْمِ كَثِيرِ الإثْمِ. ﴿عُتُلٍّ﴾ قالَ الواحِدِيُّ: المُفَسِّرُونَ يَقُولُونَ هو الشَّدِيدُ الخَلْقِ الفاحِشُ الخُلُقِ. وقالَ الفَرّاءُ: هو الشَّدِيدُ الخُصُومَةِ في الباطِلِ. وقالَ الزَّجّاجُ: هو الغَلِيظُ الجافِي. وقالَ اللَّيْثُ: هو الأكُولُ المَنُوعُ، يُقالُ: عَتَلْتُ الرَّجُلَ أعْتِلُهُ: إذا جَذَبْتُهُ جَذْبًا عَنِيفًا، ومِنهُ قَوْلُ الشّاعِرِ: ؎نَقْرَعُهُ قَرْعًا ولَسْنا نَعْتِلُهُ ﴿بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ﴾ أيْ: هو بَعْدَ ما عَدَّ مِن مَعايِبِهِ زَنِيمٌ، والزَّنِيمُ هو الدَّعِيُّ المُلْصَقُ بِالقَوْمِ ولَيْسَ هو مِنهم، مَأْخُوذٌ مِنَ الزَّنَمَةِ المُتَدَلِّيَةِ في حَلْقِ الشّاةِ، أوِ الماعِزِ، ومِنهُ قَوْلُ حَسّانَ: ؎زَنِيمٌ تَداعاهُ الرِّجالُ زِيادَةً ∗∗∗ كَما زِيدَ في عَرْضِ الأدِيمِ الأكارِعُ وقالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: الزَّنِيمُ المَعْرُوفُ بِالشَّرِّ، وقِيلَ: هو مِن قُرَيْشٍ كانَ لَهُ زَنَمَةٌ كَزَنَمَةِ الشّاةِ، وقِيلَ: هو الظَّلُومُ. ﴿أنْ كانَ ذا مالٍ وبَنِينَ﴾ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: " لا تُطِعْ " أيْ لا تُطِعْ مَن هَذِهِ مَثالِبُهُ لِكَوْنِهِ ذا مالٍ وبَنِينَ. قالَ الفَرّاءُ، والزَّجّاجُ، أيْ: لِأنْ كانَ، والمَعْنى: لا تُطِعْهُ لِمالِهِ وبَنِيهِ. قَرَأ ابْنُ عامِرٍ، وأبُو جَعْفَرٍ، والمُغِيرَةُ، وأبُو حَيْوَةَ " أنْ كانَ " بِهَمْزَةٍ (p-١٥١٧)واحِدَةٍ مَمْدُودَةٍ عَلى الِاسْتِفْهامِ. وقَرَأ حَمْزَةُ، وأبُو بَكْرٍ، والمُفَضَّلُ " أأنْ كانَ ": بِهَمْزَتَيْنِ مُخَفَّفَتَيْنِ، وقَرَأ الباقُونَ بِهَمْزَةٍ واحِدَةٍ عَلى الخَبَرِ، وعَلى قِراءَةِ الِاسْتِفْهامِ يَكُونُ المُرادُ بِهِ التَّوْبِيخُ والتَّقْرِيعُ حَيْثُ جَعَلَ مُجازاةَ النِّعَمِ الَّتِي خَوَّلَهُ اللَّهُ مِنَ المالِ والبَنِينَ أنْ كَفَرَ بِهِ وبِرَسُولِهِ. وقَرَأ نافِعٌ في رِوايَةٍ عَنْهُ بِكَسْرِ الهَمْزَةِ عَلى الشَّرْطِ. ﴿إذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أساطِيرُ الأوَّلِينَ﴾ مُسْتَأْنَفَةٌ جارِيَةٌ مَجْرى التَّعْلِيلِ لِلنَّهْيِ، وقَدْ تَقَدَّمَ مَعْنى " أساطِيرِ الأوَّلِينَ " في غَيْرِ مَوْضِعٍ. ﴿سَنَسِمُهُ عَلى الخُرْطُومِ﴾ أيْ: سَنَسِمُهُ بِالكَيِّ عَلى خُرْطُومِهِ. قالَ أبُو عُبَيْدَةَ، وأبُو زَيْدٍ، والمُبَرِّدُ: الخُرْطُومُ الأنْفُ. قالَ مُقاتِلٌ: سَنَسِمُهُ بِالسَّوادِ عَلى الأنْفِ، وذَلِكَ أنَّهُ يَسْوَدُّ وجْهُهُ قَبْلَ دُخُولِ النّارِ. قالَ الفَرّاءُ: والخُرْطُومُ وإنْ كانَ قَدْ خُصَّ بِالسِّمَةِ فَإنَّهُ في مَذْهَبِ الوَجْهِ؛ لِأنَّ بَعْضَ الوَجْهِ يُؤَدِّي عَنْ بَعْضٍ. وقالَ الزَّجّاجُ: سَيُجْعَلُ لَهُ في الآخِرَةِ العِلْمُ الَّذِي يُعْرَفُ بِهِ أهْلُ النّارِ مِنِ اسْوِدادِ وُجُوهِهِمْ. وقالَ قَتادَةُ: سَنُلْحِقُ بِهِ شَيْئًا لا يُفارِقُهُ، واخْتارَ هَذا ابْنُ قُتَيْبَةَ، قالَ: والعَرَبُ تَقُولُ: قَدْ وسَمَهُ مِيسَمُ سُوءٍ يُرِيدُونَ ألْصَقَ بِهِ عارًا لا يُفارِقُهُ، فالمَعْنى: أنَّ اللَّهَ ألْحَقَ بِهِ عارًا لا يُفارِقُهُ كالوَسْمِ عَلى الخُرْطُومِ، وقِيلَ: مَعْنى سَنَسِمُهُ: سَنُحَطِّمُهُ بِالسَّيْفِ. وقالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: المَعْنى سَنَحُدُّهُ عَلى شُرْبِ الخَمْرِ، وقَدْ يُسَمّى الخَمْرُ بِالخُرْطُومِ، ومِنهُ قَوْلُ الشّاعِرِ: ؎تَظَلُّ يَوْمَكَ في لَهْوٍ وفي طَرَبٍ ∗∗∗ وأنْتَ بِاللَّيْلِ شَرّابُ الخَراطِيمِ وقَدْ أخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، والفِرْيابِيُّ، وسَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ في العَظْمَةِ والحاكِمُ وصَحَّحَهُ. وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في الأسْماءِ والصِّفاتِ والخَطِيبُ في تارِيخِهِ، والضِّياءُ في المُخْتارَةِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: إنَّ أوَّلَ شَيْءٍ خَلَقَهُ اللَّهُ القَلَمُ، فَقالَ لَهُ اكْتُبْ، فَقالَ: يا رَبِّ وما أكْتُبُ ؟ قالَ: اكْتُبِ القَدَرَ، فَجَرى مِن ذَلِكَ اليَوْمِ بِما هو كائِنٌ إلى أنْ تَقُومَ السّاعَةُ، ثُمَّ طُوِيَ الكِتابُ ورُفِعَ القَلَمُ، وكانَ عَرْشُهُ عَلى الماءِ، فارْتَفَعَ بُخارُ الماءِ فَفُتِقَتْ مِنهُ السَّماواتُ، ثُمَّ خُلِقَ النُّونُ فَبُسِطَتِ الأرْضُ عَلَيْهِ، والأرْضُ عَلى ظَهْرِ النُّونِ، فاضْطَرَبَ النُّونُ فَمادَتِ الأرْضُ فَأُثْبِتَتِ الجِبالُ، فَإنَّ الجِبالَ لَتَفْخَرُ عَلى الأرْضِ إلى يَوْمِ القِيامَةِ، ثُمَّ قَرَأ ابْنُ عَبّاسٍ ﴿ن والقَلَمِ وما يَسْطُرُونَ﴾: وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، والتِّرْمِذِيُّ وصَحَّحَهُ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ عُبادَةَ بْنِ الصّامِتِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «إنَّ أوَّلَ ما خَلَقَ اللَّهُ القَلَمُ، فَقالَ لَهُ اكْتُبْ، فَجَرى بِما هو كائِنٌ إلى الأبَدِ» . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ مِن حَدِيثِ مُعاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أبِيهِ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: إنَّ اللَّهَ خَلَقَ النُّونَ، وهي الدَّواةُ وخَلَقَ القَلَمَ، فَقالَ: اكْتُبْ، قالَ: وما أكْتُبُ ؟ قالَ: اكْتُبْ ما هو كائِنٌ إلى يَوْمِ القِيامَةِ. وأخْرَجَ الحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: " ن " الدَّواةُ. وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «النُّونُ السَّمَكَةُ الَّتِي عَلَيْها قَرارُ الأرَضِينَ، والقَلَمُ الَّذِي خَطَّ بِهِ رَبُّنا عَزَّ وجَلَّ القَدَرَ خَيْرَهُ وشَرَّهُ وضُرَّهُ ونَفْعَهُ ﴿وما يَسْطُرُونَ﴾ قالَ: الكِرامُ الكاتِبُونَ» . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ مِن طُرُقٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿وما يَسْطُرُونَ﴾ قالَ: ما يَكْتُبُونَ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْهُ ﴿وما يَسْطُرُونَ﴾ قالَ: وما يَعْلَمُونَ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، ومُسْلِمٌ، وابْنُ المُنْذِرِ، والحاكِمُ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ «عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشامِ قالَ: أتَيْتُ عائِشَةَ فَقُلْتُ: يا أُمَّ المُؤْمِنِينَ أخْبِرِينِي بِخُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، قالَتْ: كانَ خُلُقُهُ القُرْآنَ، أما تَقْرَأُ القُرْآنَ ﴿إنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾» . وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وأبُو نُعَيْمٍ في الدَّلائِلِ والواحِدِيُّ عَنْها قالَتْ: «ما كانَ أحَدٌ أحْسَنَ خُلُقًا مِن رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، ما دَعاهُ أحَدٌ مِن أصْحابِهِ ولا مِن أهْلِ بَيْتِهِ إلّا قالَ لَبَّيْكَ، فَلِذَلِكَ أنْزَلَ اللَّهُ ﴿وإنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾» وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في الدَّلائِلِ عَنْ أبِي الدَّرْداءِ قالَ: «سُئِلَتْ عائِشَةُ عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقالَتْ: كانَ خُلُقُهُ القُرْآنَ، يَرْضى لِرِضاهُ ويَسْخَطُ لِسُخْطِهِ» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، والتِّرْمِذِيُّ وصَحَّحَهُ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أبِي عَبْدِ اللَّهِ الجَدَلِيِّ قالَ: «قُلْتُ لِعائِشَةَ: كَيْفَ كانَ خُلُقُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ؟ قالَتْ: لَمْ يَكُنْ فاحِشًا ولا مُتَفاحِشًا، ولا صَخّابًا في الأسْواقِ، ولا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ، ولَكِنْ يَعْفُو ويَصْفَحُ» . وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿فَسَتُبْصِرُ ويُبْصِرُونَ﴾ قالَ: تَعْلَمُ ويَعْلَمُونَ يَوْمَ القِيامَةِ ﴿بِأيِّكُمُ المَفْتُونُ﴾ قالَ: الشَّيْطانُ، كانُوا يَقُولُونَ إنَّهُ شَيْطانٌ وإنَّهُ مَجْنُونٌ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ في الآيَةِ قالَ: بِأيِّكُمُ المَجْنُونُ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْهُ أيْضًا في قَوْلِهِ: ﴿ودُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ﴾ يَقُولُ: لَوْ تُرَخِّصُ لَهم فَيُرَخِّصُونَ. وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْهُ أيْضًا ﴿ولا تُطِعْ كُلَّ حَلّافٍ مَهِينٍ﴾ الآيَةَ قالَ: يَعْنِي الأسْوَدَ بْنَ عَبْدِ يَغُوثَ. وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أبِي عُثْمانَ النَّهْدِيِّ قالَ: قالَ مَرْوانُ لَمّا بايَعَ النّاسُ لِيَزِيدَ: سَنَةُ أبِي بَكْرٍ، وعُمَرَ فَقالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبِي بَكْرٍ: إنَّها لَيْسَتْ بِسَنَةِ أبِي بَكْرٍ، وعُمَرَ ولَكِنَّها سَنَةُ هِرَقْلَ، فَقالَ مَرْوانُ: هَذا الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ ﴿والَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما﴾ [الأحقاف: ١٧] الآيَةَ. قالَ: فَسَمِعَتْ ذَلِكَ عائِشَةُ فَقالَتْ: إنَّها لَمْ تَنْزِلْ في عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ولَكِنْ نَزَلَ في أبِيكَ ﴿ولا تُطِعْ كُلَّ حَلّافٍ مَهِينٍ﴾ ﴿هَمّازٍ مَشّاءٍ بِنَمِيمٍ﴾ وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: نَزَلَ عَلى النَّبِيِّ ﷺ ﴿ولا تُطِعْ كُلَّ حَلّافٍ مَهِينٍ﴾ ﴿هَمّازٍ مَشّاءٍ بِنَمِيمٍ﴾ فَلَمْ نَعْرِفْ حَتّى نَزَلَ عَلَيْهِ ﴿بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ﴾ فَعَرَفْناهُ، لَهُ زَنَمَةٌ كَزَنَمَةِ الشّاةِ وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْهُ قالَ: العُتُلُّ هو الدَّعِيُّ، والزَّنِيمُ هو المُرِيبُ الَّذِي يُعْرَفُ بِالشَّرِّ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ عَساكِرَ عَنْهُ قالَ: الزَّنِيمُ: هو الدَّعِيُّ. وأخْرَجَ الفِرْيابِيُّ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ عَنْهُ أيْضًا قالَ: الزَّنِيمُ الَّذِي يُعْرَفُ بِالشَّرِّ كَما (p-١٥١٨)تُعْرَفُ الشّاةُ بِزَنَمَتِها. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْهُ قالَ: هو الرَّجُلُ يَمُرُّ عَلى القَوْمِ، فَيَقُولُونَ رَجُلُ سُوءٍ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْهُ أيْضًا في قَوْلِهِ: ﴿زَنِيمٍ﴾ قالَ: ظَلُومٌ، وقَدْ قِيلَ: إنَّ هَذِهِ الآياتِ نَزَلَتْ في الأخْنَسِ بْنِ شَرِيقٍ، وقِيلَ: في الوَلِيدِ بْنِ المُغِيرَةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب