الباحث القرآني

قَوْلُهُ: ﴿وما تَأْتِيهِمْ﴾ إلَخْ، كَلامٌ مُبْتَدَأٌ لِبَيانِ بَعْضِ أسْبابِ كُفْرِهِمْ وتَمَرُّدِهِمْ، وهو الإعْراضُ عَنْ آياتِ اللَّهِ الَّتِي تَأْتِيهِمْ كَمُعْجِزاتِ الأنْبِياءِ، وما يَصْدُرُ عَنْ قُدْرَةِ اللَّهِ الباهِرَةِ مِمّا لا يَشُكُّ مَن لَهُ عَقْلٌ أنَّهُ فِعْلُ اللَّهِ سُبْحانَهُ، والإعْراضُ: تَرْكُ النَّظَرِ في الآياتِ الَّتِي يَجِبُ أنْ يَسْتَدِلُّوا بِها عَلى تَوْحِيدِ اللَّهِ و" مِن " في مِن آيَةٍ مَزِيدَةٌ لِلِاسْتِغْراقِ و" مِن " في مِن آياتِ تَبْعِيضِيَّةٌ: أيْ وما تَأْتِيهِمْ آيَةٌ مِنَ الآياتِ الَّتِي هي بَعْضُ آياتِ رَبِّهِمْ إلّا كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ. والفاءُ في ﴿فَقَدْ كَذَّبُوا﴾ جَوابُ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ: أيْ إنْ كانُوا مُعْرِضِينَ عَنْها فَقَدْ كَذَّبُوا بِما هو أعْظَمُ مِن ذَلِكَ وهو الحَقُّ ﴿لَمّا جاءَهُمْ﴾ قِيلَ: المُرادُ بِالحَقِّ هُنا القُرْآنُ، وقِيلَ: مُحَمَّدٌ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ ﴿فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أنْباءُ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ أيْ أخْبارُ الشَّيْءِ الَّذِي كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ وهو القُرْآنُ أوْ مُحَمَّدٌ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -، عَلى أنَّ " ما " عِبارَةٌ عَنْ ذَلِكَ تَهْوِيلًا لِلْأمْرِ وتَعْظِيمًا لَهُ: أيْ سَيَعْرِفُونَ أنَّ هَذا الشَّيْءَ الَّذِي اسْتَهْزَؤُوا بِهِ لَيْسَ بِمَوْضِعٍ لِلِاسْتِهْزاءِ، وذَلِكَ عِنْدَ إرْسالِ عَذابِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، كَما يُقالُ: اصْبِرْ فَسَوْفَ يَأْتِيكَ الخَبَرُ عِنْدَ إرادَةِ الوَعِيدِ والتَّهْدِيدِ، وفي لَفْظِ الأنْباءِ ما يُرْشِدُ إلى ذَلِكَ فَإنَّهُ لا يُطْلَقُ إلّا عَلى خَبَرٍ عَظِيمٍ. قَوْلُهُ: ﴿ألَمْ يَرَوْا كَمْ أهْلَكْنا مِن قَبْلِهِمْ مِن قَرْنٍ﴾ كَلامٌ مُبْتَدَأٌ لِبَيانِ ما تَقَدَّمَهُ، والهَمْزَةُ لِلْإنْكارِ، وكَمْ يُحْتَمَلُ أنْ تَكُونَ الِاسْتِفْهامِيَّةَ وأنْ تَكُونَ الخَبَرِيَّةَ وهي مُعَلِّقَةٌ لِفِعْلِ الرُّؤْيَةِ عَنِ العَمَلِ فِيما بَعْدَهُ، ومِن قَرْنٍ تَمْيِيزٌ، والقَرْنُ يُطْلَقُ عَلى أهْلِ كُلِّ عَصْرٍ، سُمُّوا بِذَلِكَ لِاقْتِرانِهِمْ: أيْ ألَمْ يَعْرِفُوا بِسَماعِ الأخْبارِ ومُعايَنَةِ الآثارِ كَمْ أهْلَكْنا مِن قَبْلِهِمْ مِنَ الأُمَمِ المَوْجُودَةِ في عَصْرٍ بَعْدَ عَصْرٍ لِتَكْذِيبِهِمْ أنْبِياءَهم. وقِيلَ: القَرْنُ: مُدَّةٌ مِنَ الزَّمانِ. وهِيَ سِتُّونَ عامًا أوْ سَبْعُونَ أوْ ثَمانُونَ أوْ مِائَةٌ عَلى اخْتِلافِ الأقْوالِ، فَيَكُونُ ما في الآيَةِ عَلى تَقْدِيرِ مُضافٍ مَحْذُوفٍ: أيْ مِن أهْلِ قَرْنٍ. قَوْلُهُ: ﴿مَكَّنّاهم في الأرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكم﴾ مَكَّنَ لَهُ في الأرْضِ جَعَلَ لَهُ مَكانًا فِيها، ومَكَّنَهُ في الأرْضِ: أثْبَتَهُ فِيها، والجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ جَوابُ سُؤالٍ مُقَدَّرٍ كَأنَّهُ قِيلَ: كَيْفَ ذَلِكَ، وقِيلَ: إنَّ هَذِهِ الجُمْلَةَ صِفَةٌ لِقَرْنٍ، والأوَّلُ أوْلى، وما في ما لَمْ نُمَكِّنْ نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ بِما بَعْدَها: أيْ مَكَّنّاهم تَمْكِينًا لَمْ نُمَكِّنْهُ لَكم، والمَعْنى: أنّا أعْطَيْنا القُرُونَ الَّذِينَ هم قَبْلَكم ما لَمْ نُعْطِكم مِنَ الدُّنْيا وطُولِ الأعْمارِ وقُوَّةِ الأبْدانِ وقَدْ أهْلَكْناهم جَمِيعًا، فَإهْلاكُكم وأنْتُمْ دُونَهم بِالأوْلى. قَوْلُهُ: ﴿وأرْسَلْنا السَّماءَ عَلَيْهِمْ مِدْرارًا﴾ يُرِيدُ المَطَرَ الكَثِيرَ، عَبَّرَ عَنْهُ بِالسَّماءِ، لِأنَّهُ يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ، ومِنهُ قَوْلُ الشّاعِرِ: ؎إذا نَزَلَ السَّماءُ بِأرْضِ قَوْمٍ والمِدْرارُ: صِيغَةُ مُبالَغَةٍ تَدُلُّ عَلى الكَثْرَةِ كَمِذْكارٍ لِلْمَرْأةِ الَّتِي كَثُرَتْ وِلادَتُها لِلذُّكُورِ، ومِيناثٍ لِلَّتِي تَلِدُ الإناثَ، يُقالُ دَرَّ اللَّبَنَ يُدِرُّ: إذا أقْبَلَ عَلى الحالِبِ بِكَثْرَةٍ، وانْتِصابُ مِدْرارًا عَلى الحالِ، وجَرَيانُ الأنْهارِ مِن تَحْتِهِمْ مَعْناهُ مِن تَحْتِ أشْجارِهِمْ ومَنازِلِهِمْ: أيْ أنَّ اللَّهَ وسَّعَ عَلَيْهِمُ النِّعَمَ بَعْدَ التَّمْكِينِ لَهم في الأرْضِ فَكَفَرُوها، فَأهْلَكَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ ﴿وأنْشَأْنا مِن بَعْدِهِمْ﴾ أيْ مِن بَعْدِ إهْلاكِهِمْ ﴿قَرْنًا آخَرِينَ﴾ فَصارُوا بَدَلًا مِنَ الهالِكِينَ، وفي هَذا بَيانٌ لِكَمالِ قُدْرَتِهِ سُبْحانَهُ وقُوَّةِ سُلْطانِهِ وأنَّهُ يُهْلِكُ مَن يَشاءُ ويُوجِدُ مَن يَشاءُ. قَوْلُهُ: ﴿ولَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتابًا في قِرْطاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأيْدِيهِمْ لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إنْ هَذا إلّا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ في هَذِهِ الجُمْلَةِ بَيانُ شِدَّةِ صَلابَتِهِمْ في الكُفْرِ، وأنَّهم لا يُؤْمِنُونَ ولَوْ أنْزَلَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ كِتابًا مَكْتُوبًا في قِرْطاسٍ بِمَرْأًى مِنهم ومُشاهَدَةٍ ﴿فَلَمَسُوهُ بِأيْدِيهِمْ﴾ حَتّى يَجْتَمِعَ لَهم إدْراكُ الحاسَّتَيْنِ: حاسَّةُ البَصَرِ، وحاسَّةُ اللَّمْسِ ﴿لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ مِنهم ﴿إنْ هَذا إلّا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ ولَمْ يَعْمَلُوا بِما شاهَدُوا ولَمَسُوا، وإذا كانَ هَذا حالَهم في المَرْئِيِّ المَحْسُوسِ، فَكَيْفَ فِيما هو مُجَرَّدُ وحْيٍ إلى رَسُولِ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - بِواسِطَةِ مَلَكٍ لا يَرَوْنَهُ ولا يُحِسُّونَهُ ؟ والكِتابُ مَصْدَرٌ بِمَعْنى الكِتابَةِ، والقِرْطاسُ: الصَّحِيفَةُ. قَوْلُهُ: ﴿وقالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ﴾ هَذِهِ الجُمْلَةُ مُشْتَمِلَةٌ عَلى نَوْعٍ آخَرَ مِن أنْواعِ جَحْدِهِمْ لِنُبُوَّتِهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - وكُفْرِهِمْ بِها: أيْ قالُوا هَلّا أنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ مَلَكًا نَراهُ ويُكَلِّمُنا أنَّهُ نَبِيٌّ حَتّى نُؤْمِنَ بِهِ ونَتَّبِعَهُ ؟ كَقَوْلِهِمْ: ﴿لَوْلا أُنْزِلَ إلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا﴾ [الفرقان: ٧] . (p-٤١٠)﴿ولَوْ أنْزَلْنا مَلَكًا لَقُضِيَ الأمْرُ﴾ أيْ لَوْ أنْزَلْنا مَلَكًا عَلى الصِّفَةِ الَّتِي اقْتَرَحُوها بِحَيْثُ يُشاهِدُونَهُ ويُخاطِبُونَهُ ويُخاطِبُهم ﴿لَقُضِيَ الأمْرُ﴾ أيْ لَأهْلَكْناهم إذْ لَمْ يُؤْمِنُوا عِنْدَ نُزُولِهِ ورُؤْيَتِهِمْ لَهُ، لِأنَّ مِثْلَ هَذِهِ الآيَةِ البَيِّنَةِ، وهي نُزُولُ المَلَكِ عَلى تِلْكَ الصِّفَةِ إذا لَمْ يَقَعِ الإيمانُ بَعْدَها فَقَدِ اسْتَحَقُّوا الإهْلاكَ والمُعالَجَةَ بِالعُقُوبَةِ ﴿ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ﴾ أيْ لا يُمْهَلُونَ بَعْدَ نُزُولِهِ ومُشاهَدَتِهِمْ لَهُ، وقِيلَ: إنَّ المَعْنى: أنَّ اللَّهَ سُبْحانَهُ لَوْ أنْزَلَ مَلَكًا مُشاهَدًا لَمْ تُطِقْ قُواهُمُ البَشَرِيَّةُ أنْ يَبْقَوْا بَعْدَ مُشاهَدَتِهِ أحْياءً، بَلْ تُزْهَقُ أرْواحُهم عِنْدَ ذَلِكَ فَيَبْطُلُ ما أرْسَلَ اللَّهُ لَهُ رُسُلَهُ وأنْزَلَ بِهِ كُتُبَهُ مِن هَذا التَّكْلِيفِ الَّذِي كَلَّفَ بِهِ عِبادَهُ ﴿لِنَبْلُوَهم أيُّهم أحْسَنُ عَمَلًا﴾ [الكهف: ٧] . قَوْلُهُ: ﴿ولَوْ جَعَلْناهُ مَلَكًا لَجَعَلْناهُ رَجُلًا﴾ أيْ لَوْ جَعَلْنا الرَّسُولَ إلى النَّبِيِّ مَلَكًا يُشاهِدُونَهُ ويُخاطِبُونَهُ لَجَعَلْنا ذَلِكَ المَلَكَ رَجُلًا، لِأنَّهم لا يَسْتَطِيعُونَ أنْ يَرَوُا المَلَكَ عَلى صُورَتِهِ الَّتِي خَلَقَهُ اللَّهُ عَلَيْها إلّا بَعْدَ أنْ يَتَجَسَّمَ بِالأجْسامِ الكَثِيفَةِ المُشابِهَةِ لِأجْسامِ بَنِي آدَمَ، لِأنَّ كُلَّ جِنْسٍ يَأْنَسُ بِجِنْسِهِ، فَلَوْ جَعَلَ اللَّهُ سُبْحانَهُ الرَّسُولَ إلى البَشَرِ أوِ الرَّسُولَ إلى رَسُولِهِ مَلَكًا مُشاهَدًا مُخاطَبًا لَنَفَرُوا مِنهُ ولَمْ يَأْنَسُوا بِهِ، ولَداخَلَهُمُ الرُّعْبُ وحَصَلَ مَعَهم مِنَ الخَوْفِ ما يَمْنَعُهم مِن كَلامِهِ ومُشاهَدَتِهِ، هَذا أقَلُّ حالٍ فَلا تَتِمُّ المَصْلَحَةُ مِنَ الإرْسالِ. وعِنْدَ أنْ يَجْعَلَهُ اللَّهُ رَجُلًا: أيْ عَلى صُورَةِ رَجُلٍ مِن بَنِي آدَمَ لِيَسْكُنُوا إلَيْهِ ويَأْنَسُوا بِهِ سَيَقُولُ الكافِرُونَ إنَّهُ لَيْسَ بِمَلَكٍ وإنَّما هو بَشَرٌ، ويَعُودُونَ إلى مِثْلِ ما كانُوا عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: ﴿ولَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ﴾ أيْ لَخَلَطْنا عَلَيْهِمْ ما يَخْلِطُونَ عَلى أنْفُسِهِمْ لِأنَّهم إذا رَأوْهُ في صُورَةِ إنْسانٍ قالُوا هَذا إنْسانٌ ولَيْسَ بِمَلَكٍ، فَإنِ اسْتَدَلَّ لَهم بِأنَّهُ مَلَكٌ كَذَّبُوهُ. قالَ الزَّجّاجُ: المَعْنى لَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ: أيْ عَلى رُؤَسائِهِمْ كَما يُلْبِسُونَ عَلى ضَعَفَتْهِمْ، وكانُوا يَقُولُونَ لَهم: إنَّما مُحَمَّدٌ بَشَرٌ ولَيْسَ بَيْنَهُ وبَيْنَكم فَرْقٌ، فَيُلْبِسُونَ عَلَيْهِمْ بِهَذا ويُشَكِّكُونَهم، فَأعْلَمَ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ أنَّهُ لَوْ نَزَلَ مَلَكًا في صُورَةِ رَجُلٍ لَوَجَدُوا سَبِيلًا إلى اللَّبْسِ كَما يَفْعَلُونَ. واللَّبْسُ: الخَلْطُ، يُقالُ: لَبَسْتُ عَلَيْهِ الأمْرَ أُلْبِسُهُ لَبْسًا: أيْ خَلَطْتُهُ، وأصْلُهُ التَّسَتُّرُ بِالثَّوْبِ ونَحْوِهِ. ثُمَّ قالَ سُبْحانَهُ مُؤْنِسًا لِنَبِيِّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - ومُسَلِّيًا لَهُ ﴿ولَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِن قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنهم ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ يُقالُ: حاقَ الشَّيْءَ يَحِيقُ حَيْقًا وحُيُوقًا وحَيَقانًا نَزَلَ: أيْ فَنَزَلَ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ، وأحاطَ بِهِمْ: وهو الحَقُّ حَيْثُ أُهْلِكُوا مِن أجْلِ الِاسْتِهْزاءِ بِهِ. ١١ - ﴿قُلْ سِيرُوا في الأرْضِ﴾ أيْ قُلْ يا مُحَمَّدُ لِهَؤُلاءِ المُسْتَهْزِئِينَ سافِرُوا في الأرْضِ وانْظُرُوا آثارَ مَن كانَ قَبْلَكم لِتَعْرِفُوا ما حَلَّ بِهِمْ مِنَ العُقُوباتِ، وكَيْفَ كانَتْ عاقِبَتُهم بَعْدَما كانُوا فِيهِ مِنَ النَّعِيمِ العَظِيمِ الَّذِي يَفُوقُ ما أنْتُمْ فِيهِ، فَهَذِهِ دِيارُهم خارِبَةٌ وجَنّاتُهم مُغْبَرَّةٌ وأراضِيهم مُكْفَهِرَّةٌ، فَإذا كانَتْ عاقِبَتُهم هَذِهِ العاقِبَةَ فَأنْتُمْ بِهِمْ لاحِقُونَ وبَعْدَ هَلاكِهِمْ هالِكُونَ. وقَدْ أخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ قَتادَةَ، في قَوْلِهِ: ﴿وما تَأْتِيهِمْ مِن آيَةٍ مِن آياتِ رَبِّهِمْ إلّا كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ﴾ يَقُولُ: ما يَأْتِيهِمْ مِن شَيْءٍ مِن كِتابِ اللَّهِ إلّا أعْرَضُوا عَنْهُ، وفي قَوْلِهِ: ﴿فَقَدْ كَذَّبُوا بِالحَقِّ لَمّا جاءَهم فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أنْباءُ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ يَقُولُ: سَيَأْتِيهِمْ يَوْمَ القِيامَةِ أنْباءُ ما اسْتَهْزَؤُوا بِهِ مِن كِتابِ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ أبِي مالِكٍ في قَوْلِهِ: مِن قَرْنٍ قالَ: أُمَّةٍ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ قَتادَةَ، في قَوْلِهِ: ﴿مَكَّنّاهم في الأرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكم﴾ يَقُولُ: أعْطَيْناهم ما لَمْ نُعْطِكم. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، في قَوْلِهِ: ﴿وأرْسَلْنا السَّماءَ عَلَيْهِمْ مِدْرارًا﴾ يَقُولُ: يَتْبَعُ بَعْضُها بَعْضًا. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ هارُونَ التَّيْمِيِّ في الآيَةِ قالَ: المَطَرُ في إبّانِهِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، مِن طَرِيقِ العَوْفِيِّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، في قَوْلِهِ: ﴿ولَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتابًا في قِرْطاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأيْدِيهِمْ﴾ يَقُولُ: لَوْ أنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ صُحُفًا فِيها كِتابٌ ﴿فَلَمَسُوهُ بِأيْدِيهِمْ﴾ لَزادَهم ذَلِكَ تَكْذِيبًا. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿فَلَمَسُوهُ بِأيْدِيهِمْ﴾ قالَ: فَمَسُّوهُ ونَظَرُوا إلَيْهِ لَمْ يُصَدِّقُوا بِهِ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إسْحاقَ قالَ: «دَعا رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - قَوْمَهُ إلى الإسْلامِ وكَلَّمَهم فَأبْلَغَ إلَيْهِمْ فِيما بَلَغَنِي، فَقالَ لَهُ زَمْعَةُ بْنُ الأسْوَدِ بْنِ المُطَّلِبِ والنَّضْرُ بْنُ الحارِثِ بْنِ كَلَدَةَ وعَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ يَغُوثَ وأُبَيُّ بْنُ خَلَفِ بْنِ وهْبٍ والعاصُ بْنُ وائِلِ بْنِ هِشامٍ: لَوْ جُعِلَ مَعَكَ يا مُحَمَّدُ مَلَكٌ يُحَدِّثُ عَنْكَ النّاسَ ويَرى مَعَكَ، فَأنْزَلَ اللَّهُ ﴿وقالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ﴾ الآيَةَ» . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿وقالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ﴾ قالَ: مَلَكٌ في صُورَةِ رَجُلٍ ﴿ولَوْ أنْزَلْنا مَلَكًا لَقُضِيَ الأمْرُ﴾ لَقامَتِ السّاعَةُ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ قَتادَةَ، في قَوْلِهِ: ﴿لَقُضِيَ الأمْرُ﴾ يَقُولُ: لَوْ أنْزَلَ اللَّهُ مَلَكًا ثُمَّ لَمْ يُؤْمِنُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ العَذابَ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، في قَوْلِهِ: ﴿ولَوْ أنْزَلْنا مَلَكًا﴾ قالَ: ولَوْ أتاهم مَلَكٌ في صُورَتِهِ ﴿لَقُضِيَ الأمْرُ﴾ لَأهْلَكْناهم ﴿ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ﴾ لا يُؤَخَّرُونَ ﴿ولَوْ جَعَلْناهُ مَلَكًا لَجَعَلْناهُ رَجُلًا﴾ يَقُولُ: لَوْ أتاهم مَلَكٌ ما أتاهم إلّا في صُورَةِ رَجُلٍ، لِأنَّهم لا يَسْتَطِيعُونَ النَّظَرَ إلى المَلائِكَةِ ﴿ولَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ﴾ يَقُولُ: لَخَلَطْنا عَلَيْهِمْ ما يَخْلِطُونَ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿ولَوْ جَعَلْناهُ مَلَكًا لَجَعَلْناهُ رَجُلًا﴾ قالَ: في صُورَةِ رَجُلٍ في خَلْقِ رَجُلٍ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ قَتادَةَ، في قَوْلِهِ: ﴿ولَوْ جَعَلْناهُ مَلَكًا لَجَعَلْناهُ رَجُلًا﴾ يَقُولُ: في صُورَةِ آدَمِيٍّ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ زَيْدٍ نَحْوَهُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: ﴿ولَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ﴾ يَقُولُ: (p-٤١١)شَبَّهْنا عَلَيْهِمْ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ السُّدِّيِّ، في الآيَةِ قالَ: شَبَّهْنا عَلَيْهِمْ ما يُشَبِّهُونَ عَلى أنْفُسِهِمْ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إسْحاقَ قالَ: «مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - فِيما بَلَغَنِي بِالوَلِيدِ بْنِ المُغِيرَةِ وأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ وأبِي جَهْلِ بْنِ هِشامٍ فَهَمَزُوهُ واسْتَهْزَؤُوا بِهِ فَغاظَهُ ذَلِكَ، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿ولَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِن قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنهم ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾» .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب